الغد اليمني / بشرى العامري :
قتل نحو 18 صحفيا في اليمن منذ سبتمبر 2014م وحتى اليوم, كان اخرهم المصور محمد اليمني في مدينة تعز الذي قتل برصاصة قناص في اواخر مارس الماضي, فيما لا يزال 16 صحفيا مختطفا لدى مليشيات الحوثي وصالح في العاصمة صنعاء وذمار وتنظيم القاعدة في المكلا , كانوا ضمن مايزيد عن 80 صحافيا تم اختطافهم منذ مطلع العام 2015 وحتى الآن ولمدد مختلفة.
ويعاني الصحفيون في اليمن منذ امد بعيد من انتهاكات عديدة وصلت حد القتل والاغتيال والسجن والقمع وتزايدت وتيرة هذه الانتهاكات منذ العام 2011 وحتى اليوم لتصل الى مرحلة حرجة في تاريخ الصحافة اليمنية بعد سيطرة الميليشيات الحوثية على العاصمة اليمنية صنعاء في سبتمبر 2014, حيث تم قتل واعتقال وملاحقة وتهديد العشرات من الصحفيين والاعلامين ومداهمة واغلاق جميع مكاتب الصحف والقنوات الدولية والاقليمية والمحلية ماعدا الموالية للانقلابيين.
ولم يثبت طوال الاعوام السابقة ان قدم اي من مرتكبي تلك الجرائم للقضاء او نال جزاءه العادل او حتى فضح مرتكبها , بل كان هؤلاء المرتكبين يفلتون دوما من العقاب ,وكانت كل تلك الجرائم تسجل كقضايا ضد مجهول او قضاء وقدر, ومؤخرا استخدمتهم الميليشيا الانقلابية كدروع بشرية دون اي رادع او خوف من الملاحقة والعقاب.
” اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين”
في مثل هذا اليوم الثاني من نوفمبر عام 2013 , اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، في دورتها الثامنة والستين المنعقدة في عام 2013، القرار 68/163 الذي أعلن يوم 2 تشرين الثاني/نوفمبر بوصفه “اليوم الدولي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين”. وقد حثّ القرار الدول الأعضاء على تنفيذ تدابير محددة لمكافحة ثقافة الإفلات من العقاب المتفشّية حاليا. وقد جرى اختيار هذا التاريخ إحياء لذكرى اغتيال الصحفيَين الفرنسيَين في مالي في 2 تشرين الثاني/نوفمبر 2013.
ويدين هذا القرار البارز جميع الاعتداءات وأعمال العنف المرتكبة ضد الصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام. ويحث الدول الأعضاء على بذل قصارى جهودها لمنع أعمال العنف ضد الصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام، وكفالة المساءلة، وتقديم مرتكبي الجرائم ضد الصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام إلى العدالة، وضمان وصول الضحايا إلى سبل الانتصاف المناسبة.كما يهيب بالدول أن تشجّع بيئة آمنة ومؤاتية للصحفيين لكي يقوموا بعملهم باستقلالية ومن دون تدخّل لا موجب له.
“218 حالة انتهاك للاعلام خلال العام الجاري”
وفي اخر احصائية كشف مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي رصد مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي 53 حالة انتهاك ضد الصحفيين ونشطاء التواصل الاجتماعي، خلال الفصل الثالث من العام الجاري..موضحا ان أكثر من 17 صحافيا لا يزالون مختطفين في سجون مليشيا الحوثي وصالح، وتنظيم القاعدة، ويتعرضون لعمليات تعذيب من أكثر من سنة .
ليكون مركز الدراسات و الاعلام الاقتصادي بذلك قد وثق 218 حالة انتهاك ضد الصحفيين خلال التسعة الاشهر الماضية, بلغت حالات القتل فيها 11 حالة ، و23 حالة اصابة، و60حالة اختطاف، و21 حالات اعتداء، و25 حالة تهديد، و6حالات محاولة قتل, و8 حالات اعتقال , و 4 حالات تحريض ضد صحفيين وحالة واحدة تعذيب و9حالات فصل عن العمل ، وحالة واحدة لكل من ايقاف راتب وفصل من الجامعة وسرقة حقوق ملكية، و5 حالات تحريض و4 حالات تفجير منزل ، و8 حالات اقتحام منزل.
واشار المركز الى انه ما يزال 13 من الصحفيين مختطفين لدى جماعة الحوثي تسعة منهم منذ التاسع من يونيو من العام الماضي يتعرضون لابشع انواع التعذيب ، ولا يعلم اهلهم عن مصيرهم حتى الان وهم عبد الخالق عمران ،توفيق المنصوري ،حارث حميد ، هشام طرموم، هشام اليوسفي ، أكرم الوليدي ، عصام بلغيث ، حسن عناب ،وهيثم الشهاب. إضافة إلى الصحفي وحيد الصوفي الذي اختطف في شهر ابريل من العام الماضي.
ومايزال استاذ الصحفيين يحيى عبدالرقيب الجبيحي واثنين من انجاله مختطفين لدى اجهزة المليشيات, رغم كبر سنه وحالته الصحية السيئة.
” 2015 الاسوء في تاريخ الصحافة ”
يصف نبيل الاسيدي رئيس لجنة التدريب والتأهيل بنقابة الصحفيين العام 2015 بالأسوأ على الإطلاق في تاريخ الانتهاكات التي طالت الحريات الصحافية في اليمن، حيث شهد العام 2015 اقتحام الكثير من المؤسسات الإعلامية وإغلاق بعضها وحجب العشرات من المواقع الإخبارية واختطاف الصحافيين، ولم يقتصر ذلك على المؤسسات الإعلامية بل طال حد تصفية الصحافيين والإعلاميين حيث سجل حتى الآن مقتل ما يقارب 18 صحافيا منذ العام 2015 وحتى اليوم.
ويشير الأسيدي إلى أن اضطراب الوضع السياسي والأمني في الآونة الاخيرة على الساحة اليمنية ساهم في تزايد مؤشر الانتهاكات بحق الحريات الصحافية والتعبير عن الرأي، ليتجاوز بأضعاف ما شهدته البلاد من انتهاكات طالت الحقل الصحافي، خلال العقود الماضية, في ظل انعدام ملاحقة مرتكبي تلك الجرائم وافلاتهم من العقاب.
ورصدت لجنة الحريات بنقابة الصحفيين اليمنيين وضع حريات الصحافة في البلاد حيث سجلت 319 حالة انتهاك خلال العام الفائت تورطت فيها 11 جهة بنسب مختلفة، تورطت جماعة الحوثي بـ 250 حالة من اجمالي الانتهاكات الـ 319.
فيما ارتكبت جهات مجهولة 23 حالة، وتورطت الاجهزة الامنية والحكومية بـ 17 حالة انتهاك ، يليها تنظيم القاعدة بـ 10 حالات, ومن ثم التحالف العربي بـ 9 حالات.
وسجلت نقابة الصحفيين اليمنيين نحو 86 حادثة اعتقال وحجز واختطاف ومحاصرة وملاحقة خلال العام 2015, ونحو 85 حالة إعتداءو اقتحام و إصابة و إطلاق نار وتهجم ارتكب الحوثيين 60 حالة اعتداء من اجمالي الاعتداءات يليهم مجهولين ارتكبوا11 حالة وأجهزة أمنية ارتكبت4 حالات ، ومن ثم التحالف العربي بحالتين، وتنظيم القاعدة بحالتين ، فيما سجلت حالة اعتداء واحدة ارتكبها مسئول حكومي.
ونحو38 حالة التهديد والمضايقات والتشهير والتحريض , وتورط الحوثيون بـ 18 حالة ، فيما تورطت جهات مجهولة بـ 10 حالات، ثم تنظيم القاعدة بثلاث حالات تلاها الرئيس السابق صالح بحالتين, وكذا التحالف العربي بحالتين وجهات رسمية حالة واحدة, ونافذون بحالة واحدة ، وجهات سياسية بحالة واحدة ايضا.
و 13 حالة إيقاف صحفيين عن العمل وتهديد بالفصل وإيقاف مرتبات ومنع من التغطية, 7 حالات منها ايقاف رواتب ومستحقات طالت مئات الصحفيين وبنسبة 54% من حالات الايقاف والمنع، وثلاث حالات اقصاء من العمل طالت عشرات الصحفيين, ارتكبت جماعة الحوثي 12 حالة من اجمالي 13 حالة, فيما ارتكبت حراسة الحكومة حالة واحدة, بالاضافة الى 13 حالة مصادرة الات التصوير ارتكبتها جماعة الحوثي.
ويقول الاسيدي “على الرغم من الانتهاكات المرتكبة بحق حرية الصحافة، على مر العقود والأنظمة السابقة، إلا أنها لم تماثل إسراف جماعة الحوثي في انتهاك وقمع الحريات الصحافية والتعبير عن الرأي، منذ رجوح كف القوة لصالحها إبان دخولها العاصمة صنعاء، وشهدت البلاد حالات فرار واسعة للكتاب والصحافيين على خلفية تهديدات جماعة الحوثي، وخشية ملاحقتهم من قبل الجماعة، إضافة إلى إيقاف رواتبهم ومستحقاتهم الوظيفية، كما تم الاستيلاء على مؤسسات الإعلام الرسمية كالإذاعة والتلفزيون وصحيفة الثورة بالقوة وتم تغيير العديد من القيادات الإعلامية في تلك المؤسسات وتعيين موالين للجماعة الحوثية بينهم شخصيات من خارج الوسط الإعلامي، حيث ضخت العشرات من الموالين لها في تلك المؤسسات في الوقت الذي أقصت كل من لا يؤيدها”.
ويعاني الصحافيون المختطفون من شتى أنواع التنكيل والمنع من الزيارة واعتلال صحتهم وتعرض البعض منهم للتعذيب الشديد، كما أن موضوع اختطاف الصحافي وحيد الصوفي منذ أكثر من سنة وثمانية أشهر من العاصمة صنعاء وليس هناك أي معلومات عنه وعن مكان إخفائه وهوالحادثة الأكثر إرهابا للصحافيين وتعتبر جريمة ضد الإنسانية.
” الصحفيات طالهن الاعتداء ايضا”
ولم تكن الصحفيات النساء بمنأى عن تلك الانتهاكات حيث رصدت شبكة اعلاميون من اجل مناصرة قضايا المرأة 11 حالة انتهاك طالت اعلاميات يمنيات كانت صادمة للمجتمع اليمني الذي تحظى فيه النساء بنوع من الحماية المجتمعية ولاتطالها يد المعتدين كونه عيب اجتماعي اسود يتم فيه تحقير ونبذ مرتكبها مجتمعيا.
بينها حالة قتل و3 محاولات اغتيال وحالة تفجير منزل , وحالة اعتداء وحالتي احتجاز وحالتي تهديد وسب وقذف , واكدت الشبكة ان هناك حالات مضاعفة لهذا الرصد لكن نتيجة الخوف والقمع المتزايدة اثرت الكثير من الاعلاميات عدم الافصاح عما يلاقينه من انتهاكات وقمع للحريات.
وقتلت الاذاعية جميلة جميل في ظروف غامضة وقامت مليشيات الحوثي بمنع اي احد من الاقتراب او معاينة جثتها واعلنت انها توفت بشكل طبيعي في سبتمبر 2015, كما تعرضت كل من الناشطة الحقوقية والاعلامية المعروفة احلام عون و الصحفية انيسة العلواني مراسلة قناة بلقيس في محافظة تعز وبشرى الناشري لمحاولة اغتيال في العام ذاته.
وتعرضت الصحفية نهلة القدسي المصورة والمحررة في موقع “شعب أونلاين” للاعتداء بالضرب من قبل مسلحين حوثيين يرتدون زيا عسكريا ويحملون أسلحة عليها شعارات الحوثي في العاصمة صنعاء ،أثناء تصويرها لتفريق مظاهرة
” الصحفيون مشردون في الخارج ”
ونتيجة للظروف الأمنية المتردية وملاحقة الصحافيين من قبل الحوثيين والقاعدة غادر الكثير من الصحافيين اليمنيين البلاد إلى مناطق مختلفة من العالم في محاولة للبحث عن ملاذ آمن والكتابة بحرية بعيدا عن التهديدات بالقتل والاعتقال, لكنهم لم يكونوا اوفر حظا من زملائهم حيث يواجهون الاهمال والتشرد وصعوبة المعيشة في ظل تجاهل كل الجهات المعنية حكومية ودولية لمعاناتهم.
ويلفت الأسيدي إلى أن الصحافيين اليمنيين في المهجر خرجوا مرغمين من منازلهم وفارقوا أهلهم خوفا على حياتهم، كما أن هناك من تم اقتحام منازلهم، حيث رصدت النقابة 12 حالة اقتحام لمنازل صحافيين كما أن بعضهم تم وضعهم في قوائم سوداء من قبل جماعة الحوثي وصالح الانقلابية وتم تلفيق التهم لهم بينها الخيانة العظمى.
ويعاني هؤلاء الصحفيين وضعا انسانيا ومعيشيا صعبا في ظل تجاهل الحكومة والمنظمات الدولية والاقليمية المعنية لهم , كما يعاني غالبيتهم من ترتيب اوضاعهم في الدول العربية التي لجأوا اليها مما دفع بالبعض منهم الى الهجرة الى دول اجنبية وطلب اللجوء .