يقول “فؤاد الهمداني” وهو سائق سيارة اجرة لن اتخيل ان يأتي اليوم التي يملأ خزان سيارته من “السوق السوداء” بسعر رخيص أقل مما هو معتمد في المحطات الرسمية في العاصمة صنعاء، والتي مازالت تبيع المحروقات بأسعار باهظة رغم الهبوط العالمي للأسعار خلال الشهر الماضي.
وعقب تخفيض أسعار المشتقات النفطية في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا ، ازدهرت السوق السوداء في العاصمة صنعاء، التي يسيطر عليها الحوثيين، بسعر منافس، وهو ما جعل الكثير من المواطنين يشترون منها رغم التحذيرات التي تطلقها شركة النفط، والحملات التي تعلنها لمكافحة تلك السوق.
|وفي العاصمة المؤقتة عدن (جنوب اليمن)، أعلنت شركة النفط تخفيض أسعار المحروقات، حيث يصل سعر الـ 20 ليتر بنزين 3400 ريال، في حين ما زال بمناطق سيطرة الحوثيين بسعر 5900 ريال (10 دولار)، بعد إعلان في 5 إبريل الجاري، وهو يعد الأغلى، في الوقت الذي يصل سعر البرميل الخام عالميا إلى 20 دولارٍ.
عدم ثقة بالحوثيين
يقول “فؤاد” – الذي يعمل في سيارة أجرة – “أن الحصول على بترول بسعر رخيص فرصة لا يمكن تضييعها، في ظل الوضع الحالي الذي نعيشه، وحديث الحوثيين عن المواصفات هو نوع من الكذب والخوف من منافستهم، وبذلك يتم إجبارهم على تخفيض الأسعار.
وأضاف عندما كان الحوثيون يفتعلون أزمات خلال السنوات كانت تظهر السوق السوداء للعلن بأسعار خيالة، في الوقت الذي نقف طوابير لأيام أمام المحطات أو يتم اغلاقها للاستثمار في تلك السوق، في ذلك الوقت لا أحد يتحدث عن المواصفات والتهريب.
وحذرت شركة النفط في صنعاء المواطنين من شراء المشتقات النفطية غير معروفة المصدر وغير مطابقة للمواصفات والتي يتم بيعها في السوق السوداء، ودعت للإبلاغ عن اماكن ومواقع التهريب للمواد البترولية ليتم ضبطها واتخاذ الاجراءات اللازمة.
واستطاع الحوثيون مكافحة تلك السوق خلال الأيام الماضية، ماعدا بعض المحطات البعيدة والتي استطاع ملاكها بيع المشتقات النفطية بأسعار رخيصة لبعض زبائنها من المحروقات المهربة، والتي يحصلون عليها من خارج سيطرة شركة النفط بصنعاء التابعة للحوثيين.
لماذا سوق سوداء رخيصة؟
عندما بدأت أسعار المشتقات النفطية تهبط عالميا، سارعت المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية لتخفيض الأسعار، واستطاع تجار تهريب كميات كبيرة من تلك المناطق، إلى العاصمة صنعاء وبيعها بالسوق بأسعار رخصيه وهو ما جلب لهم الكثير من المواطنين.
أحد البائعين في السوق السوداء، يمتلك برميل يسع عشرات اللترات في أحد أحياء صنعاء، يبيعها لزبائن محددين ويخشى من ملاحقة الحوثيين، الذين يشددون الرقابة بشكل كبير على تلك السوق، وينفذون إجراءات صارمة أكثر حدة، بعكس تعاملهم من السوق السوداء المرتفعة التي يديرونها خلال افتعال الأزمات المختلفة.
يقول البائع “أحمد” (اسم مستعار) “أنه يحصل على البنزين المهرب من إحدى المحطات في صنعاء ويشتري منها عن طريق سماسرة، بسعر أقل ويحصل على ربح جيد، ويبيعه على زبائن محددين تربطه بهم علاقة شخصية، ويعمل منذ أسابيع بسرية.
وأضاف : تتم عملية التهريب عن طريق تجار كبار من عدن ويحصلون على كميات كبيرة، ويعمل بعض الحوثيين النافذين على تسهيل وصولها مقابل عمولة، وهناك بعض المحطات البعيدة عن الشوارع الرئيسة تبيع بسعر أقل ومعروفة لزبائنها فقط.
أسعار المحروقات الباهظة
ما يزال الحوثيون يمتنعون عن تخفيض أسعار المشتقات النفطية رغم الهبوط العالمي للأسعار، في الوقت الذي تعد الأسعار سابقاً هي الأغلى، حيث يبلغ سعر الـ 20 ليتر بترول 7,300 ريال (12 دولار أمريكي)، قبل أن يعلنوا تخفيض 1400 ريال فقط في مطلع الشهر.
وفي بيان لشركة النفط في صنعاء، برر الحوثيون عدم خفض أسعار المحروقات، بسبب أن السفن المحملة بالمشتقات النفطية والتي مازالت في البحر تم شراؤها بالسعر السابق قبل انخفاض الأسعار، متهمين التحالف باحتجازها في البحر ومنع دخولها إلى ميناء الحديدة.
غير أن كثير من المواطنين لا يثقون بتبريرات الحوثيين، ويعتبرونها غير مقنعة، وهذا يبدو لا فتاً من التعليقات التي تنهال على صفحة شركة النفط في الفيسبوك، حيث يهاجم المعلقون الشركة وسلطات الحوثيين، ويقدمون مقارنة بين أسعارهم وأسعار بقية المحافظات.
ويقول فؤاد الهمداني: “عندما ترتفع الأسعار عالميا لا ينتظر الحوثيون كثيرا حتى يفتعلوا أزمة ومن ثم يرفعون أسعار المشتقات النفطية، رغم ان المخازن لم تنفذ، وعندما يتعلق الامر بالانخفاض يبررون أنهم اشتروه غالي، بالإضافة إلى شماعة “العدوان” التي يعلقون عليها كل عمليات النهب للناس”.