لعل من أهم ما يميز مسيرة النضال الوطني اليمني الطويل أنه حركة وطنية متقدة ومتواصل تتسلم فيها الرايات الأجيال المتعاقبة جيلا بعد جيل وكوكبة من الشهداء إثر كوكبة، أنه قدر التضحية والفداء يولد الشهداء أبناء الشهداء.
ضمن نضالات الحرية واشرقات العطاء الوطني والكفاح المستمر والمتواصل للحركة الوطنية اليمنية التي توارثها اليمانيون منذ آلاف السنين لمكافحة و مناهضة كل اشكال الظلم و انواع الاستبداد واستمرت حتى الثورة السبتمبرية المجيدة يسجل لليمنيين ذكريات عاطرة واشرقات متوارثة مع شهر فبراير المجيد ففي 17 فبراير 1948م كانت اليمن على موعد مع ثورة الأحرار الدستورية التي تبنت إنشاء دستور ينظم العلاقة بين الحاكم و المحكوم و يعيد السيادة للشعب.
ويهيئ اليمن لإقامة دولة حديثة عادلة ضمن ظروف معطيات تلك الحقبة الزمنية والانتصار لحقوق الشعب اليمني في الحرية والعدالة والعيش الكريم.
واخراجه من العزلة و الجمود والتخلف التي فرضته الامامة عليه وطوقته بسياج عميق من التخلف والجهل.
أخفقت في تحقيق نجاح ناجز لكنها مهدت الطريق وانارت الدرب و وضعت اللبنات الأساسية لفجر اليمن المشرق في السادس والعشرين من سبتمبر المجيد للعام 1962م.
ذلك أن الفعل الثوري المتجدد و العطاء الوطني المتواصل والنضال اليمني المستمر لم ينقطع طالما بقى للظلم موضع قدم أو للطغيان صوت يفح على ارض السعيدة انه قدر اليمنيين أن تظل جذوة النضال فيهم متقدة و شعلة الحرية فيهم مشعة.
ففي السابع عشر من فبراير المجيد 1948م قاد البطل اليماني و القيل القحطاني و الملك السبئي علي بن ناصر القردعي ثورة وطنية لتحرير اليمن من ربقة الكيان الإمامي الكهنوتي البغيض في ثورة تعثرت لكنها وضعت في رحم الزمن جذوة النضال لتلد ثورة الحرية بعد أربعة عشر عاما في مطلع ستينيات القرن الماضي.
ثورة 48 م هي أول فعل ثوري تغييري منظم أعدت له الحركة الوطنية و قادته ثلة مباركة من خيرة رجالات اليمن و قادته و اقياله من صناع حدثها العظيم الأبطال الميامين الأستاذ / محمد محمود الزبيري المشير / عبدالله السلال والقاضي / عبدالرحمن الإرياني والأستاذ / أحمد محمد نعمان والبطل العراقي/ جمال جميل وعبدالله الوزير والقاضي عبدالسلام صبره والاستاذ الجليل أحمد المروني وغيرهم الكثير رحمات الرحمن تغشاهم جميعا.
ضمن سلسلة من الفعل النضالي المستمر الذي قدمت فيه تهامة وحدها قرابة الألف شهيد في سجن الطاغية المستبد و أعدم العشرات من خيرة أبناء اليمن و سجن أضعافا مضاعفة من كرام القوم في سجون الطغاة.
الثورة روح متأصلة تسري في الجسد اليمني تغيب لكنها لا تنقطع يعتريها الضعف احيانا لكنها لا تموت وإرادة الشعب التي لا تقهر لأنها من إرادة جبار السماوات والأرض و إردة الله غلابة.
سنة التاريخ ان الشعوب باقية والطغاة إلى زوال وإن ثمن الحرية أخف بكثير من ثمن الخنوع وان ضريبة الكرامة أقل من فاتورة الخضوع للكهنوت ومخلفات الإمامة.
حفظ الله اليمن من كل سوء ومكروه،