عبدالله اسماعيل_
ينكمش في (بطانية) مهترءة ، يحاول ان يهرب من لفحات البرد ..
عيناه تدوران في قلقل ، جسمه الصغير متوتر ومتحفز ، لقد نبهه المسؤول ان الاجواء مشحونة ، وان الخطر قريب ، وعليه ان يكون مجاهدا متيقضا وشجاعا !!
يحمل سلاحه الكلاشنكوف بصعوبة ، يتحامل علی نفسه ليظل واقفا ، يده علی الزناد ، تغفو عيناه انهاكا وتعبا وقلقا ، تطوف باحلامه ذكريات قريبة جدا ، تعيده الی شهر مضی ، في هذا الوقت بالذات ، يتذكر والدته بصوتها الحازم الحنون توقضه لصلاة الفجر ، وتجهزه للمدرسة ، تساعده في ترتيب حقيبته ، تذكره بتناول طعامه ،يتذكرها وهي تحتضنه ، وتوصيه باخته الصغری ، وتتمنی له بوما حافلا بالتعلم والمتعة وشيء من شغب طفولي …
يستيقض فجأة علی صوت فرقعة عالية ، يتحفز جسمه الصغير ، تحاصره المخاوف والتحذيرات ، فتضغط اصبعه علی الزناد ، تخرج طلقات الموت في كل اتجاه ، تقتل رفيقا له ، وتصيب سائق السيارة الاجرة التي انفجر اطارها الامامي …
سقط السلاح من يده ، تسمر في مكانه ، وسقط علی الارض كما سقطت سنوات عمره ، وخسر مستقبله عندما اقنعوه بخسارة طفولته.