نشر سبتمبر نت، تقريرًا مفصلًا عن 11 فبراير وسرد فيه الطريق الأسلم للتداول السلمي والتوافق.
عوامل ومتغيرات حتمية أفضت إلى اندلاع ثورة 11 فبراير 2011، فمطلب التغيير كان هدفا لغالبية اليمنيين الذين رأوا فيه حلا ومخرجا للوطن من مآزق كادت تقضي على كل آمال النهوض باليمن والحفاظ على المكتسبات الجمهورية، والوحدوية.
شباب، وشابات اليمن حملوا لواء التغيير وكانوا وقوده خرجوا للميادين يحدوهم أمل كبير في إعادة رسم ملامح وطن يتنفسون فيه عدلا وكرامة.
عندما كادت اليمن أن تنزلق إلى حرب أهلية كانت دول الخليج أمام مسؤولية تاريخية وإنسانية يحتم عليها التدخل السريع لإيجاد مخرج وحل سياسي ينزع فتيل المواجهة ويرسم خارطة طريق للانتقال السلمي للسلطة.
تبنى مجلس التعاون الخليجي مبادرة خليجية سعت – من خلالها – دول الخليج إلى تحقيق مبدأ وفاق بين جميع الأطراف المعنية في اليمن لضمان التحول السياسي الآمن.
خطوات سلمية
أربع خطوات للانتقال السلمي للسلطة تلك الخطوات وافق عليها الشباب الثائر وهي انتخاب رئيس توافقي وتشكيل حكومة وإقامة مؤتمر حوار شامل وصياغة دستور جديد كان يدرك الثوار أن أهدافهم ستتضمنها مخرجات الحوار والدستور الجديد.
المبادرة الخليجية حظيت بتأييد ودعم دولي وإجماع سياسي لكن المليشيا المتمردة ومن خلفها طهران رفضت المبادرة وما ترتب عليها وبدأت تخطط للانقلاب والتمرد عليها.
مشاركة القرار
كان هناك حاجة ملحة لقيام مؤتمر حوار وطني شامل يسعى إلى تمكين كل القوى السياسية من المشاركة في اتخاذ قرارات تاريخية تتمخض عن رؤية جديدة لمستقبل البلاد ينتج عنه مواد تكون مدخلات لصياغة دستور جديد فضلا عن إجراءات ذات صلة بإصلاح الخدمة المدنية، والقضاء، والحكم المحلي، ووضع أسس المصالحة الوطنية، والعدالة الانتقالية، والتدابير التي تضمن عدم حدوث انتهاكات لحقوق الإنسان، والقانون الإنساني في المستقبل، وسبل تعزيز حماية حقوق المجموعات الضعيفة بما فيها الأطفال، وكذلك السبل اللازمة للنهوض بالمرأة، وكذا الإسهام في تحديد أولويات برامج التعمير، والتنمية الاقتصادية، والاجتماعية المستدامة.
خارطة حل شامل
رسم مؤتمر الحوار الغايات التي يرنو الجميع بلوغها والخريطة التي يسير الوطن على هداها فتم تشخيص المشاكل، والمعوقات عبر آليات علمية موضوعية انطلاقا من مداواة جراح الماضي، والتأسيس لمناخ من الثقة بين المواطنين مع المؤسسات العامة، وتأكيد العزم على عدم تكرار أخطاء الماضي، وجراحه.
مراجعة عميقة، وشفافة، ومسؤولة لكل الاختلالات، ومكامن الضعف في هياكل الدولة قام بها مؤتمر الحوار الأمر الذي أسس عقدا اجتماعيا جديدا، ووضع مداميك جديدة لليمن الجديد.
عقد اجتماعي جديد
مؤتمر الحوار الوطني الشامل توصل إلى التوافق بين جميع المكونات على مخرجات تضع اليمن على بوابات مرحلة حضارية جديدة يحكم مساراتها عقد اجتماعي جديد رسمت محاوره عقول يمنية مثلت – للمرة الأولى في تاريخنا المعاصر- كل المكونات السياسية، والمجتمعية اليمنية، اجتمعت على طاولة حوار جاد بآليات علمية، وشفافة.
نجح مؤتمر الحوار الوطني في جمع، وإعادة صوغ صورة مستقبل البلاد بأسرها حول رؤية جديدة عن دولة حديثة مدنية ديمقراطية اتحادية، وفعالة تصون وتكفل أسس المجتمع العادل، والمتكافل، والمزدهر لمنفعة كل اليمنيين.
تجربة رائدة
قدم مؤتمر الحوار تجربة رائدة للتسوية السياسية واستشراف آفاق مستقبل واعد بالتغيير لبناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة، وإرساء قواعد الأمن، والسلام، والتقدم.
رسالة تاريخية خلفها للأجيال القادمة بأن الحوار الذي ينجم عن مشاركة واسعة لجميع المكونات السياسية، والمجتمعية، هو الخيار الأفضل والأنسب والأسلم، والطريق الأمن الموصل الى الوفاق الوطني لحل مختلف القضايا الوطنية.
مشاركة مجتمعية
رسالة أخرى هي أن النهوض بالوطن وتحقيق أمنه، واستقراره، وازدهاره يتوقف على قاعدة المشاركة السياسية، والمجتمعية التي تقبل بالآخر، ولا تقصي الشركاء، وتستهجن الانفراد بالسلطة من قبل قوة سياسية، أو أسرة، أو قبيلة،أو فرد.
تلك الوثيقة تعتبر المرجعية المتوافق عليها لصياغة الدستور الجديد.
دولة مدنية
إغلاق صفحة الماضي ركن جوهري وأصيل للدخول في العقد الاجتماعي الجديد، إذ هو انعتاق من مثالب الماضي، وركن يؤسس لولادة جديدة للشعب.
عهد تناط فيه السلطة، والمسؤولية لحكومات منتخبة ديمقراطياً في الأقاليم الجديدة لتقترب الحكومة من الشعب وقتئذ تكون هذه الحكومات ضليعة بشؤونها، وممسكة بزمام أمرها وفق ما يكفله الدستور الاتحادي الجديد، وسيتجلى مبدأ الشراكة في أزهى صوره، وسيعيد الثروات الطبيعية إلى مكانها الطبيعي كإرث وحق أصيل للشعب اليمني ليقتسمه الجميع بشكل عادل.
يمن اتحادي
جمهورية اليمن الاتحادية تقوم على الشراكة الوطنية الواسعة وتمثيل الأقاليم وتميكن المواطنين من ممارسة حقوقهم السياسية والمشاركة في الحكم لهذا حددت وثيقة الحوار الضمانات من أجل إتاحة الفرص بالتساوي في التوظيف عبر الخدمة المدنية من خلال عملية شفافة وتنافسية.
مجتمع مزدهر
تؤكد التجارب الديمقراطية أنه حينما يتمتع الشعب بحرية كاملة في بيئة عادلة، ويصل إلى الانسجام، والسلم الاجتماعي، يصبح قادرا عندئذ – بكل الموارد، والطاقات- على السعي لتحقيق التنمية الاقتصادية، والاجتماعية على أساس مستدام.