محمد الاحمدي :
هنا في هذه الصورة يظهر عبدالله مبخوت محسن العامري، هل تتذكرون هذا الاسم ؟!
هذا هو العريس الذي هاجمت طائرات الدرونز موكب زفافه يوم 12 ديسمبر 2013، في عقبة زعج في طريق عودتهم بمعية العروسة من القريشية..
حينها قتل ابنه صالح في الهجوم أيضا وأصيبت عروسته إصابة طفيفة.
الآن قتل العريس المسن عبدالله مبخوت العامري في الإنزال الأمريكي على منطقة يكلأ قيفة رداع يوم 29 يناير 2017، وقتل ابنه الثاني محمد وابنته الطفلة فاطمة.
ثلاثة أعوام تقريبا هي الفارق الزمني بين واقعتين، كلاهما بتوقيع أميركي، والذريعة واحدة هي الحرب على الإرهاب، لكن في التفاصيل، ثمة إرهاب دولة حقيقي باسم القانون في مواجهة إرهاب نائي محتمل، والضحايا مدنيون.
العريس عبدالله مبخوت عندما زرته مع فريق حقوقي واعلامي عقب حادثته الأولى بيوم كان دمه ثائراً، لجسامة الحدث ولشعوره بالذنب أنه السبب في المجزرة التي ارتكبتها الولايات المتحدة الأمريكية بحق رجال قريته، عشرات الضحايا بين قتيل وجريح سقطوا في ذلك المساء الدامي، وتحول الزفاف إلى مأتم.
كاد أن يطلق علينا النار، لشدة حزنه وغضبه، ولاعتقاده اننا من طرف الحكومة اليمنية، لولا اننا ضيوف جئنا بمعية رجال من القبيلة، لقد بدأ مستغربا ويشتاط غضبا، وبالكاد نجحنا في تهدئته وتوضيح هدف زيارتنا وأننا متضامنين معهم.
لم انته من كتابة تقريري الحقوقي عن تلك الزيارة حتى تقاطرت الاتصالات من صحف وقنوات عربية وأجنبية تسألني عن القيادي في القاعدة الذي قيل إنه انغمس في موكب الزفاف وأفلت من الهجوم.
كان دخان الجثث المتفحمة يملأ رئتي، وآثار الجراح والشظايا والقهر في وجوه الناجين من المحرقة لا تفارق مخيلتي.
نفس الأمر، يتكرر هذه المرة، لكن لن يكون بوسعي زيارة الضحايا، وإن كان الامر كما يبدو أكثر قسوة مع صورة الابتسامة في محيا نوار العولقي وتلك اليد الصغيرة الملفوفة للطفل الجنين مصابا بطلقة كوماندوز أميركي.
ليذهب كل إرهابيي العالم إلى مصيرهم الذي يستحقونه، ليس هذا جديدا، وليس بمقدور أي شخص اختار العنف سلوكا اشتراط كيف تكون نهايته، فالمقاتلون الذين اتخذوا قرارهم في الذهاب إلى العنف بصرف النظر عن غاياتهم يوقنون أن طريقهم ليس مفروشا بالورود وهم حين لا تفارق بنادقهم اكتافهم يترقبون الموت كل لحظة، ولا يعنيهم بعد ذلك إن كانت نهاياتهم بصواريخ الدرونز أو حادث سير.
أما حين يكونون عناصر في تنظيم إرهابي محظور عالميا كالقاعدة فإن مسألة عودتهم عن هذا الطريق بادوات القوة المجردة شبه مستحيلة، الأمر الذي تقوله الأحداث وتطوراتها منذ 20 عاما.
لكن المشكلة الاهم، هي لماذا يستدرجنا القتلة دائما للذهاب إلى الهامش، قبل قراءة المتن، لماذا نخوض جدلا حول ان كان ثمة إرهابيون قتلوا بينما لا تزال ألسنة اللهب تتصاعد من أجساد الأطفال والنساء أمام أعيننا؟!
الإرهاب كارثة كبيرة
والأكبر منها إرهاب الدول في مواجهة الإرهاب المحتمل.