كشفت الاحداث التي عاشتها جامعة صنعاء صباح امس الاربعاء عن مدى الرعب لدى جماعة الحوثي من أي شرارة قد تشعل ثورة احتجاج ضدها على خلفية أزمة الرواتب .
حيث تشهد جامعة صنعاء منذ السبت الماضي احتجاجات واسعة من قبل اساتذة الجامعة تمثلت برفع الشارات الحمراء احتجاجا على عدم صرف الرواتب مع تلويح بالتصعيد الذي يشمل الاضراب .
وكانت البداية مع إعلان نقابة اعضاء هيئة التدريس بالجامعة عن لقاء تشاوري لأعضائها صباح الامس بكلية الزراعة.
لتستبق جماعة الحوثي اللقاء بحشد 7 أطقم عسكرية طوقت كلية الزراعة ونشرت عشرات المسلحين داخل الكلية ، كما أرسلت القيادي محمد البخيتي إلى اللقاء لفرض رؤية الجماعة في اللقاء .
كما حاولت الجماعة افشال اللقاء عن طريق رئيس الجامعة المعين من قبلها فوزي الصغير ، حيث قام الصغير بإغلاق القاعة التي كان سيعقد اللقاء فيها ، لتضطر النقابة لأخذ قاعة مجاورة .
وعند فتح القاعة سارع الصغير والبخيتي لاقتحامها بمرافقيهم المدججين بالسلاح ، وصعدا على منصة القاعة للحديث بدلا عن النقابة .
لتضج القاعة بالاحتجاج ومطالبتهم بالنزول وهو ما حدث بعد اصرار الحاضرين على نزولهما من المنصة ، ليفتتح اللقاء في أجواء مشحونة وبكلمة لرئيس النقابة الدكتور محمد الظاهري الذي اكد في كلمته ان ما تقوم به النقابة يأتي في اطار الدستور والقانون .
وقال الظاهري بأنهم تواصلوا مع رئاسة الجامعة ومع المعنين قبل اتخاذ قرار التصعيد للمطالبة بإيجاد حل لقضية الرواتب المتأخرة لكن دون جدوى ، لافتا إلى عدم التعارض بين المطالبة بالراتب باعتباره حق وبين الوطنية وحب الوطن .
ولفت الظاهري بأن خطوة التصعيد التي أقرتها النقابة سبقتها لقاء مع رؤساء نقابات التدريس بالجامعات الحكومية لمناقشة القضية ، موضحا أن باقي النقابات لا تزال في طور التشاور لاتخاذ خطواتها التصعيدية المناسبة للمطالبة بصرف الرواتب .
رئاسة الجامعة كان لها رد من خلال مداخلة لرئيسها الدكتور فوزي الصغير ، الذي اكد بأن مشكلة تأخر صرف الرواتب هي مشكلة تواجهها السلطة في صنعاء وليست مقتصرة على جامعة صنعاء .
معتبرا ان الأزمة سببها ” العدوان والحصار وقرار هادي بنقل مقر البنك المركزي من صنعاء لعدن “.
موضحة ان رئاسة الجامعة حاولت اتخاذ عدد من الحلول بالتشاور مع المعنيين ومنها معالجة الرواتب من ايرادات الجامعة ، كاشفا عن وجود نحو 130 مليون ريال كوفر ضمن موازنة الجامعة لهذا العام .
لكنه قال بأن هذه المبالغ لم تعد متاحة لرئاسة الجامعة او متاح لها بالصرف منها ، دون ان يوضح الأسباب .
الدكتور فوزي اعتبر في حديثه ان مشكلة تأخر الراتب لا يعاني منها إلا فئة محدودة فقط من أساتذة جامعة صنعاء، الذين قال بأن أغلبهم يعملون في جامعات خاصة، لتضج القاعة بالاحتجاج والصراخ ضد رئيس الجامعة وسخرية من حديثه.
وطلب البخيتي الحديث والقاء كلمته الا ان القاعة رفضت ذلك ما اضطره للتراجع والجلوس مستمعا لمداخلات القاعة .
تواجد البخيتي وتصرفات الصغير دفعت مداخلات الحاضرين للهجوم بشكل عنيف ضد جماعة الحوثي بشكل غير مسبوق .
ليندفع الدكتور عبدالإله ابو غانم عضو هيئة التدريس في كلية الزراعة بالهجوم على جماعة الحوثي وبدأ حديثه بالقول : نحن نعلم ايم تخبأ رواتبنا في بدرومات داخل صنعاء .
وصرخ أبوغانم في وجه البخيتي قائلا : انا مستعد أن يجوع أولادي حين أرى أولاد عبدالملك الحوثي او أولاد علي صالح يجوعون .
وسخر أبو غانم من حديث فوزي الصغير عن الحصار والعدوان ورد عليه : “نحن مقدرين ظروف الحرب والحصار لكن ان نموت جوع نحن وأولادنا وهناك مواد غذائية في كل بقالة وفي كل متجر كيف تقولوا هناك حصار ؟”
واضاف : “مرتباتنا عند الدولة التي يجب ان تعيشنا عيشة كريمة هذا لا يمكن ، وهذا شيء مخجل، ويعني انه لا يوجد لدينا دولة”.
وقال أبو غانم بأن أغلب الطلاب انقطعوا عن الحضور بسبب الوضع لأن آباءهم موظفون وبلا رواتب، وقال : “اما نحن فمستعدين للتدريس فقط يضمنوا لنا الأكل والشرب والمواصلات” .
وعبر عن معاناة أعضاء هيئة التدريس ، حيث قال : “الكارثة اننا كدكاترة لا يوجد لدينا ادخار معيشي ، والرواتب التي يتم صرفها من الجامعة هي اشبه بالفتات مقارنة بدكاترة الجامعات في الدول الاخرى كدول الخليج ومصر والسودان والجامعات العربية”.
وهاجم أبو غانم بشدة المسئولين عن الأزمة ، متهما أياهم بتخزين الأموال في منازل القائمين على السلطة في صنعاء ، مضيفا : “لماذا يضحكون على الناس بقولهم رواتبكم عند عبدربه هادي، وهذا يقول رواتبكم في صنعاء، الدكاترة هم نخبة الأمة ويجب ان تعيش عيشة كريمة”.
موجها دعوة لأطراف الصراع بإيقاف الحرب وان لا يقودوا البلاد إلى الكارثة وان يستشعروا حجم المعاناة لدى المواطن البسيط .
وازدادت القاعة سخونة مع مداخلة الدكتورة فاتن عبده عضو هيئة التدريس في كلية الآداب التي
قالت “بانه لا يوجد مبرر لمنع صرف الرواتب المتأخرة “.
حيث اشارت إلى وجود موارد مالية هائلة لدى جامعة صنعاء ، واستدلت الدكتورة بكلية الآداب التي قالت بأنها “وردت للبريد نحو 63 مليون ريال كإيرادات في حين لا توجد لديها اي مبالغ لموازنتها التشغيلية التي تبلغ 52 مليون ريال للعام” .
وتسألت : “لماذا تورد إيرادات الجامعة إلى حسابات في البريد لتذهب لصالح الحرب في حين لا تجد كليات الجامعة اي أموال لنفقاتها التشغيلية” .
من جانبها اشارت الدكتورة بلقيس علوان عضوة هيئة التدريس في كلية الإعلام إلى ان مسألة الراتب هي قضية مفروغ منها وهي حق وليست مطلب.
وحول المخاوف من اتخاذ اساتذة الجامعة قرار بوقف العملية التعليمية للمطالبة برواتبهم ، قالت : “أغلب الطلاب لم يعد يحضرون قاعات الدراسة بسبب الأزمة المالية والعملية التعليمية مهددة بالتوقف في جامعة صنعاء اذا استمرت أزمة عدم صرف الرواتب وليست متوقفة فقط على معاناة اساتذة الجامعة فقط” .
وحذرت علوان من أن الحياة في اليمن بأسرها مهددة بالتوقف بسبب الأزمة المالية وليست فقط العملية التعليمية في الجامعة.
ليرتفع مستوى الصخب داخل القاعة مع كثرة الهجوم من قبل دكاترة الجامعة وهو ما اضطر رئيس الجامعة للانسحاب من المنصة مع مرافقيه وتبعه على الفور القيادي الحوثي محمد البخيتي .