(ترجمة خاصة):
أظهر الزعماء الغربيون عدم استعدادهم للإقرار بالأدلة الخاصة لوكالاتهم المخابراتية العسكرية, بشأن التدخل الإيرانى فى اليمن والمنطقة.
خلال جلسات الاستماع في مجلس الشيوخ الأسبوع الماضي للجنرال جيمس ماتيس ” كوزير للدفاع” تبين إلى أي مدى إدارة الرئيس باراك أوباما قد أغلقت أذنيها لتحذيرات ماتيس الأسبوعية حول دور إيران في زعزعة الاستقرار في اليمن والبحرين والعراق وأماكن أخرى, أثناء فترة توليه القائد الأعلى للجيش الأميركي في الشرق الأوسط.
إن فريق أوباما انشغل بإيران بما فيه الكفاية, وقال ما لا يريد أن يسمع, كما أن مستشار أوباما دنيس روس علق بـ: “كان هناك نوع من الصدام الثقافي، وكان هناك انشغال في البيت الأبيض, بعدم فعل الأمور, التي من شأنها أن تثير إيران أو أن ينظر إليها على أنها استفزازية, ماتيس بطبيعته يميل نحو القيام بتلك الأشياء التي سوف ينظر إليها على أنها عمل استفزازي. ”
في الأيام الأخيرة، أصدرت الحكومة الاسترالية أدلة مصورة “فوتوغرافية” لـ الآلاف من الأسلحة الإيرانية الصنع، بما في ذلك قاذفات قنابل صاروخية, والتي ضبطت في عملية واحدة فقط في العام الماضي قبالة السواحل اليمنية. كذلك تمت مصادرة كميات أكبر بكثير من المضبوطات من قبل فرنسا والولايات المتحدة وغيرها من السفن في عام 2016. وبالنظر إلى الصعوبات التي تواجه تسيير دوريات طويلة الى السواحل اليمنية، فإن هذه المضبوطات تمثل غيضاً من فيض.
وفى تشرين الثانى/ نوفمبر, نشرت أبحاث الصراعات المسلحة تقريرا مفصلاً يبين أنه تمت مصادرة أسلحة إيرانية الصنع, وتحدث التقرير عن “خط أسلحة يمتد من إيران الى الصومال واليمن, والتى تنقل بالمراكب الشراعىة بكميات كبيرة من الأسلحة الإيرانية الصنع” .احد هذه الزوارق والذي أوقف فى اذار/مارس 2016 كان يحمل ألفي بندقية كلاشنيكوف إيرانية الصنع.
بموجب نظام العقوبات الدولى يحظر على إيران تصدير الاسلحة, وهو ما تجاهلته طهران بإرسالها الصواريخ إلى العراق وسوريا ولبنان.. وفي الوقت نفسه اعتراض شحنات إيرانية للإرهابيين في البحرين مازال مستمرا . كيفن دونيجان قائد الاسطول الخامس الاميركى يقول أن المضبوطات الأخيرة كانت جزءا من جهد اكبر بكثير لايران لنقل الاسلحة الى الحوثيين.
أثار خبراء الاستخبارات مخاوف بشأن استغلال الحدود اليمنية العمانية, التي يسهل اختراقها لتهريب الأسلحة, وقال مسؤول أمريكي لرويترز: “نحن على علم مؤخرا بزيادة تواتر من شحنات الأسلحة التي قدمتها إيران، والتي تصل إلى الحوثيين عبر الحدود العمانية.”
وبدلا من إنكار مثل هذه الادعاءات تفاخر مسؤولون إيرانيون بها. كما أكد دبلوماسي ايراني كبير أن هناك “زيادة حادة في مساعدة إيران للحوثيين في اليمن” منذ مايو عام 2016، بما في ذلك الأسلحة والتدريب والمال. وقال لرويترز كان الهدف هو تصعيد الصراع مع المملكة العربية السعودية: “وأن الاتفاق النووي أعطى لإيران اليد الأقوى في تنافسها مع المملكة العربية السعودية، وكان لا بد من الحفاظ عليه.”
أقرب المقربين للمرشد الأعلى علي خامنئي تفاخر هو الآخر, فالنائب علي رضا زاكاني في عام 2015 قال إن صنعاء “رابع عاصمة عربية ” وقعت في أيدي إيران بعد بيروت ودمشق وبغداد. وتوقع زاكاني أن “ثورة اليمن” ستمتد إلى المملكة العربية السعودية. وطالب الحوثيين للعب “نفس الدور في اليمن”، كما حزب الله في لبنان.
وفى وقت سابق من هذا الشهر أعلن حسين سلامى قائد الحرس الثورى الإيرانى أنه: “حان وقت الفتوحات الإسلامية بعد تحرير حلب وستتحقق آمال البحرين وستكون اليمن سعيدة حين هزيمة أعداء الإسلام”.
حتى وقت قريب جدا كان الحوثيون أقلية في أقصى شمال غرب اليمن مع حوالي 2000 مقاتل قادرة فقط على إثارة الاضطرابات الداخلية, لكن خلال الاضطرابات التي وقعت عام 2011 قامت وحدة من حزب الله “3800” بدعم من “لواء القدس الإيراني “بتوجه الدعم المالي والتدريب للمتمردين الحوثيين. في وقت لاحق فرضت الولايات المتحدة عقوبات على رئيس وحدة 3800 الحاج خليل حرب لدوره في تدريب وتسليح الحوثيين.
وقال مدير الاستخبارات الوطنية الأمريكية جيمس كلابر في عام 2014: “سوف تستمر إيران في تقديم الأسلحة ومساعدات أخرى الى الفصائل الفلسطينية والمتمردين الحوثيين في اليمن والميليشيات الشيعية في البحرين للتوسع النفوذ الإيراني ومواجهة التهديدات الخارجية المتصورة.”
وأعلنت إيران وحلفاؤها أنه عندما ينتهي القتال في الموصل والعراق وسوريا سيتم إعادة تكوين ميليشيات إقليمية تعمل كقوة تدخل سريع, ذكرت صحيفة واشنطن تايمز: “إن إيران نشرت آلاف من مقاتلي الميليشيات الشيعية العراقية الموالية لها حول الموصل مع استراتيجية خلق جيوش طويلة الأمد داخل العراق, التي يمكن أيضا نشرها في سوريا واليمن ومناطق أخرى متنازع عليها “.
وأكدت شخصيات عسكرية إيرانية عليا أن لديهم بالفعل وجوداً على أرض الواقع، وتهدف إلى تعزيز وجودها في اليمن. وفي أغسطس 2016قال الجنرال محمد علي الفلكى العميد في الحرس الثوري الإيراني لمصادر إعلامية إيرانية أن إيران تعمل “بتشكيل جيش التحرير الشيعي في سوريا بقيادة قاسم سليماني … وآخر في العراق، وآخر في اليمن. “.
فلكي شخصية بارزة في كتائب “فاطميون” والتي مقرها سوريا، وهي ميليشيا يقدر مقاتليها 8،000-12،000 أغلبهم أفغان جندتهم إيران، هذه المليشيا لعبت دوراً قيادياً في إخضاع شرق حلب بوحشية.
في حين أن إيران تمحور القوات بعيداً عن سوريا، فإنها تعمل بجهد في “الهندسة الاجتماعية”، حيث أنها تنقل الآلاف من الشيعة غلى غرب سوريا لتغيير جذري في التوازن الديموغرافي في المنطقة الواقعة بين دمشق والحدود اللبنانية.
في تقرير حصرى أجرته الجارديان عن مدى أبعاد هذه التدابير حيث قال المصدر: “الفصل الطائفى هو جوهر المشروع الايرانى فى سوريا. ان ايران تبحث عن مناطق جغرافية لفرض هيمنتها ونفوذها عليها بشكل كامل.
هذه الإجراءات تشبه استراتيجيات مماثلة من قبل عملاء إيران في مختلف مناطق العراق، حيث تم ترويع عشرات الآلاف ممن فروا من مناطقهم جراء القتال الدائر هناك ومنعهم من العودة إلى ديارهم، في محاولة واضحة لتغيير التوازن الطائفي, قبل الانتخابات المحلية الحاسمة خلال الأشهر المقبلة.
استغرقت إسرائيل عقود لمشروعها الإستيطاني, والذي قسم الضفة الغربية إلى كانتونات (مقاطعات) لا يمكن التحكم فيها. وتحدث مثل هذه التحولات السكانية المهندسة إيرانيا أمام أعيننا, فيتوجب عدم منح طهران تفويضا مطلقا أن تفعل الشيء نفسه في اليمن الذي يواجه بالفعل كارثة إنسانية.
تجاهل الغرب دور ايران التي نصبت نفسها بنفسها في “تحرير” اليمن. فإن تهريب كميات سقي العين من الأسلحة الايرانية الثقيلة إلى اليمن يمر دون تعليق. وفي الوقت نفسه، اتخذت وسائل الإعلام ومنظمات حقوق الإنسان كل فرصة لإعطاء تغطية مكثفة من مزاعم الحوثيين حول المعاناة الإنسانية الناجمة عن الأعمال, التي يقوم بها التحالف الذي تقوده السعودية.
تعتبر المملكة هي المصدر الرئيسي للمساعدات الإنسانية إلى اليمن، وتزويد مئات الأطنان من الاغذية والإمدادات الطارئة ومليارات الريالات كدعم مالي. لكن ما تميل وسائل الإعلام إلى التركيز عليه هو مزاعم الحوثيين الخادعة بأن التحالف هي من منعت المساعدات.
في حالة البحرين واليمن تمول إيران كيانات “المعارضة” وتشن حملة إعلامية مكثفة لتشويه صورة القيادات الخليجية وتحريض منظمات حقوق الإنسان ضد المملكة العربية السعودية والبحرين.
وتشن العشرات من وسائل الإعلام التابعة لإيران وحزب الله حملات خطاب الكراهية والتحريض على العنف في أنحاء المنطقة. لذلك لابد من بذل جهود منتظمة لمواجهة هذه الأكاذيب الخطيرة والدعاية التي تغذي إدامة الصراعات الأهلية.
مخازن كاملة من الأسلحة الإيرانية المصادرة على نطاق واسع هي شهادة من تدخل طهران في اليمن. من الواضح ان القادة العسكريين والسياسيين الإيرانيين يعتزمون تصعيد مشاركتهم عن طريق وضع الميليشيات على الأرض، وخلق عملاء محليين تعتمد بشكل متزايد على دعمهم – بالضبط كما فعلت إيران بنجاح كبير في سوريا.
موقع اليمن المركزي على طرق الملاحة فى العالم, وموقعها كبوابة بين القرن الافريقى وشبه الجزيرة العربية, جعلها ذات اهمية استراتيجية كبيرة. وفى ضوء نفوذ إيران المهيمن على نطاق واسع فى الاقليم الممتد عبر العراق وسورية الى البحر الابيض المتوسط, فإن السماح لايران لتعزيز موطئ قدم لها فى اليمن ستكون له عواقب وخيمة على المنطقة جغرافيا وسياسيا وأمنيا وسيغير فى ميزان القوى.
الايرانيون من قيادتهم المتشددة والتي تهدر المليارات في الإنفاق على ثورات الخارج تاركة الشعب الفقير. وكان استطلاع أجرته مؤسسة زغبى يظهر كيف ان الدعم الايرانى فى سوريا انخفض من 90 فى المائة الى 24 فى المائة على مدى سنتين فقط. يريد الايرانيون تقليل فكرة التشدد الديني وتقليل التدخل الاجنبي, لكن أولويات النظام الإيراني هي تحقيق تطلعاته الخارجية.
ومع ذلك، فإن الأموال التي أنفقت من قبل كيانات مثل الحرس الثوري الإيراني لاستبدال القائد الأعلى (خامنئي)- المريض – بشخصيات هي أكثر تشدداً وتعصباً من خامنئي نفسه.مثل محمود الهاشمي الشاهرودي، صادق لإريجاني ومحمد تقي مصباح يزدي.
لقد قضينا وقتا طويلا تغطي عيوننا وتصم آذاننا والتظاهر بأن تورط إيران في اليمن وأماكن أخرى أمر مبالغ فيه وغير هام. ولكن الحقائق تتحدث عن نفسها, وسوف يقول المتشائمون فات الأوان لدحر الهيمنة الإيرانية في سوريا ولبنان والعراق إلا أنه لا تزال هناك نوافذ ضيقة من الفرص لليمن.
يجب على المجتمع الدولي إجبار إيران على الاعتراف بأن هناك عواقب بعيدة المدى لتدخل في الدول العربية, في حين أن الايرانيين غير المتعصبين والعالم الخارجي يتحدثون بصوت واحد فإن المليارات من الدولارات تسكب في “سياسات تغيير النظام ” ، التدخل والحرب بالوكالة قد تصبح انتحارية بالنسبة لهذا النظام في نهاية المطاف.
(نبذة عن الكاتبة)
بارعة علم الدين حائزة على جائزة الصحافي والمذيع في الشرق الأوسط والمملكة المتحدة, وهي محررة من نقابة الخدمات الإعلامية، ومحرر الشؤون الخارجية في صحيفة الحياة اللندنية، أجرت مقابلات مع العديد من رؤساء الدول.
الترجمة للعنوان الأصلي “إيران في اليمن -لاترى شرا…ولاتسمع شراً”
رابط المادة المترجمة: http://www.arabnews.com/node/1039566/columns
*نقلا عن مُسند للأنباء – وحدة الترجمة