توفيق علي :
ﺣﻤﻠﺖ ﺍﻷﻗﺪﺍﺭ “ﺻﺪﻳﻖ ﺍﻟﻔﻼﺣﻴﻦ” ﺇﻟﻰ ﺳﺪّﺓ ﺭﺋﺎﺳﺔ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﺍﻟﻴﻤﻨﻴﺔ، ﻟﻴﺪﺍﻓﻊ ﻣﻦ ﻣﻮﻗﻊ ﺍﻟﻤﺴﺆﻭﻝ ﻭﺻﺎﻧﻊ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ، ﻋﻦ “ﺍﻟﺠﻤﻬﻮﺭﻳﺔ” واستعادة مضامينها التي أُفرغت من محتواها، ﻣﻤﺜﻠﺔ ﻓﻲ ﻣﺸﺮﻭﻉ “ﺩﻭﻟﺔ ﺍﻟﻴﻤﻦ ﺍﻹﺗﺤﺎﺩﻱ” ﺍﻟﺬﻱ ﺳﻜﺒﺖ ﻻﺟﻞ ﺍﻟﻮﺻﻮﻝ ﺇﻟﻴﻪ، أنهارٌ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻣﺎﺀ ﺍﻟﺰﻛﻴﺔ.
ﺍﻟﻼﻓﺖ ﻓﻲ ﺍﻷﻣﺮ، أﻥ ﺍﺣﻤﺪ ﻋﺒﻴﺪ ﺑﻦ ﺩﻏﺮ، ﺃﺣﺪ ﺍﺑﺮﺯ ﺍﻟﻤﺤﺎﺭﺑﻴﻦ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺩﻓﺎﻋﺎ ﻋﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺸﺮﻭﻉ ﻣﻦ ﻣﻮﻗﻊ ﺻﺎﻧﻊ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ، ﻳﻌﺪ أﻭﻝ ﻣﻦ ﺗﺒﻨﻰ ﻓﻜﺮﺓ ﻣﺸﺮﻭﻉ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﺍلإﺗﺤﺎﺩﻳﺔ ﺑﺄﻗﺎﻟﻴﻢ ﻣﺘﻌﺪﺩﺓ، ﻣﻨﺬ ﻭﻗﺖ ﻣﺒﻜﺮ، ﺃﻱ ﻗﺒﻞ أﻥ ﻳﺘﻮﺍﻓﻖ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻴﻤﻨﻴﻴﻦ ﻓﻲ ﻣﺆﺗﻤﺮ ﺍﻟﺤﻮﺍﺭ ﺍﻟﻮﻃﻨﻲ!، ﻭﻫﺬﺍ ﻳﺪﻝ ﻋﻠﻰ أﻥ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻳﻤﺘﻠﻚ ﻭﻋﻴﺎ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ﻣﺪﺭﻛﺎ ﻟﻘﻀﻴﺔ ﺍﻟﻴﻤﻦ ﻭﺟﺬﻭﺭ ﻣﺸﻜﻼﺗﻬﺎ ﻭأﺑﻌﺎﺩﻫﺎ ﻭﻣﺂﻻﺗﻬﺎ، ﻳﻔﻮﻕ ﻣﺎ ﻟﺪﻯ ﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﻴﻦ ﺑﻔﺎﺭﻕ ﺯﻣﻨﻲ ﻳﻘﺪﺭ ﺑﻨﺤﻮ 23 ﻋﺎﻣﺎ، ﻭﻫﻲ ﺍﻟﻔﺘﺮﺓ ﺍﻟﺰﻣﻨﻴﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺍﺣﺘﺎﺟﻬﺎ ﻏﻴﺮﻩ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴين ﻟﻼﻳﻤﺎﻥ ﺑﻬﺎ ﻭﺗﺒﻨﻴﻬﺎ ﺑﻌﺪ أﻥ ﻗﻮﺑﻠﺖ ﺣﻴﻨﻬﺎ ﺑﺎﺳﺘﻬﺠﺎﻥ ﺍﻟﻤﺘﻌﺼﺒﻴﻦ ﻟﻬﺎ ﺍﻟﻴﻮﻡ !.
ﻭﻟﻴﺖ إﻧّﺎ ﺁﻣﻨﺎ ﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻔﻜﺮﺓ ﺩﻭﻥ ﺍﻟﺤﺎﺟﺔ ﻟﺪﻓﻊ ﻛﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻷﺛﻤﺎﻥ ﺍﻟﺒﺎﻫظﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻣﺎ ﺗﺰﺍﻝ ﻓﺎﺗﻮﺭﺗﻬﺎ ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ ﺍلإﺿﺎﻓﺔ ﻻ ﻧﻌﻠﻢ ﻣﺘﻰ ﺳﺘﺘﻮﻗﻒ .
ﻗﺪﺭ ﺑﻦ ﺩﻏﺮ، الحائز على شهادة الدكتوراه في التاريخ بامتياز، أﻥ ﻳﺘﺤﻤﻞ ﺃﺻﻌﺐ ﻣﺴﺆﻭﻟﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﺄﺭﻳﺦ ﺍﻟﻮﻃﻨﻲ! ، للدفاع عن مشروعه وفكرته، وما أجمل أن تتبنى فكرة أو تؤمن بها، ثم تجد الشعب بأسره يقف مدافعا عنها ببسالة لا تضاهى، ﻓﻲ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﺍﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ﺗﺪﺍﺧﻠﺖ ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻤﻬﺎﻡ ﻭﺗﻀﺎﻋﻔﺖ فيها المسؤوليات وسط بيئة طاردة للعمل البناء، ﻛﻤﺎ ﺗﻀﺎﻋﻔﺖ ﻭﺗﻨﺎﺳﻠﺖ ﺍﻷﺟﻨﺪﺍﺕ ﺍﻟﻮﻃﻨﻴﺔ ﺍﻟﺼﻌﺒﺔ ، ذات الأهداف والأبعاد المتداخلة .
ﻭﺿﻊ أﻣﺎﻡ ﺍﺧﺘﺒﺎﺭ ﻣﻌﻘﺪ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ، ﻓﺄﻣﺎ ﺃﻥ ﻳﺴﺘﻤﺮ ﻓﻲ ﻭﺿﻊ ﺍﻟﻨﻘﺎﻁ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺤﺮﻭﻑ ﺍﻟﻤﺘﻨﺎﺛﺮﺓ ﻓﻲ ﺭﻗﻌﺔ ﻭﻃﻨﻴﺔ ﻣﺘﺮﺍﻣﻴﺔ، ﻭﻳﻀﻴﻔﻬﺎ ﺇﻟﻰ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﺪﺃ ﻳﺨﺘﻂ ﺣﺮﻭﻓﻪ ﺍﻷﻭﻟﻰ ﺣﻮﻝ ﺍﻟﻴﻤﻦ ﺍلإﺗﺤﺎﺩﻱ الجديد، أو الانحناء أمام جملة الصعوبات المثقلة والمسؤولية الصعبة للغاية .
غير أن ﺍﻟﺨﻄﻮﺍﺕ الحثيثة ﺍﻟﺘﻲ ﻳسير بها ﺑﻦ ﺩﻏﺮ، ﻭﺳﻌﻴﻪ ﺍﻟﻔﺎﻋﻞ ﻟﺘﻄﺒﻴﻊ ﺍﻷﻭﺿﺎﻉ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺳﻮﺍﺀً ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ ﺃﻭ ﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺠﺎﻧﺐ ﺍﻟﺨﺪﻣﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻤﺲ ﺣﺎﺟﺎﺕ ﺍﻟﻤﻮﺍﻃﻨﻴﻦ، في المناطق المحررة، تؤكد أن الرجل يسير بثبات (رجل الدولة) السائر في الاتجاه الصحيح رغم العوائق والعواصف العتية التي يكون مصدرها أحيانا من صف الشرعية !
ﻭﺍﻟﺤﻖ، ﺗﻔﺎﺟﺄت كغيري ﺑﺎﻟﺮﻭﺯﻧﺎﻣﺔ اليومية ﺍﻟﻤﺰﺩﺣﻤﺔ ﻷﻋﻤﺎﻝ ﺭﺋﻴﺲ ﺍﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻣﻨﺬ ﺗﻮﻟﻴﻪ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻘﻴﺒﺔ ﺍﻟﻤﺜﻘﻠﺔ، ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﻮﻋﺖ ﻣﺎ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ﺑﺎﻟﺠﻮﻻﺕ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ ﺍﻟﻬﺎﺩﻓﺔ ﻟﺪﻋﻢ ﺍﻟﻴﻤﻦ ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ ﻭﺇﻏﺎﺛﻴﺎ ﻭمنها ﺟﻬﻮﺩﻩ ﻓﻲ ﺗﺴﻬﻴﻞ ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺳﻔﺮ ﺍﻟﻴﻤﻨﻴﻴﻦ ﻟﻌﺪﺩ ﻣﻦ ﺍﻟﺪﻭﻝ وأبرزها زيارته إلى مصر منتصف شهر اغسطس من العام المنصرم، ﻭنجاحه في تحقيق ﺧﻄﻮﺍﺕ ﻛﺒﻴﺮﺓ ﻓﻲ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﺠﺎﻧﺐ، ﺍﺳﺘﻄﺎﻋﺖ ﺇﺯﺍﻟﺔ ﺟﺰﺀا ﻛﺒﻴﺮا ﻣﻦ ﻏﺒﺎﺭ ﺍﻟقلق حيال ﺑﻠﺪ ﻻ ﻳﺼﺪﺭ عن ﺃﺧﺒﺎﺭﻩ ﺇﻟّﺎ ﺍﻟﻌﻨﻒ ﻭﺍﻟﻔﺠﻴﻌﺔ . أو فيما يتعلق بنجاح حكومته في صرف مرتبات أفراد القوات المسلحة في تحدٍ فارق راهن الكثيرين على عجزها الحتمي في هذا الملف، أتبعته بصرف مستحقات الطلاب المبتعثين المتأخرة في الخارج، والعمل على إنهاء أزمة السيولة النقدية والشروع في صرف رواتب موظفي الدولة . وإتمام عملية تسفير المئات من جرحى الحرب لتلقي العلاج خارج البلاد . إضافة لازدحام جدوله اليومي الذي تتخلله الكثير من اللقاءات الايجابية التي تخلص في مجملها إلى متابعة قضايا المواطنين وحل قضاياهم وإفراد مساحات للالتقاء بهم وحل مشاكلهم، رغم الأولويات المزدحمة والمتداخلة في ظل ظروف صعبة على الحكومة واهتمامه الملحوظ بتطبيع الخدمات العامة للمواطنين بعد أن وصلوا لخيبة أمل تجاه الحكومات المتعاقبة البعيدة عنهم التي غيبت قضاياهم وهمومهم.
واليوم ، وليس هذا كل شي، هاهي مرتبات موظفي الدولة المدنيين تصل تباعا إلى العاصمة صنعاء، في إثبات جديد وفارق على المسؤولية التي يتحلى بها الرجل، ودليل على نجاح مشهود، تخطى العقبات والحواجز الشاهقة بمتابعة مستمرة من رئيس حكومة دائما ما يوصي أعضاءها باستشعار المسؤولية الاستثنائية ومراعاة معيار النزاهة وقطع دابر المحسوبية والوساطة .
في صنعاء، ﻛﻨﺖ ﺷﺎﻫﺪا ذات صباح ﻋﻠﻰ موقف جسد ﻫﺬا القول، ﻓﻲ أحد مرافق الدولة، عندما ﺣﺎﻭﻝ عدد من المشائخ أخذ توقيعه على معاملة مخالفة مستخدمين الإغراء والترغيب تارةً، والجدل والترهيب تارةً أخرى، لتمريرها دون جدوى.
بن دغر، التعاوني المثابر، الذي ترعرع وسط الكادحين وحاملا قضايا الفلاحين وتخضبت قدماه يوميا بتراب الأرض وملحها لا يمكن أبدا إلّا أن يكون حارسا مؤتمنا لقضيتهم المطالبة بالمساواة والالتفات لكافة فئات الشعب في مختلف مناطق يمننا الكبير، من موقع صانع القرار الأبرز، ولهذا تميز ﻋﻤّﻦ ﺳﺒﻘﻪ، ﺑﺎستشعاره حجم المسؤولية المُلقاة، مع امتلاكه ﺍﻟﺮﺅﻳﺔ ﻭﺍﻟﻬﺪﻑ ﺍﻟﻮﺍضح ﺍﻟﻤﺤﺪﺩ ﺍﻟﻘﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ ﺇﺩﺭﺍﻙ ﻭﺇﻟﻤﺎﻡ ﺗﺎﻡ، بناءًا على خبرات متراكمة . الخبرة المقرونة بفطنة ذلك الفلاح الريفي الأصيل، والحنكة السياسية التي فرضت احترامه لدى الجميع.
فهل ينجح مؤلف كتاب “اليمن تحت حكم الإمام أحمد”، في طي صفحة هذه الحقبة الموحشة للإماميين الجُدد، والبدء في تدوين الأحرف الأولى لـ”الفكرة” الأولى ـ وأظنه فعل ـ لكتابهِ الجديد: اليمن الاتحادي الوليد ؟!