ولا زال الحراك يسيطر على الشارع الجزائري، فبعد مسيرات ليلة الأحد الرافضة لاستمرار بوتفليقة في الحكم، خرج آلاف الطلبة الجامعيين والمواطنين اليوم الإثنين في مظاهرات مماثلة بعدة مدن بالبلاد.
كما أعلنت نقابة المحامين لناحية قسنطينة شرقي الجزائر “موقفها الحازم برفضها العهدة الخامسة تحت أي غطاء”.
تثمين وارتياح
من جهة أخرى، ثمن حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، الذي يمتلك الأغلبية في البرلمان وأكبر الموالين للرئيس بوتفليقة، مضمون رسالة ترشحه للانتخابات الرئاسية المقررة في 18 أبريل (نيسان) المقبل، معتبراً الالتزامات التي تعهد بها الرجل في رسالته الموجهة للشعب، تؤكد في مضامينها وأبعادها القراءة الصحيحة والسلمية للمطالب المشروعة، التي نادى بها المواطنون وعبروا عنها من خلال مسيرات سلمية عبر مختلف جهات الوطن.
وقال الحزب في بيان: “استمع الرئيس بأذن صاغية إلى مطالب الشعب، حيث التزم بمطلبه الأساسي القاضي بتغيير النظام”.
كما دعا الحزب كل الجزائريين بمختلف أطيافه السياسية، إلى التجاوب مع الالتزامات التي تعهد بها بوتفليقة، بالمشاركة في انتخابات 18 أبريل (نيسان) الذي يعد “تاريخاً لانتصار الشعب الجزائري وشهادة ميلاد جمهورية جزائرية جديدة”.
وأشاد الحزب بما أسماه “ورقة الطريق التي اقترحها بوتفليقة”، واعتبرها استجابة لمطالب الشعب الجزائري خاصة الشباب من حيث تعزيز منظومة الإصلاحات، وتقوية أركان دولة الحق والقانون، وتكريس الإرادة الشعبية الحرة السيدة، في كنف الأمن والهدوء والشفافية واحترام قوانين الجمهورية”.
أما حزب التجمع الوطني الديمقراطي، الذي يتزعمه رئيس الوزراء أحمد أويحيى، فأعرب عن “ارتياحه لما تضمنته رسالة المجاهد عبد العزيز بوتفليقة، التي تؤكد على إصغائه بكل إخلاص لأصوات المواطنين المعبرة عن مطالبهم”.
ونوه الحزب أن “تعهدات بوتفليقة تحمل في طياتها أجوبة شافية لمطالب مواطنين منادين بالتغيير”، معرباً عن أمله في أن “تساهم هذه الرسالة في بسط السكينة من أجل تمكين الجزائر من المضي في هدوء واستقرار نحو الموعد الانتخابي ليوم 18 أبريل (نيسان) الذي يعد محطة تعبيد المسلك نحو الإصلاحات والتغيير مع الحفاظ على استقرار البلاد ووجودها”.
بالمقابل، وصف عبد الرزاق مقري، رئيس حركة مجتمع السلم أكبر الأحزاب الإسلامية في الجزائر المحسوبة على التيار الإخواني، الالتزامات التي أطلقها بوتفليقة في رسالته بـ”الوعود الانتخابية”.
وقال مقري، في مؤتمر صحافي اليوم، لو أن الطبقة السياسية قبلت مبادرة حركة مجتمع السلم القاضية بتأجيل الانتخابات وتنظيم مرحلة انتقالية عمرها 6 أشهر، والخروج بورقة طريق توافقية ورئيس توافقي، لما وصلت الجزائر إلى الوضع الذي هي فيه اليوم.
كما أوضح مقري أن الحركة لم تتفاجأ للانتفاضة الشعبية ضد العهدة الخامسة، وأنها شاركت في المسيرات التي نظمت يومي 22 فبراير (شباط) الماضي والأول من مارس (آذار) الحالي، وأنها ستشارك في مسيرات مستقبلية.
وكشف مقري، أن حركة مجتمع السلم أرسلت وثيقة للسلطة ستنشر فحواها لاحقاً، مشككاً في الرقم الذي أعلنه عبد الغني زعلان، مدير الحملة الانتخابية لبوتفليقة فيما يتعلق بجمعه لنحو 6 ملايين توقيع.
غضب واستهجان
كان مجلس شورى الحركة أعلن أمس الأحد عدم مشاركته في الانتخابات الرئاسية بدعوى “ظهور مؤشرات تؤكد خوض بوتفليقة للاستحقاق الرئاسي”.
من جهته، وصف حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية العلماني المعارض، ترشح بوتفليقة بغير الشرعي وتعديا على الشروط الدستورية.
وقال الحزب في بيان: “أكملت عملية إيداع ملفات الترشيح لانتخابات 18 أبريل (نيسان) ابتذال وتدنيس جميع المؤسسات الرسمية، فبالإضافة إلى انتهاك الدستور الذي ارتكب بالترشيح غير الشرعي لرئيس الدولة، كان هناك تجاوز صريح للإجراءات الرسمية التي يشترطها المجلس الدستوري”.
وأضاف معلقاً على ما جاء في رسالة ترشح بوتفليقة، “الرسالة التي تولّى قراءتها مدير الحملة الانتخابية لرئيس الدولة، والتي جردت المعارضة من مشروعها حتى تتمعن في تحريفها، تشكل إهانة أخرى وإهانة زادت عن حدها لمشاعر الشعب الجزائري ولوعيه الجمعي”.
ودعا حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية إلى “الترفع عن الانتماءات العصبوية وعن كل إغراءات المسارات المهنية والحسابات الانتهازية لنكون في مستوى هبة الضمير والكرامة الرائعة وصور التضامن التي قدّمتها لنا شبيبتنا”، معتبراً “الانتفاضة الشعبية التي تجري الآن أمام أعيننا، والتي أبهرت العالم، تعتبر من الظواهر التي تحدث مرة واحدة كل قرن في حياة الشعوب”.
من جانبه ، أعلن رئيس حزب جبهة العدالة والتنمية الإسلامي عبد الله جاب الله، عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك عن لقاء، يجمع شخصيات وأحزاب سياسية معارضة، اليوم، لمناقشة آخر التطورات ومواصلة مشاورات التوافق.
وتراجع رئيس الهيئة المستقلة لمراقبة الانتخابات عبد الوهاب دربال، عن تصريح كان أدلى به أمس الأحد، عندما قال بأن القانون يلزم المترشح للانتخابات الرئاسية أن يقدم بنفسه ملف ترشحه للمجلس الدستوري.
وقال دربال، اليوم، إن “المادتين 139 و140 من قانون الانتخابات لا تنصان على إلزام المترشح للانتخابات الرئاسية أن يتقدم شخصياً أمام المجلس الدستوري. وإنما تنصان على الملف، ولا اجتهاد مع صراحة النص”.
وحمل دربال مسؤولية سوء فهم تصريحه إلى “السياسيين الذين تلقفوه بحثا عن اثارة البلبلة”، في إشارة إلى المعارضين لترشح بوتفليقة.