33عام هي التي حكم فيها صالح اليمن، بتلك الفترة كلها لم يستطع الحاكم المستبد من بناء المؤسسات بالشكل الذي ينبغي ان تكون علية مؤسسات الدولة، بل وصل به الحال في السنوات الاخيرة الى التفكير بالتوريث اكثر من بناء المؤسسات ومكافحة الفساد والاهتمام بملف الاقتصاد، فكانت ثورة فبراير نتيجة طبيعية لتلك الأحداث التي سبقته.
خروج الثوار الى ساحات التغيير لم يعجب نظام صالح فذهب الى قتلهم في مختلف ساحات الحرية على امتداد الوطن لكنه ايضا لجا الى التحالف مع الحوثيين اعداء ستة حروب وعشر سنوات، الحوثيون كانوا في صنعاء احد مكونات الثورة في حين هم غير ذلك ببقية المحافظات وخاصة صعدة التي سيطروا عليها بعد شهر واحد من انطلاق فبراير وكان ذلك بتسهيل كبير من صالح الذي عمره ما كان صالحا.
الحوثيون وعبر مخططاتهم الخبيثة بالسيطرة على اليمن وجدو أن هذا الوقت مناسبا للتوسع اكثر في المحافظات خاصة مع خدمات التسهيلات التي يقدمها النظام السابق فكان ان توجهوا نحو محافظة الجوف شرق البلاد وهناك كانت احلام الثورة تتسابق في بناء المحافظة التي لم تحظى من الحكومات سوى بمشاريع الموت فقط “الثأر” لكن احلامهم انصدمت بأطماع الحوثيين وخبث صالح عفاش.
ثورة 11فبراير في الجوف كانت مغايرة لما يحدث في صنعاء وبقية المحافظات بالرغم من ان اهدافها وطرقها كانت واحدة يحدثنا مبخوت محمد حول الذكرى الثامنة لثورة 11فبراير وذكرياته لأحداث الثورة في ايامها الأولى بالقول
“تحل الذكرى الثامنة لثورة 11فبراير في حلتها الجديدة في ظل ظروف استثنائية وصعبة تعيشها البلاد بشكل عام ومنها محافظة الجوف بشكل خاص، حيث يتذكر شباب فبراير الأيام الأولى لثورتهم التي لم يتردد تحالف الفساد والشر صالح والحوثي حينها عن وأد هذا الحلم وما لبث ثوار فبراير الا ايام قليلة وهم ينشدون الحرية والدولة ويتطلعون لحكم النظام والقانون” ويضيف “لم تكتمل فرحة الثوار بالأناشيد الثورية و الزوامل الحماسية والنقاشات والرؤى للقادم، فكانت الجوف من أوائل محافظات الوطن انتفاضة من اجل تحقيق أهداف فبراير بإزالة الفساد، ولكن كان حينها النظام يعد العدة بتحالف خفي لوأد هذا الحلم والانجاز الذي يصنعه الشباب بالجوف بدمائهم الزكية التي سكبت في ميادين الحرية وكانت حينها تعم العاصمة وبقية المدن ساحات الثورة الا أن ساحة الجوف كان نصيبها الدم والنار لكي تكون عبرة لبقية الثوار في المحافظات فأوعز الى أجهزة الدولة ممثلا بالقطاع الأمني والعسكري والسلطات المحلية وأجهزة الخدمات الى المغادرة ونهبت ما يمكن نهبه وكانه ملكيات خاصة وليس املاك للشعب ليتفاجأ الثوار بواقع مختلف فراغ اداري كامل وانسحاب لأجهزة الدولة المدنية والعسكرية نهب العتاد وتوقف مفاجئ لكافة الخدمات امام هذا التحدي خرج الثوار منظمين انفسهم على شكل لجان اهلية لحماية ما تبقى من تلك المقدرات الا أن بلاطجة النظام كان لهم دور آخر في مهاجمة هذه اللجان الشعبية وكان ان سقط فيها الشهيد القائد عبدالله محمد شيحاط امين عام المجلس المحلي بمديرية الحزم وهم بذلك يريدون الثوار أن يتركوا تلك الأماكن حتى يسيطر عليها الحوثييون كما سيطروا على محافظة صعدة، عندها أجبر الثوار على حمل السلاح للدفاع عن المباني الحكومية المدنية والعسكرية واشتدت مواجهات الثوار مع بلاطجة تملكون العتاد والعدة ووقف الشباب لإنقاذ ما يمكن إنقاذه وحمايته من تلك المؤسسات سقط من الشباب الشيخ الشهيد ناجي مصلح نسم والشهيد احمد جابر الخويطر، وماهي الا ايام قليلة حتى كان التحالف العفاشي الحوثي يؤتي ثماره المهلكة بالجوف فزحف الحوثيين بقيادة وافراد النظام وسلاحه من المتون وسدباء وسقط اول الشهداء عبدالله قريان واحتدام المواجهات وكانت ارادة الحوثيين واضحة بعد عجز البلاطجة عن تحقيقها وهي السيطرة على المحافظة، فكانوا في صنعاء داخل الساحات على انهم ثوار وفي الجوف في المتارس يريدون اقتحام المحافظة والسيطرة عليها بالتنسيق والتواصل مع اجهزة النظام ورجاله بالجوف”
وحول مدى استطاعة شباب الثورة من صد الحوثيين وهل اصبحت الثورة بالسلاح فقط دون أي وجود لساحاتها يقول “اثناء التصدي للحوثيين كانت الساحة تشهد تدفقا غير عادي للتذكير بأهداف الثورة واهميتها في الوقت الذي شهدت الجوف في تلك الأثناء صمود اسطوري لا بناءها وقبائلها وثوار فبراير، لم يتمكن الحوثيين من تحقيق مبتغاهم وسقط منهم الكثير والكثير وكانت مواجهات اشبه ما تكون كما وصفها رئيس لجنة الوساطة عبدالله درعان ان ما وجده بالجوف اشبه ما يكون بأفلام الأكشن نتيجة لضراوة المعارك وشدتها حيث مرغ الثوار انوف الحوثيين بالرغم من ارتال الدعم المستمر لهم من قبل النظام وأفراده بكل العتاد حتى المواد الغذائية التي كانت ترسل من جمعية الصالح”
وحول الوساطات التي كانت تحدث بين الحين والآخر يقول مبخوت محمد “تحركت عدة لجان ووساطات لكن كانت كلما تم توقيع اتفاق رجع الحوثيين عنه وهجوم على الثوار وتكررت الاتفاقيات كلها نقض بها الحوثي واستمر في القتل وفي النهاية خاب امله بفعل جسارة التضحيات التي قدمها الثوار ومنهم الشهداء الذين يعدون منارات الجوف ورواد علمها ومعرفتها كانوا يخوضون غمار الموت للدفاع عن المحافظة ومؤسساتها”
بعد التوقيع على المبادرة الخليجية وتشكيل حكومة الوفاق الوطني تم تعيين الاستاذ محمد سالم بن عبود محافظا للمحافظة وتمكن الثوار من المشاركة في ادارة المحافظة بشكل ليس بالكثير ونزلت حينها بعض المشاريع ومنها انزال حفار النفط باليسيل والكهرباء وغيرها الا ان عودة الحوثيين اوقفها حتى اخراجهم من الحزم مرة اخرى وبداية عهد جديد للمحافظة كان على صدارته ثوار 11فبراير الذين يواصلون الدفاع عن الوطن في مختلف جبهات المحافظة.
مما لاشك فيه أن 11 فبراير لحظة فارقة في تاريخ الشعب اليمني، اذ كان ابناء الشعب يسيرون في الطريق الصحيح نحو بناء الدولة من خلال مؤتمر الحوار الوطني ومشروع اليمن الاتحادي وكان الاقتصاد يمضي نحو التعافي وهو ما أثار حفيظة المتآمرين على الوطن والذين انقلبوا علية لاحقا .
الشاب حسين محمد يقول ” ثورة فبراير هي الثورة التي غيرت مجرى التاريخ في اليمن وقلبت موازين القوى وشرعت في رسم خريطة جديدة لمستقبل اليمن المشرق الذي لطالما حلمنا به، لقد حملت الثورة أحلامنا ببناء دولة مدنية حديثة تكفل الحقوق والحريات لكافة أبناء الشعب من خلال دولة مؤسسات ومواطنة متساوية يسود فيها النظام والقانون.
واضف كنا نراقب عن قرب ما يحدث لمسار الثورة التي مثل وهجها مؤتمر الحوار الوطني الذي كنا نراه كثوار اساس بناء المستقبل بالرغم من المخاوف التي كانت ترافقنا احيانا لكن كنا نراه اساس بناء الدولة المنشودة لولا الغدر الذي تعرضنا له وتعرضت له الثورة في 21 سبتمبر وهدم كل ما بنيناه وتطلعنا لبنائه.
وحول رؤيته للجوف على وجه الخصوص قال كنا نتطلع الى انهاء حقبة سيئة تفشت خلالها ظاهرة الثأر بإرادة الحاكم، وكنا ننظر الى أن الخلاص من ذلك هو فقط ثورة الشباب بالرغم ما تعرضت له الثورة هنا من تآمر منذ الوهلة الأولى لها لكن ذلك لم يمنع ان نمضي في سبيل بناء محافظتنا التي تفتقر لأبسط مقومات الحياه اذ خلت من المشاريع تماما قبل الثورة كما تم افراغ كافة مؤسسات الدولة هنا بفعل ما كان يحدث من تأمر عليها.
واضاف نشعر الان ان ثورتنا لم تسلب منا اذ بدأت الدولة في بعض المشاريع بالمحافظة وهو ضمن ماكنا نخطط له في بناء المحافظة اضافة الى ان تواجد الثوار بالجبهات يؤكد استمراريتنا في ثورة 11فبراير التي سنناضل حتى تحقيق كافة اهدافها.
فيما يصف علي عياش ثورة فبراير على أنها ثورة وعي وفكر، ثورة بناء الانسان وتطوير مؤسسات الدولة اذ من خلالها سعينا لبناء احلامنا في التأهيل العلمي والمعرفي بالشكل الذي يلحقنا بركب المتقدمين والمتطورين ويقول ان الجوف تعرضت للتجهيل المتعمد خلال العقود الماضية قبل أن يأتي فبراير ليوضح للناس حقيقة الخطأ الذي ارتكبوه بمسايرة النظام السابق وعدم مطالبتهم بتصحيح العملية التعليمية المتدنية بالجوف وفي جوانب شتى لذلك نعتبرها ثورة وعي اوضحت لنا ايضا حقيقة الثأرات التي كانت تحدث وكيف تصادمنا مع بعضنا البعض دون ان نشعر بها وبطرق تمويلها.
أما ماجد حسان فذهب الى ان ما يحدث اليوم في الجبهات هي واحدة من الوفاء مع تضحيات الشباب من شهداء الثورة وقال “لن تذهب دماء الثوار هدراً، وسنستمر في انهاء الانقلاب واستعادة كافة مؤسسات الدولة حتى تحقيق أهداف الثورة”
اعلي خميس ناشط يقول انطلقت شرارة 11 فبراير 2011 م لإسقاط حكم الفرد والعائلة وكانت آمال وتطلعات الشعب التخلص من هذه السطوة الجاثمة على صدور اليمنيين 33 عاما الذي جعل اليمن في أسفل القائمة في جميع المجالات ولكن سعى النظام السابق بكل ما لديه من قوه ومن معه من الداخل أو الخارج لإجهاض الثورة في بداية انطلاقتها لولا صبر الشباب المتعطش للتغيير والذي تحقق لهم هدف من أهداف الثورة وهو إسقاط حكم الفرد والتوريث وخروج الحاكم السابق من اللعبة، وسعى الشباب للتحقيق ما تبقى من اهداف ثورتهم التي لازالت مستمرة إلى اليوم وحتى يتحقق كل ما خرج وضحى من أجله الشباب من البناء والتنمية ومحاربة الفساد والمحسوبية والمناطقية والجهوية.
واضاف انتقل الشباب من ساحات التغيير السلمية والورود إلى ساحات النزال والمقاومة والبارود لإزاحة ما تبقى من براثن الإمامة البائدة الذين ادخلوا البلد في نكبة ال 21 من سبتمبر لإجهاض ثورة 11 فبراير لكن لن تصبح لهم احلام مع تواجد الشباب في ميادين القتال ضد هذه الفئة الباغية وميادين التنمية والتصحيح، وتأتي الذكرى الثامنة للثورة وشعبنا يتوق للتحرر من الظلم والقهر والفقر ويسعى للبناء والتنمية.