بعد إغلاق التحالف الذي تقوده السعودية مطار صنعاء الدولي منذ نحو عام، وفي ظل الوضع الإنساني الكارثي الذي يعيشه اليمن، باتت المطارات من أهم عناوين الأزمة اليمنية، إذ لا يقتصر الإغلاق والحصار على مناطق سيطرة جماعة الحوثيين وحلفائها الموالين للرئيس المخلوع، علي عبد الله صالح، شمالي البلاد، بل يتعدى ذلك، إلى الأزمات التي تواجه أبرز مطارين في الجنوب والشرق. أما أسباب ذلك فلا تخلو من دوافع سياسية، في وقت يجري الحديث عن وفاة نحو 10 آلاف مريض، كانوا في حاجة ماسة إلى السفر.
أخيرًا، عاد ملف معاناة المسافرين اليمنيين إلى الواجهة، عقب إغلاق مطار سيئون الدولي، في محافظة حضرموت، منذ أواخر الشهر الماضي، بسبب نفاد وقود الطيران من المطار وعدم تعزيزه من شركة النفط اليمنية المعنية، قبل أن تتدخل السعودية في الأيام الأخيرة بإرسال قاطرات وقود لتشغيل المطار الذي يعتبر أحد مطارين وحيدين عاملين في اليمن، إلى جانب مطار عدن الدولي.
من جهتها، تؤكد مصادر محلية لـ«العربي الجديد»، أنّ إغلاق مطار سيئون في محافظة حضرموت، تسبب بمعاناة إضافية لعدد كبير من المسافرين وأغلبهم من المرضى، ولا تستبعد المصادر وجود أهداف سياسية وراء التساهل بعدم تزويد المطار بالوقود، في ظل أنباء عن ضغوط تمارَس على قوات الجيش اليمني المنتشرة في سيئون، التي تعد ثاني أهم مدن حضرموت ومركزًا لجزء الوادي والصحراء فيها، وذلك بهدف دفعها إلى تسليم المطار ومنشآت أخرى في المنطقة لـ«قوات النخبة الحضرمية»، التي تسيطر على الجزء الساحلي من حضرموت، والتي تأسست في العامين الأخيرين بإشراف من الإمارات العربية المتحدة، في حين أن القوات المسيطرة في الوادي ومركزها سيئون، أغلبها مما تبقى من الجيش اليمني النظامي، الذي بقي بعيدًا عن الحرب.
يعتبر مطار سيئون أحد منفذين وحيدين في اليمن يعملان منذ نحو عامين، بل كان الوحيد في فترات متقطعة، بسبب إغلاق مطار عدن الدولي، نتيجة النزاع على حراسته قبل شهور بين قوات موالية للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي وأخرى متحالفة مع أبو ظبي.
يأتي ذلك في وقت ما زال فيه مطار صنعاء الدولي مغلقًا منذ ما يزيد عن 11 شهرًا من قبل التحالف.
ويشمل الإغلاق جميع الرحلات باستثناء الطائرات التابعة للأمم المتحدة أو التي تنقل مساعدات للمنظمات الإنسانية العاملة في البلاد.
وفي الجلسة الخاصة لمجلس الأمن الدولي أخيرًا، أطلق المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد مناشدة إلى التحالف، كررها تقريباً في أغلب الإحاطات المقدمة إلى المجلس حول الوضع في اليمن، بالسماح باستئناف الرحلات الجوية إلى صنعاء، وبالأخص في ما يتعلق بـ«المرضى، والطلاب الذين تقطعت بهم السبل في الخارج».
وكان التحالف اعتبارًا من الثامن من أغسطس 2016، أعلن إغلاق مطار صنعاء، على الرغم من أنه لم يكن يعمل إلا جزئيًا برحلات محدودة بين صنعاء والأردن والقاهرة، وكانت الرحلات التجارية في الغالب تتعرض للتفتيش في أحد المطارات السعودية.
وجاء الإغلاق بالتزامن مع اختتام محادثات الكويت التي انعقدت لثلاثة أشهر وخرجت من دون التوصل إلى اتفاق، وترافق مع اختتامها تصعيد عسكري من قبل التحالف والقوات الموالية للشرعية في منطقة نِهم الواقعة شرق العاصمة، وجرى الإعلان عن الإغلاق بسبب ذلك التصعيد، قبل أن يستثني التحالف في وقت لاحق الرحلات الخاصة بطائرات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة.
يعتبر العلاج في الخارج أحد أبرز أغراض السفر جوًا لليمنيين، وبذلك فإنّ مطار صنعاء شريان لسكان غالبية المحافظات الشمالية والغربية والوسطى في البلاد.
وفي وقتٍ سابق من الشهر الجاري، أعلنت الهيئة العامة للطيران المدني والأرصاد اليمنية، الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، أنّ إغلاق مطار صنعاء تسبب بوفاة أكثر من عشرة آلاف مريض، كانوا في حاجة ماسة للسفر إلى الخارج لتلقي العلاج.
وأشار المتحدث باسم الهيئة مازن غانم إلى أنّ «إغلاق المطار حال دون عودة نحو 45 ألف مواطن تقطعت بهم السبل في الخارج ويرغبون في العودة إلى الوطن، فضلًا عن المئات من ركاب الترانزيت العالقين في المطارات الدولية».
كذلك، أشار إلى المعاناة الإضافية التي تسبب بها إغلاق مطار سيئون أخيرًا.
منذ إغلاق مطار صنعاء، لا يقتصر السفر في مطار سيئون على المسافرين في المحافظات الشرقية، بل يعتبر منفذاً اضطراريًا للمسافرين القادرين على قطع مسافة تصل إلى عشرين ساعة من صنعاء والمحافظات المحيطة بها، للوصول إلى سيئون.
يؤكد مسافرون لـ«العربي الجديد»، أنّ عناء السفر لا يتحمله كثير من المرضى، الذين يضطرون إلى السفر للعلاج خارج البلاد.
ليضاف إلى كلّ ذلك اضطراب حركة الطيران في مطاري عدن وسيئون إذ إنّ الرحلات فيهما محدودة وتتوقف بين وقت وآخر، كما حصل في مطار سيئون في الفترة الماضية، وهو كلّه مما يزيد معاناة اليمينيين.
تجدر الإشارة إلى أنّه بالإضافة إلى إغلاق مطار صنعاء الدولي، فإنّ مطار الحديدة مغلق أيضًا، وهو تحت سيطرة الحوثيين، كما أنّ مطار الريان في المكلا، مركز محافظة حضرموت، مغلق، ويقع تحت سيطرة القوات الإماراتية.