39 عاماً مرت على جريمة اغتيال الشهيد ابراهيم الحمدي وشقيقه عبدالله ..ورغم مرور كل تلك السنوات إلا ان هذا الرجل لازال يعيش في قلوب اليمنيين., لانه لم يكن بالرجل العادي وانما كان يشكل علامة فارقة في التاريخ اليمني المعاصر , حلما تم اغتياله ليتوه اليمن في خندق طويل من الضياع والتشتت .
كان الحمدي قياديا نادرا احب اليمن ارضاً وشعباً , رفع شأن اليمنيين وجعل من اليمن بلداً يحترمه الجميع .. وحينما استشهد ترك خلفه وطن لازال يبكيه حتى هذه اللحظة .
” سيرة ذاتية”
ولد الحمدي في 1943 في قعطبة التي كانت تُعتبر جزئاً من إب حينها وأصوله من منطقة ريدة في عمران فهو سريحي من خولان وينحدر من أسرة معروفة في الأوساط الدينية الزيدية، كان والده محمد بن صالح بن مُسلَّم الحمدي قاضيا في ثلاء وذمار تعلم في كلية الطيران، ولم يكمل دراسته وعمل مع والده القاضي في محكمة ذمار في عهد الإمام أحمد حميد الدين.
وأصبح في عهد الرئيس عبدالله السلال قائداً لقوات الصاعقة، ثم مسؤولاً عن المقاطعات الغربية والشرقية والوسطى. في عام 1972 أصبح نائب رئيس الوزراء للشؤون الداخلية، ثم عين في منصب نائب القائد العام للقوات المسلحة.
وفي 13 يونيو 1974، قاد المقدم إبراهيم الحمدي انقلابا أبيض سمي بـ«حركة 13 يونيو التصحيحية» لينهي حكم الرئيس القاضي عبدالرحمن الأرياني الذي كان يٌنظر لإدارته بأنها ضعيفة وغير فعالة وصعد المقدم إبراهيم الحمدي للحكم برئاسة مجلس عسكري لقيادة البلاد.
ومنذ ذلك الوقت اتسع الدور الذي يلعبة الجيش في النظام السياسي والحياة العامة. كان يريد إعادة هيكلة الجيش اليمني لمواجهة المشيخات القبلية الموالية للسعودية.
بدأ الحمدي بالتقليل من دور مشائخ القبائل في الجيش والدولة وألغى وزارة شؤون القبائل التي كان يرأسها عبدالله بن حسين الأحمر باعتبارها معوقاً للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وتحولت إلى إدارة خاصة تحت مسمى «الإدارة المحلية».
واعتبر الرئيس الحمدي المشايخ القبليين عائقا أمام التنمية فعزلهم سياسياً وحل مصلحة شؤون القبائل ولم يسمح لأي شيخ قبلي بتولي منصب حكومي، ذلك لإن زعامات القبائل في اليمن تغلف مصالحها الخاصة بلغة وطنية وهو ماخلق للرئيس الحمدي أعداء أقوياء أبرزهم عبدالله بن حسين الأحمر مؤسس ماعُرف بحزب التجمع اليمني للإصلاح لاحقاً في 27 يوليو 1975 الذي أطلق عليه «يوم الجيش»، وأصدر قرارات بإبعاد العديد من شيوخ القبائل من قيادة المؤسسة العسكرية وأجرى إعادة تنظيم واسعة للقوات المسلحة، فاستبدل العديد من القادة العسكريين خاصة ممن يحملون صفة «شيخ قبلي»، بقادة موالين لتوجه الحركة التصحيحية التي يقودها.
أعاد بناء القوات المسلحة اليمنية حيث تم دمج العديد من الوحدات لتتشكل القوات المسلحة من أربع قوى رئيسة: قوات العمالقة: تشكلت من دمج لواء العمالقة والوحدات النظامية، مهمتها تأمين حماية النظام وجعل على رأسها شقيقه عبدالله الحمدي وقوات الاحتياط العام: تشكلت من دمج لواء العاصفة ولواء الاحتياط وقوات المظلات: تشكلت من سلاح الصاعقة وسلاح المظلات ولواء المغاوير وقوات الشرطة العسكرية: تشكلت من سلاح الشرطة العسكرية وأمن القيادة.
” سياسي معتدل”
تقارب الحمدي مع النظام الاشتراكي في جنوب اليمن وفي خطوات السير نحو الوحدة، عقدت إتفاقية قعطبة في فبراير 1977 والتي نصت على تشكيل مجلس من الرئيسين الحمدي وسالم ربيع على (سالمين) لبحث ومتابعة جميع القضايا الحدودية وتنسيق الجهود في جميع المجالات بما في ذلك السياسة الخارجية.
وتبنى الرئيس الحمدي سياسة معتدلة وعمل على إقناع القادة في اليمن الجنوبي والرئيس سالمين تحديداً بتوجهاته. وأراد الرئيس الحمدي أن يكون اليمن الشمالي مثالاً يحتذى به للدول المجاورة حينها وبالذات اليمن الجنوبي كان يُخطط لاقامة ماسماه بالـ«مؤتمرات الشعبية» والتي كانت البذرة الأولى لما أصبح حزب المؤتمر الشعبي العام بقيادة على عبدالله صالح، هدف هذه المؤتمرات الشعبية كان الاستعداد لاقامة إنتخابات وانسحاب الجيش تدريجياً من المشهد السياسي أخبر السفير الأمريكي أن الطريقة المثلى لتغيير النظام الماركسي بجنوب اليمن هو باثبات أن الديمقراطية والسياسات الاقتصادية المعتدلة نجحت في شمال اليمن.
وكان يطمح لرؤية مجالس شورى منتخبة وانتخابات مباشرة لاختيار رئيس البلاد يعلق السفير الأميركي أن تلك كانت المرة الأولى التي يتحدث فيها الحمدي عن انتخاب مباشر لرئيس البلاد، ويظهر أن الحمدي ورفاقه الحداثيين يأملون من وراء الانتخابات إنهاء الإشكال المتعلق بالأطماع السياسية لمشايخ القبائل إلى أن اغتيل في 11 أكتوبر 1977 قبل يومين من موعد زيارته إلى عدن التي كانت ستكون الأولى من نوعها لرئيس من اليمن الشمالي.
ثلاثة اعوام واربعة اشهر … ازدهار اليمن ”
بتولي الحمدي مقاليد الحكم بدأ عهد جديد في حياة الشعب اليمني الذي اقترن اسم الحمدي في ذاكرته بالازدهار والانتصار على الجوع والخوف والتسلط، كما أبهر بإدارته كثيرا من المتابعين والمهتمين على الساحتين الإقليمية والدولية وقد وصفت مجلة “الجارديان” البريطانية قيادة الحمدي للبلاد بأنها ادهشت جميع الدبلوماسيين في حين اعتبرته صحيفة السفير اللبنانية نسيجاً خاصاً من الزعامات العربية الكفوءة.
مثلت حركة الثالث عشر من يونيو 1974م التصحيحية التي قادها المقدم إبراهيم الحمدي، صفحة ناصعة من الصفحات الوطنية المشرقة في تاريخ الحركة الوطنية اليمنية، والتي كانت تهدف لتصحيح مسار الثورة اليمنية ، وتجاوز تركة عهود التخلف والانحطاط التي ورثها الإقليم اليمني كغيره من الأقاليم العربية والإسلامية، وإن بنسب متفاوتة، جراء الأتوقراطية التي لم تكن ترى في الحكم إلا وسيلة للإثراء والاستبداد والتحكم بمصائر الشعوب.
على المستوى الشعبي وجه الحمدي بتكوين اللجنة العليا للتصحيح ولجان التصحيح الأساسية والفرعية والتي تكونت في سائر الأجهزة والمؤسسات وكافة النواحي والمحافظات منذ أكتوبر 1975م وانعقد المؤتمر الأول للتصحيح في 16 يونيو 1976 ووفقاً للبردوني فقد حول الحمدي مشروع التصحيح إلى لجان تصحيح تراءت كتنظيم سياسي وكان الرئيس الحمدي يسعى من خلالها إلى إيجاد ما أسماه بـ”دولة المواطنين”
وبالرغم من أن بداية عهد الحركة لم يكن مثيرا أو لافتا للأنظار؛ نظراً للطابع السلمي للحركة، وكون قائد الحركة إبراهيم محمد الحمدي، كان يتبوأ موقعاً بارزاً في قيادة القوات المسلحة، إضافة للمناصب السياسية التي كان قد شغلها في الحكومة قبل ذلك.. إلا أن تطور مسار الحركة التي مثلت في نظر الكثير من المراقبين ثورة تصحيحية لمسار ثورة السادس والعشرين من سبتمبر، واعتبرت أهم حدث على المستوى السياسي والاجتماعي بعد ثورة سبتمبر. لقد حققت حركة 13 يونيو برئاسة الحمدي إنجازاً كبيراً في بناء الدولة المركزية الحديثة، لاسيما في مجال النهوض التنموي والاقتصادي والسياسي، كما كرس جهوده منذ توليه الحكم بالعمل على إيجاد تنظيم سياسي فاعل من القاعدة الجماهيرية والواقع الشعبي تحتشد فيه كل الإمكانيات البشرية الوطنية، وتحقيقا لهذه الغاية أصدر قرارا بتشكيل لجنة موقتة لإعداد مشروع برنامج العمل الوطني مكونة من 39 شخصية وكانت مهمتها وضع مشروع برنامج شامل للعمل الوطني على ضوء استعراض فاحص لكل تجارب الماضي بسلبياتها وإيجابياتها وإعطاء تصور شامل للدولة الحديثة القادرة على خلق التقدم والازدهار. ويعد برنامج العمل الوطني الذي أعدته اللجنة بمثابة النسخة اليمنية من الميثاق الوطني الذي أعلنه عبدالناصر وقد سمي فيما بعد بالميثاق الوطني.
” اغتيال الحمدي .. اغتيال وطن”
اغتيل إبراهيم الحمدي ليلة 11 أكتوبر 1977 قبل يومين من موعد زيارته إلى عدن التي كانت ستكون الأولى من نوعها لرئيس من اليمن الشمالي. واغتيل الى جانبه اخيه عبد الله الحمدي الذي كان قائدا للواء المغاوير اكبر وحدة عسكرية في اليمن انذاك, في منزل الغشمي الذي اصبح بعد ذلك رئيسا للبلاد .
ويعزى اغتياله إلى الصراع مع القوى القبلية التي أقصاها عن السلطة وإلى معارضة هذه القوى وحلفائها الإقليميين لخطواته المتسارعة تجاه الوحدة مع الجنوب. ولم تُجرى أي تحقيقات للكشف عن الفاعلين ودُفن إبراهيم في مقبرة الشهداء بالعاصمة اليمنية صنعاء.
” صالح .. قاتل الحمدي ”
ولعل جريمة اغتيال الرئيس الحمدي كانت أحد مخططات الرئيس السابق المخلوع علي صالح ، لذا فقد رافقها غموض كبير وصمت أكبر في عهد صالح ، حيث يتهمه وليد الحمدي احد افراد اسرة الشهيد بالتآمر مع الغشمي لقتل إبراهيم الحمدي.
وقال “قام بتنفيذ عملية القتل هو ومحمد الحاوري، بعد أن كاد الغشمي يتراجع عن قتل الحمدي، والاتفاق كان على أن يقتل الحمدي، ليكون الغشمي هو الرئيس وصالح نائبه، وبعد أن نكث الغشمي بالوعد بتعيينه نائبه، قام علي عبدالله صالح بالتآمر مع رئيس جهاز الأمن السياسي في ذالك الوقت، محمد خميس علی قتل الرئيس الغشمي، علی أن يكون علي عبدالله صالح رئيسا، ومحمد خميس نائبا له، وكان مقتل الغشمي بالتعاون مع الرئيس الجنوبي في ذلك الوقت، سالمين، وبعد أن وصل صالح إلى كرسي الرئاسة نكث بوعده مع محمد خميس وقام باغتياله. كونه يمثل الصندوق الأسود، وخشية أن يكرر خميس ما فعله الاثنان بالغشمي”.
محمد القرافي، وهو شاهد عيان فيقول “كنت أحد جنود اللواء السابع مدرع، الذي كان قائده علي قناف زهرة، وهو قائد بطل كان أحد ضحايا تلك المؤامرة، والمخلوع علي صالح وأحمد الغشمي قتلا الرئيس إبراهيم الحمدي في منزل الأخير، الذي نفذ جريمة القتل هو علي صالح، وقتلا معه شقيقه عبدالله، الذي كان يتولى منصب قائد لواء العمالقة، وكنت حينها ضابط صف بنفس اللواء الذي كان يقوده علي قناف، الذي قتل قبل اغتيال الرئيس الحمدي بيوم واحد، وجميع الضباط والناس يعرفون هذه الحقائق ومعروفة لدى اليمنيين”.
يروي محمد الحمدي الشقيق الاكبر للشهيد ابراهيم الحمدي ماحدث قائلا “كان علي صالح كان متواجدا في منزل الغشمي عندما وصل ابراهيم وخرج صالح وضرب له التحية العسكرية حتى طلع الغبار كما قيل لنا . والذين كانوا متواجدين في منزل الغشمي كما عرفنا هم مانع حمود مانع او محمود مانع نسيب الغشمي وهو من بني حشيش والكود والحاوري عامل السنترال وسائق الغشمي ومحمد الانسي سكرتير الغشمي وعبد العزيز عبد الغني وعبد السلام مقبل القباطي بعد تعيينه وزير الشئون الاجتماعية والعمل ومحمد الجنيد الذي مايزال حيا ، ومحسن دحابة والد البرلماني فؤاد دحابة الذي اخبرني ان الغشمي استدعى عبد الله الحمدي من جانب عبد العزيز عبد الغني والمجموعة في الديوان لاجل قتله وعندما خرج وجدني بالطارود وتمازحنا قليلا وعندما ذهب عبد الله اليهم سمعت طلقات نارية ورجع الذين كانوا معه ووجوههم مقلوبة قال لي محسن دحابة لو كنت ادرك انهم يخططون لقتل عبد الله لكنت قلت له وان قتلوني” .
ويؤكد قائد المقاومة في محافظة ريمة والقيادي في المقاومة الشعبية بإقليم تهامة، سعد الجرادي “صالح قتل الحمدي ودفن 300 ضابط وهم أحياء القرافي: صالح قتل الحمدي وشقيقه عبدالله بمسدسه الشخصي”.