لم يكن يدرك الرجل ذو السبعين عاما والذي حرص صالح طوال فترة حكمه للجمهورية اليمنية بعد العام 1994م ان يجعل منه نائبا صوريا لايحرك ساكنا , ان يكون اليوم رجل المرحلة الاول , ورئيسا لحكومة شرعية تسعى نحو بناء عهد جديد يلغي كل ما سبقه من اخفاقات وارهاصات وفساد واستحواذ اسري وعنصري على السلطة.
الغد اليمني / خاص :
يعتبر المشير عبد ربه منصور هادي الرئيس الثاني للجمهورية اليمنية بعد ان تم انتخابه كمرشح وحيد في الانتخابات الرئاسية فبراير 2012 , واجمع عليه الاحزاب المتناحرة في المشهد السياسي حينها وهي حزب المؤتمر الشعبي العام واحزاب تكتل اللقاء المشترك.
ليحمل هذا الرجل على عاتقه مشروع بناء اليمن الاتحادي وفق نظام الاقاليم الذي انقلبت عليه اطراف ارتأت ان هذا المشروع سيحطم احلامها في توريث السلطة او استعادة الامامة وستنتهي للابد.
عهد انتقالي تحبطه عراقيل مستحوذي السلطة:
شرع هادي بعد توليه منصب الرئاسة في 25 من فبراير 2012م في تنفيذ بنود المبادرة الخليجية وعلى رأسها عملية هيكلة الجيش والأمن بإقالة العشرات من القادة العسكريين المواليين للمخلوع صالح وعلي محسن الأحمر وإعادة تتنظيم وتوزيع الوحدات العسكرية والأمنية, ليتم اعادة بناء الجيش على أسس وطنية تكفل حياديتها وعدم دخولها كطرف في الصراعات السياسية مستقبلا.
بالاضافة الى معالجة مسائل العدالة الانتقالية, وإجراء حوار وطني شامل وتمهيد الطريق لصياغة دستور جديد وإجراء انتخابات عامة في العام 2014.
لكن المؤامرات والمماحكات ظلت حجر عثرة , واخذت بعض الاطراف تضع العراقيل تلو العراقيل في طريق تحقيق هذه الخطوات.
ومنح صالح في المقابل حصانة مع افراد اسرته وعدد كبير من اتباعه , والذي استطاع بمساعدتهم الاحتفاظ بسلطة كبيرة ومنافسة هادي في قيادة البلاد ووضع مختلف العراقيل لمنع حدوث انتقال حقيقي للسلطة, خصوصا بعد ان تبين له ان هادي لم يكن اليد الامينة بالنسبة له والتي ستسلمه زمام الامور من الباطن كما كان يعتقد.
وسرعان ما وقع هادي في اشكالية حقيقية تكمن حينها في ضعف قاعدته داخل الاحزاب والمنشئات المدنية والعسرية والخدمية, ويصبح بين فصيلين مسلحين: فصيل علي عبد الله صالح وفصيل علي محسن الأحمر قائد الفرقة الأولى مدرع – واللذين كانا منقسمين ضمن الجيش.
في المقابل دفعت الاحتجاجات المستمرة الرئيس هادي إلى إقالة عدد من كبار المقربين من صالح من مناصبهم في الجيش, تلا ذلك إقالة اثنين من قادة الجيش المقربين من صالح في 2012 (قائد القوات الجوية اليمنية اللواء محمد صالح الأحمر وقائد الحرس الخاص العميد طارق محمد عبد الله صالح)، وأصدر مرسوم أكثر أهمية في ديسمبر.
وأعاد هادي تنظيم الجيش اليمني في خمس وحدات (القوات البرية والقوات البحرية والقوات الجوية وقوات حرس الحدود وقوات الاحتياط الاستراتيجي)، وألغى الحرس الجمهوري اليمني (بقيادة أحمد علي عبد الله صالح) والفرقة الأولى مدرع (بقيادة علي محسن الأحمر).
وتم استبدال قائد الأمن المركزي اليمني يحيى صالح، ابن شقيق صالح. وعلاوة على ذلك، أمر بتشكيل قوات عسكرية جديدة تحت سيطرته المباشرة “قوات الحماية الرئاسية”.
وسعى من خلال ذلك كله، إلى توحيد الجيش والسيطرة المؤسساتية من قبل وزارة الدفاع اليمنية بدلاً من قادة منفصلين.
وأقال الرئيس هادي نجل صالح أحمد من منصبه كقائد للحرس الجمهوري في ابريل 2013م وعيّنه سفيراً في دولة الإمارات العربية المتحدة, كما عيّن هادي نجلي شقيق صالح عمار وطارق صالح، اللذين خدموا في المخابرات والحرس الجمهوري، ملحقين عسكريين في ألمانيا وإثيوبيا.
الحوار الوطني والانقلاب على مخرجاته:
وكان من المقرر البدء بالحوار الوطني الشامل لمناقشة قضايا رئيسية في نوفمبر 2012م ومنذ ذلك الحين تم تأجيله عدة مرات ليبدأ في مارس 2013.
وكانت الاشكالية الرئيسية تتمثل في إدراج ما يسمى بالأحزاب غير الموقعة “التي لم توقع على اتفاق دول مجلس التعاون الخليجي” ورفضت بعض فصائل الحراك الجنوبي الانضمام إلى المؤتمر, فقد اعتبروا المبادرة الخليجية شأنا شمالياً.
وعارض عدد من المجموعات الشبابية المستقلة – من بينهم شباب الثورة – طبيعة النخبة للاتفاق وشعروا بالإهمال من قبل الأحزاب السياسية المعمول بها, في الوقت الذي كان هؤلاء الشباب وراء الاحتجاجات، هاتفين ضد التسوية السياسية ومطالبين بخطوات لتجريد صالح من السلطة.
ووافق الحوثيون، الذين رفضوا اتفاق دول مجلس التعاون الخليجي، على المشاركة في الحوار الوطني. وفي 25 يناير 2014 عقدت الجلسة الختامية للحوار وإعلان الوثيقة النهائية لمؤتمر الحوار في مبنى القصر الجمهوري بصنعاء.
وعلى اثر نجاح مؤتمر الحوار الوطني واشهار وثيقة مخرجاته التي اعتبرها الكثيرون طوق النجاة لخروج اليمن من ازمته وبداية عهد جديد , شرع الحوثيون من خلال سلسلة تظاهرات للحوثيون في عامي 2014 و2015 في تنفيذ انقلاب على الرئيس هادي، وسيطروا على صنعاء في 21 سبتمبر، وساعدت القوات المرتبطة بصالح بمساعدة الحوثيين في العمليات العسكرية والتوسع في المحافظات.
وفي ليلة اقتحام صنعاء تم التوقيع على اتفاقية سياسية عرفت باتفاق السلم والشراكة الوطنية بين حكومة هادي والحوثيين، وتمت صياغة الاتفاق بهدف وضع الخطوط العريضة لاتفاق لتقاسم السلطة في الحكومة الجديدة، وأستغل الحوثيون الاتفاقية لتوسيع سيطرتهم على العاصمة صنعاء.
وفي 19 يناير 2015 هاجم الحوثيون منزل الرئيس هادي، وحاصروا القصر الجمهوري الذي يقيم فيه رئيس الوزراء، واقتحموا معسكرات للجيش ومجمع دار الرئاسة، ومعسكرات الصواريخ. وفرض الحوثيون على هادي ورئيس الوزراء وأغلب وزراء الحكومة إقامة جبرية، وقام الحوثيون بتعيين محافظين عن طريق المؤتمر الشعبي العام في المجالس المحلية، واقتحموا مقرات وسائل الإعلام الحكومية وسخروها لنشر الترويج ودعايات ضد خصومهم، واقتحموا مقرات شركات نفطية وغيروا طاقم الإدارة وعينوا مواليين لهم، وتواردت أنباء عن ضغوطات مارسوها على الرئيس هادي من اجل تعيين نائب له منهم.
تحالف الحوثي وصالح ومساع لتقويض السلطة :
قدم الرئيس عبد ربه منصور هادي ورئيس الوزراء خالد بحاح استقالاتهم في 22 يناير، ولم يعقد البرلمان جلسة لقبول الاستقالة أو رفضها حسب ما ينص عليه الدستور، وأعلن الحوثيون بيانا أسموه بـ “إعلان دستوري” في 6 فبراير، وقاموا بإعلان حل البرلمان، وتمكين “اللجنة الثورية” بقيادة محمد علي الحوثي لقيادة البلاد. وبالرغم من النجاحات العسكرية التي حققها الحوثيون والتحالف مع حزب المؤتمر إلا أنه واجه معارضة داخلية ودولية واسعة.
ظل الرئيس المستقيل هادي ورئيس الوزراء قيد الإقامة الجبرية التي فرضها مسلحون حوثيون منذ استقالته، واستطاع هادي الفرار من الإقامة الجبرية، وأتجه إلى عدن في 21 فبراير، ومنها تراجع هادي عن استقالته في رسالة وجهها للبرلمان، وأعلن أن انقلاب الحوثيين غير شرعي.
وقال هادي “أن جميع القرارات التي أتخذت من 21 سبتمبر باطلة ولا شرعية لها”، وهو تاريخ احتلال صنعاء من قبل ميليشيات الحوثيين, وأعلن عدن عاصمة مؤقتة لليمن بعد استيلاء الحوثيون على صنعاء, ورفض حينها كل من الحوثيين والمؤتمر تراجع هادي عن الاستقالة.
مع دخول شهر مارس من عام 2015 شهدت عدن توتراً سياسياً وأمنياً، فهادي أتخذ قراراً بإقالة عبد الحافظ السقاف قائد فرع قوات الأمن الخاصة في عدن المحسوب على صالح والحوثيون، ولكن السقاف رفض ذلك، وأندلعت اشتباكات مسلحة بين المتمردين من قوات الأمن ووحدات عسكرية تابعة للجيش يقودها وزير الدفاع محمود الصبيحي مسنودة باللجان الشعبية الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي. وبعد استعادة القوات البرية السيطرة على مطار عدن، تعرض “قصر المعاشيق” القصر الجمهوري لعدة ضربات جوية من طائرات حربية قادمة من صنعاء.
وقال المخلوع صالح في كلمة له حينها أن هادي لم يعد أمامه للهروب سوى منفذ وحيد الى جيبوتي، وفي 25 مارس سيطرت قوات موالية لعلي عبد الله صالح على مطار عدن الدولي، وتعرض قصر الرئيس إلى عدة غارات جوية من طائرات قدمت من صنعاء، وغادر هادي البلاد في نفس اليوم.
بدوره أكد هادي في خطاب ألقاه في 21 مارس انه لا يزال الرئيس الشرعي لليمن وقال أنه ينوي رفع العلم اليمني في جبال مران بصعدة بدلاً من العلم الإيراني. كما أعلن أن عدن ستكون العاصمة المؤقتة بسبب الاحتلال الحوثي لصنعاء، وتعهد باستعادتها.
وفي صنعاء، عينت اللجنة الثورية التابعة للحوثيون اللواء حسين ناجي خيران وزيرا للدفاع، تمهيداً للهجوم العسكري جنوباً.
التحالف العربي حليف استراتيجي لليمن في ازماته:
ومن مصر، دعى وزير الخارجية اليمني حينها رياض ياسين في 25 مارس للتدخل العسكري.
بدأت ميليشيا الحوثي والمخلوع صالح بحملة جديدة في أواسط شهر مارس 2015 بحجة محاربة داعش، وسيطر خلالها الحوثيون على تعز وقاعدة العند في لحج ومطار عدن واصبحت معظم قوات الجيش تحت سيطرتهم.
وغادر هادي البلاد في نفس اليوم ووصل إلى الرياض في 26 مارس وكان في استقباله وزير دفاع السعودية محمد بن سلمان.
في 25 مارس 2015، وردت تقارير صحفية عن تقدم هادي برسالة إلى دول مجلس التعاون الخليجي، طالباً منها تقديم المساندة الفورية بكافة الوسائل، ”استناداً إلى مبدأ الدفاع عن النفس المنصوص عليه في المادة (51) من ميثاق الأمم المتحدة، واستناداً إلى ميثاق جامعة الدول العربية ومعاهدة الدفاع العربي المشترك، لحماية اليمن وشعبه من العدوان الحوثي المستمر وردع الهجوم المتوقع حدوثه في أي ساعة على مدينة عدن وبقية مناطق الجنوب، ومساعدة اليمن في مواجهة القاعدة وداعش“, وكان بيانٌ صادر عن دول مجلس التعاون أول من أظهر تلك الرسالة.
وأعلنت السعودية بالإضافة لدول مجلس التعاون الخليجي باستثناء سلطنة عمان عن انطلاق عملية عملية عسكرية سميت بـ’عاصفة الحزم’ تحت عنوان “استعادة الحكومة الشرعية”، و”حماية الشعب اليمني وتأمينه من التدخلات الإيرانية”. وبمشاركة كل من الأردن ومصر والمغرب والسودان، بتسليح بريطاني للسعودية انتقده برلمان الاتحاد الأوروبي وأصدر قراراً يطالب بحظر تصدير الأسلحة إلى المملكة في 25 فبراير 2016 ، وغادر هادي إلى مصر لحضور قمة جامعة الدول العربية في شرم الشيخ وطالب باستمرار القصف بقيادة السعودية، مضيفا أن على الجامعة العربية دعم بلاده.
مشروع اليمن الاتحادي حلم لابد ان يتحقق:
يؤكد الرئيس هادي في كل مقابلاته ولقاءاته أن مشروعه يكمن في النظام الفيدرالي ويقول “أنا أؤمن باليمن الموحد بنظام اتحادي، من ستة أقاليم “، وأضاف “ضحيت بأخي وأحفادي في سبيل نظام الأقاليم ولا تنازل عنه”, ويؤكد ايضا عزمه واصراره على تحقيق ذلك المشروع وجعله واقعا مهما كل الامر من تضحيات .
ويشدد على رفضه أية ضغوط للقبول بخارطة الطريق التي تقضي على المرتكزات الثلاث “المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار والقرارات الدولية”.
ويؤمن الرئيس هادي ومن حوله من انصار الشرعية انه بدون الأقاليم سيظل اليمنيون في صراع متواصل لاينتهي, فتحقيق الامن بدون عدالة مستحيل، والعدالة من دون نظام الأقاليم في اليمن مستحيلة.
ويسعى الى “أن يشعر كل إقليم أنه يحكم نفسه بنفسه، ويستثمر ثرواته لأبنائه بعد أخذ حصة الحكومة المركزية أو الفيدرالية”.
ويصر على البقاء في ارض الوطن وتطبيع الاوضاع الامنية والاستقرار في المحافظات التي يسيطر عليها الجيش الوطني وفي جعبته هدف رئيسي شرع في تنفيذه من العاصمة المؤقتة عدن والتي “منها سننجز مشروع اليمن الاتحادي الذي اجمع عليه كافة ابناء شعبنا التواقين للعدالة والمساواة والعيش الكريم”
الرئيس عبد ربه منصور هادي في سطور :
– ولد في 1 سبتمبر 1945 في قرية ذكين، مديرية الوضيع في محافظة أبين.
– تخرج من بريطانيا عام 1966 بعد حصولة على منحة دراسية عسكرية للدراسة في بريطانياز
– في عام 1970 حصل على منحة دراسية أخرى لدراسة سلاح الدبابات في مصر لمدة ست سنوات.
– أمضى هادي السنوات الأربع التالية في دراسة القيادة العسكرية في الإتحاد السوفيتي.
– شغل عدة مناصب عسكرية في جيش اليمن الجنوبي عمل قائدا لفصيلة المدرعات.
– بعد الاستقلال (27 نوفمبر/تشرين الثاني 1967) عين قائدا لسرية مدرعات في قاعدة العند في المحور الغربي لجنوب اليمن، ثم مديرا لمدرسة المدرعات، ثم أركان حرب سلاح المدرعات، ثم أركان حرب الكلية الحربية، ثم مديرا لدائرة تدريب القوات المسلحة.
– سنة 1972 انتقل إلى محور الضالع، وعين نائبا ثم قائدا لمحور كرش، وكان عضو لجنة وقف إطلاق النار، ورئيس اللجنة العسكرية في المباحثات الثنائية التالية للحرب مع الشمال حينها.
– استقر في مدينة عدن مديرا لإدارة التدريب في الجيش، مع مساعدته لرئيس الأركان العامة إداريا، ثم رئيسا لدائرة الإمداد والتموين العسكري بعد سقوط حكم الرئيس سالم ربيع علي.
– رقي إلى درجة نائب لرئيس الأركان لشؤون الإمداد والإدارة معنيا بالتنظيم وبناء الإدارة في الجيش بداية من سنة 1983، وكان رئيس لجنة التفاوض في صفقات التسليح مع الجانب السوفياتي، وتكوين الألوية العسكرية الحديثة. كان من ضمن القوى التي نزحت إلى صنعاء عقب حرب 1986 الأهلية في جنوب اليمن.
– عمل مع زملائه على لملمة شمل الألوية العسكرية التي نزحت معهم إلى الشمال، وإعادة تجميعها إلى سبعة ألوية، والتنسيق مع السلطات في الشمال لترتيب أوضاعها ماليا وإداريا، وأطلق عليها اسم ألوية الوحدة اليمنية، وظل في شمال اليمن حتى يوم 22 مايو/أيار 1990، تاريخ الوحدة اليمنية.
– عين قائدا لمحور البيضاء، وشارك في حرب 1994. وفي مايو/أيار 1994 صدر قرار تعيينه وزيرا للدفاع، ثم عين نائبا للرئيس في 3 أكتوبر/تشرين الأول من نفس السنة.
– أصبح نائب لرئيس اليمن بعد علي سالم البيض الذي استقال وخسر الحرب الاهليه عام 1994، وعين هادي نائب للرئيس في 3 أكتوبر 1994، وكان قبل ذلك وزيراً للدفاع لفترة وجيزة.
– انتخب عبد ربه منصور هادي نائبا لرئيس المؤتمر الشعبي العام الحاكم وأمينا عاما له في نوفمبر/تشرين الثاني 2008 حتى 8 نوفمبر 2014 حيث أقاله المؤتمر الشعبي العام من منصبه نائبا لرئيس الحزب وأمينا عاما له
– أدى عبد ربه منصور هادي اليمين الدستورية أمام البرلمان في 25 فبراير 2012.[11] وأصبح رئيسا لليمن في 27 فبراير 2012 عندما تنازل صالح رسمياً عن السلطة.