احتفل الشعب اليمني بمرور الذكرى السابعة والخمسين لقيام ثورة 26 سبتمبر، التي قضت على حكم الإمامة، ومن خلالها جسدت انتصارا كبيرا لإرادة شعب بأكمله والتحرر من حكم الكهنوت، ولم تغب الاحتفالات بذكرى ثورة 26 سبتمبر رغم الحرب التي فجرتها مليشيا الحوثي الانقلابية، جراء انقلابها على الحكومة الشرعية، في الـ21 من سبتمبر 2014، إلا أن ذكرى 26 سبتمبر لازالت ذكراها خالدة وعظيمة في ذاكرة اليمنيين.
ورغم محاولة المليشيا الحوثية الانقلابية طمس معالم ثورة 26 سبتمبر، التي قضت على حكم الإمامة، إلا أن تلك المليشيا حتى اليوم بات بالفشل في ذلك نظرا لتمسك أبناء الشعب اليمني بأهداف تلك الثورة، التي ضحى بأرواحهم لأجلها الكثير من الآباء والأجداد.
وبالتزامن مع احتفالات الشعب بمناسبة الذكرى السابعة والعشرين لثورة 26 سبتمبر، صحيفة «26 سبتمبر» استطلعت آراء عدد من الأكاديميين والإعلاميين الذين عبروا بصدق عن عظمة هذه الثورة، التي كانت بحق تاريخاً جديداً من تواريخ مقاومة الشعوب ضد جلاديها.
سبتمبر الكرامة
الدكتور خالد النجار – استاذ جغرافية السياحة والتخطيط الإقليمي عميد مركز الدراسات البيئية وخدمة المجتمع بجامعة تعز- قال لـ«26 سبتمبر»: قامت ثورة 26 من سبتمبر المجيدة لتخرج الشعب اليمني من ظلمات الجهل والفقر والمرض وضد النظام الكهنوتي الإمامي الذي لم يكتف بتجهيل الشعب طوال فترة حكمه بل عمل على مسخ وطمس الهوية الحضارية لليمن، واستعباد شعبها العظيم، واستطاع الثوار أن ينقلوا اليمن من واقعها المأساوي الى واقع يساير العالم وتطوراته فتنفس الشعب هواء الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية وانطلق يشارك العالم انجازاته.
وأضاف النجار: رغم المحاولات المستميتة من قوى الرجعية أن تعيد اليمن إلى ما كانت عليه قبل الثورة إلا أن الشعب اليمني اليوم وقف وقفة قوية رادعة لهذه القوى، وأفشل مشروعها مرة أخرى وانتصرت للجمهورية ولكل تضحيات الشهداء وحافظ على شرعية الدولة وجمهوريتها.
وتابع النجار: مازلنا نعيش هذه الأيام اللحظات الأخيرة من عمر المشروع الكهنوتي القديم الجديد الذي رفضه الشعب في 1962م، ويؤكد رفضه مرة أخرى في 2019م، ومازلنا كذلك حتى يندحر هذا المشروع الهادف لتدمير الجمهورية والوحدة وكل مكتسبات الوطن.
سبتمبر بوابة الجمهورية
ومن جانبه تحدث الدكتور فيصل الحذيفي أستاذ في العلوم السياسية لـ«26 سبتمبر» قائلاً: إن ثورة 26 سبتمبر تعني الحرية والكرامة للإنسان اليمني المستعبد، تعني للأجيال المدرسة والجامعة والمشفى والطرقات والمصنع والمطار والميناء ودولة القانون.
وأضاف الحذيفي: قامت ثورة 26 سبتمبر والمجتمع اليمني غارق في مستنقع الأمراض والجهل والأمية تتجاوز فيه نسبة %98، لافتاً إلى أن الحياة كانت لليمنيين قبل الثورة بدائية.
وأشار الحذيفي إلى أن اليمن لم تعرف المدينة المعاصرة سوى بعد الثورة، كانت صنعاء لا يتجاوز سكانها 30 الف نسمة، مثلما لم تعرف الطريق والسيارة والمصنع والصحافة الحرة.
وبحسب الحذيفي فإن الثورة اليمنية هي البوابة إلى الجمهورية والمدنية ومشاركة المواطنيين في الشؤون العامة، مشيراً إلى أن الثورة هي الطريق الى الوحدة اليمنية، وهي اليوم الطريق إلى الجمهورية الاتحادية وإلى القوة والعزة والمناعة مهما حصلت من انتكاسات مرتدة.
وتابع الحذيفي بدون الثورة اليمنية كان المجتمع اليمني مجردا من الحرية ومسلوب الإرادة ومنزوع الكرامة في دولة العكفي دولة السادة والعبيد حيث يهان الإنسان اليمن ويخضع لأبشع أنواع الاستغلال.
مضيفاً: الثورة اليمنية منحت المواطن اليمني حريته وكرامته، وعليه استكمال تثبيت بقية الدعائم الحضارية وانجاز الاستحقاقات المترتبة على الثورة، وبدون الثورة اليمنية ماكنتِ تحملين قلما ولا عرفت مدرسة ولا جامعة ولا طرحت اسئلتك علي لتنشري عملا صحفيا يقرؤه الجمهور، مؤكداً أن تطور المرأة وحده في مضمار الحياة والمعرفة كافياً لنعرف ماذا تعني لنا ثورة 26 سبتمبر المجيدة.
أكتوبر امتداد لثورة سبتمبر
أما الدكتور ياسر الصلوي أستاذ علم الاجتماع بجامعة تعز فقد تحدث لـ» 26 سبتمبر» قائلاً : ثورة 26 سبتمبر من أعظم الاحداث في تاريخ شعبنا اليمني العظيم، من عاش أوضاع ما قبل ثورة 26 سبتمبر وما بعدها يدرك جيداً الفارق الكبير في حياة الشعب اليمني وما تمثله ثورة 26 سبتمبر بالنسبة لليمنيين.
وأضاف الصلوي: أن مع ثورة 26 سبتمبر تمكن اليمنيون من الانفتاح على العالم، خرجوا من دائرة الفقر والجهل والمرض الثلاثي الذي كان يسيطر عليهم، لافتاً إلى أن ثورة 26 سبتمبر فتحت نافذة لليمنيين للإطلالة على العالم والتواصل مع العالم ، أحيت الأمل في نفوس اليمنيين في أن يكونوا مثلهم مثل بقية شعوب العالم، لهم مستقبل يتطلعون إليه.
وتابع الصلوي: ثورة 26 سبتمبر حدث بكل المقاييس، حدث كبير في تاريخ اليمن شماله وجنوبه وشرقه وغربه لما بعد هذا الحدث كان له من تنمية وتعليم كثير من المجالات استطاع اليمنيون يتخلصون من خلال ثورة 26 سبتمبر من نظام كهنوتي إمامي جثم على صدور اليمنيين لعقود طويلة وأدى إلى عزل اليمنيين عن باقي بلدان العالم وشعوب العالم، وجعلهم يعيشون في دائرة الجهل والفقر والمرض.
وأشار الصلوي إلى أن الأجيال التي لم تعش مرحلتين ما قبل الثورة وما بعدها لا تدرك كثيرا منجزات ثورة 26 سبتمبر إلا من قرأ واطلع في كتب التاريخ وفي الملفات وسيرة الأبطال الأحرار، لكن خلال السنوات الخمس الماضية اكتشف اليمنيون بقايا النظام الإمامي، من يريدون إعادة عجلة التاريخ إلى الوراء والعودة إلى ما قبل ثورة 26 سبتمبر ومنجزاتها.
واضاف الصلوي: خلال الخمس السنوات الماضية ومع الانقلاب الحوثي أدرك اليمنيون مدى التضحيات العظيمة التي قدمها شهداء اليمن وثوارها الاحرار في ثورة 26 سبتمبر وجسامة الحدث وأهميته بالنسبة لليمنيين، لافتاً إلى أن ثورة 26 سبتمبر كانت امتداداً لثورة 14 أكتوبر، واستطاع الشعب اليمني التخلص من النظام الامامي في الشمال وطرد الاستعمار البريطاني في الجنوب، وبذلك استطاع اليمنيون أن يحققوا واحدة من أهم أحلامهم في ان يحكموا أنفسهم بأنفسهم، وان يكونوا اسياداً في أرضهم.
سبتمبر نقطة تحول كبيرة وفاصلة
ويضيف الصلوي لـ«26 سبتمبر»: أود الإشارة بحكم تخصصي في علم الاجتماع أن اهم منجزات ثورة 26 سبتمبر هي كسر الجمود السابق الذي كان في البنية الاجتماعية في المجتمع اليمني، مغلقة لا يستطيعون الانتقال من وضع إلى وضع آخر، ولكن بفضل ثورة 26 سبتمبر وانتشار التعليم وفرص العمل وغيره استطاع كثير من الشرائح الاجتماعية ان يرتقوا بالسلم الاجتماعي، وأن يحتلوا مراتب ومواقع مهمة في الدولة ويصلوا بعضهم إلى قادة في البلاد وحكاماً في حين أن السابق كانت فئة الحكام هي فئة محصورة بالجماعة السلالية الامامية التي كانت ترى أن الحكم من أحقيتها وليس لليمنيين.
ويتابع الصلوي: ثورة 26 سبتمبر فتحت المجال وعملت على كسر هذا الجمود في البنية الاجتماعية، واصبح الحراك المجتمعي أمرا متاحاً من خلال اكتساب أفراد المجتمع من مؤهلات هذا الحراك الاجتماعي مثل التعليم والدخل وغيره، ورأينا كيف أصبح الكثير من أبناء الفقراء والفلاحين وغيرهم والكادحين بفضل ثورة 26 سبتمبر تمكنوا من الحصول على التعليم، استطاعوا الوصول إلى المناصب والمراكز القيادية في الدولة ومؤسساتها، وهذا أتى بفضل ثورة 26 سبتمبر المجيدة.
وبين الصلوي أن ثورة 26 سبتمبر تعني له الكثير، وكانت الأمل لكل أبناء الشعب اليمني وتطلعاتهم وكانت نقطة تحول كبيرة في تاريخ الشعب اليمني، بالإضافة إلى أنها كانت نقطة فاصلة وتحول جذري في تحول وارتقاء المجتمع اليمني.
وأكد الصلوي أن ما يراه الآن من انقلاب على السلطة الشرعية ومحاولات حثيثة للعودة إلى الماضي إلا نتيجة لما أضرت به ثورة 26 سبتمبر على هذه الجماعة السلالية الامامية الحوثية، مؤكداً أن مليشيا الحوثي الانقلابية تحاول العودة إلى ماقبل ثورة 26 سبتمبر لكن ستفشل في ذلك ولن يقبل اليمنيين بهذا الأمر وسيناضلون ويكافحون للحفاظ على مكاسب ثورة 26 سبتمبر ومنجزاتها والحفاظ عليها بحدقات أعينهم.
أعظم الثورات
ومن جانبها الإعلامية أمة الرحمن العفوري تحدثت لـ»26 سبتمبر» قائلة : طبعا ثورة 26 من سبتمبر تعني لي الكثير ليس أنا فحسب، وإنما لكل أبناء الشعب اليمني؛ فهي من أعظم ثورات اليمنيين وهي التي توجت قرونا من النضال والصمود اليمني ضد واحدة من أكثر نظريات الكهنوت انحطاطا وتخلفا، والتي تمثلت في الإمامة الزيدية وكانت السبب الرئيسي في إعاقة التراجع الحضاري والديني لليمن والتي حولتها من بلاد العرب السعيدة إلى بلاد العرب التعيسة.
واضافت العفوري: لم نشعر نحن كيمنيين مثلما شعرنا اليوم بأهمية هذه الثورة من أجل تصحيح مسارها الذي انحرف بها النظام السابق والذي استمر اكثر من ثلاثة وثلاثين عاماً حينما عمل بكل طاقاته على تحويل النظام الجمهوري الى ملكية أسرية تحت ظل شعارات الجمهورية السبتمبرية.
وتابعت العفوري فمن المستحيل أن نعتبر ثورة 26 من سبتمبر المجيدة مجرد ذكرى وما تزال اليمن تعيش في صراع مستمر مع الانقلابيين، بل نحن اليوم نعيش ميلاد الثورة من جديد في وعي وإيمان بها يزداد يوما بعد يوم وهذا ما نلمسة من خلال رفض اليمنيين أي مظاهر لعودة الإمامة مهما كان الثمن بعد كل هذه التضحيات التي تدفع من دماء أبنائها الابطال في كل ميادين الشرف والبطولة.
وأشارت العفوري إلى أن ثورة 26 سبتمبر مازالت مستمرة الى أن تتحقق كافة أهدافها، وهذا ما ينشده ابناء اليمن ويسعون لأجله في المستقبل القريب بإذن الله.
واكدت العفوري: أن مليشيا الحوثي وأساليبها الكهنوتية والمناطقية جعلتنا ندرك قيمة ثورة سبتمبر الخالدة، والتي ضحى من أجلها الأبطال وبذلوا الأرواح رخيصة مقابل ألا يعلو مواطن على آخر أو فئة على حساب بقية الشعب.