كشفت معلومات دبلوماسية عن تحركات للأمم المتحدة لدعم جماعة الحوثي الانقلابية في اليمن، وإسقاط الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا، من خلال ممارسات تخدم الأجندة الحوثية، بطرق وأساليب مختلفة، منها إضعاف الحكومة، والتوغل عبر قيادات عليا بالدولة.
وحسب المعلومات التي حصلت عليهاجريده «الوطن» السعوديه من مصادر رفيعة، فإن نائب رئيس الجمهورية رئيس مجلس الوزراء السابق، خالد بحاح، كان يعمل لصالح الانقلابيين بالتنسيق مع الأمم المتحدة، وأنه تلقى وعودا حينما كان تحت الإقامة الجبرية في صنعاء بتوليه الرئاسة بدلا من الرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي، وتم التنسيق معه عبر شخص تابع للحوثيين يدعى يحيى العماد القائم بالأعمال بالسفارة اليمنية في كندا.
وأشارت المصادر إلى أن هناك توجيهات صدرت من الرئاسة اليمنية بإعفاء يحيى العماد من منصبه، إلا أن خالد بحاح رفض ذلك، ولفتت المصادر إلى أن بحاح كان على علاقة بنظام الدوحة وجماعة الإخوان في قطر، وأنه سافر إلى مسقط سرا للتآمر على الرئيس هادي، وتولي منصب الرئيس.
كان خالد بحاح قد وجه انتقادات للحكومة الشرعية قبل أيام، واصفا في تغريدات على صفحته الرسمية بتويتر، تصريحات رئيس مجلس الوزراء أحمد بن دغر بـ«غير المرغوبة»، وبأنها «نزقة»، وربما تسرع بالإعلان عن المجلس العسكري الجنوبي، وهروب ما تبقى من شرعية مهترئة.
وجاء هذا التصريح لبحاح بعد هجوم كبير شنه على عدد من القرارات التي أصدرها الرئيس هادي في وقت سابق.
خفة العقل
قال وزير الكهرباء في حكومة رئيس الوزراء الأسبق، محمد سالم باسندوة، الدكتور صالح بن سميع، في تصريحات إلى «الوطن» إن الحوثيين وحليفهم المخلوع، أوهموا خالد بحاح بتولي منصب الرئيس، عندما كان الأخير في صنعاء تحت الإقامة الجبرية، وطالبوه بالتواصل معهم، كما أن بحاح عمل خطوط رجعة مع الانقلابيين يستغلها في الوقت الحالي.
وأضاف ابن سميع أن الصورة التي خلفها بحاح خلال فترة تواجده كنائب رئيس جاءت سلبية، وأنه رجل فيه من «خفة العقل» التي تتعارض مع أي منصب سياسي، موضحا أن هناك تنافسا بين بحاح وابن دغر، كون الأخير استطاع من خلال سياساته وتحركاته زيادة شعبيته، وهو ما أثار حقد بحاح ليدلي بعد ذلك بتصريحات لا أساس لها من الصحة.
فشل ولد الشيخ
بين قباطي أن المبعوث الأممي السابق لليمن جمال بن عمر، جاء ولم يكن حينها هناك مبادرة خليجية، وبعد المبادرة، برز دور ابن عمر حينها كوسيط بين أطراف مختلفة، وهذا الأمر اختلف تماما بحدوث الانقلاب على السلطة.
وذكر قباطي أنه بعد عملية عاصفة الحزم، ومجيء المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد تم إبلاغه بأنه ليس وسيطا، وإنما هو يمثل الأمين العام للأمم المتحدة لتطبيق القرار الأممي 2216 الصادر تحت البند السابع، غير أن مساعي ولد الشيخ تحولت إلى دور وساطة، وتزامن ذلك مع زيارة خالد بحاح السرية لمسقط، حيث كانت الأمم المتحدة موجودة هناك، وأيضا في كل المباحثات التي حدثت في الكويت أو جنيف.
وأشار قباطي إلى أن ولد الشيخ عمل بنفس فريق جمال بن عمر، وكانت مهمته الموافقة بين الطرفين وهو دور خاطيء في ظل وجود قرار أممي تجاهلته الامم المتحدة دون سبب واضح، مبينا أن تقارير ولد الشيخ وجهت لها انتقادات منذ البداية.
خارج السرب
أوضح وزير الخارجية السابق في حكومة بحاح سابقا والسفير الحالي في باريس، الدكتور رياض ياسين، في تصريحات إلى «الوطن» أن خالد بحاح كان يعمل خارج السرب منذ البداية، وما يحدث منه حاليا ليس بجديد.
وبين ياسين أنه في أغسطس 2015 بعد تحرير عدن، تقدم باقتراحين لمجلس الدفاع الوطني، وهو أعلى سلطة حينها، الأول يتعلق بنقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن وتجميد الاحتياطي اليمني في الخارج لمنع المليشيات من استغلاله، غير أن بحاح رفض ذلك بشكل قاطع، مما سمح للانقلابيين بنهب 5 مليارات دولار.
أجندة خاصة
قال وزير السياحة اليمني الدكتور محمد عبدالمجيد قباطي في تصريحات إلى «الوطن» إن خالد بحاح كان لديه أجنده خاصة، ومن ثم فقد تهاون في حقوق الحكومة الشرعية، مبينا أن البداية كانت بقبول بحاح المعاملة مع الأمم المتحدة من منطلق التساوي بين الشرعية والانقلابيين، وظهر ذلك جليا في بقاء البنك المركزي في صنعاء، وما أعلن عنه من هدنه اقتصادية ومالية صبت في مصلحة الانقلابيين.
وأضاف قباطي أن بحاح تهاون أيضا في انتقال المنظمات إلى عدن خاصة بعد تحريرها، مبينا أن هذا التهاون جعل الأمم المتحدة تتعامل مع الانقلابيين مباشرة، كما جعلها تسمح بدخول أشخاص وهيئات حقوقية إلى اليمن دون أخذ موافقة الحكومة الشرعية.
وأشار قباطي إلى أن التقرير الأخير للأمم المتحدة مبني على أساس خاطئ، وأنه اعتمد على معلومات مغلوطة من الانقلابيين، من بينها ما أثبتته الوثائق من تجنيدهم للأطفال، غير أن الحوثيين كانوا ينقلون الأطفال الهالكين في المعارك إلى المستشفيات في صنعاء، وتوجيه التهم للتحالف.
العلاقات مع إيران
أضاف ياسين أن المقترح الثاني الذي رفضه بحاح كان قطع العلاقات مع إيران، وأنه في يونيو 2015 وقبل الذهاب إلى جنيف للمشاركة في المشاورات، وصلت معلومات بأن الإيرانيين يسعون للمشاركة في تلك المشاورات، وكان الحل الأمثل حينها، هو اتخاذ قرار قطع العلاقات مع إيران، والرئيس هادي، وافق على ذلك، فيما رفض بحاح هذا المطلب. وأشار ياسين إلى أنه أعلن ذلك كتابيا، ووجه حينها القائم بالأعمال في السفارة اليمنية في طهران، عبدالله السري، بأخذ كافة الأختام من السفارة معه، والذهاب إلى الأردن لأن الإيرانيين استخدموا الأختام لإصدار وثائق حتى يسهلوا بها تهريب الأسلحة عبر السفن لليمن، وبالفعل غادر عبدالله السري طهران واتجه إلى الأردن.
وأوضح ياسين أنه في أول أكتوبر عام 2015، أعلن الرئيس هادي قطع العلاقات مع إيران، فيما أعلن خالد بحاح أن علاقة اليمن مع إيران قائمة، ليضطر مكتب الرئيس في مساء نفس اليوم، إلى إصدار بيان بأنه تم بالفعل قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران. وأكد ياسين أن بحاح تعاون مع الحوثيين، وكان همه الأول أن يصبح رئيسا للجمهورية، وأنه وجه سهامه لإبعاد الرئيس هادي، حيث كان يعتقد أنه الرئيس القادم.
لقاءات سرية
أوضح قباطي أن خالد بحاح عقد لقاءات سرية في مسقط دون علم الحكومة، وأن الرئيس هادي فوجئ بذهاب بحاح سرا إلى مسقط، حيث بدا وكأنه يخطط لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه بأن يكون هو الرئيس والمنقذ، وأن يختفي الرئيس هادي من المشهد تماما، رغم أن الأخير هو الممثل الوحيد للشرعية. وأضاف قباطي أن الرئيس هادي عندما شعر بهذه التوجهات من قبل بحاح، وكذلك لقائه بوزير الخارجية الأميركي السابق جون كيري، اتخذ القرار بعزل بحاح خاصة بعد زيارته مسقط سرا، وكذلك التماهي والتماشي مع مطالب الحوثيين. وقال قباطي إن حقيقة خالد بحاح انكشفت جلية بعد عزله من خلال بيانه الذي أصدره، حيث كان محشوا بالكثير من المغالطات، وكان يرى نفسه هو الشرعية، غير أنه فشل في الأخير.
تبريرات المسؤول السابق
قال نائب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء السابق خالد بحاح في تصريحات إلى «الوطن»، إنه لم يقم بزيارة سرية لمسقط، مضيفا«الزيارة كانت في بداية عاصفة الحزم وكانت معلنة»، مشيرا إلى أنه لم يلتق بجون كيري ولاغيره.
وعن اتهامه حكومة بن دغر «بالزنقة» والشرعية «بالهوجاء»، قال «نعم وكل ماكتبته هو ما اعنيه»، مضيفا «انا اتكلم عن تقييم اداء الشرعية التي هي غير موافقة للمرحلة»، مبينا أن هذا الآداء أسقط صنعاء كما أن النتيجة حتى الآن لاشيىء.
وحول دور الامم المتحدة في اليمن، قال بحاح «السؤال ليس عن دور الأمم المتحدة في اليمن، ولكن ماهو دور الشرعية، لو هناك قيادة شرعية حقيقة، فان الاطراف الاخرى تكون مساندة معك اقليمية ودولية».
وعن القرارات التي تصدر من الأمم المتحدة عبر حقوق الانسان أو غيرها، قال بحاح إن الخمول الحاصل للدبلوماسية اليمنية هو من أعطى هذه النتائج، لافتا إلى أن تعامل الأمم المتحدة مع الانقلابيين في صنعاء جاء نتيجة غياب الشرعية.