للعام الرابع على التوالي، يحل عام دراسي جديد باليمن وسط أتون حرب تنذر جميع مؤشراتها بأن الموسم الجديد سيكون ـ تماما كسابقاته ـ خاليا من أدنى مقومات النجاح، وفق شهادات للأناضول.
عام دراسي جديد انطلق قبل أكثر من أسبوع، وسط معوقات عدة تهدد بتوقف الدراسة في بعض المناطق، وحرمان ملايين الطلاب من الحصول على الحد الأدنى من التعليم في مناطق أخرى.
فالحكومة الشرعية أعلنت بدء العام الدراسي في المناطق الخاضعة لسيطرتها في 17 سبتمبر / أيلول الجاري، وفتحت المدارس أبوابها لتسجيل الطلاب، لكن بلا معلمين ولا كتب دراسية.
فيما يبدأ العام الدراسي في مناطق الحوثيين السبت المقبل الموافق 30 سبتمبر.
ـ الرواتب.. أبرز التحديات
يرى أحمد البحيري رئيس مركز الدراسات والإعلام التربوي (غير حكومي مقره تعز) أن “التحديات التي تواجه التعليم اليوم كثيرة ومتداخلة”، وأبرزها توقف صرف رواتب المعلمين.
وبهذا الصدد يقول “يظل توقف صرف رواتب 70 % من المعلمين منذ نحو عام، يهدد العملية التعليمية في 13 محافظة يمنية بالانهيار”.
وأضاف البحيري في حديث للأناضول، أن عدم صرف الرواتب “يجعل 4.5 ملايين طالب وطالبة مهددين بالحرمان من التعليم”.
واعتبر أنه “من المؤسف جدا القول بأن التحديات التي يواجهها التعليم في اليمن تعود في جزء كبير منها إلى عدم وجود رؤية واضحة لمواجهتها، وأنها لا ترجع في مجملها، إلى عجز في الإمكانات المادية فحسب”.
ولفت رئيس المركز إلى أن “الاستمرار في وضع كهذا في ظل تعنت أطراف الصراع (الحكومة الشرعية من جهة، وتحالف الحوثي ـ صالح من جهة أخرى) بعدم الاستجابة بدفع رواتب المعلمين، ينبئ بكارثة تعليمية تهدد اليمن والمنطقة والعالم”.
ـ نقص الكتب المدرسية
وفي المحافظات الخاضعة للحكومة اليمنية، تختفي مشكلة الرواتب، حيث لا تزال الحكومة تدفع رواتب المعلمين في معظم تلك المناطق، لتطفو معضلة أخرى تتعلق بالنقص الحاد في الكتب المدرسية.
وقبل سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء في سبتمبر / أيلول 2014، كانت مطابع الكتب المدرسية فيها تغطي حاجة جميع المحافظات من الكتب، وخصوصا كتب الصفوف الـ 6 الأولى من التعليم الابتدائي التي لا تطبع إلا في هذه المدينة.
فيما تؤمن مطابع الكتب المدرسية في مدينتي عدن والمكلا كتب الصفوف الدراسية الثانوية.
وفي الأعوام الماضية، أدخل الحوثيون تغييرات على مناهج الكتب المدرسية، ما أدى إلى رفضها من قبل المدارس في المحافظات الخاضعة للحكومة، وتم إحراق كميات كبيرة منها بسبب التعديل.
علي العباب، مدير عام مكتب التربية والتعليم بمحافظة مأرب (حكومي)، قال إن “العام الدراسي الجاري يواجه العديد من المعوقات، أبرزها العجز الكبير على مستوى توفير الكتب المدرسية”.
وأضاف العباب في تصريح للأناضول، أن “المحافظة وصلها جزء بسيط من الكتب المدرسية التي تمت طباعتها في المكلا”.
ولفت المسؤول الحكومي إلى أن “أعداد الطلاب النازحين زاد بنسبة 117 % عن الأعوام الماضية، ما نتج عنه ضغط كبير على مدارس المدينة، وبالتالي تسبب بعجز كبير في الكادر التعليمي والمباني المدرسية والأثاث المدرسي”.
ـ إضراب مفتوح
وفي العاصمة صنعاء، أعلنت النقابة العامة للمهن التعليمية والتربوية (مستقلة)، في بيان لها منتصف سبتمبر الجاري، الإضراب العام عن العمل والتدريس خلال العام الدراسي الجديد، ما لم يتم تأمين تسليم رواتب التربويين دون انقطاع.
وقالت النقابة إنها تضم في عضويتها نحو 250 ألف تربوي وتربوية يعملون في قطاعات التربية والتعليم في الجمهورية اليمنية.
وأشار البيان إلى توقف صرف رواتب موظفي الدولة، بمن فيهم العاملون في قطاع التربية والتعليم الذين أمضوا حتى نهاية شهر سبتمبر 2017 سنة كاملة دون رواتب.
وأضافت النقابة أن أعضاءها “تحملوا الكثير من الديون واضطروا لبيع أثاث بيوتهم وكل ممتلكاتهم، وتشرد بعضهم من منازلهم بسبب عدم قدرتهم على دفع الإيجار”.
وتابعت أن “استمرار توقف صرف مرتبات التربويين يضع النقابة أمام وضع صعب يستحيل فيه مواصلة العمل بدون تسليم مرتبات التربويين”.
وتعقيبا على الموضوع، قال طاهر سيف وهو أحد المعلمين في محافظة تعز (جنوب غرب)، إن “جميع المدارس في المحافظة لن تستأنف العملية التعليمية بسبب عدم صرف رواتب المعلمين”.
وأضاف للأناضول، أن هذا القرار يأتي عقب “معاناة كبيرة” عاشها المعلمون، وذلك رغم تبعات القرار على وضع الطلاب في المحافظة ذات الكثافة السكانية العالية.
وأشار سيف أن “القرار نهائي، ولن يتم التراجع عنه إلا بعد صرف رواتب المعلمين”.
ومساء الأحد الماضي، أعلن رئيس الحكومية اليمنية أحمد بن دغر، تسليم مبلغ 5.5 مليارات ريال يمني لشركة صرافة محلية، لصرف رواتب الموظفين الحكوميين، ومن ضمنهم المعلمون، لشهر واحد.
ولم يتم التحقق ما إن كان القرار سيفضي إلى استئناف العام الدراسي الجديد، أم أن المعلمين سيواصلون الإضراب حتى حصولهم على كامل رواتبهم.
وبدأت الحرب فعليا في اليمن مع دخول الحوثيين العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014، بالتزامن مع انطلاق عام دراسي جديد شهد في حينه تعثرا ونزوح عدد من المعلمين والطلاب.
من جانبه، ذكر تقرير صادر عن “مركز الدراسات والإعلام التربوي” (غير حكومي مقره تعز) أواخر أغسطس / آب الماضي، أن توقف رواتب 70 % من المعلمين يهدد أكثر من 13 ألف مدرسة بالإغلاق.
فيما حذرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” مطلع الأسبوع الجاري، من أن 4.5 ملايين طالب يمني لن يعودوا إلى مدارسهم بسبب توقف رواتب المعلمين.