كشف تقرير نشره”سبتمبر نت”، عن تراجع قائدي الانقلاب وتصدع جميع اركانهم، خاصة مع ظهور ذلك في اجزاء وكلمات الخطابات الخاصة بهم.
سجال في الخطابات يكشف بوضوح عمق الازمة التي يعيشها تحالف الحرب والانقلاب “الحوثي والمخلوع صالح” وتقاطع مشاريعهم التدميرية التي اوصلت البلاد الى ما هي عليه.
وكان قد سبق هذه الخطابات لقادة المليشيا الانقلابية، حملات اعلامية وعلى نطاق واسع في وسائل التواصل الاجتماعي تبادل فيها الطرفين تهم الخيانة والفساد وتوجه كل طرف للقضاء على الاخر.
وكانت الحرب الباردة ان جاز التعبير ان نطلق عليها ذلك قد وصلت الى مستويات غير مسبوقة بين الطرفين، آخرها رد نجل شقيق ” صالح ” على تحريض الوزير في حكومة الانقلاب غير المعترف بها حسن زيد لجماعته بضرورة التخلص من عمه المخلوع صالح في منشور فيسبوكي اثار جدلا واسعا في اوساط انصار صالح.
برز الخلاف وتكشفت تجليات الصراع بين طرفي الانقلاب، منذ دعوة المخلوع صالح انصاره للاحتشاد في ميدان السبعين لإحياء الذكرى الـ 35 لتأسيسه، وسط اتهامات وسائل إعلام حوثية له بالاتفاق سراً مع التحالف العربي الداعم للشرعية، بقيادة السعودية، للانقلاب على الحوثيين، وإدخال أنصاره القبليين إلى العاصمة صنعاء، بغرض السيطرة عليها أو فك الارتباط مع الجماعة.
ويستعد المخلوع صالح من خلال هذا الاحتشاد لاستعراض جماهيري كبير يحتضنه ميدان السبعين في العاصمة صنعاء الامر الذي ازعج شريكه في الحرب والانقلاب مليشيات الحوثي فاتجهت الى التحشيد المضاد لاتباعها والدعوة للتجمهر على مداخل العاصمة صنعاء، الامر الذي نظر له صالح انه اعاقة امام تدفق انصاره القادمين من المناطق والمحافظات المجاورة لصنعاء.
ومن الطبيعي ان تصل العلاقة بين تحالف الحرب والانقلاب الى هذه الخطوط من التقاطع والتعارض في المصالح، حيث ان هذا التحالف لم يستند على قاعدة وطنية غير حاضنة ضيقة مناطقية وسلالية لا تضمن له أي بقاء واستمرار.
وهذا ما استدركه المخلوع صالح بعد ان حاصرته انتصارات الحكومة الشرعية سياسيا وعسكريا فتوجه في الفترة الاخيرة في اتجاه لملمة شتاته واستعادة قواعده الجماهيرية التي ادرك انه خسر الكثير منها بعد ان انقسمت على شريكه في الانقلاب والجزء الاخر الذي ادرك مغامرة المليشيا التحق بصف الحكومة الشرعية.
ويرى مراقبون وسياسيون ان خطاب الحوثي الاخير اظهر حالة العجز السياسي الذي وصلت اليها مليشياته والاضطراب النفسي الذي اصاب الرجل الاول في المليشيا نتيجة الشعور باستحالة تحقيق مشروعه الطائفي التدميري في اليمن بعد التضحيات التي قدموها دون ان يحسبوا حسابها من قبل.
وقال الكاتب والسياسي محمد جميح “ها أنت الليلة -يا عبدالملك-تعترف بفشلك، وتبحث عن أب غيرك للهزيمة، أيها الأحمق المطاع…!”
واضاف في تغريدة له “ها أنت ذا تتنصل عن مسؤولية الكارثة…هل كنت تعتقد أن إدارة الدولة مثل إدارة حفلة “عيد الغدير” أيها المتكهنت البائس؟”.
واحدث خطاب الحوثي ردود افعال مستهجنة حتى في اوساط المليشيا ذاتها حيث قال محمد البخيتي القيادي السابق في الجماعة “ان من يطعن في الظهر هو من انقلب على تحالفه مع المؤتمر ودعا لفعالية موازية ما قد يفجر مشكلة كبيرة ويجعل الدم يسيل للركب”.
وردا على خطاب عبد الملك الحوثي شن المخلوع صالح هجوما عنيفا علي جماعته حيث خاطبه بقوله “أبعد من عين الشمس من يحاول اقلاق الأمن في العاصمة صنعاء والهروب” في إشارة منه الى انتشار لمسلحي مليشيا الحوثي الذي بدأ أمس في شوارع العاصمة صنعاء واستعدادهم للاحتشاد المضاد.
وقال صالح في كلمة له امام عددا من انصاره في صنعاء الذين حشدهم اليوم الاثنين في فعالية مشابهة لتلك التي ظهر فيها حليفه عبد الملك الحوثي في صعدة امس السبت قال “لن نقبل ان نكون موظفين مع من يدعي مواجهة – ما اسماه – العدوان”.
المخلوع صالح الذي ظهر اقل تشنجا وتوترا من حليفه الحوثي في خطابه حاول طمأنته بقوله “مهرجان السبعين ليس ضدكم وهو ضد – ما يسموه – العدوان ومن يقف الى جانبه أو يصعد لتفكيك الجبهة الداخلية”.
وشن صالح هجوما في خطابه على ما يعرف باللجنة الثورية التابعة لمليشيا الحوثي والتي قال انها قوضت معنى الشراكة مع الحوثيين حيث قال “اتفقنا على الشراكة ولكن لم تنتهي اللجنة الثورية بموجب اتفاق تشكيل المجلس السياسي الأعلى”.
وكان صالح والحوثي شكلا في وقت سابق من العام الماضي ما اسموه مجلسا سياسيا لإدارة المناطق التي يخضع لسيطرتهم، بعده تجلت وبرزت عمق الخلافات بين صالح والحوثي ومنذ الوهلة الاولى لتشكيل ما اسموها بحكومة الانقاذ التي لم تحظى بأي اعتراف دولي حتى من الدول الداعمة لهم.
وانتقد المخلوع صالح شراكته مع الحوثيين حيث اكد ان “هناك حكومة فوق حكومة الانقاذ وهي المكتب التنفيذي لأنصار الله، اتفقنا على أن يعمل المجلس السياسي والحكومة طبقا للدستور والقوانين التي هي صنع الشعب وليست ملازم خاصة بي كنت ادرس بها في المؤتمر”. في اشارة منه الى ما توزعه المليشيا من حزم اوراق تتضمن خطب لحسين الحوثي.
وردا على تهم الفساد التي توجه له وانصاره من قبل الحوثيين اوضح المخلوع في خطابه مخاطبا الحوثيين “اتفقنا على أن تذهب الايرادات رغم قلتها للخزينة العامة وعدم المساس بها لصرف الرواتب أولاً بأول نصف او ربع راتب لكن لم يتم بسبب لجانكم الثورية”.
وكان زعيم مليشيا الحوثي وجه في خطابه امس كل الفشل الذي وصلوا إليه إلى حليفه المخلوع صالح قائلا: “إن هناك من الحلفاء في الداخل من يمارس دور الخداع والتنصل من المسؤولية ولا يريد أن يتحمل المسؤولية”.
وكشف خطاب الحوثي عن النقاط الرئيسية للخلاف مع شريكه في الانقلاب، وتتلخص في ثلاث ملفات، ملف تقاسم السلطة ومن يتحمل مسؤولية إخفاقاتها، وملف إدارة الحرب ودور كل طرف فيها، وملف الحل السياسي واختلاف اجندة الطرفين فيها.
وهدد الحوثي شريكه في الانقلاب والحرب المخلوع، وأطلق على أنصاره الكثير من الاسماء (الخونة، البياعين المشترين، الفاسدين، المخادعين، العملاء ، المندسين، والمنشغلين بصنع العداوة، والمخترقين لجبهة الداخلية والطابور الخامس…الخ) موجها مليشياته بتطهير البلاد ممن وصفهم بهذه الاوصاف.
واعتبر الحوثي ان مليشياته هي التي تدفع الفاتورة الاكبر وان الجميع في الداخل والخارج لا يسمون الحرب إلا باسمه، في الوقت الذي قال ان المخلوع صالح وانصاره يحاولون فيه تزييف الحقائق حيث ان اغلب القتلى هم من مليشياته.
وأضاف “احنا نقدم تضحيات كبيرة جداً على كل المستويات” مشيرا الى الاف القتلى والجرحى الذين فقدتهم جماعته في حين يتلقى فيه “الطعنات في الظهر، حتى من شركاء لا ينفكون أبدا عن توقيف هذه الطعنات” في اشاره منه لصالح.
ويعترف قائد المليشيات الحوثية في خطابه أن جبهته الداخلية تتعرض كل يوم لمزيد من التصدع والتشقق الراسي والأفقي، ويصف مساعي تفكيك الجبهة الداخلية بانها اليوم في مرحلة خطرة.
وقال الحوثي: “اليوم هناك نشاط مكثف على تجميد الجبهة الداخلية أن تصاب بالركود والتجمد، وأن تبقى جبهات القتال فارغة إلا من القليل، حتى يتمكن من اقتحامها، و يسعى الآخرون إلى إبراز، عنوان الحياد.
وكشف خطاب قائد المليشيا عن تطورات خلافية جديدة بين شريكي الانقلاب لم يسبق الاشارة اليها من قبل تتعلق بملف الحل السياسي، وبحسب مهتمين بالشأن اليمني فان الضغط الدولي على المليشيا الانقلابية لتحديد موقف واضح ومحدد من المبادرة الدولية الاخيرة للحل في اليمن وهي ما باتت تعرف بمبادرة الحديدة قد حصر مليشيا الحوثي في الزاوية الضيقة نتيجة تشددها، مما دفع بالسفير الامريكي إلى الاعلان أن المجتمع الدولي سوف يتعامل مع الجهات المعتدلة في اليمن.
ويتبين من ذلك أسباب تكرار الحوثي في خطابه لكلمات السلام والاستسلام لأكثر من مرة وفي هذا اتهام للمخلوع انه من يقف وراء وصفه في الدوائر السياسية بالمتشدد وبانه يريد استمرار الحرب وتأليب المجتمع الدولي ضده.
وقال الحوثي في الخطاب ذاته “البعض يحاول يصور أنصار الله، تجار حروب، وما يشتوا حل أبدا، ومصرين على استمرار الحرب، وهناك رجال سلام” في اشارة تهكمية من حليفه صالح.
وتابع الحوثي تأكيدا لرفضه للسلام” في هذا البلد مسألة واحدة هي التي نفعتنا إلى هذا اليوم، الصمود، الصمود والثبات، أما مسألة المبادرات والمساومات والصفقات ما با توصلنا إلى نتيجة، إلا إذا كان البعض يشتي يستسلم، هذا خياره.
وكان ولد الشيخ قد كشف عن تلقيه رسالة من الحوثيين يقول إنها «تؤكد البناء على ما تم النقاش حوله خلال مشاورات الكويت»، ورد ولد الشيخ على الانقلابيين اليمن بثلاثة طلبات أوردها خلال إحاطته مجلس الأمن بمستجدات أوضاع الأزمة.
وأول طلبات ولد الشيخ من الحوثيين وصالح دعوتهم إلى الاجتماع «في بلد ثالث»، وثانيها تحويل نقاشاته معهم إلى «اتفاق يحوي خطوات ملموسة لتفادي المزيد من إراقة الدماء وتخفيف المعاناة الإنسانية»، والثالث «أن يلتزموا بحضور هذه الاجتماعات بأقرب وقت ممكن».
وقال المبعوث في إحاطته: «من لم يقتله داء الكوليرا، يعاني حتماً من نتائج الكوليرا السياسية التي أصابت اليمن والتي ما زالت تعيق مساره نحو السلام»، محذرا من أن «إلقاء اللوم على الأمم المتحدة أو على المبعوث… لا يصنع السلام».
من خلال هذا التصاعد المستمر للصراع والتصدع في جبهة الانقلاب والذي سيتجلى بوضوح اكثر خلال الايام القليلة المقبلة، يرى مراقبون انه يمهد الطريق المختصر للشرعية للقضاء على الانقلاب واستعادة الدولة واحلال السلام الدائم في البلاد بعد سنتين ونصف من الحرب والدمار.