نشر “سبتمبر. نت”تقرير بعنوان “عمران.. تحت وطأة الفقر وبطش المليشيات” وذلك لوصف الحالة السيئة التي وصلت لها المحفاظة تحت وطأة الميليشيات.
تشهد محافظة عمران التي ترزح تحت وطأة المليشيات الانقلابية منذ ثلاثة أعوام، ظروفا صعبة ومعقدة في مختلف الجوانب والمجالات الحياتية، وخاصة في شهر رمضان المبارك، حيث يعاني المواطنون فيها من التدني الحاد في الجانب المعيشي، سيما الموظفين الذين يعتمدون اعتمادا كليا على المرتب الشهري، الذي عجزت المليشيا عن دفعه لهم منذ ما يقارب العام.
وفي الجانب الصحي تعاني المحافظة من تدهور كبير في الخدمات الصحية والعلاجية التي تقدمها المستشفيات والمرافق الصحية، ناهيك عن مديريات ومناطق لا توجد بها مستشفيات أو مرافق صحية، الأمر الذي ساعد على انتشار الأمراض والأوبئة القاتلة، والتي من أبرزها مرض الكوليرا الذي فتك بحياة العشرات من المواطنين، منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر.
ومع كل تلك الظروف المأساوية التي يعيشها المواطنون في شهر الخير والرحمة، إلا أن هنالك مليشيا تجردت من الرحمة، استكثرت على المواطنين العيش في ظل تلك الظروف، فأبت إلا أن تفسد عليهم ما تبقى من فرحة وروحانية رمضان، من خلال المضايقات والتعسفات التي لا تتوقف، والمتمثلة في عمليات الاختطاف، واقتحام المساجد، ومنع المصلين من صلاة التراويح، والمضايقات المستمرة للتجار، وأصحاب البسطات في الأسواق، إضافة إلى سرقة الهبات والمعونات الإغاثية وبيعها في الأسواق من قبل مشرفي الحوثي، وغير ذلك من الانتهاكات والممارسات الحوثية الإجرامية.
ظروف معيشية معقدة
في ظل انقطاع المرتبات، وعجز المليشيات الانقلابية عن دفعها، يعيش غالبية المواطنين في محافظة عمران أوضاعا معيشية مأساوية، جعلت الموظفين خاصة يعيشون في حالة تيهان بين انقطاع المرتبات وكذبة التموين الغذائي، الذي حاولت المليشيا أن تغطي به عجزها وفشلها في توفير مرتباتهم، الأمر الذي دعا كثير من الموظفين، وخاصة المعلمين منهم إلى البحث عن مصدر رزق لهم ولأسرهم بعيدا عن مهنة التدريس، وأسواق حراج العمال، وأسواق القات خير دليل على ذلك، حيث أصبحت تعج بعشرات المعلمين، الذين يبدون استياءهم وسخطهم من المليشيات الانقلابية الفاشلة، وتصرفاتها الهوجاء التي أوصلتهم إلى ما هم عليه اليوم.
أما بالنسبة لغير الموظفين فالحال أكثر سوء، وما انتشار المتسولين في المساجد والشوارع، إلا مظهرا من مظاهر الوضع المعيشي الصعب الذي وصل إليه المواطن في عمران، نتيجة السياسة الطائفية الفاشلة للمليشيات الانقلابية.
بيع المعونات، واستحواذ على الزكوات
لم تكتف المليشيات الانقلابية في عمران بقطع المرتبات وتدمير حياة المواطنين المعيشية، بل دأبت على سرقة المعونات الإغاثية والتبرعات الخيرية المحلية والدولية، المقدمة في الأساس لمساعدة الفقراء والمحتاجين، حيث يقوم مشرفو الحوثي في جميع مديريات المحافظة بالسطو عليها وبيعها من التجار وقبض ثمنها إلى جيوبهم تحت يافطة المجهود الحربي.
فقد قامت المليشيات الانقلابية بمديرية عيال سريح قامت قبل نحو اسبوع بمصادرة كمية من السلال والمواد الغذائية كان قد تبرع بها أحد فاعلي الخير للأسر المحتاجة في قرية بني قادم، وذلك بعد توقيف المركبة “الدينا ” التي كانت على متنها في نقطة تابعة للمليشيا بقرية عمد، وهي في طريقها إلى القرية المستهدفة.
وفي جانب آخر تقوم المليشيات الانقلابية بعمران بالتضييق على التجار وأصحاب المحلات التجارية، من خلال فرض الإتاوات والتبرعات عليهم بالقوة تحت مسمى المجهود الحربي، إضافة إلى إجبارهم على دفع الزكاة بمبالغ مضاعفة بالنسبة للأعوام السابقة، الأمر الذي أدى إلى تضرر المعوزين والمحتاجين من المواطنين الذين كانوا قد تعودوا أن ينالوا نصيبا من تلك الزكوات عن طريق التجار أنفسهم.
اقتحامات تعسفية، واختطافات غير مبررة
تواصل المليشيات الانقلابية خلال أيام شهر رمضان المبارك مسلسل الاقتحامات التعسفية والمداهمات غير المبررة للعديد من قرى ومناطق المحافظة، مستندة إلى حجج واهية كالبحث عن مطلوبين، غير مبدية أي احترام لشهر رمضان المبارك أو أدنى مراعاة لمشاعر الصائمين، كما تقوم أيضا بعمليات الاختطاف بحق المواطنين ومحاصرة منازلهم دون أسباب تذكر.
ففي الأيام الأولى من شهر رمضان الكريم، وبحسب مصادر موثوقة قامت المليشيات الانقلابية بمداهمة قرية بني الزبير بمديرية عيال سريح، واختطفت ٢٥ من أبنائها من بينهم طفل، وذلك بحجة تكسير صور قتلاها، وقد تم الإفراج عنهم في اليوم الثاني من الاختطاف، كما قامت المليشيا بمحاصرة منزل أحد المواطنين في إحدى القرى المجاورة لمدينة عمران أكثر من مرة، وترويع النساء والأطفال دون مبرر.
وفي إحصائية لإحدى المنظمات الاجتماعية التي تعمل في مجال التنمية وحقوق الإنسان بعمران، أكدت المنظمة أن إجمالي من تم اختطافهم من قبل المليشيا خلال النصف الأول من شهر رمضان من أبناء المحافظة تسعة مختطفين، لايزال اثنان منهم يقبعون في سجون المليشيا إلى اليوم.
مداهماتٌ للمساجد، ومنعٌ للصلاة
تعمّدت المليشيات الانقلابية إخراج مكنونها الطائفي إلى العلن، بعد أن حاولت إخفاءه فترة من الزمن، ولكنها اليوم تظهر قبحها ودناءة مشروعها العنصري، حيث وجدت في رمضان فرصة مواتية لذلك، فقامت ببعض الممارسات الدنيئة محاولة من خلالها سلب المواطنين حرية العبادة، بحيث تكون حسب هواها ومعتقداتها الطائفية، لا حسب ما يريده الله.
ومن تلك الممارسات اقتحام أغلب المساجد بمدينة عمران، وإجبار المصلين على تنفيذ تعميم الأوقاف الذي يقضي بإغلاق مكبرات الصوت الخارجية أثناء صلاة التراويح، وتحريك أطقم عسكرية إلى بعض المساجد مثل مسجد بير باكر وتهديد الأئمة الأساسيين بالسجن، كما هو الحال مع بكر العامري إمام مسجد سوق قبان بالمدينة.
كما قامت بمنع صلاة التراويح في كثير من المساجد بالقوة وتحت تهديد السلاح، وإطلاق النار في الهواء لتفريق المصلين، وفي أحد المساجد اشتبكت المليشيا بالأيدي مع المصلين الذين رفضوا الانصياع لرغباتها، كما قامت باختطاف إمام المسجد بتهمة التحريض، كما هو الحال في مسجد الضبر بمديرية عمران.
وفي مناطق أخرى من مديريات المحافظة أجبرت المليشيات الانقلابية المصلين على إغلاق مكبرات الصوت أثناء صلاة التراويح في المساجد، ووزعت تعميما دعت فيه أئمة المساجد إلى إغلاق مكبرات الصوت أثناء التراويح وتهديد من لم يلتزم بالسجن، ومنع أي شخص لم تعينه المليشيا من إمامة المصلين، وهنالك مناطق في المحافظة منعت المليشيا فيها إقامة صلاة التراويح نهائيا كما حدث في قرية الشيم بمديرية ثلاء.
وهكذا تزداد الحياة تعقيدا في محافظة عمران، كغيرها محافظات الجمهورية التي يسيطر عليها الحوثي.
وكيف لا وهنالك حكم مليشاوي جائر أصاب حياة المواطنين في مقتل، واستأثر بكل شيء تاركا أفراد الشعب فريسة للجوع والخوف والأمراض الفتاكة، بل تعدى ذلك إلى منعهم بقوة السلاح من أداء شعائرهم الدينية.