ليس لهيب الصيف وحده الذي يتصدر حديث الناس في مدينة تعز وهم يستقبلون الايام الاولى من شهر رمضان المبارك، بل الكثير من الويلات والمعاناة التي ارهقت كاهل المواطنين في هذه المحافظة.
عامان ونيف والمليشيات الانقلابية تدك المدينة بمختلف انواع الاسلحة وترتكب ابشع الجرائم بحق مواطنيها والتي ترقى الى مستوى جرائم الحرب، لاتميز بين طفل وامرأة ولا مسن، حرب بلا هوادة تخوضها ضد المحافظة بأسرها تمتد من المدينة الى معظم اريافها شرقا وغربا.
لم تكتفي المليشيات بالدمار الذي الحقته بالمدينة وقتل المدنيين العزل بل تحاصر المدينة من كل منافذها، مفاقمة الاوضاع الانسانية التي يعيشها المواطنين.. أكثر من عامين، والمدينة ترزح تحت وطأة الحصار الخانق والقصف المستمر، وسط قلة المساعدات الإنسانية التي تصل إلى المدينة المحاصرة.
حل رمضان هذا العام، والآلاف من سكان تعز، نازحون فرارا من جحيم القصف والحصار، الذي لم يتوقف منذ بدأت المليشيات بمحاصرة المدينة واستهدافها بمختلف أنواع الأسلحة، قبل أكثر من عامين.
“سبتمبر نت” نفذ نزولا ميدانيا لتلمس حالة ومعاناة المواطنين في احياء المدينة المحاصرة وابراز اثار ما خلفته حرب المليشيات العبثية.
النازحة ايمان قاسم من حي ثعبات الى حي عصيفرة قالت: الظروف التي نعيشها قاسية، في ظل القصف المستمر من قبل مليشيات الحوثي وصالح، حيث أجبرونا على النزوح من منازلنا ونحن فقراء ومعوزين والحاجة تنكد عيشنا من كل ناحية.
وتضيف: دخل شهر الصوم، والمآسي تحاصرنا من كل اتجاه لدرجة اننا لم نعد ندري كيف نؤمن افطارنا ولنسد رمق جوع اطفالنا فما باليد حيلة، فكل ما يمكن فعله في هذا الشهر الكريم، غير الدعاء والتضرع إلى الله ان ربي يفرجها علينا.
امينة حالة تعكس المأساة التي تعيش تعز عامة رحاها، فهي ارملة ولديها اربعة من الاطفال، حيث استشهد زوجها بقذيفة اطلقتها المليشيات على منزلهم في حي ثعبات ودمر بالكامل الامر الذي اضطرها للنزوح الى مكان امن باعتقادها حيث لا امان في مدينة تمطرها المليشيات بقذائفها وتحاصرها من كل الجهات.
“فقر يلازم آلاف النازحين، الذين كوتهم نار الحرب، وهدهم النزوح القاسي”، بهذه الجمل النازفة بدأ معنا الحديث النازح محمد عيسى النازح من حي الجحملية شرقي مدينة تعز.
ويتابع عيسى: لقد تعبنا في نزوحنا هروباً من قذائف الحوثيين ليس لدينا من خيار لسد حاجاتنا اليومية إلا التعب المضني، رمضان هذا العام اقبل ونحن مازلنا نازحين رغم ان منطقة الجحملية اصبحت محررة الا ان منازلنا مدمرة.
ويتساءل عيسى والغصة والمرارة تملئ حلقه “الى اين نعود؟ أصبح همي الوحيد الان كيف أجلب لقمة عيش لأطفالي التي بدت وكأنها تركض أمامي فأتعب واجتهد للحاق بها”.
ويضيف خرجت الى السوق لأبحث عن اسطوانة غاز فلم استطع اقتنائها بسبب بلوغ سعرها الى 6000ريال وظروفي لا تسمح بشرائها الامر الذي اضطررنا معه الى جلب الكراتين والمخلفات من الورق لنتمكن من الطبخ بها.
وقال: اعمل في بقالة براتب 15000 لا يكفي لشيء فلا ادري كيف بنا نمضي هذا الشهر؟ واطفالي السته بحاجة الى ملابس جديدة للعيد اجد صعوبة في توفيرها.
وناشد عيسى الجمعيات والمبادرات التي تعمل في المدينة في الاعمال الاغاثية الالتفات الى معاناة المواطنين، بدلا من تتلقى الدعم وغض النظر على المحتاجين.
ايمان ومحمد حالتان تفصحان عن الكثير من معاناة ومآسي مدينة بالكامل عملت المليشيات الانقلابية على بشكل ممنهج على تدميرها وقتل وتشريد الالاف من ساكنيها ولا تزال ترتكب جرائمها يوميا، وسط صمت مطبق للضمير الانساني.