قال الدكتور، عز الدين الأصبحي، وزير حقوق الإنسان، إن خيار السلام هو الخيار الحقيقى للحكومة الشرعية، وهو ما تعمل على تكريسه فى الواقع.
وأكد الأصبحي خلال حواره لجريدة “الأهرام العربي” أن الحكومة الحالية لم تختر الحرب لكنها فرضت علينا بعد الانقلاب الذى جرى فى الحادى والعشرين من سبتمبر من العام 2014، والذى تعمد إحداث أكبر قدر ممكن من الإضرار بمؤسسات الدولة، وإسقاطها فى قبضة ميليشيا الحوثى وصالح، ما أدى إلي تشكيل المملكة العربية السعودية للتحالف العربى من عشر دول عربية، والذى أسهم فى إنقاذ اليمن من براثن الانقلابيين، وما زال يقدم دعمه وإسناده لقوات الشرعية.
وإلي نص الحوار
– الجامعة العربية تعتزم تعيين مبعوث خاص.. وبن حلى: نتحرك وفق ثوابت تحافظ على وحدة اليمن أرضا وشعبا
على الرغم من تخلى الانقلابيين فى اليمن عن خيار الحل السياسى، أو بالأحرى إجهاضه عبر سلسلة من الخطوات، كان آخرها تشكيل ما يسمى بالمجلس الرئاسى لإدارة البلاد مناصفة بين الجماعة الحوثية وأنصار الرئيس المعزول على عبد الله صالح، ثم انخراطهم فى عمليات عسكرية فى محاولة يائسة، لاستعادة ما خسروه من أراض ومحافظات، أو للرد على التقدم المضطرد الذى تحققه قوات الشرعية مدعومة بالتحالف العربى، فإن الحكومة الشرعية لم تعلن تراجعها عن هذا الخيار، بل إن غير مسئول فيها، أكد التمسك بالمنهجية السياسية الدبلوماسية لحل الأزمة، إلي حد تقديم تنازلات سعيا لتحقيق السلام وفقا لما صرح به عبد الملك المخلافى، نائب رئيس الوزراء، وزير الخارجية اليمنى، بينما الانقلابيون يؤكدون يوما بعد يوم من خلال خطواتهم التصعيدية، أنهم لا يرغبون فى السلام وفى الوقت نفسه لا يبالون بمعاناة الشعب اليمنى، فالأهم لديهم هو “تحقيق مصالحهم والبقاء فى السلطة على حساب اليمن وشعبه وأمنه واستقراره، كما يضيف المخلافى.
والمفارقة أن الرئيس هادى قدم منظورا تصالحيا فى خطابه الأخير، أمام الدورة 71 للجمعية العامة، وذلك فى الفقرة التى قال فيها: “إننا نؤكد للجميع من هذا المكان أننا لسنا دعاة انتقام، ولا نبحث عن استئصال أحد من الساحة اليمنية، ونمد يدنا للجميع لبناء يمن جديد، وبالرغم مما أحدثه المشروع الانقلابي من أضرار بالغة على الصعيد السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي، فإننا مازلنا ننظر إليهم كفئة يمنية باغية لابد من عودتها للصواب، ولا نصادر حقها في المستقبل، مازلنا نبحث عن عيش كريم وحياة آمنة لكل اليمنيين، فمشروعنا هو مشروع حياة وبناء وآمان واستقرار. واليمن الاتحادي الجديد الذي ندعو إليه هو مشروع كل اليمنيين الذين صاغوه باقتدار وحكمة في وثيقة مخرجات الحوار الوطني، هذا المشروع الذي يدعو إلي دولة اتحادية قائمة على العدالة والتوزيع العادل للسلطة والثروة، وقد دعوناهم لإثبات ولائهم لوطنهم أكثر من مرة بنزع أيديهم من يد الدول التي لم تقدم لليمن سوى الخراب والبارود ووقود الحروب”.
وفى هذا السياق، فقد سألت: “الأهرام العربى” الدكتورعز الدين أصبحى، وزير حقوق الإنسان فى الحكومة اليمنية خلال زيارته للقاهرة أخيرا، عن منظور الشرعية للرد على هذه المواقف السلبية للانقلابيين، بعد أن أجهضوا مفاوضات الكويت التى استغرقت ما يقرب من ثلاثة أشهر، وكادت أن تفضى إلي نتائج ملموسة، لولا قيامهم بإعلان تشكيل ما يسمى بالمجلس الرئاسى، وهل من بين خيارات الشرعية التوقف عن الخيار السياسى والتركيز على الخيار العسكرى فقط، بما يعنيه ذلك من الإقدام على تحرير العاصمة صنعاء، والذى من شأنه أن يقضى على كل آثار الانقلاب الحوثى المدعوم من صالح.
فعلق مجيبا: إن خيار السلام هو الخيار الحقيقى للحكومة الشرعية، وهو ما تعمل على تكريسه فى الواقع، فنحن لم نختر الحرب لكنها فرضت علينا بعد الانقلاب الذى جرى فى الحادى والعشرين من سبتمبر من العام 2014، والذى تعمد إحداث أكبر قدر ممكن من الإضرار بمؤسسات الدولة، وإسقاطها فى قبضة ميليشيا الحوثى وصالح، ما أدى إلي تشكيل المملكة العربية السعودية للتحالف العربى من عشر دول عربية، والذى أسهم فى إنقاذ اليمن من براثن الانقلابيين، وما زال يقدم دعمه وإسناده لقوات الشرعية.
وقف الحرب
ويضيف: لن يكون بمقدور أحد وقف الحرب الدائرة الآن، إلا بعد أن يتوقف الحوثيون وصالح عنها وينهون انقلابهم الدموى، ومع ذلك – أؤكد مرة أخرى – فإن السلام هو خيارنا الحقيقى، أما بالنسبة لصنعاء – وهى أكبر مدن اليمن – فهى عاصمة لكل اليمنيين، ولا يمكن إلا أن تكون مع الشرعية، ونحن ننظر إليها بحسبانها مستلبة من قبل الحوثيين وميليشيا صالح، وهى تدفع كل يوم ثمن إرهاب هذه الميليشيات لسكانها، وبالضرورة سنعمل على تحريرها من قبضتها وعودتها للشرعية، ونحن على ثقة تامة من هذه العودة بطريقة سلمية بأسرع ما يمكن، وذلك يشكل أولويات الحكومة، ومازلنا متفائلين بكونها مدينة السلام وستعود سالمة إلي الوطن والشرعية.
ويتابع الدكتور عز الدين أصبحى: بعدما ما حدث من إفشال مفاوضات الكويت، وما جرى بعد ذلك من تداعيات سلبية، فقد عاد التحالف العربى بقوة إلي تقديم الإسناد والدعم للقوات الشرعية وللمقاومة، وهو ما تجلى فى سلسلة من التطورات الإيجابية على كل جبهات القتال، فهناك تقدم واضح وكبير وتعز توشك أن تتحرر بالكامل، بعد أن منيت ميليشيات الحوثى وصالح بهزائم قوية فيها، وثمة تقهقر واضح فى خطوات الانقلابيين، ما يؤشر إلي أن الحسم بات قريبا لصالح الشرعية والسلام فى اليمن، وقد أظهرت الفترة القليلة الماضية قوة التحالف العربى فى مختلف المناطق والجبهات برا وجوا وبحرا، خصوصاً أن الانقلابيين لا يلتزمون بمحددات العملية السلمية، على الرغم من زيادة ضرواة الانقلابيين، سعيا لوأد التحولات النوعية التى يقودها الجيش الوطنى والمقاومة الشعبية.
الدعم العربى للحل السياسى
ويحظى خيار الشرعية بالتمسك بالحل السياسى بدعم وإسناد واضح من قبل الجامعة العربية، والتى يعتزم أمينها العام أحمد أبو الغيط، فى تعيين مبعوث خاص أو موفد من جانبه، كى يتابع عن قرب ويشارك فى المفاوضات اليمنية عندما تعود مرة أخرى، كما أنه تحدث مع إسماعيل ولد الشيخ، المبعوث الأممى للشأن اليمنى كى يأتى إلى القاهرة دوريًا، ويقدم للجامعة العربية تقارير دورية ووفقا لأبو الغيط، فإن أمير الكويت رحب بمشاركة وفد من الجامعة العربية لدى استئناف المفاوضات بين الفرقاء فى بلاده، وهو ما يؤشر إلي أن الجامعة ترغب فى أن تفعل دورها المباشر فى الأزمة اليمنية إلي جانب الأزمات الأخرى، فى محاولة لإحياء الرقم العربى فى معادلة التسويات السياسية التى يتم إنضاجها لهذه الأزمات، والتى ما زالت تختزن لدى أطراف إقليمية ودولية دون حساب للجامعة العربية، التى لا يختلف منظورها لتسوية الأزمة اليمنية عن منظور دول مجلس التعاون الخليجى، والتى تلعب دورا مباشرا وواضحا فى هذا الشأن، وطبقا لرؤية أبو الغيط، فإن أية تسوية في اليمن لا بد أن تتأسس على مخرجات الحوار الوطني وعناصر المبادرة الخليجية وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصِّلة، وهو ما تم التأكيد عليه في القرارات الصادرة أخيرا عن القمة العربية في نواكشوط، فى شهر يوليو الماضى واجتماع مجلس الجامعة العربية فى دورته الـ 146 التى عقدت فى الثامن من سبتمبر الجارى على مستوى وزراء الخارجية.
وخلال مشاركته فى أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، فإن أبو الغيط حرص على أن يلتقى لأول مرة مع ولدالشيخ، وطالبه – حسب محمود عفيفى المتحدث الرسمى باسم الأمين العام للجامعة – بتكثيف تواصله مع الجامعة، آخذا في الاعتبار الأهمية الكبيرة لدور الجامعة العربية في التعامل مع الأزمة اليمنية، باعتبارها أزمة عربية بالأساس، وعلى أن تشارك الجامعة في متابعة المفاوضات السياسية بين الأطراف اليمنية متى تم استئنافها.
ثوابت الجامعة العربية
ويأتى هذا التطور من قبل الجامعة العربية، فى ضوء الثوابت التى تشكل إطار موقفها من الأزمة اليمنية والتى يحددها السفير أحمد بن حلى، نائب أمينها العام لـ ” الأهرام العربى” فيما يلى:
– الحرص على وحدة اليمن أرضا وشعبا، وذلك مبدأ أساسى من المستحيل الحيدة عنه، فضلا عن المحافظة على استقلاله وسلامته الإقليمية وسيادته ورفض أي تدخل في شئونه الداخلية أو فرض أي أمر واقع بالقوة.
– الاعتراف بالشرعية الدستورية التى يجسدها الرئيس عبد ربه منصور هادى وحكومته، واعتبار بقية الأطراف مكونات أساسية فى اليمن، وبالتالى فإنها باتت مطالبة بالالتزام بمحددات وأطر ومرجعيات الحل السياسى، المتمثلة فى المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطنى وقرارات مجلس الأمن وبالذات القرار 2216.
– إن الحل السياسى هو الحل الأسلم والمطلوب للأزمة اليمنية.
– المساعدات الإنسانية لا بد أن تكون حاضرة فى المشهد اليمنى على نحو يعمل على تخفيف معاناة المتضررين، فضلا عن تكثيفها وسرعة إرسالها لمختلف المناطق، ولا شك أن كلا من دولة السعودية والإمارات العربية المتحدة تلعبان دورا محوريا ومقدرا على هذا الصعيد، غير أن هذا يستوجب من الدول العربية الأخرى والمنظمات الإنسانية، أن تسارع إلي تنشيط حركتها فى اليمن، حيث يفتقر ثلاثة أرباع السكان إلى أبسط أشكال المساعدات الإنسانية، خصوصاً في مجال الغذاء والدواء وانتشار وتفشي العديد من الأمراض المختلفة والمعدية.
وأسأله: لكن الانقلابيين يقومون بتصرفات من شأنها التأثير على الحل السياسى المأمول؟
يجيب بن حلى: أن الحل السياسى هو السبيل لوقف دماء اليمنيين وللحفاظ على هذا البلد العربى الأصيل ونتطلع إلي استنئاف المفاوضات بين مختلف أطراف الأزمة ولا يبنغى – على الرغم من كل التداعيات السلبية الملموسة من قبل الانقلابيين – أن نفقد الأمل، فالفرصة ما زالت سانحة ومواتية، فى ضوء ما يبذل من جهود سواء من قبل الجامعة العربية، أم الأمم المتحدة أم أطراف إقليمية ودولية للوصول إلي هذا الحل.