اعلن نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم عن تدشين مبادرة عالمية للتسامح تشمل تكريم رموز التسامح العالمي في مجالات الفكر الإنساني والإبداع الأدبي والفنون الجمالية.
ما ستؤسس “جائزة محمد بن راشد للتسامح” لبناء قيادات وكوادر عربية شابة في مجال التسامح وتدعم الإنتاجات الفكرية والثقافية والإعلامية المتعلقة بترسيخ قيم التسامح والانفتاح على الآخر في العالم العربي.
وأعلن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم عن إنشاء “المعهد الدولي للتسامح” أول معهد للتسامح في العالم العربي يعمل على تقديم المشورة والخبرات اللازمة في مجال السياسات التي ترسخ لقيم التسامح بين الشعوب، ويقوم بنشر الدراسات والتقارير المتعلقة بموضوع التسامح والعمل مع المؤسسات الثقافية المعنية في العالم العربي، لنشر مبادئ التسامح لدى الأجيال الجديدة.
وسيطلق المعهد الجديد أيضاً مجموعة من الدراسات الاجتماعية للبحث في جذور التعصب والانغلاق والطائفية، كما سيعمل المعهد على دعم الباحثين العرب والمتخصصين العالميين في مجال التسامح، ويساهم في ترسيخ فكر مختلف في الأجيال الشابة عبر المساهمة البحثية في تطوير منظومات التعليم.
وتعد الجائزة والمعهد أحدث عضويين في مبادرات محمد بن راشد العالمية المؤسسة الأشمل عالمياً في تطوير المجتمعات الإنسانية، والتي تضم تحت مظلتها أكثر من 30 مؤسسة إنسانية وخيرية ومعرفية وصحية وتعليمية ويترأسها الشيخ محمد بن راشد، وتسعى لتغيير حياة 130 مليون إنسان خلال السنوات العشر القادمة في كافة المجالات.
وأكد الشيخ محمد بن راشد أن دولة الإمارات تمثل اليوم نموذجاً للتسامح وستعمل على ترسيخ ريادتها في هذا المجال، وقال “إن الإمارات نجحت في أن تكون مركز جذب بشري من كل أنحاء العالم مبرهنة بأن الإمارات والتسامح وجهان لمعنى جميل واحد، ومع اعتزازنا بأن التسامح يعد قيمة أساسية في مجتمع الإمارات إلا أننا نسعى من خلال هذه المبادرة لتحويل قيمة التسامح لعمل مؤسسي مستدام يعود بالخير على شعوبنا في المنطقة العربية”.
وأضاف “التسامح ضمانة أساسية لاستقرار المجتمعات واستدامة التنمية فيها ولا بد من إعادة إعمار فكري وثقافي لمجتمعاتنا العربية لترسيخ التعايش والتسامح والانفتاح”.
وشدد في هذا الجانب بالقول “يجب العمل من أجل توفير حصانة فكرية للشباب وسيكون تركيزنا في هذه الجائزة على شباب الوطن العربي لأننا نرى فيهم الأمل لتشكيل حائط الصد الرئيسي لمواجهة تيارات التعصب والإقصاء”، مضيفاً بأن الاحتفاء برموز التسامح في كافة المجالات هو مطلب ملح وسط الظروف التي يمر بها عالمنا.
ومن ناحيته أكد الأمين العام لمبادرات محمد بن راشد العالمية محمد عبدالله القرقاوي أن جائزة محمد بن راشد للتسامح والمعهد الدولي للتسامح هما استجابة واقعية وعملية من الشيخ محمد بن راشد لما يراه أحد أهم أسباب التوتر في المنطقة والتراجع الحضاري العربي في الكثير من المجالات، وهو موضوع التعصب والإنغلاق والتخندق خلف المذاهب والطوائف والقوميات على عكس التسامح الذي كان سائداً في عصور التفوق الإسلامي والحضارة العربية المنفتحة على الآخر، حيث ستعمل هاتان المبادرتان الجديدتان على إبراز نماذج الانفتاح والتسامح وترسيخ الإبداع الفكري والجمالي الذي يدعو للتعايش والتعارف والتسامح في عالمنا العربي بالإضافة لمحاولة صناعة سفراء للتسامح من الشباب في المنطقة.
وأضاف القرقاوي أن مبادرات محمد بن راشد العالمية هي مؤسسة يترأسها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وتعنى بصناعة التنمية الإنسانية الفكرية والعلمية والخيرية بالإضافة لمد يد العون لملايين البشر في أكثر من 113 دولة حول العالم وتضم أكثر من 30 مؤسسة تحت مظلتها وتقوم استراتيجية المؤسسة خلال الفترات القادمة على التركيز على العالم العربي بهدف صناعة الأمل وبناء المستقبل في منطقتنا.
وستمنح جائزة محمد بن راشد للتسامح في خمسة فروع ثلاثة منها تكريماً لجهود رموز للتسامح في الفكر الإنساني والإبداع الأدبي والفنون الجمالية، واثنان في مجال مسابقات تنظمها الجائزة بشكل مبتكر في مجال المشاريع الشبابية والإعلام الجديد.
ففي مجال الفكر الإنساني تمنح الجائزة للعالم والمفكر الذي قام بإسهامات بارزة في نشر قيم التسامح عبر مواقفه العامة والآفاق العلمية التي يرتادها والقدرة على المزاوجة بين الثقافات وإنتاج الأعمال المتميزة تأليفاً وتحقيقاً، أما في فرع الإبداع الأدبي فستمنح للأديب والروائي الذي حقق جدارة مطلقة بإبداعه المتسم بالتعدد الثقافي وحفظ ذاكرة التراث الإنساني وإشاعة الوئام وترويج المساواة والتفاهم المتبادل بين الشعوب، وعلى صعيد الفنون الجمالية فتقدم الجائزة للمبدع الذي حقق سبق الريادة في فنون المسرح أو الرسم أو السينما وعمل بشكل دؤوب في تسخير إنتاجه لبناء جسور التواصل بين الثقافات وتأسيس قيم التعايش الحضاري والاحتفاء بمكاسب التسامح الإنساني.
وستسعى جائزة محمد بن راشد للتسامح لغرس بذور التسامح في المجتمعات العربية عبر تخصيص برامج تركز على صناعة قيادة شبابية متسمة بأعلى درجات المسؤولية والمعرفة والشعور بالانتماء الوطني وسيتم إدراج المشاريع الشبابية كأحد فروع الجائزة لتمنح للفائز في مسابقة سفراء التسامح المبتكرة التي ستسهم في توفير مضمون شبابي للعديد من الفعاليات، بالإضافة لمجال الإعلام الجديد حيث ستوفر الجائزة فرصة الدعم الانتاجي الاحترافي والتواصل المباشر مع أفضل الخبرات لتمكين الشباب العربي من نشر إبداعهم بما يتسق مع رسالة التسامح والقدرة على جذب أكبر عدد من المشاهدات في وسائل التواصل الاجتماعي.
كما وجه الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بالعمل على تأسيس “المعهد الدولي للتسامح” الذي يضمن استدامة المشاريع وتنظيم سلسلة من البرامج التي توفر بيئة آمنة وصحية للشباب، ويعمل على تعميق الوعي تجاه قضايا التسامح بتمكينهم من تحويل أفكارهم إلى واقع ملموس ومؤثر يعود بالنفع لهم ويرسخ شعور الانتماء للوطن العربي الكبير.
كما يعمل المعهد على صناعة خط إمداد بالكفاءات القيادية الشابة في مجال التسامح والكوادر المتميزة في سعيها لنشر ثقافة التسامح وروح العطاء وخدمة المجتمعات ونبذ التطرف، وسينظم المعهد الفعاليات والمنتديات والتدريب المتخصص وسيقوم بدعم الدارسين والباحثين في كافة أنحاء العالم لتشخيص جذور التعصب والانغلاق في المجتمعات.
ووجه الشيخ محمد بن راشد بتشكيل مجلس أمناء للإشراف على الجائزة برئاسة وزيرة دولة للتسامح الشيخة لبنى بنت خالد القاسمي وتعيين الدكتور حمد الشيخ أحمد الشيباني عضواً منتدباً لمعهد التسامح وأحمد خلفان المنصوري أميناً عاماً للجائزة.
وأشار إلى العمل على تنسيق كافة الجهود كي تشكل هذه الجائزة نواة لجيل من القيادات الشابة التي يتم اختبار قدراتها وتطويرها عبر برامج منتقاة بعناية، لتشمل مهارات التواصل مع المجتمع والتأسيس العلمي والثقافي والاستفادة من ذوي الخبرة لعمل استراتيجيات ترسخ أدبيات التسامح في المجتمعات العربية.