تقرير / علي رجب :
شهد اليمن العديد من الأحداث التي انتهجتها جماعة الحوثيين في البلاد، منذ سيطرتهم على العاصمة صنعاء، في 20 أغسطس 2014، تشير بقوة إلى عودة الدولة الدينية في اليمن في محاولة لإحياء الدولة الإمامية من جديد، بعد أن أنهت ثورة 26 سبتمبر 1962، الدولة الإمامية في اليمن الشمالي.
1-تعيين مفتي حوثي:
أصدر المجلس السياسي لجماعة الحوثيين بتعيين هيئة إفتاء شرعية ومفت جديد في صنعاء، وهذا من شأنه تقسيم اليمن.
فقد عين شمس الدين محمد شرف الدين “مفتيًا للديار اليمنية” بدلا من القاضي محمد بن إسماعيل العمراني، الذي تعرض لعدة مضايقات من جماعة الحوثي واقتحام مكتبته ونهبها.
ويضم مجلس هيئة الإفتاء الجديد خمسة أعضاء إلى جانب الرئيس، يؤمنون بولاية الفقيه، وينحدرون من الهاشمية والزيدية الجارودية، القريبة من المذهب الشيعي الإثنى عشرية.
وهم محمد على مرعي صوفي موالٍ لما يسمى “آل البيت”، يؤمن بسلطة ولاية الفقيه ومن المقربين من الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، ومحمد عبدالله عوض يوصف بالفقيه الهاشمي.
وهو متعصب لجماعة الحوثي كما يلقب بـ”المؤيد الضحياني” نسبة إلى منطقة ضحيان، معقل زعيم الحوثيين عبدالملك الحوثي، ويونس محمد المنصور أحد منظري الزيدية، إضافة إلى سقاف الكاف وإبراهيم عقيل، ويجمعان بين التعصب الهاشمي والفكر الصوفي الموالي والذي يرى أحقية أئمة الزيدية في الحكم.
و ارتكزت فكرة الإمامة في الفكر الشيعي الجارودي على استحقاق البيعة لمن يخرج من أبناء الحسنين داعيًا لنفسه عالمًا مجتهدًا قويًا، وأضاف بعضهم: وخاليًا من العيوب الجسدية والعاهات وأن يخرج على الظلمة شاهرًا سيفه ويدعو إلى الحق.
2-السيطرة على المساجد:
منذ سيطرتها على مؤسسات الدولة في العاصمة صنعاء، أواخر العام 2014، بدأت الجماعة حملة ممنهجة؛ للسيطرة على المساجد، عن طريق فرض خطباء وأئمة محسوبين عليها.
وفي منتصف 2016 أقدمت جماعة الحوثيين، على تغيير أئمة المساجد، وفرض مناهج دراسية تابعة لهم على مركز لتحفيظ القرآن، بحسب ما نشرته وسائل إعلام يمنية.
كما تم في وقت سابق تغيير المنهاج التعليمية في مركز أبو القاسم، حيث فرضت الميليشيات التي تحاول نشرها فكرها بالقوة إدارة جديدة تابعة لها، مشيرة إلى أن المدرسات اللاتي يقمن بالتدريس بالمركز رفضنا التدريس، بعد فرض مناهج وإدارة جديدة.
3-مناهج التعليم
ومن أجل سيطرتها على الأجيال الجديدة، قامت ما تسمى باللجنة الثورية العليا التابعة للحوثي، بتوجيه قطاع المناهج بوزارة التربية والتعليم، بضرورة العمل على تعديل مناهج المرحلة الأساسية، حين قال رئيس اللجنة، محمد على الحوثي، في لقاء جمعه بقيادات وزارة التربية والتعليم، إن “المناهج الحالية قد تم فُرضها من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل ضمن مؤامرة تستهدف الهوية اليمنية الإسلامية”.
ويتولي وزارة التربية والتعليم في حكومة عبد العزيز بن حبتور التي شكلها تحالف “الحوثي- صالح”، القيادي الحوثي يحيى بدر الدين الحوثي -شقيق زعيم جماعة الحوثيين عبد الملك الحوثي.
وكشف المركز اليمني للدراسات والإعلام التربوي (جهة مستقلة)، أن «الحوثيين يصرون على إعادة تعديل مناهج التعليم المدرسي، ولديهم توجهات جديدة في إعداد مناهج جديدة تخدم أجندتهم الطائفية».
4- الشعار والمليشيات:
ويرى الباحث في شئون الحركة الحوثية عادل الأحمدي، أنه بعد سيطرة الحوثيين على اليمن، استبدلوا النشيد الوطني للدولة اليمنية بشعار الصرخة الذي يتضمن «الموت لأمريكا وإسرائيل».
وأضاف أن المدارس الواقعة تحت سيطرتهم صارت معسكرات؛ لإعداد الأطفال المقاتلين، سعيا لإنتاج ميليشيا «حشد شعبي» على المدى المتوسط و«حرس ثوري» على المدى البعيد، وفي حال استمر الوضع على ما هو عليه، فقد يعزف كثيرون عن تعليم أبنائهم، مفضلين الجهل على التعليم الطائفي.
5- السيطرة على الإعلام:
في يناير 2015، أعلنت وزيرة الإعلام نادية السقاف، أن جماعة “الحوثيين”، سيطرت على “الفضائية اليمنية” ووكالة “سبأ” الرسمية، مشيرة إلى أن الوكالة والفضائية وهو ما يعيد الإعلام الرسمي في اليمن، قبل تدشين الحكومة الشرعية في عدن مؤسسات إعلامية جديدة.
و سيطرت جماعة الحوثي، على صحيفة “الثورة”، قبل أسبوعين، والسيطرة على مقر تليفزيون “اليمن”، المحطة اليمنية الرسمية، في سبتمبر 2014، ويسيطر تحالف (الحوثي، صالح) على أهم أربع صحف شعبية (اليمن اليوم، الشارع، الأولى، المسيرة).
والقنوات الفضائية التابعة للجماعة الحوثيين وهي (المسيرة، الساحات، صنعاء)، والقنوات الحكومية التي تقع تحت سيطرة الحوثي، هي (الفضائية اليمنية، عدن، سبأ، الإيمان). وتعد مؤسسة “المسيرة” الإعلامية، والتي تشكل الذراع الأقوى لجماعة الحوثيين في اليمن وصوتها للخارج.
وخلال السنوات الثلاث الماضية، عمد مسلحون حوثيون إلى اقتحام منازل العديد من الصحافيين اليمنيين، بينهم المدير السابق للتلفزيون اليمني بالعاصمة صنعاء، عبدالغني الشميري، ورئيس مؤسسة الشموع للصحافة والإعلام، سيف الحاضري، بعد سلسلة من عمليات التفتيش والمداهمة.
وقالت تقارير حقوقية أن جماعة الحوثي قامت بحجب ما لا يقل عن 36 موقعًا ألكترونيًا إخباريًا، بالإضافة إلى اقتحام ما لا يقل عن 14 مكتبا ومقرا لوسائل إعلام، والاستيلاء على بعضها، ومصادرة محتويات عدد منها، معظمها جهات إعلامية مناوئة لجماعة الحوثي، بالإضافة إلى اعتقال عشرات الصحفيين.
6- الإمامية في الماضي:
وقامت دولة الإمامة الجارودية في اليمن مرّتين: الأولى الدولة القاسمية التي أسسها القاسم بن محمد، ثم أبناؤه من بعده، واستمرت منذ العام 1006هـ – 1598م وحتى مجيء العثمانيين للمرة الثانية إلى اليمن في النصف الثاني من القرن التاسع عشر.
أما دولة الأئمة الثانية فقد قامت على يد الإمام يحيى حميد الدين بن محمد، من نسل الأسرة القاسمية واستمرت 44عامًا (إلى قيام الثورة اليمنية 1962).
واليوم مع إجراءات الحوثيين في مختلف القطاعات تشير إلى سعي الجماعة لإحياء الدولة الدينية في اليمن، في ثوب الحوثي.