همدان العليي :
هل بدأت الحرب في 26 مارس 2015 كما يحاول الحوثيون تصوير ذلك؟ أم كانت مجرد معركة من معارك استرداد الدولة وفرض واحدة من اتفاقيات سلام وطنية عديدة تعمد الحوثيون ومن حالفهم التنصل منها وإفشالها بعد أن باركها المجتمع الدولي أجمع. دعونا نراجع بشكل سريع سنوات وأشهر ما قبل هذا التاريخ، فلا يمكن أن نتعامل مع القضية اليمنية بدءاً من هذا التاريخ المتأخر جدا دون العودة لحيثيات وتفاصيل أصل القضية التي جعلت الحوثي عدو الجميع وطنياً ودوليا.
– من المعروف أن مؤسس الجماعة حسين الحوثي لم يحمل هم القضية اليمنية، بل كان داعياً للعنف، وقد رفع السلاح في وجه الدولة بصعدة في 2004 باعتراف حليف الحوثي اليوم، ليكون بذلك من تسبب في إشعال ست حروب في اليمن راح ضحيتها أكثر من 60 ألف يمني وتهجير يهود آل سالم وقبائل صعدة وحرف سفيان.
– أشعل الحوثيون الحرب في 24 مارس 2011 عندما نكثوا اتفاق السلام مع النظام السابق وحاصروا محافظ صعدة طه هاجر، وبعد إجباره على المغادرة عينوا تاجر السلاح المطلوب دوليا فارس مناع محافظا لها كما قاموا بقتل وملاحقة المدنيين وتفجير منازلهم.
– الحوثيون بدأوا الحرب في 23 نوفمبر 2011 حينما رفضوا حكومة الوفاق التي بموجبها بدأ اليمنيون نقل السلطة سلمياً بإجراءات معروفة وعلى مراحل مزمنة وبرعاية من المجتمع الدولي.
– أشعل الحوثيون الحرب في بداية ديسمبر 2011 ضد أهالي دماج وأطبقوا الحصار عليهم أواخر أكتوبر 2013 وهجروهم في 15 يناير 2014.
– ولانهم لا يؤمنون بالحوار بل بالبندقية، فقد اجبر الحوثيون على المشاركة في الحوار الوطني الشامل بعد ضغوط قوية من أحزاب المشترك في مارس 2013، ثم أشعلوا الحرب مجدداً حين رفضوا التوقيع على وثيقة الحوار الوطني الشامل في يناير 2014 بخلاف كافة الاحزاب والإطراف اليمنية جميعا ودون اعطاء تبريرات.
– الحوثيون بدأوا الحرب عندما حاصروا عمران واقتحموها في 8 يوليو 2014 بتهمة محاربة الدواعش دون اعتبار للتحذيرات الدولية والدول الراعية لتنفيذ المبادرة الخليجية.
– وعندما بدأوا لأول مرة يتحدثون عن القضايا الوطنية في خطابهم السياسي كانت جرعة الوقود التي تبناها الحوثيون ليبدأوا بها الحرب مجددا وحاصروا صنعاء واقتحموها واقتحموا دور سكانها ودمروا مؤسسات الدولة وقاموا بنهب معسكراتها وبنكها المركزي في 21 سبتمبر 2014، دون ان يلقوا بالاً لبيانات وتحذيرات مجموعة الدول الراعية والمراقبة لتنفيذ المبادرة الخليجية.
– كان الحوثيون هم من بدأوا الحرب عندما رفضوا تطبيق اتفاق السلم والشراكة الذي فرضوه بأنفسهم.
– الحوثيون من بدأوا الحرب عندما اختطفوا مدير مكتب رئيس الجمهورية الدكتور أحمد عوض بن مبارك في 17 يناير2015.
– الحوثيون هم أيضاً من بدأوا حرباً على كل الاتفاقات والمواثيق في يناير 2015 حين اقتحموا قصر الرئاسة بصنعاء وفرضوا الإقامة الجبرية على رئيس الجمهورية الشرعي وحكومة الوفاق الوطني لتغلق كافة السفارات والبعثات الدبلوماسية والمانحة مكاتبها وتغادر صنعاء وتحرم اليمن من الدعم التنموي والانساني والسياسي.
– الحوثيون بدأوا الحرب عندما نفذوا مناورات عسكرية بسلاح جيش الدولة المنهوب بالقرب من الحدود السعودية وبدون أي مبرر في 12 مارس 2015 وكانت خرقا لاتفاقية الحدود بين البلدين العام 1998.
– الحوثيون أشعلوا الحرب في 21 مارس 2015 عندما اصدروا اعلانا رسميا بالتعبئة العامة المالية والبشرية وتسخير كامل ميزانية الصحة والتعليم والاقتصاد والتنمية وأصول الجيش والأمن لصالح الحرب واستخدام أسلحة الدولة المنهوبة لقتل أهالي البيضاء وتعز والحديدة وإب وأبين وعدن والضالع وشبوة ومأرب بتهمة انهم دواعش ارهابيين.
– لم تأت عاصفة الحزم إلا بعد هذا التاريخ المليء بالدمار والموت ومسلسل طويل من التنصل من الاتفاقات لايقاف اطلاق النار وايقاف عدوانها ضد ابناء اليمن الذين لم يعرفوا في تاريخ أسلافهم مثل هذه الجائحة. وفي مارس 2015 كانت قد مرت ستة أشهر منذ أن صنع احتلال جماعة الحوثي نموذج صنعاء المنهوبة والمقهورة وتحولها في يوم وليلة إلى مجرد قرية، وهي التي لم تواجههم بالنار فعليا، ورغم ذلك, خلال هذه الأشهر الستة، مارس الحوثيون أبشع الجرائم والانتهاكت ضد حقوق الإنسان في اليمن.. قتل، سحل، تفجير منازل، اختطاف وتعذيب في السجون حتى الموت. ووصل الحال أنهم قصفوا منزل رئيس الجمهورية المنتخب من الشعب بعدن بعد تمكنه من التخلص من حجزه في منزله وتهديد حياته.
جاءت عاصفة الحزم في 26 مارس بينما كان أعضاء حكومة الوفاق لا يزالون قيد الاقامة الجبرية بصنعاء، وبعد أن طالب رئيس الجمهورية من الدول العربية التدخل المباشر بقيادة السعودية تماما كما تدخلت من قبلها مصر العربية التي استمرت ثمان سنوات في صف الجمهورية (1962 – 1970) وكما تدخلت السعودية في 2009 – 2010 في صعدة بدعوة من حليف الحوثيين، علي عبدالله صالح.