انقضى عامان منذ انطلاق عاصفة الحزم بمساندة عشرة دول على رأسها المملكة العربية السعودية لاسقاط الانقلاب الذي قادته ميليشيا الحوثي مدعومة بقوات الرئيس المخلوع صالح وإيقاف المد الإيراني الذي يسعى للسيطرة على المنطقة عبر اليمن بواسطة حليفه الانقلابيين.
ولكن في ظل بقاء سلطة الانقلاب وسيطرتها على العاصمة صنعاء والاستماتة في كثير من جبهات القتال وظهور أسلحة جديدة تستخدمها الميليشيا بين الحين والأخر تطرح تساؤلات عديدة أهمها هل كان انطلاق عاصفة الحزم ذا جدوى حقيقية لليمن شعبا وارضا؟؟ وما الذي قدمته لليمن حتى اللحظة ؟؟
وهل مازال امد الحرب طويلا ام انها شارفت على النهاية؟؟ ثم ماذا بعد عاصفة الحزم؟؟
الغد اليمني \ قسم التحقيقات :
لماذا عاصفة الحزم ؟؟
يقول المحلل السياسي سيف الشميري انه لولا تدخل التحالف العربي عسكريا في 26 من مارس 2015 لإنهاء الانقلاب الذي تم في 21 سبتمبر 2014 بعد تعذر كل المحاولات لحل تلك الكارثة سلميا ومنع حدوث حرب أهلية بوساطات خليجية وعربية واممية وتعنت الانقلابيين الذي دفعهم نحو احداث حالة اقتتال أهلي وطائفي، وكانت ستقسم اليمن الى دويلات ويظهر أمراء الحرب وجماعات العنف، ولولا عاصفة الحزم لكان الوضع الان في اليمن اقرب الى الفوضى العارمة والاقتتال الدائم في جميع ارجاء الوطن .
وترى الناشطة في المهجر لطيفة علي انه لولا تدخل الجوار الإقليمي لكان المشهد اليوم كابوسي واضحت العمائم الإيرانية تخطب في المساجد وتصبح صنعاء العاصمة الرابعة للسقوط العربي في مستنقع إيران تُحكم من قم, وتبدل شكل الجمهورية التي ذهبت في سبيلها التضحيات وناضل من اجلها الرجال منذ سبتمبر 1962 وعادت الإمامة بلباس ال البيت والخميني كي تنزع عنه المواطنة والحق بالمساواة والكرامة وتقسيم المجتمع الى فئة السادة وليس المقابل المنطقي لها سوى العبيد .
وأشارت الى ان العامين الماضيين حدث فيهما من التنكيل والقتل والتشريد والتهجير والاختطاف والتعذيب ما تعتبره الاعراف الدولية والقوانين الإلهية والإنسانية فظائع وجرائم قام بها فصيل يدعي انتمائه لليمنيين، وقالت: “لَو تخيلنا المشهد انطلاق الجائحة الحوثية مدعومة بقوات صالح من عمران الى صنعاء الى عدن واستسلام تعز دون مقاومة وبالمحصلة عدم تدخل الجوار الإقليمي فان الكارثة ستكون اكبر بكثير مما نتخيله”.
العاصفة نتيجة وليست حدثا
وأوضح الإعلامي عامر الدميني ان جميع التأويلات التي ذهبت الى اعتبار تدخل التحالف في اليمن وقيام عاصفة الحزم عدوانا تتوزع على طرفين، الأول هو الطرف الانقلابي نفسه، بشقيه ميليشيا الحوثي وحليفها الرئيس السابق صالح ومعه حزب المؤتمر الشعبي العام الذي ظل محتفظا برئاسته، ومن دار في فلكهما من ناشطين وسياسيين، اما الطرف الثاني فهم غالبية من الناس ممن تضررت مصالحهم، وأثرت فيهم الآلة الإعلامية للانقلابيين، وخلف كلا الطرفين تقف ماكينة إعلامية تتبع ايران خارجيا.
ولعل الخطأ الذي وقع فيه الكثيرون هو النظر لعاصفة الحزم بوصفها حدثا طارئا، وليس نتيجة لمجموعة من الاحداث قادت في مجملها الى اعلان العاصفة بذلك الحجم و الأسلوب.
وقال الدميني “كان واضحا ان تلك المليشيا بشقيها الانقلابي الحوثي وصالح يسعيان لطمس كلما يتعلق بالثورة الشبابية، والإجراءات التي تحققت عقبها، وسحقت المليشيا في طريقها كل شيء، بما في ذلك الحياة السياسية والاقتصادية لليمنيين، وراحت تخلق واقعا جديدا يتلاءم مع مشروعها الطائفي الانقلابي”.
فيما اكد وكيل وزارة الاعلام فياض النعمان ان اللحظات الأولى لعاصفة الحزم كانت بمثابة طوق النجاة للشعب اليمني المناهض والرافض للمشروع الكهنوتي والعنصري الذي تحاول المليشيات الحوثية فرضه بقوة السلاح, رغم أدراكم أن اليمنيين يرفضون أي إملاءات تتنافى كليا او جزئيا مع واقعه ومكوناته الاجتماعية وهو ما نتج خلال العامين الماضيين من اتساع رقعة التأييد الشعبي والقبلي والسياسي لأهداف التحالف العربي والمتمثلة باستعادة الدولة ومؤسساتها من الانقلابيين والشروع الفوري في بتر وقطع اليد الصفوية الإيرانية العابثة التي حاولت تحويل اليمن السعيد إلى ولاية تابعة للولي الفقيه بغية تحقيق مشاريعهم الطائفية واستنساخ التجربة اللبنانية في اليمن .
عاصفة انقاذ اليمن
وعن اهم المنجزات التي حققتها عاصفة الحزم خلال العامين الماضيين يقول النعمان واصفا إياها بعاصفة إنقاذ اليمن انه منذ الوهلة الأولى لانطلاقها جنت ثمار أهدافها الأولى التي انطلقت من اجلها بتحييد سلاح الجو اليمني الذي سيطرت عليه مليشيات الانقلاب بعد أن سلمها لهم المخلوع صالح بالإضافة إلى استهداف التجمعات العسكرية للمليشيات الانقلابية في كل المحافظات التي اجتاحها تتار العصر والتي وصلت حينها إلى الساحل الذهبي للعاصمة اليمنية المؤقتة عدن .
واكد بان المحطات التي أنجزتها عاصفة الحزم وإعادة الأمل خلال العامين كثيرة وعديدة على الأصعدة المختلفة ( السياسية والعسكرية والاقتصادية والإنسانية والاجتماعية ) فرغم المحاولات البائسة التي حاولت المليشيات الانقلابية والقوى الدولية الداعمة لهم من الوقوف حجرة عثرة أمامها استطاعت الشرعية اليمنية ودول التحالف العربي تحقيق نجاحات كبيرة على الصعيد السياسي وانتزعت انتصارات عديدة للشعب اليمني ابتدأ من انعقاد مؤتمر الرياض لكل القوى المؤيدة للشرعية ومرورا بالاستحقاقات الدولية التي انتزعها التحالف والشرعية في المحافل الدولية المختلفة والتي نتجت عنها دعم دولي وإقليمي لها عبر القرارات الدولية الصادرة من مجلس الأمن والأمم المتحدة وعلى رأسها القرار 2216 .
وأضاف الوكيل فياض النعمان ” لم تقتصر الانجازات الحقيقية لعاصفة إنقاذ اليمن على الصعيد السياسي فقط فعلى الصعيد العسكري عملت الشرعية اليمنية والحكومة وبدعم من التحالف العربي في الشروع في تأسيس النواة الأولى للجيش الوطني وفق مخرجات مؤتمر الحوار الوطني والمبني على أسس وطنية بعيدة عن الانتماء الضيق للقوى المهيمنة على القرار السيادي للبلاد وبعيد عن الانتماء القبلي والعائلي الذي شكل الجيش العائلي التابع للمخلوع صالح والذي بقتال في خندق واحد مع المليشيات الانقلابية في مواجهة مشروع الشعب اليمني المبني على دستور اليمن الاتحادي الجديد بالإضافة الي تحقيق احد أهداف العاصفة التي انطلقت والمتمثل بتحرير كل شبر في اليمن من هيمنة وبطش المليشيات والتي كانت تسيطر على مساحات كبيرة من المحافظات اليمنية واليوم أصبح الجيش الوطني والتحالف العربي يقرع أبواب العاصمة صنعاء ويقترب من مخبئ زعيم المتمردين الحوثيين في كهوف مران وأوشكت على تامين كل السواحل اليمنية( الجنوبية والغربية) وإعادتها لسلطة الشرعية اليمنية وتامين ثاني أهم مرر في العالم ( باب المندب ) .
لم تقتصر أهداف عاصفة إنقاذ اليمن عند هذا الحد بل شرعت منذ الأشهر الأولى إلى إعادة الحياة الطبيعية للمحافظات المحررة وساعدت السلطة الشرعية في دعم الاقتصاد الوطني وعودة الحكومة الشرعية إلى الأراضي اليمنية بعد ان حاولت المليشيات نفيها إلى الخارج .
واوضح النعمان ان تسارع الإحداث السياسية والعسكرية والاقتصادية والإنسانية خلال العامين الماضيين اثرت بشكل ايجابي كبير على المشهد اليمني ولا تزال الشرعية والتحالف العربي لاستعادة الدولة من المليشيات مستمرة في إعادة الحياة الطبيعية للمواطن اليمني ورسم الابتسامة على وجهه رغم الصعوبات الكبيرة التي تقف عائق أمام تحقيق وتنفيذ كل الاستحقاقات التي حصل عليها محليا وإقليميا ودوليا.
عراقيل واخفاقات
وترى الباحثة ابتسام المقطري انه لولا عاصفة الحزم لكانت المحافظات الجنوبية اليوم وجميع مناطق تعز والبيضاء ومأرب وغيرها خاضعة لسطوة الحوثي بعد شلالات من الدماء لمدنيين وكل معارضي سلطات الميليشيا , مشيرة الى انه بالإضافة لمساندة السعودية اليمن عسكريا في خوض المعركة جنبا الى جنب في تحرير اكثر من 85% من الأراضي اليمنية من سطوة وبطش الميليشيا أيضا فتحت حدودها لاستقبال النازحين والفارين من بطشها ولولا ذلك لكانت السجون اليوم تعج بمئات الالاف من المعتقلين ولتضاعف عدد القتلى والمخفيين .
وأشارت الى ان السعودية والامارات وغيرها تقوم أيضا بتقديم المساعدات الغذائية والايوائية والاسعافية ومعالجة الجرحى من المدنيين والعسكريين والذي خفف كثيرا من وطأة معاناة الناس جراء الحرب العبثية التي شنتها تلك الميليشيات منذ عامين ونصف.
من جانب اخر يبرر القيادي العسكري قاسم العديني أسباب تأخر حسم المعارك الدائرة في اليمن وتحقيق عاصفة الحزم لاهدافها التي أعلنت حين انطلاقها الى أسباب عدة مؤكدا انها لم تتأخر أصلا في انجاز أهدافها بل على العكس تماما كانت سريعة في تحقيقها مقارنة بمعارك ثيرة قادتها دولا وتحالفات ضد عصابات وميليشيات استمرت أعواما طويلة وبعضها لم تحقق حتى 50% من أهدافها.
وقال العديني انه بالإضافة الى تحرير لمعظم الأراضي اليمنية واقتراب الجيش الوطني مسنودا بالتحالف من العاصمة صنعاء يعد إنجازا هاما لميليشيا سيطرت تماما على كل مخازن الأسلحة الاستراتيجية وسخر لها جيش دولة بأكمله تم تجهيزه طوال 33 عاما , بالاضافة الى الدعم الخارجي من ايران وغيرها.
وأشار العديني الى ان ابرز المعوقات التي تعرقل من حسم المعارك هي في الدرجة الأولى استخدام الميليشيات للالغام بمختلف أنواعها وزراعتها في كل منطقة تنسحب منها مما يصعب من عملية التقدم للجيش موضحا ان الجيش حتى الان استطاع نزع اكثر من ربع مليون لغم فيما لاتزال هناك مئات الالاف من الألغام التي زرعت عشوائيا تملاء الطرقات والمزارع وحتى المناطق السكنية .
وأشار أيضا الى وعورة وصعوبات التضاريس في كثير من المناطق وكذا تبدل الطقس وتقلبه والذي يجعل أحيانا التقدم صعبا , مشيرا الى ان مساندة طيران التحالف للجيش في المناطق الوعرة والصعبة له بالغ الأثر في التقدم المحرز الذي حققه الجيش خصوصا في صعدة ونهم .
ويضيف محمد الحسني وهو ناشط مجتمعي ان ظهور الجماعات المسلحة وانقسام الناس والصراعات التي ظهرت هنا وهناك بالإضافة الى المعوقات والتحديات الاقتصادية والمعيشية والاعمال الإرهابية والتفجيرية والاغتيالات التي تعيق عملية إعادة الحياة والامن والاستقرار في المناطق المحررة والتي هي نتاج لعناصر استخباراتية مندسة تعمل لصالح قوى الانقلاب تشكل أيضا تحديا امام انهاء الصراعات والحرب في البلد.
وتعزي الناشطة لطيفة علي تأخر الحسم العسكري في اليمن الى عوامل دولية وتباينات إقليمية في قيادة التحالف, متهمة المجتمع الدولي المعني بالانسانية وإنفاذ القوانين الدولية بالتعامي عن كون هذا الانقلاب هو خروج عن الشرعية الدولية وعن ان هناك قرارات دولية صادرة عن الهيئة الدولية وهي لا تحتاج الا الى إنفاذ الإرادة الدولية لإيقاف الطرف الانقلابي لا الى التماهي مع مصالحها التي آنيا تبدو متوافقة مع الانقلاب في حرب الارهاب في جناحه السني كما يراه المجتمع الغربي ممثلا بداعش , مؤكدة ان هذا التضليل المزدوج من قبل الحوثيين وحلفيهم صالح والمجتمع الغربي لن يَصْب فى صالح استقرار المنطقة ولا العالم باعتبار ان هدف الانقلاب السيطرة على المضيق المائي للبحر الاحمر الذي هو منفذ دولي وبالتالي فان سيطرة عصابة عقائدية عليه وعلى مقدرات الدولة اليمينه لن يَصْب فى صالح الاستقرار الدولي ابدا .
وأشارت الناشطة لطيفة الى ان هناك تقارير دولية تنظر الى ان دخول التحالف الى اليمن سبب كارثة وقتل العشرات من المدنيين وسبب حصارا ومجاعة وشيكة وغيرها, وقالت “نحن هنا فى الولايات المتحدة يمكننا قراءة الانحياز الغربي المغلوط تجاه الضحايا عبر وسائل الاعلام او مخرجات مراكز البحوث او السياسيين بأنها تقصير من الدبلوماسية لدول التحالف والشرعية اليمنية , ذلك ان التغذية الإعلامية التي يتلقاها الاعلام الامريكي تستمد موادها من فصيل الانقلاب”.
وأضافت “نحن امام صورة معكوسة لا ترى الانقلاب المحاصر للشعب اليمني ولا الذي تسبب فى 21 سبتمبر بانقلابه المجرم دوليا بكل ما يمر به الشعب اليمني من ويلات اليوم وان كل هذا الخراب نتاج للانقلاب وليس سببا وان التدخل الخليجي نتيجة وليس سببا”.
وأوضحت أيضا ان العوامل الداخلية التي اخرت من حسم الحرب كان سببها قيادة الشرعية الخاملة وانضواء الفكر القديم للفسدة تحت راية الشرعية وأحزاب المحاصصة ذات البعد الذواتي البعيد كل البعد عن الانا الوطنية, وقالت ” نحن بحاجة الى قيادة ناضجة ومخلصة وضميرها الوطني الاعتبار الاول في قيادة المعركة لا المساومات والتوازنات وحلول الامر الواقع”.
عاصفة الحزم … ماذا بعد ؟
أعلنت قيادة التحالف مؤخرا ان عمليات عاصفة الحزم وعمليات إعادة الأمل، ستستمر بالتوازي لوضع حد للانقلاب الحوثي واستعادة الشرعية في اليمن، ومؤسسات الدولة من أيدي المليشيات ، وفي الوقت نفسه سيستمر الاتجاه نحو بناء مؤسسات الدولة اليمنية، وبناء جيش يمني قوي يكون ولاءه للوطن للافراد ويعاد بناءه من جديد ليقف في وجه الأطماع الإيرانية ويحمي اليمن وشعبه ومقدساته ومؤسساته من أي أطماع خارجية.
ويوما بعد يوم تثبت عاصفة الحزم أنها ما جاءت إلا لتضع حد للتدخلات الخارجية في الشأن اليمني، وتنهي الانقلاب الغاشم الذي يتزعمه الحوثيون بدعم وتمويل من إيران، بهدف تحويل مليشيا الحوثي في اليمن لنسخة مشابهة لحزب الله في اليمن، أي كدولة داخل دولة.
واليوم وبعد عامين من عاصفة الحزم يسير اليمن بخطى واثقة ثابتة نحو الحرية والاستقلال وإنهاء المظاهر الانقلابية، واستعادة المدن اليمنية الواحدة تلو الأخرى، وبات الجيش الوطني اليمني الذي اعيد بناؤه من الصفر على مشارف العاصمة صنعاء، مدعوما بغارات التحالف العربي لتنهي طموحات ايران واذرعها في المنطقة الى الابد.