يتواصل مسلسل التنكيل بنافذة ضوء العقول اليمنية، أكاديمي الجامعات الشرفاء، من قبل تحالف انقلاب صالح_ الحوثي، من خلال الامتناع عن منحهم رواتبهم، ومثلها حكومة الشرعية فلم نكد نغمض جفونا على مأساة أكاديمي في جامعة ما، إلا لنفتحها على مأساة أشد.
استطلاع / نبيل الشرعبي:
في الأمس بروفسور من جامعة صنعاء يطلق نداء استغاثة لعدم وجود ما يقتات به هو وأسرته من طعام، بعد أن أفنى 20 عاما في أروقة جامعة صنعاء، يعمل بروفسور فيها.
وقبلها دكتور في جامعة الحديدة، لم يجد ما يعيش منه بعد أن انقطع راتبه للشهر السادس على التوالي، غير البحث عن عمل ليستقر به المقام عاملا في مخبز.
وقبله ترك دكتور في جامعة صنعاء حرم الجامعة والتوجه لبيع القات، وأخر ليعمل حمالا للطوب وثالث ليعمل في تغليف الفحم، ورابع ليعمل في مقصف أحد الجامعات الخاصة.
رئيس قسم الهندسة
واليوم ينظم إلى هذا الطابور رئيس قسم الهندسة بكلية هندسة جامعة ذمار الدكتور عبدالجبار قاسم، ليعمل في بيع الذرة الشامية في الشارع العام.
خباز بدرجة دكتور:
وكحال مئات الالآف من الموظفين والنخب اليمنية ممن فقدوا مصادر عيشهم وقوت أطفالهم نتيجة انقطاع رواتبهم طيلة ستة اشهر – لم يجد الدكتور عبدالرحمن القليصي – عضو هيئة التدريس بجامعة الحديدة، من سبيل لتوفير لقمة عيش أسرته وأطفاله – سوى اللجوء للعمل كخباز في احد مطاعم مدينة الحديدة.
في الصورة يبدو الدكتور القليصي مركزا على عمله الجديد، وبسمة حزن وغبن وسخرية واضحة على محياه – غير آبه بما قد يقوله عنه الآخرون سيما انه في مجتمع يعتبر الاشتغال في هكذا مهن شيء معيب.
مشهد مأساوي محزن ومؤلم ومبكي حد الوجع – يجسد بوضوح الحالة الكارثية التي آلت اليها الاوضاع والظروف في هذا البلد الذي خانه وتلاعب وعبث به ودمره أبناءه..
وبلا شك إنه ليس الاكاديمي الأول الذي يصل به الحال إلى هذا الحد، فقد سبقة دكاترة واساتذة كثر منهم من لجأ للعمل في بيع القات، وآخر اصبح بائع متجول لـ(الرومي)، وثالث تحول للعمل كحمال، وهكذا هو حال كل الموظفين والنخب اليمنية ..
حقيقة تعجز الكلمات عن وصف هكذا مشهد، لكن تبقى الصورة ابلغ من كل الكلمات.
مقوت بشهادة دكتوراه:
اكاديمي بجامعة صنعاء يترك التدريس ويتوجه لبيع القات
ايضا في جامعة صنعاء، وبسبب توقف رواتب موظفي الدولة، لم يجد مدرس في جامعة صنعاء، بديل لمواجهة متطلبات اسرته غير تأكيد مغادرة الجامعة لبيع القات.
وكان ذكر طلاب في جامعة صنعاء ذكروا أن دكتور في جامعة صنعاء يدعى عبدالله معمر الحكيمي بعد انقطاع راتبه ورفض صاحب البقالة تدينه، ترك الحرم الجامعي والتوقف عن مزاولة التدريس، والتوجه إلى سوق بمزاولة لبيع القات.
وتسبب هذا الاعلان عن نكسة أواسط طلاب جامعة صنعاء، الذين اكدوا أن الدكتور نشر بوست على حسابه في شبكة التواصل الاجتماعي الفيس بوك، يؤكد مغادرته الجامعة.
استاذ علم الاجتماع حمالا للطوب:
ولاقى منشور الدكتور استعطاف واسع، فقد كشف عن حالة مأساوية يعيشها اليمني حتى الذين يعتقد كثير إنهم لن ينقصهم شيء مهما طالت الأزمة، لكن اعلان الدكتور أظهر الحالة التي وصل اليها الموظفون بعد انقطاع رواتبه لمدة ثلاثة شهور وحتى الأن.
وهذا نص ما كتبه الدكتور الحكيمي: أنا استاذ الجامعة أعلن النفير العام … أعتذر منكم ابنائي الطلاب جميعاٌ لاداعي للخوض في النقاشات التي ليس منها فائدة… جدتي رحمها الله كانت تقول قطع الرأس ولا قطع المعاش يا ولدي.
المرتب لم يصل بعد … ولم نسمع تحديد ليوم متي سيصرف، والبقالة أغلقت فعلا.. هروبا من الاحراج، لكني استلمت عملي الجديد مساعد لمهندس التنقيب عن النفط المهندس محمد الذي سبقنا في بيع القات منذ تسعة أشهر تقريبا يمكن استفيد منه في بيع القات وأصبح مقوت ناجح بعد أن أخرج من التدريس بالجامعة.
بروفسور لا يجد الطعام:
كما أطلقت أكاديمية في جامعة صنعاء، وتحمل صفة بروفسور، صرخة استغاثة إلى المنظمة الدولية، قائلة: لا أجد ما أقتات به أنا وأسرتي، ولا نملك منزلا يأويني، وراتبي مغتصب، وقد افنيت عشرين عاما في خدمة الوطن كبروفسور في جامعة صنعاء.
بروفسور آمنة يوسف محمد، كتبت على حائطها في شبكة التواصل الاجتماعي، رسالة إلى السيد الأمين العام للمنظة الدولية: أنا مواطنة من اليمن، ولدت من أسرة مهجّرة ونفيت إلى موطني على تداعيات حرب الخليج الثانية عام 1990، ومن غربة الآباء إلى غربة الأبناء، أفنيت زهرة شبابي في خدمة الوطن كبروفسور في جامعة صنعاء لأكثر من عشرين سنة، وحالياً أصبحت مهجرة في وطني وراتبي مغتصب لا أجد ما أقتات به أنا وأسرتي ولا أمتلك منزلاً يأويني، بل أؤكد لك أن وطني بأكمله صار مغتصباً والحياة فيه صارت أشبه بغابة موحشة، وأصبحنا شاخصين لاحول لنا ولا قوة يتربص بنا الموت في كل لحظة والتفاتة، فهلّا بحثت لنا عن عالم حرّ نلجأ إليه؟!!
وقبل أشهر كان أكاديمي في جامعة صنعاء ويحمل شهادة دكتوراة، ويعد من أبرز أكاديمي التعليم الجامعي في اليمن، كان يمشي وحذاءه مقطوعا، وبسبب خجله تعثر وانقطع الحذاء كليا وقعد لاصلاحه وهو يتمتم لا حول ولا قوة إلا بالله.
اكاديمي بحذاء مقطوع:
شاهدته ولم أحاول لفت إنتباهه حتى لا يغرق في حالة بؤس هو لا يحتاج إليها فيكيفه ما هو فيه.
حينها نشرت بوست على حائطي بشبكة التواصل الاجتماعي الفيس بوك، وسخر بعض مما نشرته قائلا لا يعقل أن يحدث هذا، كون هذه الشريحة تتقاضى أعلى المرتبات.. وبسخرية تامة علق أحدهم هذا ليس دكتور بل “…”، مع احترامي.
نداء استغاثة:
وسبق أن أطلق اساتذة جامعة صنعاء، نداءات استغاثة بغية النظر إلى وضعهم الذي وصفوه بالمأساوي للغاية، جراء توقف رواتبهم منذ أشهر.
وقال_ د/عبد الله معمر الحكيمي_ استاذ علم الاجتماع والانثروبولوجيا(علم الانسان)، بجامعة صنعاء، نتوجه بهذا النداء إلى كافة المنظمات والهيئات الإنسانية ومراكز الإغاثة المحلية والدولية، وفي مقدمتها الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها.
وأضاف نلفت انتباه الجميع إلى أن الوضع الإنساني والصحي لأساتذة جامعة صنعاء كارثي وقد شارف الغالبية العظمي منهم من حافة الخطر جرى انقطاع معاشاتهم لثلاثة أشهر متتالية الأمر الذي جعلنا نعيش الفترة الماضية على اقتيات الكفاف.
وكما جاء في النداء السادة والسيدات: إننا نفزع إليكم باسم كل الديانات السماوية وقيمها الإنسانية والأخلاقية بعد أن بحت حناجرنا وجفت أقلامنا من المناشدات عبر كل الوسائل بضرورة إيجاد حلول ولو مؤقتة لهذا الوضع المأساوي.
وقال الحكيمي بعد أن وصل الحد بالبعض منا إلى أن يقتات لوجبة واحدة في اليوم ولعدة أسابيع ماضية، والبعض الأخر على نصف وجبة في كل وقت وقد نفتقدها في قادم الأيام.
وختم نداء بالقول إننا نناشد الجميع بالتدخل لإغاثتنا سريعا من مجاعة محققة ومد يد العون والإغاثة بما يمكننا من الاستمرار في الحياة قبل أن تمتد أياديكم لحفر قبورنا.
صادر عن د/عبد الله معمر الحكيمي، استاذ علم الاجتماع والانثروبولوجيا (علم الانسان)، صنعاء 29 اكتوبر 2016.
عشاؤنا زبادي:
نحن عشاؤنا منذ أشهر علبة زبادي وروتي.. فما هو عشاؤكم لهذه الليلة؟
وتحت هذا العنوان وجه استاذ اللغة العربية بكلية اعلام جامعة صنعاء، د_رصين بن صالح، رسالة إلى المعنيين.. نص الرسالة
فخامة الرئيس،
دولة رئيس الوزراء،
معالي وزير المالية،
معالي وزير التعليم العالي،
الزملاء العلماء الأساتذة البروفيسورات: رؤساء جامعاتنا الحكومية المحترمين المبجلين الموقرين،
أسعد االله صباحكم.. وجمعتكم مباركة!
وأنتم تصطبحون أنتم وزوجاتكم وأولادكم الكبدة والدقة واللحم الصغار.. أخبرونا:
هل يوجد في العالم كله عالم حاصل على أعلى شهادات العالم والدنيا (الدكتوراة) لا يستطيع النوم من كثرة التفكير: من أين يأتي بمصروف البيت ليوم غد؟ وأخيرا _ من شدة التعب والإرهاق _ يغلبه النوم.. ثم يستيقظ وبعد أن يصلي الفجر يتذكر همه وغمه ويعود للتفكير: من أين يشتري وكيف يدبر لزوجته وأولاده – لهذا اليوم – طعام الصبوح والغداء والعشاء؟
هل عندكم خبر أننا نسكن في بيوت وبحاجة لدفع إيجارها وفواتيرها؟
هل تعلمون أننا بشر وكائنات حية وبحاجة لغذاء؟
هل تدركون أننا مخلوقات مكرمة وبحاجة لملابس؟
هل تفهمون أن لدينا أولادا طلابا في المدارس والجامعات وبحاجة لمصاريف ومواصلات وكتب وملازم وقرطاسية؟
هل تستوعبون أننا في أيام برد وشتاء ونحتاج لبطانيات وملابس شتوية؟
وهل تتخيلون أننا يمكن أن نمرض وبالتالي نحتاج لعلاج ودواء؟
فكروا في هذه الأسئلة وأنتم تناولون _ مع زوجاتكم وأولادكم _ طعام الغداء (الكباش الحنيذ التي يعدها لكم الخدم والطباخون)
فكروا فيها وأنتم تعطون أولادكم مصروف اليوم (مئة دولار) ثم بعد ذلك
وبينما هم يودعونكم ليذهبوا في جولة بسياراتهم الحديثة الفارهة التي سيفولونها من المحطة – التي في حوش الفيلا أو القصر، والتي تتولى ملأها أسبوعيا _ وزارة النفط.. . تذكروا أننا لا نملك المئة ريال أجرة الباص..
بقي سؤال أخير: نحن عشاؤنا _ منذ أشهر _ علبة زبادي وروتي.. فما هو عشاؤكم لهذه الليلة؟ لا تقولوا مثل الغداء كباش حنيذ. أو سمكا أو دجاجا مشويا أو ربما بروست!
لحظة عفوا آسف سأترك كتابة المنشور لثوان.. ها.. ايش؟ ماذا تريدين يا زوجتي الحبيبة؟ ارفعي صوتك قليلا فأنا لا أسمعك وأنت لتوك مستيقظة من نومك.. ها ايش؟ لا لا لا لا حول ولا قوة إلا بالله إنا لله وإنا إليه راجعون.. خلصت دبة الغاز! طيب خلاص سمعت فهمت اسكتي.. اهدئي قليلا.. دعيني أفكر في حل لهذه (المصيبة) الكارثة أننا بعنا ذهبك كله من قبل.. حين ظللنا لعامين كاملين _ بعد الدكتوراة _ نؤدي جميع واجباتنا العلمية والأكاديمية والإدارية ونحن بلا رواتب.. أخذت أفكر في نفسي _ لكي لا تسمعني فأجرحها وتتألم _ لم يبق من ذهبك إلا هذا الخاتم في يدك.. عيب أن أبيعه وتبقى يداك الجميلتان عاريتين.. وقد أصبحتا خشنتين من عمل البيت ومن التنور.. ثم رفعت صوتي: خيرا إن شاء االله ربك بايحلها.. أعطيني هاتين اليدين الحبيبتين الغاليتين أقبلهما يا حبيبتي. وتعالي في أحضاني وقبليني وأغمضي عينيك وانسي جوعك مؤقتا وتخيلي أننا مع (المسؤولين) نصطبح كبدة ودقة ولحم صغار.. ونتغدى كباش حنيذ ومرق وسمكا.. ونتعشى بيتزا وبروست.. وتخيلي معي أن أولادنا خرجوا في نزهة بسياراتهم الحديثة الفارهة (الصوالين والحبوب) وفي جيب كل واحد منهم مصروفه اليومي (مئة دولار).
لكن _ قبل ذلك _ دعيني أختم رسالتي لمن يهمه الأمر:
ملاحظة: أنا أتكلم باسم كل مواطن عالم حاصل على الدكتوراة.. ويعمل في الجامعات اليمنية.. على لسانهم ونيابة عنهم.. هذا وتقبلوا خالص التحية والتقدير والاحترام!.
حيرة:
قد تطول القائمة وتعج بكثير من الأسماء الأكاديمية التي أسست لبنات تعليم جامعي فعال، لكن الخجل من كشف المستور يجعلهم يحجمون عن بث ما هم فيه حرصا على ألا ينصدم من تعلم على اياديهم.. فهل أتاك حديث التنكيل بالعقول اليمنية..!؟