م تقتصر جرائم الانقلابيين على مجرد تدهور الاقتصاد، والاعتداء على السكان المدنيين، وقصف مناطقهم عشوائيا، بل أدت اعتداءاتهم إلى تدهور النظام الصحي، حيث تضاعفت في الفترة الأخيرة مأساة تردي خدمات الرعاية الصحية، خاصة بين النساء، حيث امتنعت كثير من المستشفيات عن تقديم المساعدة الطبية، بشكل متعمد في كثير من الأحيان، وأثرت على فئات متعددة من المرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة، مثل السرطان، والفشل الكلوي، وأمراض القلب. وأكد وكيل وزارة حقوق الإنسان، ماجد فضائل، أن الانتهاكات التي يمارسها الحوثيون وحليفهم المخلوع علي عبدالله صالح، ما زالت مستمرة، موضحا أنه إضافة إلى عملية القتل العمد، وزرع الألغام في الطرقات والبيوت، وتهجير آلاف الأسر، فإن الحصار الطبي زاد من معاناة المواطنين، وبلغ عدد النساء اللاتي أصبن بحمى الضنك ما يزيد عن 20 ألف مصابة، وتوفي عدد كبير منهن. وأضاف أن بعض النساء تعرضن أيضا، لمشكلات الولادة المبكرة، مشيرا إلى أن تقرير تحالف رصد عن مستشفيات الروضة والجمهوري والثورة بمحافظة تعز أحصى 120 حالة ولادة مبكرة، مات فيها حوالي 96 من المواليد، نتيجة لانعدام الرعاية الصحية والأدوية وأسطوانات الأوكسجين.
استهداف متعمد
كشف تقرير صادر عن شبكة الراصدين المحليين في محافظة تعز، عن ارتفاع أرقام ضحايا نقص الخدمات الصحية وغياب الأطباء، في وقت يؤكد البروتوكول الثاني باتفاقيات جنيف على ضرورة توفير الحماية الصحية للنساء والأطفال، وحماية المنشآت والأطقم الطبية أثناء الحروب. وحسب التقرير فقد تعمّد الحوثيون استهداف المستشفيات وتشريد الأطباء وخطفهم، وتدمير مراكز العناية الطبية والمعدات، كما قاموا بتحويل الوحدات الصحية إلى ثكنات عسكرية ومستودعات أسلحة، مشيرا إلى أن الأمر لم يقتصر على حصار تعز عسكريا، بل حصارها طبيا أيضا، ومنع وصول أي مساعدات إغاثية، إضافة إلى سرقة المساعدات الطبية وتحويلها لصالح عناصرهم، مما شكل أضرارا خطيرة وتسجيل أعداد كبيرة من الوفيات، خاصة بين النساء والأطفال وكبار السن.
مرضى السرطان
أكد التقرير وجود 3175 مريضة بالسرطان في محافظة تعز وحدها، يفتقدن للعلاج والرعاية الصحية، بعد أن تم تدمير المستشفى الخاص بالأورام، وأغلق في نهاية عام 2015، بعد أن كان عدد المريضات عام 2014 حوالي 1815 حالة، مما يؤكد ارتفاع عدد المصابات بهذا المرض بين النساء. وأشار كثير من الأطباء إلى أن السبب الرئيسي هو انعدام ضمانات الغذاء الصحي، وغياب الرقابة على المواد الغذائية، وانهيار الوضع الصحي والنفسي بسبب الاستهداف بالأسلحة وحالة الفزع والخوف المستمر في تعز.
من جانبها، أشارت الناشطة والإعلامية، وفاء العامري، إلى أن ما يقوم به الحوثيون من قصف متعمد للمستشفيات وتشريد الأطباء هو عمل مبرمج، فضلا عن قيامهم بارتكاب جرائم حرب، متحدين في ذلك الهيئات والمنظمات الدولية والجهات المعنية عن حقوق الإنسان.
انعدام العناية الطبية
لفتت العامري إلى تعدي الانقلابيين على عدد من أطباء الصليب الأحمر، كذلك اختطاف الأطباء وإجبارهم على العمل على علاج جرحى الجماعة الانقلابية ومصابيها، مشددة على أن المرأة هي الأكثر تضررا من كل هذه التصرفات، خاصة أن هناك مريضات بأعداد كبيرة يعانين من الفشل الكلوي والسرطان، إضافة إلى حالات ولادة استدعت تدخلات طبية عاجلة، وعندما لم تتوافر المساعدة الطبية، توفيت الأمهات والأجنة.
وأضافت أنه إلى جانب سرقة الحوثيين للمساعدات الطبية، فإن الكثير من المنظمات الإنسانية تعرضت للنهب، مشيرة إلى أن هناك تخوفا من إفراج الانقلابيين عن بعض الأدوية بعد انتهاء صلاحيتها، بما يعرض المواطنين في حال استخدامها للإصابة بأمراض خطيرة.
ضحايا الفشل الكلوي
استقبل مركز الكلى الصناعية في تعز، قرابة 120 مريضة من إجمالي عدد الحالات التي تجاوزت 300 حالة، وقام المركز بعملية الغسيل لأعداد تراوحت بين 80 و90 حالة يوميا، فيما قال رئيس مركز الكلى في مستشفى الثورة، الدكتور فهمي سلطان، إن كثيرا من النساء المصابات بأمراض الكلى يعشن صراعا يوميا بسبب نقص العلاج، مما أدى إلى زيادة حالات الفشل التام بينهن. وأضاف أن الحصار الطبي الذي فرضه الحوثيون أدى إلى انعدام تام في مستلزمات الغسل، إضافة إلى نقص الوقود، لافتا إلى أنه تم طرق كل الأبواب لتوفير الاحتياجات اللازمة لمريضات الفشل الكلوي، خاصة أنهن يجدن صعوبة في حضور الجلسات، بانتظام، بسبب غياب الأمن وعدم توافر مواصلات.