قالت الجمهورية اليمنية” انه منذ آخر إحاطة مفتوحة للمجلس حول اليمن قبل شهرين، ارتفع خلالها مستوى المعاناة الإنسانية لأبناء الشعب اليمني جراء استمرار الهجوم الحوثي الوحشي على المدن والتجمعات السكنية ومخيمات النازحين، بما في ذلك في محافظات مأرب والحديدة وشبوة، بالإضافة إلى الأوضاع الإنسانية الصعبة التي تعيشها محافظة تعز جراء الحصار والقصف الممنهج والقنص وقطع الطرقات واخطاف المدنيين”.
وأضافت الجمهورية اليمنية في بيانها إلى جلسة مجلس الامن الدولي المفتوحة حول الحالة في الشرق الأوسط (اليمن) التي عقدت، اليوم، والقاه مندوب اليمن الدائم لدى الأمم المتحدة السفير عبدالله السعدي ” نزح جراء الهجمات والتصعيد الحوثي الأخير أكثر من 17.000 أسرة يتجاوز إجمالي عدد أفرادها 101.000 نازح، بما في ذلك نزوح أكثر من 25.000 مدني نتيجة التوسع الحوثي الأخير في محافظة الحديدة في انتهاك صارخ لاتفاق ستوكهولم الذي عملت الميليشيات الحوثية على تعطيله وعرقلة تنفيذه، وقيدت عمل بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة (UNMHA) التي لم تستطع على مدى السنوات الثلاث من تنفيذ ولايتها بموجب قرار مجلس الأمن رقم 2452 (2019) وبقت أسيرة في مناطق سيطرة الحوثيين، وظلت صامته أمام كل الانتهاكات الحوثية” .
وافاد السفير السعدي، أن الميليشيات الحوثي الإنقلابية تواصل هجومها الوحشي على محافظة مأرب واستهداف المدنيين ومخيمات النازحين بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة..لافتاً إلى أن الميليشيات أطلقت مؤخراً صاروخين بالستيين إيرانيي الصنع على مخيم الحُمة في مأرب والذي يؤوي 1264 أسرة، مما أسفر عن ضحايا في صفوف النساء والأطفال، ويوم أمس أطلق الحوثيون صاروخاً باليستياً على مدينة مأرب في غمرة افراح اليمنيين بانتصارهم الكروي.
واشار إلى إن هجوم الحوثيين المستمر على مأرب التي تعتبر الملاذ الأخير والآمن لملايين النازحين يأتي ضمن محاولات الميليشيات الحوثية إيقاع أكبر عدد من الضحايا في صفوف المدنيين والتسبب في موجات جديدة من النزوح، في عمل انتقامي يعكس إرهاب ودموية هذه الميليشيات، مما يستدعي تدخلاً إنسانياً عاجلاً واستجابةً طارئة لتلبية الاحتياجات الأساسية بما يتناسب مع حجم الفجوة الإنسانية الكبيرة الناجمة عن حركة النزوح والتهجير القسري..داعياً مجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياته لوقف الهجوم الحوثي على مأرب وإنقاذ حياة الملايين من المدنيين والنازحين.
وتطرق السفير السعدي، إلى أثار تدهور الوضع الاقتصادي الكبير على الوضع الإنساني .. مؤكداً أن الأمر يتطلب دعم الجهود الكبيرة التي تبذلها الحكومة اليمنية من العاصمة المؤقتة عدن رغم كل الصعوبات للتعامل مع التحديات الاقتصادية والإنسانية وتنفيذ خطط الإصلاحات الهيكلية لتطوير الأداء .
ولفت السفير السعدي، إلى أن الحكومة عازمة بتوجيهات من فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي، رئيس الجمهورية، على أن يكون أداءها مواكباً لحجم التحديات الاستثنائية الراهنة، بالإضافة إلى تنمية الموارد وتنظيم السوق المالية وضبط سعر العملة واتخاذ كافة التدابير الضرورية لإيقاف الانهيار الاقتصادي وتحسين معيشة المواطنين ..موضحاً أن ذلك برز في الخطوات الأخيرة التي شملت تعيين إدارة جديدة للبنك المركزي اليمني، والذي من شأنه الدفع بجهود التعافي والاستقرار الاقتصادي.
ودعا السفير السعدي بهذا الصدد المجتمع الدولي وكافة الأصدقاء والأشقاء لمساعدة الحكومة اليمنية والوقوف إلى جانبها لتجاوز المصاعب والتحديات الاقتصادية الصعبة جراء الحرب المفروضة على شعبنا من قبل الميليشيات الحوثية، بما في ذلك تقديم الدعم العاجل للإسهام في إنجاح خطط الحكومة لتنفيذ مصفوفة الإصلاحات وبناء مؤسسات الدولة.
وأكد السعدي، إن إنهاء معاناة أبناء الشعب اليمني لن تتحقق دون وقف إطلاق النار الفوري والذي تليه إجراءات اقتصادية وإنسانية واستئناف للعملية السياسية لتحقيق السلام الدائم والمستدام وفق مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة وعلى رأسها القرار 2216 .. مشيراً إلى أنه بالرغم من استجابة الحكومة اليمنية وترحيبها بكل المبادرات والمقترحات الهادفة إلى إحلال السلام، وتفاعلها الإيجابي وانخراطها بكل صدق وحسن نية مع جهود الأمم المتحدة عبر مبعوثها الخاص إلي اليمن لإنهاء الصراع، إلا أن الميليشيات الحوثية لم تعد ترى في جهود السلام إلا وسيلة للحرب وفرض للأمر الواقع و لإيمانها بالاصطفاء الإلهي وأوهام الهيمنة السياسية والتفوق العرقي وعرقلتها لكل الجهود الدبلوماسية لحل الصراع .
وقال” أن الميليشيات تتخذ من المبادرات والجهود الدولية والإقليمية وسيلة لكسب الوقت لاستمرار حربها وعدوانها على الشعب اليمني، واستهداف المدن والأعيان المدنية في المملكة العربية السعودية بالصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، بالإضافة إلى سلوكها الاستفزازي واعتداءاتها على المنظمات الدولية والعاملين في المجال الإنساني وعلى المباني الدبلوماسية في مناطق سيطرتها”..معبراً عن ادانت الحكومة اليمنية اقتحام الميليشيات لمجمع السفارة الأمريكية في صنعاء واعتقال عدد من الموظفين المحليين ونهب وتخريب ممتلكاتها.
واشار السفير السعدي إلى إستمرار النظام الإيراني في التدخل في شؤون اليمن الداخلية وزعزعة الأمن والاستقرار في اليمن والمنطقة والمساهمة في إطالة أمد الحرب ومفاقمة الأزمة الإنسانية من خلال خرق وانتهاك قرار مجلس الأمن ذات الصلة بحضر توريد الأسلحة ..موضحاً أن النظام الإيراني يواصل تزويد الميليشيات الحوثية بالسلاح والخبرات العسكرية ومختلف أنواع الصواريخ وآخرها دفعة الأسلحة الإيرانية التي تم اعتراضها متوجهة إلى الميليشيات الحوثية مكونة من 171 صاروخ أرض جو، و8 صواريخ مضادة للدبابات، ومكونات صواريخ كروز ومضادات للسفن وبصريات للأسلحة الحرارية ومكونات الصواريخ والطائرات المسيرة، بالإضافة إلى 1.1 مليون برميل من المشتقات النفطية.
وأكد، أن الممارسات الايرانية لن تتوقف دون اتخاذ موقف حازم ورادع من المجتمع الدولي والأمم المتحدة وهذا المجلس الموقر، كون العائق الأساسي الذي يعترض جهود السلام في اليمن هو إصرار إيران على سلوكها العدواني والابتزازي عبر أدواتها التخريبية ممثلة بالميليشيات الحوثية التي تخدم مشروع إيران الخطير الذي يستهدف نشر الفوضى والإرهاب وتهديد خطوط الملاحة البحرية الدولية في البحر الأمر ومضيق باب المندب.
ولفت السفير السعدي إلى وضع ملايين الأطفال اليمنين في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية .. مؤكدأً أنهم معرضين لمخاطر التجنيد واستخدامهم في العمليات القتالية وحرمانهم من حقهم في التعليم والحياة بصورة طبيعية أسوة بأقرانهم من أطفال العالم .
وقال ” أن تلك الميليشيات تقوم باقتياد عشرات الآلاف من الأطفال من منازلهم وأحيائهم ومدارسهم إلى معسكراتها دون اكتراث بمصيرهم ومعاناة أسرهم وغسل أدمغتهم بالشعارات العدائية والأفكار المتطرفة المستوردة، وتزج بهم إلى محارق الموت في أكبر عملية استغلال وتجنيد للأطفال في تاريخ البشرية، بالإضافة إلى استخدام تلك الميليشيات للمدارس والمنشآت التعليمية وتحويلها إلى ثكنات عسكرية ومخازن للأسلحة في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الإنسان”…مطالباً المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان للتحمل مسؤولياتها وممارسة الضغط على الميليشيات الحوثية لوقف هذه الانتهاكات وحماية الأطفال من هذه التصرفات التعسفية، وتقديم الدعم للحكومة اليمنية لمساعدتها في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمكافحة تجنيد الأطفال واستخدامهم في النزاع المسلح.
وأشار السعد، الى ان النساء اليمنيات لم تسلم من استمرار جرائم الميليشيات الحوثية بحقهن، بما في ذلك الاختطاف والإخفاء القسري والتعذيب النفسي والجسدي والتحرش والاعتداء الجنسي وإصدار أحكام قضائية بتهم ملفقة، كما حدث للمواطنة إنتصار الحمادي وزميلاتها.
ونوه السفير السعدي إلى أن مجلس الأمن حمّل المليشيات الحوثية مسؤولية الكارثة البيئية والاقتصادية التي قد تنتج عن تسرب النفط أو غرق أو انفجار خزان النفط صافر الذي لم يخضع لأي عمليات إصلاح أو صيانة وهو ما يجعلها قنبلة موقوتة وكارثة محتملة تهدد اليمن ودول المنطقة ..مضيفاً أنه في حال حدوث هذه الكارثة فستعد من أكبر الكوارث البيئية والاقتصادية في العالم .. مجدداً دعوة الحكومة اليمنية لمجلس الامن للضغط على تلك الميليشيات للكف عن استخدام الخزان كورقة ابتزاز، والسماح بوصول الفريق الفني التابع للأمم المتحدة لتجنيب اليمن والمنطقة والعالم كارثة لا يحمد عقباها.