خيمت أجواء الحروب وإرهاب الميليشيات في اليمن على الأوضاع الإنسانية للمواطن اليمني، كما طالت التجاوزات المرأة اليمنية التي أصبحت هي الضحية الأولى للحرب نفسيا وجسديا وماديا. ويرى نشطاء في المجتمع المدني، أن المجتمع اليمني دأب منذ مئات السنين على احترام المرأة وتوقيرها، وعدم التعرض لها بسوء، وإبعادها عن كل صراع،
وكان من يتعرض إلى أي امرأة أو يؤذيها يوضع ضمن ما تعارف عليه المجتمع باسم “قائمة العيب الأسود”، إلا أن هذه الميزة اختفت مع بداية عهد الانقلاب الذي قامت به ميليشيات الحوثيين الانقلابية في أغسطس 2014، حيث باتت تتعرض إلى ضغوط متزايدة، وأن حالات الانتهاكات والتجاوزات بحقها تزداد يوما بعد يوم، في معظم المحافظات، وتحديدا في المناطق الشمالية من البلاد، على غرار الحديدة، وحجة، وصعدة، وعمران، وصنعاء، ومأرب، والجوف،
تتعرض باستمرار إلى الضرب والإهانة، ولم تتورع الميليشيات عن اقتحام عدد من المنازل في غياب الرجال، وامتهان كرامة النساء وإيذائهن وشتمهن.
انتهاكات بالجملة
بحسب عدة بحوث استقصائية ميدانية، أكدت الإحصاءات أن ميليشيات الانقلاب الحوثية وصالح، تسببت في ارتكاب تجاوزات وانتهاكات بحق المرأة اليمنية على مختلف الأصعدة، وذلك بسبب غياب الرقابة الأمنية وانتشار فوضى السلاح، فضلا عن حالات الضعف عند النساء بسبب عدم قدرتهن على مواجهة المجموعات المسلحة.
وأبانت الإحصاءات أن التجاوزات والانتهاكات بحق النساء تفاوتت بين القتل والإصابات والتشويه والاحتجازات غير القانونية، فضلا عن التحرش والاغتصاب والعنف الجنسي، والحرمان من حق التعليم والرعاية الصحية، وتفريق الاعتصامات والوقفات الاحتجاجية السلمية، وقتل العائل الوحيد لبعض النساء، والتسبب في نزوح المئات منهن وتشريدهن، فيما تعمدت الميليشيات خطف ومصادرة المعونات الإغاثية والغذاء الأساسي، في إطار سياسة التجويع الممنهجة التي ترتكبها لتطويع المواطنين.
التمثيل بالجثث
كشفت البيانات عن وجود انتهاكات جسيمة مارستها ميليشيات الحوثيين الانقلابية ضد المرأة داخل المناطق التي يسيطرون عليها، متجاوزين بذلك الحقوق الشرعية والعادات والأعراف القبلية، التي مازالت تعتبر كرامة المرأة من أشد الحقوق المكتسبة في المجتمع اليمني، وتنبذ القبائل كل تجاوز بحق المرأة أو المساس بعرضها وكرامتها، سواء في حالات السلم أو الحرب.
كما لم تراع الميليشيات الحوثية أي حرمة للبيوت، حيث اختطفت العشرات من الأطفال داخل بيوتهم، وزجت بهم في معسكرات القتال ومختلف الجبهات، كما طال إرهاب المتمردين تفتيش النساء عند شروعهن في الخروج من بيوتهن، دون مبالاة لحرمتهن وأعراضهن.
ويؤكد الأهالي والسكان في المناطق التي تقع تحت سيطرة الميليشيات، أن العناصر المسلحة تفرض على ربات البيوت توفير الأطعمة اللازمة للجنود، وإجبارهن على توزيعها في الطرقات والأسواق، من أجل دعم ما يسمى بـ”المجهود الحربي”، فضلا عن إجبارهن على غسل وتنظيف ملابس المتطرفين، وقتل كل من يخالف أوامرهن والتمثيل بجثثهن.
قانون حماية المرأة
أكد وكيل وزارة حقوق الإنسان، ماجد فضائل، أن النساء في اليمن هن أولى ضحايا بطش وعدوانية الميليشيات الحوثية والموالية للمخلوع علي عبدالله صالح، التي خالفت كل قواعد القوانين الدولية الإنسانية. موضحا أن آخر إحصائية تم توثيقها حول الانتهاكات التي طالت النساء منذ بدء الانقلاب تجاوزت 4200 انتهاك، منها 626 حالة قتل، وأكثر من 2400 حالة إصابة وتشريد للنساء من منازلهن.
ويعتبر اليمن طرفا في ثماني معاهدات دولية من أصل تسع معاهدات تعنى بحقوق الإنسان، بالإضافة إلى أنه طرف مصادق على اتفاقيات جنيف الأربعة وبروتوكولاتها، التي تلزم كافة أطراف النزاع على الأراضي اليمنية باحترام وحماية المدنيين، وتجنيبهم آثار الحروب والصراعات، خصوصا النساء والأطفال، فيما تخضع كافة الانتهاكات والتجاوزات بحق المدنيين للمساءلة القانونية والجنائية في كافة المحاكم القضائية الدولية.
كما أن اليمن مصادق على الاتفاقية الدولية بشأن الحقوق السياسية للمرأة، وتطبيق مواثيقها بمبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في الحقوق الواردة في ميثاق الأمم المتحدة عام 1987، بينما صادق مسبقا على اتفاقية القضاء على كافة أشكال التميز ضد المرأة في عام 1984، التي تنص على أن التمييز ضد المرأة يشكل انتهاكا لمبادئ المساواة في الحقوق واحترام كرامة الإنسان، في وقت يعد فيه اليمن طرفا في اتفاقية عدم تقادم جرائم الحروب والجرائم ضد الإنسانية ومن بينها انتهاكات النساء والأطفال.