في صنعاء يتم القبض على الفنان عبدالرحمن الغابري بتهمة تصوير صنعاء القديمة . عبدالرحمن هو ذاكرة الصورة في اليمن وفنان شامل، عمد على توثيق كل لحظات جمال الوجوه والأمكنة في اليمن لخمسين عاما ممتدة.
ينتمي لهذه الأرض فقط، ويرتكب كل يوم جرائمه علنا والتي تتمثل بتصوير كل زوايا الدهشة في أرض تدهشك كلما اقتربت منها أكثر، كما يفعل عبدالرحمن الغابري.
للذين لا يعرفون فإن عدسة عبدالرحمن الوحيدة جابت كل الجزر اليمنية وليس فقط الأودية والجبال.
لم أحزن على اقتحام منازلنا أو مصادرة المكتبة الخاصة من قبل الحوثيين لي بقدر حزني أني فقدت، عشرات الصور الجميلة الأصلية المحاطة بإطارات جميلة كانت هدية عبدالرحمن لي قبل سنوات طويلة ، حزنت لأنها أخذت من قبل أناس، لا يقدرون قيمتها، أما المبنى فيعوض والأرض لن تطير.
لكن تلك الصور كيف نعيد لحظة اقتناص عبدالرحمن لها وهو يكمن للضوء في أقصى سقطرى أو جزر البحر الأحمر ليلتقط إفاقة وطن في لحظة فجر جميل .
القبض على عبدالرحمن الغابري ومصادرة أدوات تصويره في صنعاء عملية منسجمة مع ما تذهب إليه صنعاء من كارثة القبضة الأمنية المعممة برؤية دينية منغلقة، اليمن التي يراد لها أن تستنسخ أسوأ ما في طالبان وداعش، بمسميات يمنية أشد قسوة ، وأكثر الماً.
بالنسبة لي يا عبدالرحمن لم اندهش لما قامت به ميليشيا الحوثي تجاهك، لكنه المني إلى حد لا يمكن لي وصفه ،لأني أعرف مدى رقة قلبك ، ومدى حبك لهذا البلد ، أدركت ألمك وأنا أرى جماعات منفلتة، تقتل وتهين فقط الناس الذين يحبون بلدهم ، ويعشقون الجمال.
بالنسبة لهم انت أيها الغابري القادم من أجمل جبال اليمن أتيت شيئا فريا.
كيف وقد قُبض عليك متلبسا وأنت تطلق نهدة سمعتها كل المدينة العتيقة، وتقول ما أجمل هذا البلد؟
وتلك جريمة، ليس عذر أوراق تصريح لتصوير المباني، ولا أخطاء في الإجراءات، بل الأمر أوضح،
أنت تحب الجمال، في قبضة حكم ينشر القبح.
أنت تصور زوايا المحبة في وجه جماعات رعب تنشر الكراهية،
عدسة المصور الفنان والموسيقي الموهوب والممثل الجميل عبدالرحمن الغابري في صنعاء هي مدافع تفك حصار المدينة المختطفة،
نعم في صنعاء قلة من الأدباء والكتاب والفنانين هم من يقبضون على فنهم في وجه ظلام مخيف وكأنهم يقبضون على جمر جهنم، ويشعلون لنا شمعة تدك هذا الظلام المخيف.
نقلا عن صفحةالكاتب بالفيسبوك
الكاتب سفير اليمن في المملكه المغربيه