اكد فريق خبراء الأمم المتحدة البارزين الدوليين والإقليميين بشأن اليمن إن النزاع في البلاد لا يزال مستعصيا على الحل، على الرغم من الجهود الدولية والإقليمية الحثيثة للوصول إلى اتفاق وقف إطلاق نار واستهلال عملية سلام.
وعزا الفريق الأممي، في تقريره الرابع، الذي نشره اليوم الأربعاء، بشأن الوضع في اليمن، استمرار النزاع إلى افتقار الأطراف والجهات الخارجية المعنية للإرادة السياسية.
وسلط تقرير فريق الخبراء الذي جاء بعنوان “أمة منسية: دعوة للبشرية لإنهاء معاناة اليمن”، الضوء على نتائجه حيال الانتهاكات والتجاوزات المرتكبة في اليمن في الفترة الممتدة بين 1 تمّوز/يوليو 2020 و30 حزيران/يونيو 2021.
وأشار التقرير إلى تأثير القيود المفروضة على الوصول إلى اليمن، للسنة الثالثة على التوالي، وجائحة كوفيد-19، والمحدودية الشديدة في الفترة المخصصة للتحقيق، على عمل الفريق الأممي.
وأعرب فريق الخبراء البارزين عن قلقه البالغ تجاه استمرار بيئة الخوف والخروج على القانون السائدة في اليمن “والتي تردع الكثيرين من التعاون ومشاركة المعلومات مع الفريق أو حتّى منح الموافقة على استخدام المعلومات”.
عوامل عديدة تفاقم الصراع اليمني
وذكر تقرير فريق الخبراء أن دولا ثالثة تواصل توفير الأسلحة والدعم العسكري لأطراف النزاع، مشيرا إلى أن اتفاق تقاسم السلطة الموقّع سابقا بين حكومة اليمن والمجلس الانتقالي الجنوبي “يعاني اختلالات كبيرة والمفاوضات بين سلطات الأمر الواقع والتحالف لم تحقق أي تقدّم ملموس. وعلاوة على ذلك، تصاعدت المواجهات العسكرية على مختلف الجبهات ضمن اليمن، على وجه الخصوص في محافظة مأرب، وخارج حدود اليمن”.
وبموازاة هذا النزاع الذي طال أمده، يفيد التقرير بأن تفشي الأمراض وجائحة كـوفيد-19 والفيضانات والقيود المفروضة على الاستيراد وأزمة الوقود والاقتصاد ومحدودية المساعدات الإنسانية، قد تسببت مجتمعة في جعل الحياة اليومية في اليمن لا تطاق بالنسبة للكثيرين.
الأطفال يدفعون أثمانا باهظة للصراع
وقال فريق الخبراء البارزين إنه لا يزال قلقا للغاية حيال الضرر، المتعذر إصلاحه، والذي تستمر أطراف النزاع بإلحاقه بالأطفال وفي إعمال حقوقهم، مشيرا إلى أن المصاعب الاقتصادية التي أحدثها النزاع أدت إلى تفاقم بعض الممارسات القديمة التقليدية الضارة ضد الأطفال في اليمن، مثل الزواج القسري والزواج المبكر.
وأوضح أن أطراف النزاع ما زالت تستخدم المدارس لأغراض عسكرية مما يجعلها أهدافا عسكرية معرضة للهجوم.
وذكر فريق الخبراء البارزين، أنه ومنذ تشكيله، حقق، بشكل مكثف، في تجنيد الأطفال تحت سن الـ 18 واستخدامهم في الأعمال القتالية من جانب جميع أطراف النزاع.
“وفي ضوء النتائج التي توصل إليها فريق الخبراء البارزين على مدى السنوات الأربع الماضية، فإنه يكرر الإعراب عن قلقه إزاء التجاهل الصارخ من جانب أطراف النزاع للحقوق التي يحق للأطفال التمتع بها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني”.
الصراع يحول دون الحصول على الرعاية المنقذة للحياة
وجدد فريق الخبراء البارزين تأكيده بشأن إمكانية التخفيف من حدّة الوضع الإنساني المتردي في اليمن، بشكل كبير، إذا بدأت أطراف النزاع باحترام التزاماتها بموجب القانون الدولي.
“ينزلق السكان المدنيون بدرجة أكبر في الجوع والفقر. العديد من المدن في اليمن لا تزال تحت الحصار أو متأثرة بالحصارات. الإغلاق المطوّل لمطار صنعاء الدولي منذ آب/ أغسطس 2016 من قبل الحكومة اليمنية والتحالف يمنع المدنيين من الحصول على الرعاية الصحية المنقذة للحياة غير المتوافرة في البلد”.
استنتاجات وتوصيات التقرير
وأشار فريق الخبراء البارزين إلى أن النتائج المتعلقة بالانتهاكات والتجاوزات التي قدمها هذا التقرير، وخلال السنوات الأربع الماضية، لا تمثل سوى عينة جزئية من تلك الأحداث التي تسبب معاناة مروعة للمدنيين في كل يوم في اليمن.
وذكر الفريق الأممي أنه لا تزال لديه أسباب معقولة تدعو إلى الاعتقاد بأن “حكومات اليمن والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والمجلس الانتقالي الجنوبي، وسلطات الأمر الواقع مسؤولة عن انتهاكات حقوق الإنسان”.
ويضيف الفريق أنه لا تزال لديه أسباب معقولة تدعو إلى الاعتقاد بأن أطراف النزاع المسلّح في اليمن استمرت بارتكاب انتهاكات للقانون الدولي الإنساني. “ورهنا بما تقرره محكمة مستقلة ومختصة، وجد فريق الخبراء مرة أخرى بأن افرادا من التحالف، وحكومة اليمن، والمجلس الانتقالي الجنوبي، وسلطات الأمر الواقع قد ارتكبوا أفعالاً قد ترتقى إلى مستوى جرائم حرب”.
وقال فريق الخبراء البارزين إنه قدم، خلال الولايات الثلاث الماضية، توصيات إلى أطراف النزاع والدول والمنظمات الإقليمية والدولية، معربا عن أسفه إزاء عدم اتخاذ أي إجراء بشأن هذه التوصيات. وشدد على ضرورة تنفيذ جميع التوصيات ذات الصلة “إذا أريد لأي احتمال معقول إنهاء معاناة السكان المدنيين الكبيرة”.
وأشار إلى أن الإرادة السياسية هي كل ما يتطلبه الأمر لتنفيذ هذه التوصيات المقدمة إلى أطراف النزاع، وإلى دول أخرى، وإلى المنظمات الإقليمية والدولية، وإلى مجلس الأمن.