سلمت ميليشيات الحوثيين والموالين للرئيس اليمني السابق، علي عبدالله صالح جثمان العميد ركن عمر سعيد الصبيحي، قائد اللواء الثالث حزم، لذويه الأربعاء، دون قيد، بعد أن رفضت قبيلة الصبيحي الانصياع لشروطهم المتمثلة في وقف دعمهم للحكومة الشرعية، وتسليم عدد من الأسرى الحوثيين.
واحتجز الحوثيون، جثمان العميد الصبيحي، بعد مقتله برصاص قناص، يوم السبت الماضي، أثناء معارك في منقطة كهبوب، شرق باب المندب، غربي محافظة تعز، تزامنًا مع هجوم تكلل بالسيطرة على منطقة ذوباب، مركز مديرية باب المندب.
جثامين للبيع!
ومنذ اندلاع الحرب في اليمن دأبت جماعة الحوثي المتاجرة على محاولة استغلال جثامين خصومها المقاتلين في معسكر الحكومة الشرعية، من أجل تحقيق مكاسب عسكرية ميدانية، حيث اختطفت جثمان قائد اللواء 310 مدرع، اللواء حميد القشيبي، بعمران، مطلع يوليو/ تموز من العام 2014، لأكثر من 12 يومًا، بعد “إعدامه” بأكثر من 60 طلقة نارية.
وبعد القشيبي اختطفت الجماعة جثمان القيادي في المقاومة الشعبية بمحافظة الضالع، صالح ريشان، بعد مقتله خلال مواجهات مسلحة، نوفمبر/ تشرين الثاني من 2015، وساومت على إطلاق سراح 7 من مقاتلي الحوثيين مقابل جثمانه.
وفي أكثر من محافظة يمنية، باتت جثامين أفراد الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، تمثّل تجارة للميليشيات الحوثية، حيث يحظر قناصو الجماعة الاقتراب من بعض القتلى، ويمنعون انتشال جثثهم، عبر إطلاق النار على من يقترب منها، ليتمكنوا من نقلها إلى مناطق سيطرتهم، ثم يتفاوضون مع أهاليهم على دفع مبالغ مالية، قد تصل إلى 2000 ألف ريال يمني، مقابل السماح لهم بدفنها.
لا معايير أخلاقية
ويقول رئيس منتدى الجزيرة العربية للدراسات، نجيب غلاب، “إن جماعة الحوثي تتعامل مع الحرب باعتبارها سوقًا سوداء، تقدم قرابينًا من الحمقى في سوقها. ولم تكتف باختطاف المواطنين والمطالبة بالفدية، بل وصل الحال إلى بيع جثث القتلى، وفي المقابل تترك جثث قتلاها في الجبال والوديان، وتلجأ أحيانًا إلى قتل الجرحى من مقاتليها، للتخلص من أعباء علاجهم”.
ويشير غلاب، في حديثه لـ “إرم نيوز”، إلى أن “تركيبة جماعة الحوثي النفسية تحتقر اليمني، ولا تراه سوى موظف لخدمتها، فهي تستغلّ المأساة الإنسانية، وتزيد منها، لتحقيق أهدافها الحربية، ولا تبالي بأي معايير أخلاقية، وما تردده ليس إلا غطاء لتمرير مصالحها وأهدافها وتثبيت أركان قوتها”.
وأضاف غلاب “إن أبناء اليمن باتوا يسخرون من ادعاءاتهم، ولذلك هم يلجؤون إلى القوة القهرية لإخضاع الناس وإذلالهم”. واستعاد مركز الصليب الأحمر في اليمن، أكثر من 70 جثة، من المناطق الأكثر تأثرًا بالقتال في اليمن، بالتعاون مع جمعية الهلال الأحمر اليمنية، خلال النصف الأول من العام الماضي.
وقال رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر، في اليمن، الكسندر فيت، في تقرير صدر في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام الماضي، إن المدنيين في تعز “أصبحوا عالقين بين نيران القناصة والقصف العشوائي، والجثث الملقاة في الشوارع”.
وناشد فيت، جميع أطراف النزاع، مراعاة حرمة الحياة الإنسانية وصون كرامتها، داعيًا، جميع الأطراف إلى إبداء حسن النوايا في النهوض بمسؤولياتهم فيما يتعلق بانتشال الجثث ونقل الجرحى.
ووصف المحلل السياسي، حسين لقور، أسلوب اختطاف الجثامين، بــ “الأسلوب الدنيء”. وقال، “إن ذلك لا يعكس سقوطهم الأخلاقي منذ اليوم الأول للانقلاب فحسب، وإنما أيضًا حقدهم على الشهداء الذين لقنوهم دروسًا في ساحات النضال السلمي، في إشارة منه إلى العميد ركن، عمر الصبيحي”.
جريمة قانونية
وعلى الصعيد القانوني، يرى المحامي، أكرم الشاطري، أن احتجاز جثامين قتلى الطرفين المتقاتلين، يعدّ واحدة من أبشع الجرائم الإنسانية والأخلاقية والدينية والقانونية، التي ترتكبها الجماعات الحوثية المسلحة، خلال الحرب التي تشهدها اليمن.
ولفت الشاطري، إلى أن هذه الجريمة تخالف اتفاقيات جنيف الرابعة، التي تمنع احتجاز رفات القتلى، وتلزمهم بتسليمها إلى ذويهم، واحترام كرامة المتوفين، ومراعاة طقوسهم الدينية، خلال عمليات الدفن، وتسهيل وصول أسر الموتى إليها.
وقال في حديث لـ “إرم نيوز”، إن اللجنة الدولية للصليب الأحمر “تؤدي دورًا أساسيًا في كل المسائل المتعلقة بمتابعة الطرف الذي يحتجز الموتى الذين قضوا في النزاعات المسلحة واستعادة جثثهم والتعامل معها بطريقة كريمة”.
وأضاف “أهمية تمكين الموتى لعائلات الضحايا والمجتمعات المحلية أمر مفروغ منه، ومنصوص عليه أيضًا في اتفاقيات جنيف الأربع كلها. وبالتالي إدانة تلك الأفعال المنافية للمواثيق والأعراف الدولية حتى في ظل النزاعات المسلحة.
نقلا عن ارم نيوز الامارتي