في تقرير لوكالة الصحافه الفرنسيه حول السياسه الخارجيه للرئيس الأميركي جو بايدن موضحا انه يعيد بشكل سريع وإن كان غير مباشر موازنة أولويات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط،
وقالت انه يتراجع عن سياسة سلفه الداعمة بشكل كامل للسعودية وإسرائيل بينما يؤكد على الدبلوماسية مع إيران.
وبعد أسبوعين على توليه الرئاسة، أعلن بايدن الخميس إسدال الستار على صفحة دعم بلاده للحملة العسكرية السعودية في اليمن التي قال إنها “أدت إلى كارثة إنسانية واستراتيجية”.
وفي أول خطاب رئيسي تطرّق إلى سياسته الخارجية، كان من الملفت أنه لم يأت على ذكر اسرائيل عندما قال إنه سيعيد إحياء تحالفات مع زعماء آخرين، في موقف عكسه عدم اتصاله بعد برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو.
وبينما تعهّد بتبني نهج متشدد حيال روسيا وتحدّث عن التحديات التي تمثّلها الصين، اكتفى بالمرور سريعا على إيران، في تناقض صارخ عما كان الحال عليه في عهد سلفه دونالد ترامب الذي لطالما اعتبر أن الجمهورية الإسلامية تشكّل تهديدا عالميا وأطلق حملة “ضغوط قصوى” عليها شملت إعلانه الانسحاب من الاتفاق النووي المبرم عام 2015 الذي تفاوضت عليه إدارة باراك أوباما، والتي كان بايدن نائب الرئيس فيها.
ويعقّب المستشار المخضرم في شؤون الشرق الأوسط لدى وزراء الخارجية من الحزبين آرون ديفيد ميلر على الأمر قائلا “في حالتي إسرائيل والسعودية، وهي علاقات قرر ترامب إعادة تأهيلها بعد أوباما، فإن إدارة بايدن مستعدة لترك المزيد من المسافة، وإن لم يكن بنسبة متناظرة”.
في ما يتعلّق بإسرائيل، أشار ميلر إلى أن إدارة بايدن تتروى قبل إجراء رابع انتخابات تشهدها الدولة العبرية في غضون عامين في آذار/مارس، نظرا لاحتمال هزيمة نتانياهو، الذي حشد تأييد المحافظين في الولايات المتحدة ضد سياسة أوباما حيال إيران.
وقال ميلر، الباحث حاليا لدى “مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي” “هذه إشارة إلى أن الأمور ليست كالمعتاد بالنسبة للطريقة التي تعامل ترامب من خلالها مع الإسرائيليين”.
أما بالنسبة لإيران، نوّه ميلر إلى أن بايدن يرسل إشارة على ما يبدو مفادها “لا نلاحق طهران”. وحذّر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مرارا من العملية الطويلة لإعادة إحياء اتفاق 2015 النووي، على الرغم من أنه عيّن مبعوثا لإطلاق الحراك الدبلوماسي في هذا الاتجاه.
– عودة إلى الوضع “الطبيعي”؟ –
وتعهّد بايدن بالتركيز على القيم الديموقراطية بينما تعاملت إدارته ببرود مع الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، صديق ترامب الذي يشن حملة أمنية على حراك طلابي.
وأما من خلال وضعه حدا للدعم للحرب التي تشارك فيها السعودية في اليمن، حيث بات 80 في المئة من السكان يعتمدون على المساعدات، ينفّذ بايدن إحدى وعود حملته الانتخابية لناشطين مناهضين لحملة الرياض.
لكن بايدن أوضح أن الولايات المتحدة لا تزال تدعم المملكة في ملفات أخرى، بينما وصف المتحدث باسم الخارجية الأميركية نيد برايس موقف الإدارة على أنه مجرّد “عودة إلى الإجراءات الطبيعية” التي تقتضي مراجعة كل صفقة أسلحة.
ويعد بايدن، الذي قضى 36 عاما في مجلس الشيوخ، شخصية وسطية في الحزب الديموقراطي ورفض دعوات يسارية لإعادة النظر بشكل أوسع في التحالف مع إسرائيل التي يزداد ميلها إلى اليمين.
ووصف برايان كاتوليس من “مركز التقدّم الأميركي” المقرّب من اليسار، موقف بايدن بأنه “أقرب إلى إعادة تكيّف باتّجاه الوضع الطبيعي” في وقت تحاول الولايات المتحدة الترفّع عن الانقسامات.
وقال كاتوليس إن “ترامب وضع أميركا بدرجة كبيرة في جهة واحدة من الميزان في إطار النزاعات بين السعودية وإيران وإسرائيل وفلسطين”.
وأضاف “لم تنجح هذه الوضعية من قبل ترامب في خفض منسوب التوتر الإقليمي بل أعتقد أنها صعّدته وكادت تُدخل أميركا من غير قصد في حرب أخرى في الشرق الأوسط من خلال المناوشات مع إيران”.
لكن إدارة أوباما هي من بدأت الدعم الأميركي للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن ضد المتمرّدين الحوثيين المرتبطين بإيران.
إلا أن إدارة ترامب عززت العلاقة وأشادت بعمليات شراء المعدات العسكرية من قبل السعودية على اعتبار أنها مفيدة تجاريا بالنسبة للولايات المتحدة، فدعمت ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان حتى بعدما حمّلته الاستخبارات الأميركية مسؤولية الوقوف وراء عملية قتل الصحافي السعودي المقيم في الولايات المتحدة جمال خاشقجي الوحشية.
كما حقق ترامب رغبة دبلوماسية لنتانياهو تمثّلت بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ورفع منسوب الضغط على الفلسطينيين.
وقال كاتوليس بشأن موقف بايدن حيال قضايا الشرق الأوسط “إنه تحوّل مهم… لكن الحقيقة على الأرجح أقل من الظاهر”.