بحكم العمل والعادة أيضا أصحو على متابعة ملف مليء بالأخبار والسياسة وكلها محزنة.
( ولى زمن كان المرء فيه يصحو على صوت فيروز وبرنامج عن الفراشات الملونة ومعلومات عن الرياضة والمرح ) فالآن تصحو على جدول فيه أرقام ضحايا وتنام على تقرير لجنة الخبراء الذين يقولون لك أنك محاصر بانهيار المناخ ودمار الإقتصاد وانهيار البورصات !
* وفي وقت الظهيرة تستمع إلى تحليلات عن صراعات في كل مكان من حرب القوقاز التي تعود لتطل برأسها من قمم ( ناكاروني كارباخ ) بين أرمينيا و أذربيجان مذكرة بتاريخ دامي من الصراع سيجر خلفه صراعا إقليميا واضحا من موسكو إلى انقره
إلى حروب المنطقة العربية في ليبيا والعراق ولبنان وسوريا واليمن وفلسطين وهناك أفغانستان الغارقة بحربها والصومال المنسية بجرحها
وتوتر شبه القارة الهندية الباكستانية
وصراع العمالقة القادم الصين وأمريكا
وما تبقى من الوقت تستهلكه في متابعة تطورات كوفيد 19 وفيروس كورونا وكيف وصل حسب فرانس برس هذا الأسبوع و أودى بحياة أكثر من مليون نسمة بالضبط حتى الأحد الماضي 1,069,029 شخصا على الأقل توفي في العالم منذ أن ظهر الفيروس في الصين في كانون الأول/ديسمبر، استنادا إلى مصادر رسمية. وتم تسجيل أكثر من ستة وثلاثين مليون (36,934,770) إصابة مثبتة بينما تعافى اكثر من خمسة وعشرين مليون( 25,530,500) شخص على الأقل.
** والأهم الذي يشد أنظار العالم هو ماذا يجري من سباق في البيت الأبيض من انتخابات بين عجوزين تجاوزت أعمارهم السبعة عقود
( دونالد ترامب 74 سنه وجون بايدن 77 ) ويطلقون وعودا لسباق شبابي محموم!!
بينما توجه الناشطة البيئية السويدية غريتا تونبرغ – وهي مراهقة سويدية في السابعة عشر من العمر- وتحظى بحضور دولي، توجه الأميركيين إلى انتخاب المرشح الديموقراطي جو بايدن الشهر المقبل، في تدخل نادر لها في السياسة في الولايات المتحدة. وكتبت على تويتر “أنا لا أتدخل أبداً في سياسة الأحزاب. لكن الإنتخابات الأميركية المقبلة أبعد من كل ذلك”.
ولا تدري بما تصف ذلك هل هو ضمن إضطراب العالم أم لانهيار معايير السياسة والكياسة في عالم تصدرت عناوين أخباره وتصريحات قيادات شتى فيه التهريج والتطرف وقابلت عزوف جماهيري وإحباط واسع في أوساط العامة واختفاء النخب في كل مكان !
أما عند مراجعة كل التصريحات السياسية التي تطلق من باريس أو أنقرة أو طهران مرورا بخطابات اليمين المتطرف الذي يحتاج سماء الإعلام فإن المرء يشعر بأنه في عالم مضطرب .. ويشبه موقف من يريد أن يعرف حقيقة الأمور أو صورة واضحة لما يجري موقف من يريد أن يدخل خيط بثقب إبرة وهو على مركب مهتريء فوق موج بحر صاحب بشتاء قارس .
كل ذلك وهذا الأسبوع يفزعنا الأمين العام للأمم المتحدة بالاحتفاء باليوم العالمي للصحة النفسية الذي يصادف تاريخ مميز لن يتكرر في الحياة ثانية العاشر من أكتوبر
10 . 10. 2020 ويقول أن هناك
( ما يقرب من مليار شخص في جميع أنحاء العالم يعاني من شكل من أشكال الاضطرابات العقلية، وكل 40 ثانية يموت شخص ما بسبب الانتحار، وقد أصبح من المسلم به الآن أن الاكتئاب هو السبب الرئيسي للمرض والإعاقة في أوساط الأطفال والمراهقين).
(جاء ذلك في رسالة الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بمناسبة اليوم العالمي للصحة النفسية ، الذي يتم إحياؤه سنويا في10 أكتوبر/تشرين الأول)
** ليبقى السؤال الذي لا يفارق مخيلتك؟ ماذا يجري في هذا العالم ؟
وهل كل ذلك ترتيبات لنظام عالمي جديد ورسم خرائط اجتماعية وسياسية أخرى وتغيير في كل الجغرافيا المشتعلة؟ أم هو جزء من الإضطراب العقلي الذي يعاني منه ربع سكان الكوكب؟
لا جواب لكن مع تنامي رياح الخريف تتساقط الكثير من أوراق الشجر ليس إعلانا لموت كاسح بل مقدمة لربيع قادم.
فنحن نحتاج حتى في داخل نفوسنا أن ندع الأوراق المتساقطة تكمل سقوطها لتفسح الطريق لربيع قادم .
* وزير حقوق الإنسان باليمن سابقا
نقلا عن جريده الاهرام المصريه