يستعد اليمنيون للاحتفاء بالذكرى الـ58 لثورة الـ26 من سبتمبر المجيدة بفرحة غامرة، كونها الثورة الأم وفجر اليمن الجديد، الذي حرر الشعب من ظلم واستبدادية الكهنوت الإمامي المتسلط، الذي يحاول أحفاده اليوم، (الحوثيون) إخفاء كل معالمها التي أذاقت أجدادهم أقسى هزيمة قبل 58 عاماً.
يترقبون وهم على بعد أيام فقط من الاحتفال بالذكرى الـ58 لعيد ثورة 26 سبتمبر المجيدة، احتفالات شعبية في العديد من المحافظات اليمنية بذكرى الثورة المجيدة التي أطاحت بنظام الإمامة المستبد في العام 1962م.
تحل هذه الذكرى السبتمبرية المجيدة اليوم، على شعب لا يزال يحارب الإماميين المستبدين، ويتطلع إلى القضاء على جذور الإمامة المستبدة من منابعها، حتى لا تعود مرة أخرى للظهور مجدداً وتنفذ مخططاتها الإرهابية التي دأبت عليها منذ عقود.
محاولات طمس المعالم
وتمثل ثورة الـ26 من سبتمبر الخالدة، علامة فارقة في تاريخ اليمنيين، فعيدها السنوي تعيد لهم الأمجاد التي صنعها الأبطال من ثوار سبتمبر، الذين أسقطوا حكم الإمامة الكهنوتية وداسوا بأقدامهم على محطاتها إلى الأبد، تحاول أحفاد الإمامة الحاقدة طمس كل ما له صلة بالثورة المجيدة.
وسعت مليشيا الحوثي المتمردة المدعومة من إيران، بعد سيطرتها على العاصمة صنعاء، في العام 2014إلى طمس كل المعالم والآثار المتعلقة بالهوية الثورية، مستهدفةً حتى أسماء الشوارع المسماة برموز وأبطال الثورة واستبعاد كل ما يرتبط بالثورة ورموز الجمهورية.
لم تنتظر مليشيا الحوثي المتمردة المدعومة من إيران كثيراً بعد دخولها صنعاء، قبل ست سنوات، إذ قامت بعد أشهر قليلة من انقلابها، وتحديدا في مطلع يناير 2015م بإعلان أول قرار لها تنتقم فيه من معالم الثورة التي أطاحت بأجدادها المستبدين، وكان بتغيير أسماء عدد من الشوارع التي تحمل أسماء رموز الثورة.
تضمن قرار المليشيا الحوثية المتمردة المدعومة إيرانيا توجيهات بتغيير أسماء 11 شارعاً رئيسياً في العاصمة صنعاء، لعل من أبرز تلك التغييرات التي طالت أسماء الشوارع، هي محاولة تغيير “شارع الزبيري”، وهو أحد أبرز شوارع العاصمة صنعاء، وذلك إلى شارع “الرسول الأعظم”.
وعمدت مليشيا الكهنوت الإمامية في سياق عبثها بمعالم ثورة الـ26 من سبتمبر، على إصدار قرار أيضاً بتغيير اسم “ميدان التحرير ” الذي يعد أحد أبرز رموز الثورة ضد الإمامة، ويرمز إلى هزيمتها، إلى ما أسمته “ميدان الصمود”، وهي من أسماء وشعارات الموت التي تدأب المليشيا على ترديدها.
الاعتداء على “القصر الجمهوري”
وإلى جانب محاولاتها الهدامة التي تسعى من خلالها إلى طمس معالم الثورة، قامت مليشيا الحوثي المتمردة المدعومة من إيران بتغيير العديد من المؤسسات الحكومية التي تحمل دلالات رمزية للثورة، ومنها تغييرها اسم “القصر الجمهوري” إلى ما يسمى “مقر المجلس السياسي الأعلى”، وهو الذي أعتبره – مراقبون في حديث لـ”26 سبتمبر” – نتاجاً لحقدهم الدفين على ثورة الـ26 من سبتمبر المجيدة.
وتأتي محاولات الطمس هذه، ومحاولات استهداف الرموز الجمهورية – طبقاً لما أفاد المراقبون – ضمن سعي المليشيا المتمردة لصبغ المجتمع بأفكارها الطائفية ذوي الطبعة الإيرانية، وإرغامه على اعتناق عقيدتها، والتماهي مع خطابها الملغم بالأحقاد التاريخية، والخضوع لممارساتها الاستعلائية القائمة على فكرة الاصطفاء الإلهي المزعوم لسلالة زعيمها الحوثي.
ومن سنةٍ إلى أخرى تحاول مليشيا الحوثي المتمردة إزالة ومحو مجسّمات ومعالم ورموز الثورة اليمنية والجمهورية ضمن حملة ممنهجة تستهدف ضرب الهوية الوطنية اليمنية في الذاكرة الجمعية، والنيل من القيم النضالية الوطنية والمعاني السامية لمبادئ وأهداف الثورة التي أطاحت بنظام أجدادها.
سعت مليشيا الحوثي المتمردة في صنعاء، الخاضعة لسيطرتها، إلى جانب نزع وطمس أسماء أبرز رموز وقادة الثورة اليمنية من واجهات الشوارع والساحات العامة والمنشآت الخدمية، إلى تغيير رموز أخرى لها علاقة بالثورة ومنها مدرسة الشهيد “جمال جميل” التي وجهت بتغيير اسمها إلى الصريع “صالح الصماد” أحد قياداتها الذي لقي مصرعه قبل نحو عامين.
والشهيد جمال جميل، أحد رموز ثورة 1948م ضد الإمامة، وهو ضابط عراقي بارز عمل في صفوف حركة الأحرار اليمنية وأسهم ببسالة في الدفاع عن صنعاء بعد فشل ثورة 48 ليقدم حياته ثمناً لموقفه، وحكم عليه الإمام أحمد بالإعدام، ودفن في مقابر اليمن، وسُمّى مركز الشرطة المجاور لميدان التحرير باسمه، وكذلك المدرسة المجاورة تكريماً وتقديراً له وتخليداً لذكراه.
مستشفى الشهيد العلفي
وسبق أن أقدمت مليشيا الحوثي المتمردة على إلغاء اسم مستشفى “الشهيد العلفي” في مدينة الحديدة، وحولته إلى ما يسمى “مستشفى الساحل الغربي الطبي التعليمي”، وذلك في سياق مساعيها لطمس رموز الجمهورية الثائرة على الحكم الإمامي.
ويعرف تاريخياً وعلى المستوى الرسمي والشعبي اسم المستشفى الحكومي، باسم الشهيد الثائر محمد عبد الله العلفي، البطل الجمهوري، والذي أطلق النار على الإمام أحمد حميد الدين، أثناء زيارته للمستشفى عام 1961م، وبقي يقاوم حرس الإمام حتى استشهد في أروقة المستشفى.
وفي إطار ما سعت إليه المليشيا الحوثية المدعومة من إيران من محاولات لطمس كل ما له علاقة بالجمهورية والثورة، أطلقت المليشيا ما أسمته “الصماد” على مستشفى “48” في محافظة إب، والذي يخلد اسمه السنة التي شهدت أول انتفاضة يمنية في القرن العشرين، ضد نظام الإمامة عام 1948م.
ووصلت الانتهاكات السافرة بحق ثورة الـ26 من سبتمبر المجيدة من قبل مليشيا الكهنوت الإمامية، إلى قيام هذه المليشيا بتغيير اسم حديقة “الجندي المجهول” الواقعة خلف مجسم ضريح «الجندي المجهول» في ميدان السبعين، وسط صنعاء، إلى حديقة أطلقت عليها اسم “الشهيد الصماد”.
ويعتبر المراقبون ما أقدمت عليه مليشيا الحوثي المتمردة من استهداف للمجسم ذوي الدلالة التاريخية وتحويله إلى قبر لما يسمى “الصماد” وقيامها برفع صورته على أعمدة الثورة الواقعة بجانب المجسم، انتهاك سافر للدلالة اليمنية التاريخية والمواقع الرمزية الوطنية.
ويرى المراقبون أن استهداف مليشيا الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران لرمزية النظام الجمهوري ونضالاته يعد انتقاماً من اليمنيين، وذلك ضمن مساعيها لطمس أحد معالم الجمهورية اليمنية، وترسيخ ضريح صريعها “الصماد” في ذهنية اليمنيين من جهة، وجعله مزاراً رائجاً لأتباعها الطائفيين من جهة أخرى.
مارد الثورة
مليشيا الحوثي الانقلابية المدعومة من إيران وفي إطار ما قامت به من محاولات طمس لكل معالم ورموز الثورة السبتمبرية المجيدة، لم تبق على “مارد الثورة” وهي الدبابة التي دكت قصر الإمام، وقامت بإخفائها من مكانها أمام مبنى المتحف الحربي بصنعاء.
يشير مراقبون يمنيون إلى أن إقدام مليشيا الحوثي المتمردة على إخفاء “مارد الثورة”، رمز الدبابة التي دكت قصر جدهم الإمام المستبد أحمد يحيى بن حميد الدين، يعود لما يحمله هذا الرمز من دلالة انتصار للثورة اليمنية المباركة، ورمز اجتثاث للكهنوت الإمامي المتخلف من جذوره.
ويوضح المراقبون أن هذا الرمز يمثل أيضا رمزية للثورة ورسالة للأيادي الآثمة في العاصمة صنعاء (مليشيا الحوثي المتمردة المدعومة من إيران) التي قامت بطمسه وإزالته واستبداله بأخرى لا تمثل هذه الثورة المباركة التي قضت على نظام الإمامة الكهنوتي المستبد.
ولم تكتف مليشيا الحوثي المتمردة في مناطق سيطرتها بسرقة ومصادرة مكتسبات الثورة السبتمبرية، وطمس معالمها، إذ عمدت طوال السنوات الماضية على منع الاحتفالات الشعبية بذكرى ثورتهم المجيدة، إلا أن كل محاولات المنع تلك لم تجد نفعاً أمام شعب جمهوري، ولد من رحم الثورة.