وجهت منظمات دولية ووكالات تابعة للأمم المتحدة، نداء عاجلاً لإنقاذ اليمن، من انهيار شامل في النظام الصحي الهش في اقوي نداء منذ انقلاب الحوثي
اكدت المنظمات تفشي وانتشار وباء كوفيد-19، بسرعة ونشاط في جميع أنحاء البلاد، التي تشهد بالفعل أكبر أزمة إنسانية ومجاعة في العالم، مدفوعة بصراع مستمر منذ ست سنوات.
جاء ذلك في بيان مشترك، وجهه رؤساء ومدراء تنفيذيون لـ17 وكالة أممية ومنظمة غير حكومية، للدول المانحة والشركاء الدوليين، قُبيل انعقاد مؤتمر تستضيفه السعودية عبر الأنترنت يوم الثلاثاء المقبل،
و تأمل هذه المنظمات أن تحصل منه على 2,4 مليار دولار لتغطية برامجها الأساسية المهددة بالتوقف وبرامج مكافحة جائحة كورونا (كوفيد-19).
وأكدت الوكالات والمنظمات في البيان المشترك الذي وزع على وسائل الإعلام استعدادها للبقاء وتقديم المساعدة المنقذة للحياة لأولئك الذين يحتاجون إليها” في اليمن.
واشار البيان إلى “الأرقام الرسمية لحالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد اعتباراً من 28 مايو/أيار تصل إلى 253 حالة إصابة و 50 حالة وفاة” المعلنة من السلطات الحكومية.
وشدد على ضرورة “إجراء المزيد من الاختبارات والتحاليل لتقديم صورة حقيقية للجائحة ولمعدَّل حالات الوفاة في اليمن. ولكن، كما هو الحال في العديد من المحافظات الأخرى، هناك نقص في مجموعات الاختبار في اليمن، والتقارير الرسمية مختلفة كثيرا عن الإصابات الفعلية”.
واشارت الأرقام الرسمية، وفق البيان، إلى “أنه تم تأكيد حالات كوفيد-19 في 10 من محافظات البلاد الـ22 ، مما يدل على انتشار واسع النطاق. لكن نظم الاختبار والإبلاغ لا يزالان محدودين ومن المحتمل أن معظم مناطق البلاد قد تأثرت بالفعل، إن لم يكن جميعها، “لقد تم إبعاد الأشخاص الذين يعانون من أعراض حادة، مثل الحمى الشديدة والتنفس المضطرب، عن المرافق الصحية التي كانت ممتلئة أو غير قادرة على توفير علاج آمن”.
ولفت البيان “وسائل الصرف الصحي والمياه النظيفة شحيحة. فقط نصف المرافق الصحية تعمل. وتفتقر العديد من المراكز الصحية العاملة إلى المعدات الأساسية مثل الأقنعة والقفازات، ناهيك عن الأوكسجين والإمدادات الأساسية الأخرى لعلاج كوفيد-19. وليس لدى العديد من العاملين في المجال الصحي والعاملين في المجال الإنساني معدات واقية، ومعظمهم لا يتلقون أي رواتب أو حوافز.
وذكر البيان، أنه “وعلى الرغم من الجهود التي يبذلها العاملون الصحيون المحليون والوكالات الدولية، فإن النظام الصحي يتدهور أكثر تحت الضغط الإضافي لوباء كوفيد-19” مشيراً إلى تأثير الصراع غير المتناسب على النساء والأطفال “اليمن بالفعل واحد من أسوأ الأماكن على وجه الأرض لتكون فيه امرأة أو طفل. بعد خمس سنوات من النزاع ، يحتاج أكثر من 12 مليون طفل و6 ملايين امرأة في سن الإنجاب إلى نوع من المساعدة الإنسانية. إن صحتهم وتغذيتهم وسلامتهم وتعليمهم في خطر بالفعل مع انهيار الأنظمة بسبب القتال. وتعاني أكثر من مليون امرأة حامل من سوء التغذية. ومع انتشار وباء كوفيد-19 في جميع أنحاء اليمن، فإن مستقبلهن سيكون في خطر أكبر”.
ونوه البيان بالمخاطر الكبيرة التي تهدد معظم النازحين داخلياً “والبالغ عددهم 3.6 مليون نازح في ظروف غير صحية ومزدحمة، الأمر الذي يجعل من المستحيل عزلهم جسميا والتقيد بغسل اليدين بانتظام وكثيرا ما يُلامون على تفشي الأمراض مثل كوفيد-19 والكوليرا”.
وقالت الوكالات الدولية عن دورها، “إنها تقوم بكل ما في وسعها للمساعدة. توفر الحماية والدعم الذي يعطي الأولوية لأكثر الفئات ضعفاً. وهذا يشمل كبار السن والمعوقين والنساء والفتيات. وتركز استراتيجية الوكالات في اليمن على التوسع السريع في تدابير الصحة العامة المثبتة ضد كوفيد-19 (الكشف المبكر والاختبار، وعزل ومعالجة الحالات، وتتبع جهات الاتصال)؛ الترويج بنشاط للنظافة الشخصية والتباعد الجسدي؛ تعبئة الإمدادات والمعدات المنقذة للحياة؛ والحفاظ على الخدمات الصحية والإنسانية الأساسية”.
وافاد في البيان المشترك “لكن هناك الكثير الذي يتعين القيام به في جميع مجالات التدخل. لذا فإن شركاء الأمم المتحدة يدعون السلطات في جميع أنحاء اليمن للإبلاغ عن الحالات وجميع المعلومات الأخرى ذات الصلة بشفافية، وكذلك للتكيف على وجه السرعة وتطبيق التدابير التي يمكن أن تزيد من الحد من انتشار المرض وتخفيفه”.
ودعا البيان السلطات المعنية في اليمن، “إلى اتخاذ جميع الخطوات الممكنة للقضاء على وصمة العار الاجتماعية حول الوباء والتي تمنع الأشخاص من التماس العلاج قبل فوات الأوان”.
وأشار إلى نشر فرق الاستجابة السريعة، وعمل الوكالات على “إنشاء وحدات عزل في 59 مستشفى في جميع أنحاء البلاد وشراء المنظمات “ما يقرب من ربع مليون قطعة من مواد الحماية الشخصية ولدينا إمدادات إضافية في طور الإعداد وسندعم 9500 عامل صحي من العاملين في وباء كوفيد-19 في الخطوط الأمامية” وإيصال معلومات الحماية إلى نصف السكان.
ونوه البيان إلى أهمية البرامج الأساسية التي تقدمها المنظمات لأكثر من عشرة مليون جائع شهرياً، والمساعدات للنازحين والعلاج للمصابين بالكوليرا والضنك، والمهدد 30 برنامج منقذ للحياة منها، بالإغلاق خلال الأسابيع القادمة، مؤكداً أن استمرار هذه البرامج “أكثر أهمية الآن حيث تنتشر جائحة كوفيد-19 في جميع أنحاء البلاد – خاصة عندما نتذكر أن الجوع وسوء التغذية والكوليرا وحمى الضنك والأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات لم تخف حدتها”.
وناشدت المنظمات الـ17 التعامل مع هذا الوضع المأساوي: “ليس لدينا ما يكفي من المال لمواصلة هذا العمل.. إذا لم نتمكن من تأمين أموال إضافية. هذا يعني أن الكثير من الناس سيموتون”.
وقالت في البيان “لم يكن لدينا إلا القليل من المال لعملية المساعدات لليمن في أواخر هذا العام. وستشرف الأمم المتحدة والمملكة العربية السعودية في استضافة نداء افتراضي عن طريق الفيديو لجمع التبرعات يوم 2 حزيران/ يونيو. بدأ المانحون في إعطاء إشارات لدعم هذا النداء لكن التعهدات لا تزال أقل بكثير مما هو مطلوب، ومعظمها لم يتم دفعه بعد. “التعهدات في حد ذاتها لا يمكن أن تنقذ الأرواح”.
وجددت المنظمات رفضها للقيود المفروضة على العمل الإغاثي شمال اليمن، في إشارة إلى الحوثيين، مشيرة إلى عملها على تجاوز الكثير من التحديات، وإحراز تقدم ملموس فيها، مؤكدة التزامها بإيصال “بضمان وصول المساعدة حيثما ينبغي”.
وختم البيان المشترك بتأكيد المنظمات على دور جهودها في تخفيف بعض أسوأ عواقب الأزمة اليمنية على المدنيين، مؤكدة “أن الحل السياسي هو وحده القادر على إنهاء الأزمة بالكامل. نحن بحاجة إلى وقف الأعمال العدائية في جميع أنحاء البلاد لتلبية الاحتياجات الإنسانية المتزايدة باستمرار. إذا كانت أمام العملية السياسية أي فرصة للنجاح، فيجب الحفاظ على استقرار الوضع الإنساني. لدينا المهارات والموظفون والقدرة على القيام بذلك. ما ليس لدينا هو المال. الوقت يداهمنا. نطلب من المانحين التعهد بسخاء ودفع التعهدات على الفور”.
وتشكو المنظمات الأممية بشكل متواصل، عراقيل الحوثيون لجهودها، وسرقتهم لبعض المساعدات من مستحقيها، ما أجبر الكثير من الدول المانحة على سحب تعهدات المالية، وترك المنظمات تواجه أزمة مالية كبيرة منذ مطلع العام الجاري.
وأجبر تفشي وباء كورونا خاصة في مناطق سيطرة الحوثيين، الذين يتحفظون على نشر أعداد الإصابات الفعلي في شمال اليمن، المنظمات على نقل الكثير من موظفيها الدوليين، في الآونة الأخيرة إلى خارج اليمن، وإلزام الموظفين المحليين بالعمل من منازلهم.
وتقول الأمم المتحدة إن التكتم وعدم الشفافية في إخبار الناس بالمعلومات المتعلقة بانتشار وتفشي كورونا، ستقلل من فرص احتواء الوباء في اليمن، ويؤثر على سرعة استجابة المجتمع الدولي، واستشعار الدول المانحة للأزمة وضرورة تقديمها المساعدات اللازمة لمساعدة اليمن في مواجهة كورونا.
وكانت الحكومة اليمنية، ناشدت المجتمع الدولي والمنظمات مساعدتها في مواجهة وباء كورونا، بتقديم المساعدات والمعدات اللازمة لمواجهة الوباء والحد من انتشاره وعلاج المصابين ووقائية العاملين الصحيين وتوفير مرتباتهم، مشيرة إلى تحديات وعقبات تواجه جهودها والمتمثلة بتستر المليشيات المدعومة من إيران على أعداد الإصابات في مناطق سيطرتها وتصعيد عملياتها العسكرية، وتدخل المليشيات المدعومة من الإمارات في عمل مؤسساتها في عدن التي تواجه أكبر عدد في الإصابات، وتزايد متصاعد ومقلق في أعداد الوفيات مجهولة السبب منذ مايو/أيار الجاري.
ووقع البيان كل من الرؤساء والمدراء التنفيذيين للمنظمات الإنسانية التالية:
آبي ماكسمان، رئيس اللجنة التوجيهية للاستجابة الإنسانية، الرئيس والمدير التنفيذي لمنظمة أوكسفام أمريكا.
أكيم شتاينر، مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
أنطونيو فيتورينو، المدير العام للمنظمة الدولية للهجرة.
سيسيليا جيمينيز- داماري، مقررة الأمم المتحدة الخاصة المعنية بحقوق الإنسان للمشردين داخليا.
ديفيد بيسلي، المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي.
فيليبو غراندي، المفوض السامي لشؤون اللاجئين (مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين).
غاريث برايس جونز، الأمين التنفيذي للجنة التوجيهية للاستجابة الإنسانية.
هنرييتا هـ. فو ، المديرة التنفيذية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف).
إغناسيو باكر، المدير التنفيذي للمجلس الدولي للوكالات التطوعية.
إنغر آشينغ، الرئيس التنفيذي لمنظمة إنقاذ الطفولة الدولية.
ميمونة محمد شريف، المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية (منظمة الأمم المتحدة للموئل).
مارك لوكوك، منسق الإغاثة في حالات الطوارئ.
ميشيل باشيليه، المفوضة السامية لحقوق الإنسان.
نتاليا كانم، المديرة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للسكان.
كو دونغ يا، المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو).
صامويل ورثينجتون، الرئيس التنفيذي لمنظمة “إنتر آكشن”.
تيدروس أدهانوم غيبريسوس، المدير العام لمنظمة الصحة العالمية.