لم تستثن المليشيا الحوثية الأطفال في مناطق سيطرتها من الزج بهم في جبهاتها المختلفة بحكم أعمارهم الصغيرة، بل استمرت في تجنيدهم حتي وصل أعداد المجندين إلى أكثر من 30 الف طفل بحسب تقارير حكومية وحقوقية في تحدٍّ صارخ لكل القوانين والمواثيق المحلية والدولية التي تجرم تجنيد الأطفال والزج بهم في الصراعات والحروب.
ومع تصعيد المليشيا الأخير في الجوف ونهم ومأرب والجبهات الأخرى، كثف قادتها من تحركاتهم في أوساط المجتمعات المحلية، سواء في صنعاء أو في غيرها من المحافظات لاستقطاب المزيد من المجندين.
كما قامت عقب اجتياحها لمدينة الحزم عاصمة الجوف بتجميع الأطفال من القرى والأحياء عبر المشرفين التابعين لها بهدف إخضاعهم لدورات طائفية وعسكرية أعدت برنامجاً لغسل أدمغتهم وتعبئتها بالأفكار المضللة بشأن الولاء لها قبل الزج بهم إلى الجبهات.
وأظهر فيديو نشر مؤخراً للعديد من الأطفال بعد أن تمكن الجيش من أسرهم في جبهة صرواح غربي مأرب، وتحدث أحدهم في مشهد مؤلم وهو يبكي ملء صوته، ويناشد والدته، ويهاجم مليشيا الحوثي التي غررت به وزجت به مع زملائه في حربها، وعن ظروف تجنيده، وكيف تم أخذه في “دورة ثقافية” لمدة شهر، ثم زجت به إلى الجبهة.
استغلال الظروف
الصحفي همدان العليي قال لـ”26سبتمبر”: إن مليشيا الحوثي تعتبر تجنيد الأطفال جزءاً من هويتها منذ اجتياحها للعاصمة صنعاء، وتقوم باصطيادهم من خلال عدة وسائل مستغلة الفقر والجهل والترهيب، مضيفاً أن المليشيا حولت المدارس إلى مصائد للأطفال وتعبيتهم طائفياً وإرسالهم إلى الجبهات.
وذكر العليي أن المليشيا تقوم بالكذب على الأطفال تحت مسمى أخذهم إلى دورات طائفية، ومن ثم تقنعهم بالذهاب إلى الجبهات دون علم أهاليهم، معتبراً هذه الوسائل اشبه بطرق الاختطاف.
الأطفال لا يدركون المخاطر
وأشار العليي إلى أن المليشيا لن تتوقف عن تجنيد الأطفال؛ لأنها تعتبرهم العامل المهم في معركتها، ويخوضون معارك دون التأمل في تبعيتها وعدم الحرص على أرواحهم، وفي حالة قتلوا تستفيد المليشيا بإثارة اهاليهم من أجل أن يرسلوا مقاتلين آخرين او يسجلوا موقفاً لصالحها.
أرقام كبيرة عن عدد المجندين
من جانبه أوضح رئيس منظمة سام للحقوق والحريات توفيق الحميدي لصحيفة 26سبتمبر أن مليشيا الحوثي استغلت سيطرتها على المدارس وعلى المناطق الأكثر كثافة سكانية في عملية التجنيد مضيفاً بأنه لا يوجد إلى الآن معلومة دقيقة ومؤكدة عن عدد الأطفال الذين تم استدارجهم للقتال، مشيراً إلى أن العدد ربما يتجاوز الخمسين أو الستين الف طفل الذين تم تجنيدهم، وقامت المليشيا بغسل ادمغتهم من خلال تغيير المناهج والانشطة داخل المدارس من قبل المشرفين الذين تم تعيينهم خاصة في أمانة العاصمة وذمار وصنعاء وحجة وصعدة.
وأضاف الحميدي بأن عدد الأطفال الذين تم استيعابهم في المراكز الصيفية للحوثيين خلال العام الماضي ما يقارب 360ألف طفل.
أهم معسكرات التجنيد
وأشار الحميدي إلى أن عملية التجنيد رافقها مجموعة من الانتهاكات منها الجنسية والتزوير في الوثائق واستغلال الجانب الاقتصادي، بالإضافة إلى الضغط على الأسر وانتزاع الأطفال دون علم أهاليهم، وهناك الكثير من القصص التي تم توثيقها خاصة الذين يقاتلون ضد السعودية، ووجدنا ان هناك معسكرات موجودة في عمران وحجة والحديدة ومن ضمنها معسكر 48سابقاً، هذه تعتبر من المعسكرات الرئيسية التي استخدمتها الجماعة لتجنيد الأطفال والزج بهم في جبهاتها.
مستقبل مخيفاً
وأوضح رئيس منظمة سام خلال حديثه إلى الصحيفة بأن المستقبل سيكون مخيفا جدا خاصة في ظل التعبئة الدينية الخاطئة، والمذهبية ضد المجتمع تحت مصطلحات التكفير والدعشنة والجهاد في سبيل الله، والقتال ضد امريكا وإسرائيل، ويعتبر ذلك تهديداً للأمن المجتمعي الحاضر والمستقبل على حد سواء.
انتهاك لكل المواثيق
أحمد المقرمي رئيس منظمة صوت الطفل تحدث لصحيفة 26سبتمبر قائلاً: بأن مليشيا الحوثي انتهكت كل الاتفاقيات الخاصة بحقوق الأطفال، وواصلت إشراكهم في معاركها المسلحة ضاربة بتلك المواثيق الدولية عرض الحائط.
وأضاف المقرمي تستخدم مليشيا الحوثي الأطفال في معاركها، لأن الطفل لايهرب من المعركة نتيجة التعبئة الطائفية، ونحن نعاتب المنظمات المعنية بحقوق الطفل، لأنها لم تقم بواجبها إلى الآن، وباتت اغلبها تعمل كغطاء للحوثيين دون ان تقدم موقفاً يسهم في إتفاق مليشيا الحوثي عن التجنيد وحماية الأطفال.
وكانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات، بالتعاون مع 13 منظمة دولية قد رصدت أكثر من 65 ألف واقعة انتهاك حوثية بحق الطفولة في اليمن، في 17 محافظة يمنية، منذ 1 يناير (كانون الثاني) 2015، وحتى 30 أغسطس (آب) 2019.
وبين تقرير الشبكة أن المليشيا قتلت خلال الفترة ذاتها 3 آلاف و888 طفلاً بشكل مباشر، وأصابت 5 آلاف و357 طفلاً، وتسببت بإعاقة 164 طفلاً إعاقة دائمة جراء المقذوفات العشوائية على الأحياء السكنية المكتظة بالأطفال.