إحساس لا يوصف عندما تجد نفسك بعد مشقة الصعود إلى قمم جبال صرواح العالية بين خيرة شباب الوطن من يسجلون اليوم بصمودهم الأسطوري، وتضحياتهم العظيمة، وشجاعتهم النادرة أروع الصور والمآثر البطولية، وأنصع الصفحات والملاحم التاريخية في مقارعة فلول الشر والظلام من أنصار الشيطان وعبيد الكهنوت.
أولئك الأبطال هدفهم الأسمى والنبيل حماية شعبنا الذي ينتظر اليوم قبل الغد التخلص من تلك الجماعة الإرهابية المليشاوية الفوضوية، وفكرها السلالي العنصري العصبوي الطائفي المقيت، وطي صفحتها السوداء الملطخة بالدماء البريئة، والجرم المعيب إلى الأبد.
لقد صعدت برفقة شاعر صرواح الملازم ماهر طعيمان، والملازم أسامة الصايدي، والجندي محمد علي الدماسي إلى تلك المواقع المتمركزة على سفوح التلال المرتفعة والجبال العالية، ورغم مشقة الصعود، وتسلق الصخور، والوصول إلى الأعلى، إلا أن تلك اللحظات التي أمضيتها مع الأبطال في مواقع العزة والشرف الرفيع أنستني كل ذلك العناء، وجعلتني أشعر بسعادة نفسية لا توصف، وإحساس فريد نادر ما يشعر به المرء في رحلة الحياة الممتدة، ومحطاتها المختلفة.. إنه إحساس إذا أمكن لي تشبيهه بذلك الشعور الصادق والعميق الذي يفيض بحب الوطن، وسمو العلاقة الأزلية التي تربطنا بترابه الطاهر.
كيف لي أن أصف تلك اللحظات التي أمضيتها في رواسي وقمم وسفوح تلك الجبال الشاهقة مع رجال ليسوا ككل الرجال، إنهم أبطال الجيش الوطني الذي تلامس هاماتهم الشامخة عنان السماء في جبهة صرواح الأبية.
ملحمة وطنية خالدة
فمن صرواح مرت الحملة التي قادها في فجر الثورة مؤسس الجمهورية الأولى الشهيد البطل علي عبد المغني؛ لإرساء دعائم النظام الجمهوري، ومنها أسس الشهيد العميد الركن عبد الرب الشدادي الجمهورية الثانية والنواة الأولى للجيش الوطني، ونال شرف الشهادة، وهنا يستكمل فصول تلك الملحمة الوطنية الخالدة، رجال نذروا أنفسهم لله والوطن والثورة.
نصرة الوطن
هناك في رباط العزة والشموخ التقينا أركان حرب اللواء الثالث مشاة العقيد نصر ردمان، الذي بدوره رحب بصحيفة»26سبتمبر» في تلك الأماكن الشاهقة، وقال: «إن هدفنا الرئيسي هو نصرة وطننا الذي يمر اليوم بفترة عصيبة من تاريخه بسبب تآمر مليشيا الحوثي المدعومة من إيران الدولة الراعية للعنف والإرهاب في المنطقة، والتي تخطط لاستعادة إمبراطوريه فارس المجوسية، وجعل اليمن جزءا من مناطق هلالها العصبوي الصفوي الطائفي المدمر للحرث والنسل».
وأضاف العقيد ردمان: «المقاتلون في اللواء الثالث يتصفون بالشجاعة والإخلاص في أداء الواجب المقدس، ومعنوياتهم عالية، وهم كهذه الجبال التي يسطرون عليها أروع المآثر البطولية في الانتصار للشعب والوطن على ظلام الكهنوت ومليشيا الخراب والدمار».
معركة مصيرية مقدسة
ونوه ردمان إلى ضرورة التصدي للمليشيا، قائلاً: «اليوم أصبح من واجب كل وطني مخلص وغيور على شعبه ووطنه أن يتصدى لهذه المجاميع الإجرامية، ويضع حداً نهائيَا لممارستها الظالمة بحق أبناء شعبنا الحر الكريم»، لافتًا إلى أن «الجيش الوطني يخوض معركة مصيرية مقدسة بقيادة فخامة الرئيس المشير الركن عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة، وأن النصر آتٍ، وموعدنا مع فجره المشرق عما قريب».
كما تسنى لنا في جولتنا الصحافية الاستطلاعية الالتقاء بكٍل من الملازم أول نعمان صهيب، والملازم ثاني عادل أحمد، والمساعد محمد أحمد سعيد، والجندي محمد سالم، الذين عبروا عن شعورهم بالفخر والاعتزاز وهم يشاركون في معركة الانتصار للوطن والدفاع عن مكاسبه، وهم يؤدون ضريبة الانتماء للوطن، وواجب صونه وحمايته بشجاعة وتفانٍ وإخلاص.
جبال فوق الجبال
وفي موقع آخر لا يقل ارتفاعاً عن الأول أمضينا جلسة استراحة مقاتل مع أبطال جيشنا الوطني، ووجدناهم كرفاقهم بمعنويات مرتفعة وهامات عالية تناطح السحاب، وشعرنا بأننا فعلا نقف أمام «جبال فوق الجبال» كما أطلق عليهم الزميل الصحفي رفيق السامعي في أحد الاستطلاعات التي سجل فيها انطباعاته مع أبطال جيشنا الوطني المرابطين في المواقع الأمامية لجبهات القتال، وهو ما وجدناه ولاحظناه خلال زيارتنا للمواقع الأمامية.. هكذا هم دائماً، وسيظلون بهذه الروح التي لا تعرف الانكسار، يتسلحون بالإيمان والعزيمة والصمود والثبات في أحلك الظروف، ولا يثنيهم عن هدفهم الوطني النبيل والسامي شيء على الأرض.
هدف واحد
وعن الهدف الجامع لأبطال الجيش الوطني في تلك المواقع، تحدث نائب قائد الكتيبة الثالثة في اللواء 13 مشاة قائلاً: «يتواجد في هذا الموقع مقاتلون من مقاومة حجة وآخرون من محافظات مختلفة يجمعنا هنا حب الوطن وواجب الدفاع عنه». وأضاف: «منذ التحاقنا في صفوف الجيش الوطني ونحن نقاتل تحت مظلة الشرعية دفاعًا عن الجمهورية واستعادة الدولة، يجمعنا هدفا واحدا هو الوطن الذي نقاتل في سبيل حريته وعزته وكيانه الموحد المستقل، وسنقدم الغالي والنفيس من أجل تحقيق تطلعات شعبنا اليمني الذي ينشد بكل أطيافه ومكوناته السلام والحياة الحرة الكريمة في وطن آمن ومستقر، وتحت مظلة حكم رشيد ودولة اتحادية عادلة ينعم كافة أبنائها بالديمقراطية والمساواة والشراكة في السلطة والثروة، كما جاء في مخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل».
استكمال التحرير
في الأخير حرص عدد من الجنود على مرافقتنا إلى أسفل الموقع.. وهم يشيرون إلى أعلى الجبل قالوا: «هذه الأماكن أصبحت بمثابة أهلنا وذوينا، وهي جزء منا ونحن جزء منها، ولن نتركها حتى نستكمل التحرير الشامل والكامل لكل ذرة من تراب الوطن الغالي».
وتزامنًا مع تلك اللحظات سمعنا أصوات أبطال الكتيبة المرابطة في ذلك الموقع تردد بصوت عال كلمات مجلجلة تلقفت صداها الجبال المحيطة «بالروح بالدم نفديك يا يمن».
وقبل الختام التقينا المساعد عبدالرحمن عبدالله، والجندي برهان بشير، ووجدناهما ومن معهما من المقاتلين الأشاوس المرابطين في مواقع البطولة والشرف حراساً أمناء للوطن، يتمتعون بالجاهزية العالية واليقظة الدائمة.
فما أجمل أن تكون بين هؤلاء الرجال الذين يؤدون الواجب المقدس تجاه دينهم ووطنهم وشعبهم على أكمل وجه، فتحية إجلال وإكبار لجيشنا الوطني ومقاتليه المرابطين في قمم الجبال وبطون الأودية يخوضون بشجاعة وشرف وإخلاص واعتزاز معركة الوطن المصيرية.
أخيراً انتهت زيارتنا الصحافية لجبهة صرواح الأبية التي أتاحت لنا فرصة أن نلتقي بقامات سامقة وهامات تنحني لها الجبال.. ومسك الختام هذه الأبيات الشعبية التي أهدانا كلماتها شاعر جبهة صرواح الملازم ماهر هادي أحمد طعيمان:
في أعـلا قـمم صــرواح كمن داهية
جيش الوطن ذي فالشجاعة كالأسود
هـامـاتهـم والمعنـوية عـاليـة
لأجل الوطن بالدم والأنفس تجود
وصــدوا الـحوثـي وشلة باغيـة
قد أقسموا بالله ما الرجعي يسود
وأهداف سبــتمبر لديهم بـاقيـة
يحمل مبادئها القيـادة والجـنود