تنطلق، الاثنين، في العاصمة الأميركية واشنطن جولة جديدة من مفاوضات سد النهضة بين وزراء الموارد المائية في مصر وإثيوبيا والسودان وذلك برعاية وزير الخزانة الأميركي ومشاركة البنك الدولي.
وذكرت وزارة الموارد المائية المصرية في بيان، الأحد، أن الاجتماع سيعقد في ضوء مخرجات اجتماع وزراء خارجية الدول الثلاث في العاصمة الأميركية واشنطن، الذي عقد في التاسع من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي وبرعاية وزير الخزانة الأميركية وحضور رئيس البنك الدولي، وفق الاتفاق المقرر على عقد أربعة اجتماعات فنية يتخللهم اجتماعان بالولايات المتحدة لمتابعة وتقييم سير المفاوضات الفنية.
يذكر أن الاجتماعين السابقين، شهدا وفق لما ذكرته مصادر مصرية سلسلة نقاشات حول قواعد ملء وتشغيل السد، والسعي لتقريب وجهات النظر بين الدول الثلاث للوصول إلى توافق في إطار رغبة الجانب المصري في الحصول على اتفاق عادل ومتوازن يحقق التنسيق بين سد النهضة والسد العالي.
وزير مصري سابق: هذه وجهة نظر القاهرة
وتعليقاً على هذا الملف وتطوراته، قال الدكتور محمد نصر علام، وزير الموارد المائية الأسبق وعضو الوفد المصري في المباحثات الحالية،
إن الطرح المصري في المفاوضات يدور حول ملء وتشغيل السد باستخدام أحدث النماذج الرياضية لتحقيق التوازن ما بين تعظيم كميات كهرباء السد لصالح إثيوبيا ومتطلبات الأمن المائي لمصر والسودان، في حين أن الطرح الإثيوبي كان اقتصاديا خالصا ويهدف لتعظيم العائد الاقتصادي للسد من خلال ملء السد خلال فترة زمنية تتراوح ما بين 4 و7 سنوات، بغض النظر عن التداعيات السلبية لذلك على مصر والسودان.
وأضاف أن الطرح المصري يعتمد كذلك على إيراد النيل الأزرق السنوي والذي يختلف اختلافا كبيراً من عام لآخر، ويصعب توقعه أو تقدير كمياته مسبقا، فضلا عن أن الطرح المصري يأخذ في الاعتبار حالة الفيضانات العالية، حيث يمكن ملء السد في سنوات قليلة قد تصل إلى 3 سنوات، أما في حالة سنوات الفيضان المتوسطة والمنخفضة فقد يستغرق ملء السد من 10 إلى 15 عاماً.
وبشكل مفصل، أوضح الوزير المصري الأسبق أن الخلافات بين مصر وإثيوبيا تتركز حول نقطتين رئيسيتين: الأولى تتعلق بحصة مصر، والثانية تتعلق بمنسوب المياه في بحيرة ناصر والسد العالي.
إلى ذلك، قال إن مصر تطالب بحصة مائية تقدر بـ 40 مليار متر مكعب عندما يكون الفيضان متوسطا أو منخفضا أو أعلى من المتوسط قليلا، على أن تتحمل مصر والسودان العجز البالغ مقداره 10 مليارات متر مكعب مناصفة بينهما حتى ملء السد وتخزين المياه به، في حين تطلب إثيوبيا أن تكون حصة مصر والسودان معا خلال سنوات الملء بقيمة تتراوح ما بين 31 و35 مليار متر مكعب، متذرعة بأنها من المفترض أن يكون لها حصة في مياه النيل الأزرق.
أما نقطة الخلاف الثانية، بحسب الوزير، فتنحصر في طلب مصر الحفاظ على منسوب 165 مترا للمخزون المائي للسد العالي في بحيرة ناصر، والتنسيق في تشغيل سدي النهضة والسد العالي طبقا للاتفاقيات الدولية في تشغيل السدود على الأنهار الدولية المشتركة بهدف تقليل الفاقد وتعظيم الفائدة، فضلا عن أن هذا المنسوب يمثل الحد الأدنى لإمكانية توليد الكهرباء من السد العالي ويغطي العجز المائي في حالة نقص الفيضان، مضيفا أن إثيوبيا ترفض ذلك متعللة بأن بحيرة وناصر والسد العالي تعتمدان على مياه النيل الأبيض ونهر عطبرة، ولا يجب ربطها بالنيل الأزرق.
كما ذكر أن إثيوبيا تتجاهل أنه خلال العقود الماضية قبل سد النهضة لم تكن هناك أي مشكلة للسد العالي، مشيرا إلى أنه من أساسيات تقييم أي مشروع هو معرفة الخسائر المحتملة والمكاسب العائدة، ومقارنة الأوضاع ما قبله وما بعده، ثم كيفية التغلب على سلبياته.
يشار إلى أن مصر كانت أعلنت في 5 أكتوبر/تشرين الأول الماضي أن مفاوضات سد النهضة قد وصلت إلى طريق مسدود نتيجة لتشدد الجانب الإثيوبي ورفضه كافة الأطروحات التي تراعي مصالح مصر المائية وتتجنب إحداث ضرر جسيم لها.
وأوضح المتحدث باسم وزارة الموارد المائية المصرية أن إثيوبيا قدمت خلال جولة المفاوضات التي جرت في الخرطوم مقترحاً جديداً يعد بمثابة ردة عن كل ما سبق الاتفاق عليه من مبادئ حاكمة لعملية الملء والتشغيل، حيث خلا من ضمان وجود حد أدنى من التصريف السنوي من سد النهضة، والتعامل مع حالات الجفاف والجفاف الممتد التي قد تقع في المستقبل، مضيفا أن إثيوبيا رفضت مناقشة قواعد تشغيل سد النهضة، وأصرت على قصر التفاوض على مرحلة الملء وقواعد التشغيل أثناء تلك المرحلة، بما يخالف المادة الخامسة من نص اتفاق إعلان المبادئ الموقع في 23 مارس/آذار 2015، كما يتعارض مع الأعراف المتبعة دولياً للتعاون في بناء وإدارة السدود على الأنهار المشتركة.
كما أفاد المتحدث أنه على ضوء وصول المفاوضات إلى طريق مسدود، فقد طالبت مصر بتنفيذ المادة العاشرة من اتفاق إعلان المبادئ بمشاركة طرف دولي في مفاوضات سد النهضة للتوسط بين الدول الثلاث، وتقريب وجهات النظر والمساعدة على التوصل لاتفاق عادل ومتوازن يحفظ حقوق الدول الثلاث دون الافتئات على مصالح أي منها.وتدخلت أميركا وطرحت نفسها كوسيط دولي ووجهت دعوة للدول الثلاث لعقد اجتماع في واشنطن في 9 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، تم الاتفاق خلاله على عقد 4 اجتماعات متواصلة بين وزراء الموارد المائية في الدول الثلاث برعاية وزير الخزانة الأميركي ومشاركة البنك الدولي على أن يتم التوصل لاتفاق بحلول منتصف يناير/كانون الثاني من العام المقبل 2020.