ثمة قصص وحكايات مروعة لعشرات المعتقلين الذين جرى تعذيبهم حتى الموت، وتتكشف هول الجرائم والانتهاكات حين يخرج المعتقل جثة هامدة، وعليها آثار تعذيب وتنكيل تفضح ما يتعرض له المعتقلون ممن يرفضون الانقلاب الحوثي على الحكومة الشرعية في اليمن.
“الداخل مفقود والخارج مولود” وصف أطلقه ناشطون يمنيون على سجون الاعتقال الحوثية التي تمارس فيها مليشياتها وقوات الرئيس المخلوع علي صالح، أساليب تعذيب ممنهجة تقود في النهاية إلى الموت.
وثمة قصص وأحداث مروعة يحكيها أهالي المعتقلين في سجون الحوثيين وما يقاسونه، وتتكشف هول الجرائم والانتهاكات حين يخرج المعتقل جثة هامدة، وعليها آثار تعذيب وتنكيل تفضح ما يتعرض له المعتقلون، ممن يرفضون الانقلاب الحوثي على الشرعية.
وآخر حادثة تعذيب حتى الموت ما كشفه ناشطون أمس الاثنين عن وفاة تحت التعذيب للشقيقين جهاد وسليم عبدالكريم القوسي، اللذين اعتقلا من منزلهما بمنطقة السحول بمحافظة إب وسط اليمن.
وكانت أبشع جريمة هزت محافظة إب ما تعرض له الشيخ محمد زيد السبل من مديرية القفر، الذي اعتقل مع مرافقه، حيث قيدت يديه بالقيود الحديدية، وجرى تعذيبه بشكل غير مسبوق، فقطع لسانه وفقئت عيناه وسحل بالشارع، ثم أعدم مع مرافقه بالرصاص.
رصاصة بالرأس
وفي صنعاء المكتظة سجونها بمئات المعتقلين من معارضي الانقلاب، كان صارخا ما تعرض له الشاب وليد الإبي، حيث اعتقله الحوثيون من أمام منزله ثم بعد أيام وجد مقتولا برصاصة في الرأس.
واتهمت عائلة الإبي في بلاغ للنائب العام مليشيا الحوثي بقتل ابنها داخل أحد السجون في إدارة البحث الجنائي بصنعاء، بعد أن خطفوه بالقوة من أمام منزله منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وأشارت العائلة إلى إن الحوثيين أبلغوهم بعد أسبوع من اختطاف وليد أن جثة ابنهم موجودة في ثلاجة المستشفى، زاعمين أنه انتحر بإطلاق الرصاص على رأسه من مسدس.
وهناك قصص لعشرات المعتقلين الذين جرى تعذيبهم حتى الموت، وكانت أبرز حادثة ما تعرض له الناشط بثورة التغيير السلمية صالح البشري في صنعاء عقب سيطرة الحوثيين على العاصمة في سبتمبر/أيلول 2014، حيث اختطف وعذب حتى الموت، ثم رميت جثته بشارع رئيسي في صنعاء.
ورصدت رابطة أمهات المختطفين في صنعاء عشرات الحالات من الموت تحت التعذيب، وتنشط الرابطة منذ أشهر في احتجاجات سلمية نسوية، وترفع اللافتات المطالبة بإنقاذ المعتقلين والمختطفين من التعذيب وإطلاق سراحهم فورا.
وتحدثت الرابطة عن “تكسير رؤوس المعتقلين على الجدران والضرب بأعقاب البنادق حتى الإغماء، هكذا يستعرض الحوثيون قوتهم على المختطفين العزل”.
وتقول الرابطة إن “أمهات المختطفين يعشن قلقا متزايدا مع كل حكايات الموت تحت التعذيب البشعة”، وتدعو باستمرار إلى الإفراج عن المعتقلين خصوصا الصحفيين، من بينهم الصحفي عبد الخالق عمران الذي أطلقت أسرته مناشدات لعلاجه بالمستشفى حتى لا يصاب بالشلل.
وذكرت عائلة عمران في بلاغ وصل إلى الجزيرة نت أنه يعاني آلاما شديدة في عموده الفقري، نتيجة التعذيب الذي تعرض له، ويخشون إصابته بالشلل، وأن مليشيا الحوثي ترفض تقديم أي علاج له أو نقله إلى المستشفى.
سجل مظلم
وكانت منظمة صدى الحقوقية تحدثت في بيان لها الأسبوع الماضي، عن تعرض الصحفيين إلى “تعذيب وحشي لم يسبق له مثيل بالعالم، من حيث نوعية التعذيب وتعدد أساليبه ومن ناحية طول الفترة التي لا يزالون يرزحون فيها تحت التعذيب المستمر منذ نحو عامين”.
وفي السياق، قال الصحفي والناشط الحقوقي محمد الأحمدي للجزيرة نت إن التنكيل بالمعتقلين وخصوصا الصحفيين جزء من سياسات العقاب الجماعي التي تتبعها مليشيا الحوثيين وأجهزة المخلوع صالح ضد اليمنيين.
ولفت إلى أن “اليمن لم يشهد على مر التاريخ أسوأ من هذه الحقبة المظلمة التي يعيشها في أعقاب الانقلاب الحوثي، والأمر الأكثر خطورة الصمت الدولي عن ممارسات الحوثيين القمعية وغض الطرف عن جرائمهم الممنهجة بحق الحريات وحقوق الإنسان”.
وأشار الأحمدي إلى أن “لدى الحوثيين سجلا حافلا بجرائم التعذيب حتى الوفاة أو الإعدامات بدم بارد، منذ ما قبل الانقلاب، وهي بقدر ما تمثل انتهاكات صارخة لمبادئ القانون الدولي لحقوق الإنسان، تعبر أيضا عن حالة متقدمة من الإفلاس وعدم الشعور بالمسؤولية، واستهتار صارخ بالحق في الحياة”.