بعد خمس سنوات من الحرب في اليمن، جماعة “ميليشيات من جانب والحكومة الشرعية والتحالف من جانب آخر، لا تزال الأوضاع تسير من نفق مظلم إلى نفق آخر أشد ظلمة نظرا لتشابك وتعقد المصالح والأهداف الداخلية والإقليمية في اليمن، ومحاولة كل الأطراف أن تنقل معاركها إلى الساحة اليمنية، ولم يقتصر الصراع على الحوثيين بل تحول خصوم الحوثيين إلى العداء فيما بينهم، وسالت دماء اليمنيين في مأساة ومعاناة جديدة…
التقت “سبوتنيك“ البرلماني اليمني والسياسي عبد العزيز الجباري، نائب رئيس البرلمان ومستشار الرئيس هادي، للوقوف على آخر التطورات في ملف عدن ومشاورات جدة وبيان مطالبة الإمارات بالرحيل وقضايا يمنية أخرى في المقابلة التالية…
سبوتنيك: بداية، هناك حديث عن انشقاقات داخل الحكومة بسبب إصدار بيانين كما ورد في بعض التقارير الإعلامية؟
منذ أسبوع أصدرت الحكومة بيانا حول ما حدث في عدن، لكن هذا البيان لم يكن صريحا بالقدر الذي يطالب فيه الإمارات بالخروج من التحالف لأنها انحرفت عن الهدف الذي من أجله أتت إلى المنطقة، لذا أصدرنا البيان الذي حددنا فيه هذه الأمور.
لماذا اقتصر بيانكم الأخير على عدد قليل من الوزراء والسياسيين… أين باقي وزراء الحكومة؟
قبل البيان الأخير الذي أصدرناه، أصدرت الحكومة بيانا بهذا الشأن، لكن يبدو أن هناك ضغوطا من الجانب السعودي على الحكومة بعدم الإعلان صراحة بضرورة خروج دولة الإمارات، وهو الأمر الذي دفعنا لإصدار البيان الأخير، لنقول بشكل صريح أن هذا موقفنا في البرلمان وفي الحكومة، وهذا أيضا موقف كل السياسيين اليمنيين.
تطالبون الإمارات بالخروج من التحالف… ألم تعلن أبوظبي منذ شهور تقليص قواتها في اليمن؟
الإمارات من خلال الوقائع على الأرض تعمل على تفتيت اليمن إلى دويلات من خلال إنشاء مجاميع وميليشيات مسلحة تابعة لها تقف في وجه السلطة الشرعية، وفي هذا يستخدمون وسائل إعلامهم للتمهيد لإعادة البلاد إلى ما قبل الوحدة اليمنية،
وهذا كلام لا يمكن قبوله من جانب أبناء الشعب اليمني، وتمثل هذا في الغارة الجوية التي قامت بها ضد قوات الشرعية التي كانت في طريقها لإعادة مؤسسات الدولة الشرعية في عدن بعد ساعات من السطو عليها،
وقد كشفت الإمارات عن الكثير من أهدافها في اليمن، هذا الأمر استدعى أن يقوم الكثير من السياسيين سواء في الحكومة أو البرلمان ببلورة موقف واضح بضرورة خروج الإمارات من اليمن،
في الوقت ذاته هناك يمنيين يرون ضرورة الحوار مع الإمارات من أجل نفس الهدف، وهناك إجماع يمني على أن الإمارات لديها مشروع في اليمن غير المشروع المعلن وغير ما تتحدث به في وسائل إعلامها من خلال تصريحات المسؤولين الإماراتيين بأنهم مع اليمن ووحدته وأمنه واستقراره ومع الشرعية وعودتها، هذا ما نسمعه في خطاباتهم الإعلامية وفي الواقع هناك شىء آخر.
ألا ترى أن مطالبتكم اليوم بخروج الإمارات من اليمن ربما تأخرت كثيرا؟
غير صحيح أن الوقت قد فات، لأن الحكومة والجيش الوطني عندما أرادت العودة والسيطرة على العاصمة عدن وبعض المحافظات التي تم إسقاطها من قبل الإمارات وعملائها، خلال ساعات كانوا داخل عدن وتم السيطرة عليها لولا أن تم استهداف الجيش الوطني من جانب الإمارات بالطائرات وقتل وجرح أكثر من 300 شخص، وأكملوا السيناريو بالحديث عن أن الجيش الوطني مجموعات إرهابية وأنهم سوف يستهدفونهم، هذا التدخل من جانب الإمارات أكد بما لا يدع مجالا للشك على أن ما تقوم به الإمارات اليوم ليس هو الهدف الذي جاءت من أجله الإمارات والسعودية أيضا إلى اليمن.
لو قررت الإمارات تنفيذ طلباتكم ومغادرة البلاد…ماذا ستفعلون في المجموعات اليمنية التي يدعمونها؟
إذا انسحبت الإمارات من البلاد لن تكون هناك حروب أهلية، وما هى إلا أيام وتكون الحكومة اليمنية مسيطرة على كافة المناطق في عدن وغيرها، سوف تسيطر القوات الحكومية خلال يوم واحد على المناطق من شبوة مرورا بأبين إلى عدن في يوم واحد، وهي مسافة 400 كم وهو ما حدث من قبل لولا تدخل الإمارات بطائراتها التي قتلت الجيش اليمني.
والجيش اليمني اليوم موجود في شبوة وأبين وعلى مسافة 50 كم من عدن، فإذا قررت الحكومة والشرعية دخول عدن، فما هى إلا ساعات ويكونون بداخلها، ليست هناك مشكلة سوى في الإمارات ووقوفها ضد الشرعية والجيش الوطني.
إذا كان الأمر بتلك البساطة…لماذا تتأخر الحكومة في اتخاذ قرار وطني والطلب رسميا من الإمارات مغادرة التحالف…هل هناك خلاف داخل الحكومة حول هذا الأمر؟
لا توجد انشقاقات أو خلافات داخل الحكومة، وقد التقى الرئيس هادي قبل ساعات بالأمير السعودي خالد بن سلمان نائب وزير الدفاع السعودي، وتحدث معه صراحة بضرورة إخراج الإمارات من اليمن، وإن لن تستطع السعودية إخراج الإمارات من اليمن فعليهم المغادرة هم والإمارات، الشعب اليمني لا يمكن أن يقبل بهذا المشروع، الإمارات والسعودية أتت من أجل مساعدة اليمنيين، لإعادة سيطرتهم على مؤسسات الدولة وليس تفتيت اليمن وتدميرها، المشروع الإماراتي في اليمن لا يمكن القبول به حتى لو يفنى الشعب اليمني، ولا اعتقد أن هناك يمني وطني يستطيع اليوم الدفاع عن الدور الإماراتي بعد اتضحت الصورة للجميع.
إلى أين وصلت اتفاقات جدة التي أعلنتم قبولها بلا شروط؟
موقف الرئيس هادي كان واضحا وأعلنه بالأمس خلال استقباله نائب وزير الدفاع السعودي، بأنه لا يمكن القبول بأي حوار مع الانتقالي إلا بعد خروجهم من مؤسسات الدولة وإلغاء التشكيلات العسكرية الخارجة عن مؤسسات الدولة، ولم يسبق أن أعلنت الحكومة منذ بداية الأزمة أنها ستجلس مع الانتقالي بدون قيد أو شرط، على العكس من ذلك هناك تصريح من جانب الحكومة والرئاسة والبرلمان بأنه لا يمكن الحوار مع هؤلاء المتمردين إلا بعد انسحاب هذه المجموعات، وبإمكان الإمارات أن توجه هؤلاء العاملين معها وسوف ينسحبون خلال ساعات.
لماذا تأخر الرئيس كل هذا الوقت… أمامه أن يدعو الإمارات رسميا للخروج، أو يتجه للمجتمع الدولي…ما الذي يخشاه الرئيس؟
الرئيس هادي بصدد دعوة الإمارات رسميا للخروج من اليمن خلال أيام، لأن الأوضاع وصلت إلى مستوى لا يجب السكوت عليه، الحكومة والرئيس وكثير من المسؤولين اليمنيين حاولوا حل الإشكال بطريقة ثنائية بالتفاهم مع التحالف، لكن فشلت كل الجهود، وبالتالي ليس أمام الرئيس والحكومة ومجلس النواب سوى التحرك من أجل إخراج الإمارات وترك اليمنيين، فهم قادرين على حل مشاكلهم وسوف يتفقون على كل نقاط الاختلاف بعيدا عن أي تدخلات، الذي كان مؤملا أن تأتي هذه الدول الشقيقة من أجل مساعدة الشعب اليمني، فأصبحت تشكل عبء ومصدر خطر على وحدة اليمن ووحدته واستقراره.
ماذا لو تجاهلت أبوظبي تلك الدعوة؟
في تلك الحالة يكون من حق الرئيس والحكومة أن يقرروا ما يريدون والوسائل التي يمكنهم استخدامها من أجل المصلحة الوطنية العليا لليمن.
كانت هناك وساطات بينكم وبين أبوظبي للوصول إلى تفاهمات حول القضايا المعقدة؟
هناك أكثر من وساطة لكنهم يرون أنهم أصحاب الأرض ويتصرفون على أن اليمن جزء من أملاكهم وخاصة المناطق التي تحت تصرفهم وكأن الأرض ملك لهم وعلى اليمنيين تنفيذ ما تأمرهم به الإمارات، وهذا الكلام يثير حساسية لدى اليمنيين.
الجنوبيون يرون أن الإمارات تحقق حلمهم في دولة مستقلة…ما موقفكم من القضية الجنوبية؟
الحديث عن الجنوبيين بالمطلق أعتقد أنه غير دقيق، هناك نسبة من أبناء المحافظات الجنوبية لديهم وجهات نظر ومطالب ولكنها في الإطار اليمني، نحن قمنا بحل المشكلة الجنوبية من خلال مؤتمر الحوار الوطني في العام 2014م، واتفقنا على المناصفة في السلطة بين الشمال والجنوب والتوزيع العادل للثروة والسلطة، وأن تكون اليمن دولة اتحادية من 6 أقاليم، واليوم الجزء الأكبر من الجنوبيين مع اليمن وأمنه واستقراره بعد ما شاهدوه من تصرفات الحلفاء وبعض مؤيديهم في اليمن.
والقضية الجنوبية هي قضية يمنية باستطاعتنا حلها بطريقتنا، وليس من حق أحد أن يتدخل في حل مثل هذه المشاكل الداخلية، هناك مشاكل داخلية في كل دول العالم العربي والدول المجاورة، مشابهة للمشاكل الموجودة في اليمن، وهناك أصوات تنادي في الكثير من البلدان مثل العراق وسوريا وليبيا وحتى في مصر والسعودية والإمارات ذاتها، هناك مشاكل موجودة وأصوات لها رأي في الدولة وشكلها، وإذا رضخنا لهذا المنطق بأن من حق دولة أخرى أن تأتي لدولة أخرى وتقوم بتجزئتها، فلن تستقر دولة في العالم، نحن نعيش في عالم تحكمه قوانين ومواثيق دولية وإقليمية، وما يحدث من جانب الإمارات اليوم هو تدخل في الشأن الداخلي الذي لا يمكننا القبول به.
مازلتم تتحدثون عن مخرجات الحوار الوطني في عام 2014…هل مازالت قابلة للتنفيذ رغم تغير كل المعطيات على الأرض؟
نعم ما زالت مخرجات الحوار تمثل الأساس الذي يمكن البناء عليه وإذا كانت هناك مطالب أخرى من أجل حل مشاكل أخرى فلا بأس من إضافتها وتقبلها والعمل على حلها، وهناك بعض الأصوات في الشرعية مستعدة أن تصل إلى أنه من حق أي منطقة جغرافية أن يتم إجراء استفتاء بها، وإذا قرر أبناء الجنوب أن يكون لهم دولة مستقلة حسب القانون والأعراف الدولية، فليس هناك مانع، لكن أن تأتي دولة وتفرض علينا مشاريع تدميرية وتقسيمية، هذا الذي لا يمكن القبول به واليمنيين كفيلين بحل مشاكلهم.
كيف تقبلتم الأخبار التي تتحدث عن مفاوضات بين الحوثيين والسعودية؟
نحن لسنا ضد الحوار، وذهبنا مع الحوثيين في مشاورات ومفاوضات عديدة، نحن مع إقامة العلاقات السوية بين الدول دون انتقاص من سيادة أي منها، نحن موقفنا واضح بأنه لا يمكن أن يكون هناك سلام في اليمن قبل عودة مؤسسات والاحتكام للدستور والقانون، المليشيات لا يمكن أن تصنع دولة وتصنع نظام يعيش في استقرار، نحن نريد حل لليمن مع دول الجوار وحل في الداخل اليمني وأن تكون الدولة هى صاحبة السيطرة على السلاح وهي من تملك استخدمه، ونحن مع السلام مع الحوثيين أو الإنتقالي أو أي طرف يؤدي إلى عودة الأمن والاستقرار إلى ربوع اليمن.