ناقشت صحف عربية الضربات الجوية التي تبنتها حركة “أنصار الله” الحوثية بطائرات مسيرة، واستهدفت منشأتين رئيسيتين للنفط تديرهما شركة أرامكو المملوكة للسعودية يوم 14 سبتمبر.
وقال وزير النفط السعودي، عبد العزيز بن سلمان، في وقت لاحق إن الضربات الحوثية أدت إلى خفض إنتاج المملكة من النفط الخام بمقدار 5.7 مليون برميل في اليوم، وهو ما يعادل نصف إنتاج الدولة من النفط تقريبًا.
تحت عنوان “اضربوهم بقوة وبلا رحمة”، يقول الكاتب خالد بن حمد المالك في جريدة “الجزيرة” السعودية : “لم يعد هناك بعد ما حدث أمس السبت بقيام الحوثيين باستهداف معملين من معامل شركة أرامكو في بقيق وخريص، أي تفكير للتعامل مع الحوثيين إلا بما هو أعنف وأقوى وأشد بأسًا مما كان”.
ويتابع الكاتب: “إن ما يقوم به هؤلاء هو عدوان إيراني بالوكالة، وتكراره يستدعي من التحالف ضرب مخابيء هؤلاء أينما كانوا، حتى وإن كانوا يقيمون بين دروع بشرية مدنية، لأن هذا لا يبرر عدم الوصول إليهم في مخابئهم حتى ولو ترتب على ذلك وفاة عدد من هؤلاء المدنيين الذين قبلوا أو أرغموا ليكونوا في مرمى نيران التحالف”.
ويضيف: “ما يقوم به وكلاء إيران من ضرب المطارات المدنية، والمواقع الاقتصادية، دون النظر إلى وجود مدنيين فيها، يجعلنا غير معنيين بأي نتائج أو احتجاجات عالمية، تسفر عن ردود الفعل السعودي الغاضبة جراء جرائم الحوثيين كما هي في عدوانهم أمس، وعلى العالم دولًا ومؤسسات ومنظمات دولية أن يتفهم موقف التحالف، وحق المملكة في الدفاع عن النفس، والتعامل مع اليمن على أنه حديقة خلفية للمملكة تريد طهران منها أن تكون مصدر أذى وإزعاج وفوضى في المملكة”.
ويقول حمود الأهنومي في جريدة “الثورة” اليمنية التابعة للحوثيين : “أنذرهم اليمنيون طويلًا، وأعطوهم بعضا من الدروس، فلم يفهموا وحاولوا التملص والهروب من تبعات تلك الدروس، وصولا إلى صباح أمس إذ نزلت بساحتهم عمليةُ توازن الردع الثانية”.
ويتابع: “فرضت العملية نفسها على العالم كله، لأنها أصابت البقرة الحلوب في مقتل، البقرة التي وسعت أثدائها أفواه بني الأصفر والأحمر، والأبيض والأسود، فكان لا بد أن تتداعى نتائجها لتصيب بالهلع قلوب الراضعين، في جميع أنحاء العالمين”.
ويختتم الكاتب المقال قائلًا: “النظام السعودي اليوم يريد الخروج، لكنه في وضعية الذي يتخبَّطه الشيطان، بلا عقل استراتيجي، ولا رؤية عملية، وهو يحاصر نفسه بالغرور الخاوي، والكبر المتصنع، بيد أن اليمنيين أدركوا من أين تنحر البقرة، ولماذا وكيف، وها هي تترنح تحت الضربات المتكررة والمؤلمة، ومثلما كان قرار الحرب ليس بيد السعودي، فإن قرار الخروج ليس عنده أيضًا”.
وانشغل بعض الكتاب في توقع عواقب الهجمات على الاقتصاد العالمي وعلى شركة أرامكو، خصوصًا بعد إعلان الحكومة السعودية مطلع العام الحالي طرح 5 في المئة من أسهم الشركة للاكتتاب العام في النصف الثاني من السنة الجارية.
ويتساءل عبد الباري عطوان في جريدة “رأي اليوم” اللندنية الإلكترونية قائلًا: “الأسئلة الكبرى التي تظل تطرح نفسها، وتعكس صداعًا أمنيًّا سعوديًّا مزمنًا، تتعلق بكيفية وصول هذه الطائرات المسيرة إلى أهدافها وإصابتها بدقةٍ في منطقةٍ من المفترض أن تكون أكثر المناطق أمنًا لأهميتها الاستراتيجية في المملكة باعتبارها مخزن ثرواتها ودخلها، وأماكن انطلاقها، والتقصير المقلق في عدم رصدها، وإمكانية تعاون جهات داخلية أو إقليمية في تنفيذها”.
ويتابع عطوان : “الحوثيون يفرضون قواعد اشتباك جديدة ويكرسونها، والرسالة التي أرادوا تأكيدها مجددًا من خلال هجمات بقيق وخريص يقول مضمونها ‘نحن نستطيع أن نضرب في أي مكان في العمق السعودي حتى تدرك القيادة السعودية أن قتل المزيد من اليمنيين لن يجعلهم يركعون'”.
ومن الناحية الاقتصادية، يطرح عطوان أسئلة بخصوص خطة السعودية لطرح أسهم شركة أرامكو، ويقول : “من سيشتري أسهم شركة أرامكو العملاقة التي تجري الاستعدادات لطرحها في الأسواق العالمية للبيع في ظل استمرار هذه الهجمات وبهذه القوة؟ وحتى إذا جرى طرحها، كم ستنخفض قيمتها؟ أليس توقيت هذه الهجمات مع تسارع إجراءات الطرح يوحي بالكثير؟”
وتوقعت موناليزا فريحة، في جريدة “النهار” اللبنانية “أن يكون لتعطل إنتاج النفط السعودي عواقب على الاقتصاد العالمي، كون المملكة أكبر مصدر للنفط الخام في العالم”.
وأضافت الكاتبة: “لا شك في أن أسعار النفط التي بقيت طوال الأشهر الأخيرة بمنأى عن التوترات في الشرق الأوسط سوف تتفاعل مع الهجوم عندما تفتح الأسواق يوم الاثنين. وتوقعت وكالة ‘بلومبرغ’ أن يكون حجم ارتفاع الأسعار مرهونًا بحجم الأضرار التي تعرضت لها المنشآت ومدة إصلاحها، محذرة من أن غياب المعلومات سيدفع التجار إلى التكهن بالأسوأ”.
وفي جريدة “عكاظ” السعودية، بعث الصحفي خالد السليمان رسالة أمل وتحدي قائلًا :”أيا كان المصدر الذي جاءت منه الطائرات المسيرة لاستهداف معامل النفط في بقيق فإن الرسالة واحدة والمرسل واحد، وهي استهداف الاقتصاد السعودي والتأثير في السياسة السعودية، لكن إيران تحتاج لأكثر من ذلك لتؤثر سلبًا في الاقتصاد السعودي أو تفت من عزيمة السياسة السعودية في مقاومة المشروع الإيراني والتصدي له”.