تعرضت ناقلتا نفط كانتا تبحران في خليج عُمان، اليوم الخميس، لما يبدو أنه هجوم منسق، إذ كرت مصادر أن إحدى الناقلتين أصيبت بصارخ طوربيد، فيما تم إجلاء طاقمي الناقلتين إلى مكان آمن.
وبدأ الأمر صباح اليوم عندما تحدثت البحرية البريطانية عن حادث غامض وقع في الخليج، داعية عبر مركز عمليات التجارة البحرية التابع لها إلى توخي “الحذر الشديد”، وذكرت المجموعة إنها تجري تحقيقا في الأمر، وفق ما أوردت “أسوشيتد برس”.
وإلى جانب البحرية البريطانية، قالت البحرية الأميركية إنها على علم بوقوع الهجوم، الذي وقع على بعد 14 ميلا بحريا عن إيران.
وقال الأسطول الأميركي الخامس إنه تلقى نداءي استغاثة في خليج عُمان، مؤكدا أن القوات الأميركية موجودة في المنطقة وتقدم المساعدة.
ونقلت وكالة “بلومبيرغ” عن مسؤولين في البحرية الأميركية قولهم إن ناقلتي النفط تعرضتا لأضرار نتيجة “هجوم محتمل”.
صاروخ الطوربيد
ومع مرور الوقت، اتضحت مزيد من التفاصيل، إذ تبين أن الأمر يتعلق بحادث طال ناقلتين ترفع إحدهما علم جزر مارشال واسمها “فرونت ألتير”، فيما الناقلة الثانية اسمها “كوكوكا كاريدجس” وترفع علم بنما”.
ونقلت وكالة “رويترز” عن صحيفة “تريد ويندز” المعنية بالشحن أن طوربيدا أصاب الناقلة “فرونت ألتير” المملوكة لشركة “فرونت لاين” النرويجية، وفي وقت لاحق قالت الشركة إن النيران اشتعلت في الناقلة.
وأفادت السلطات البحرية النرويجية بأن ناقلة نفط نروجية تعرضت لهجوم في خليج عُمان ووقوع 3 انفجارات على متنها.
وذكرت الوكالة نقلا عن مصادر ملاحية أنه تم إجلاء طاقمي الناقلتين إلى مكان آمن، فيما أوضحت صحيفة “نرويجية” أنه تم إنقاذ طاقم “فرونت ألتير” المكون من 23 بحارا.
إصابة طفيفة
وأضافت الوكالة أن أحد أفراد طاقم الناقلتين أصيب بجروح طفيفة من جراء الحادث، الذي تسبب في أضرار بالجانب الأيمن من الناقلة.
وكانت إحدى الناقلتين (كوكوكا كاريدجس) محملة بوقود الميثانول، لكنها غير معرضة للغرق، مشيرة إلى الشحنة سليمة، وفق “رويترز”.
وفي مايو الماضي، تعرضت 4 ناقلات نفط، من بينها ناقلتان سعوديتان وناقلة تحمل علم النرويج وأخرى تحمل علم الإمارات، لأعمال تخريبية في المياه الاقتصادية الإماراتية الشهر الماضي، مما تسبب في إلحاق ضرر بالناقلات.
واتهمت الولايات المتحدة إيران بالوقوف وراء الهجمات، التي جاءت في وقت تصاعد فيه التوتر بين طهران وواشنطن.
وقال مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون في وقت سابق إنه من المرجح أن تكون ألغاما إيرانية قد استخدمت في الهجوم.
اليابان تنشئ “فرقة عمل”
ومن جانبه، قال وزير التجارة والصناعة الياباني، هيروشيغ سيكو، اليوم، إن الناقلتين اللتين تعرضتا لهجوم في خليج عمان “كانتا تحملان شحنة مرتبطة باليابان”، لافتا إلى أنه تم إنشاء “فرقة عمل” بعد الهجوم.
ونقلت أسوشيتد برس عن الوزير الياباني قوله، إن جميع أفراد الطاقم بأمان، وأن الحكومة اليابانية “أنشأت فرقة عمل، وأبلغت القائمين على صناعة الشحن باتخاذ الاحتياطات”.
من جهته، أكد مدير شركة كوكوكا سانجيو اليابانية للشحن، يوتاكا كاتادا، في مؤتمر صحفي تعرض إحدى ناقلات الشركة لهجوم قرب مضيق هرمز.
وأوضح أن الناقلة “كوكوكا كاريدجس”، وهي واحدة من ناقلتين، أصيبت مرتين في غضون 3 ساعات قبل أن يتم إجلاء الطاقم بأكمله.
وأضاف كاتادا أن الشركة تلقت نبأ الهجوم، على الناقلة التي كانت تحمل 25 ألف طن من الميثانول، لأول مرة في حوالي الساعة الرابعة صباحا بتوقيت غرينتش، مشيرا إلى أنه تم إنقاذ جميع أفراد الطاقم.
من جانبها، أوضحت رابطة ملاك السفن اليابانية أن إحدى السفينتين اللتين تعرضتا لهجوم، هي ناقلة كيماوية مسجلة في بنما ويمتلكها عضو ياباني في الرابطة، وكانت في طريقها إلى سنغافورة وتايلاند وليس إلى اليابان.
وأوضحت الرابطة اليابانية أن جميع أفراد الطاقم الفلبينيين، وعددهم 21، لم يصابوا بأذى.
يشار إلى أن الناقلة اليابانية “كوكوكا كاريدجس” تتبع شركة كوكوكا سانجيو اليابانية، وتحمل عمل بنما، وهي مؤجرة لصالح شركة سي.بي.سي الحكومية التايوانية لتكرير النفط.
واشنطن تقيّم الموقف
أعلن البيت الأبيض، الخميس، أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب “اطّلع” على حادثة بحر عمان، مؤكدا أن واشنطن “تقدم المساعدة وتواصل تقييم الوضع”.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، سارة ساندرز، إنه تم إطلاع الرئيس دونالد ترامب “على الهجوم على الناقلتين في بحر عمان”.
وأضافت: “الحكومة الأميركية تقدم المساعدة وستواصل تقييم الموقف”، حسب ما ذكرت وكالة رويترز.
أول تعليق رسمي من إيران
في أول تعليق رسمي إيراني، على الحادث الذي تعرضت له ناقلات نفط في بحر عمان، أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية، أن حادثة ناقلتي النفط “تتعارض مع الجهود الإقليمية والدولية لخفض التوتر في المنطقة”.
وقالت الوزارة في بيان لها: “نشعر بقلق شديد جراء حادثة ناقلتي النفط في بحر عمان كونها فعل مريب في توقيت حساس”، مجدده تأكيدها على ضرورة اعتماد التعاون والحوار بين دول المنطقة لحفظ أمنها واستقرارها.
ردود فعل دولية
سارعت مجموعة من دول العالم إلى التعبير عن رفضها للهجوم، الذي استهدف ناقلتي نفط كانتا تبحران في خليج عُمان، صباح الخميس.
وكانت اليابان سباقة إلى إعلان التحقيق في الحادث، حيث قال وزير تجارتها، هيروشيجي سيكو، للصحفيين، إن الحكومة تحقق في تقارير عن تعرض سفينة تحمل شحنة “لها صلة باليابان” لهجوم.
وفي بريطانيا، قال متحدث باسم رئيسة الوزراء، تيريزا ماي، إن لندن على علم بتقارير عن استهداف ناقلتين بهجمات “مريبة” في خليج عمان، مضيفا أنها تسعى للوقوف على حقيقة ما حدث على وجه السرعة.
من جهتها، دعت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، إلى تفادي “الاستفزازت” في المنطقة بعد الحادث، الذي لم تتضح ظروفه بعد.
وقالت المتحدثة باسمها: “لا تحتاج المنطقة إلى أسباب جديدة مزعزعة للاستقرار ومسببة للتوتر وبالتالي تجدد الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي دعوتها لأقصى درجات ضبط النفس وتفادي أي استفزاز”.
وفي فرنسا دعت وزارة الخارجية الفرنسية إلى ضبط النفس ونزع فتيل التوتر وطالبت باحترام حرية الملاحة في مياه الخليج، بحسب وكالة رويترز.
وقالت المتحدثة باسم الوزارة أنييس فون دير مول للصحفيين “ندعو كل الأطراف، التي نتواصل معها بشكل دائم، لضبط النفس ونزع فتيل التوتر”، مضيفة “نكرر أيضا ذكر تمسكنا بحرية الملاحة التي يتعين حتما الحفاظ عليها”.
كما أعربت ألمانيا عن قلقها من الهجوم، قائلة على لسان وزير خارجيتها هايكو ماس: “التقارير عن الهجوم على ناقلتي نفط في بحر عمان مقلقة للغاية وبحاجة لتحقيق”.
وأضاف ماس الذي عاد لتوه من زيارة لإيران وعدة دول بالمنطقة: “أي تصعيد في الموقف أمر خطير، وهذه أحداث يمكن أن تؤدي إلى تصعيد. نحن بحاجة إلى وقف التصعيد، وعلى كل الأطراف المساهمة في ذلك”.
أما رابطة ناقلات النفط “إنترتانكو”، فأكدت “تنامي المخاوف بشان سلامة أطقم السفن المبحرة عبر مضيق هرمز بعد تعرض ناقلتين إلى هجمات في وقت سابق اليوم”.
وقال رئيس مجلس إدارة إنترتانكو باولو داميكو في بيان “عقب هجومين على سفينتي أعضاء هذا الصباح، يساورني قلق شديد بشأن سلامة أطقمنا عبر مضيق هرمز”، موضحا أن نحو 30 في المئة من النفط الخام في العالم يمر عبر المضائق.
وأضاف “إذا أصبحت المناطق البحرية غير آمنة، فإن الإمدادات للعام الغربي بأكمله قد تتعرض للتهديد”، بحسب رويترز.
من جهتهم، قال وسطاء شحن إن شركتا دي.اتش.تي هولدنغز وهيدمار، المالكتان لناقلات نفط، تعلقان الحجوزات الجديدة إلى الخليج بعد هجمات استهدفت ناقلتين.