أوقفت السلطات القضائية اللبنانية، السبت، رئيس الاتحاد العمالي العام بشارة الأسمر، غداة كلام ساخر صدر عنه اعتبر بذيئًا وتحقيريًا إزاء البطريرك الماروني الراحل نصرالله بطرس صفير، الذي دفن الخميس وسط حضور شعبي ورسمي.
وكان الأسمر يمازح أشخاصًا جلسوا قربه خلال مؤتمر صحفي، فسخر من الأهمية التي أعطيت للراحل مستعملًا كلمات غير مقبولة لا تقال في العلن إجمالًا في المجتمع اللبناني، الذي يولي أهمية كبرى لرجال الدين.
وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي، الجمعة، بكثافة مقطع فيديو سجلته وسائل الإعلام وظهر فيه الأسمر متوسطًا أعضاء من الاتحاد العمالي العام وهم يجلسون على منصة قبل بدء مؤتمر صحافي، وكان الأسمر يعلّق على مأتم البطريرك الذي يعتبر كثيرون أنه لعب دورًا محوريًا في تاريخ لبنان الحديث. وأثار ذلك غضبًا وانتقادات.
وفي تغريدة على موقع ”تويتر“، أعلن وزير العدل ألبير سرحان أنه تبلغ من النيابة العامة التمييزية توقيف الأسمر بعد التحقيق معه.
وكان الأسمر اعتذر عبر وسائل الإعلام عن كلامه ووصف ما صدر عنه بـ“زلة لسان“، بعد موجة من ردود الفعل الشعبية والسياسية المنددة التي طالبت بإقالته من منصبه ومحاكمته.
وأوردت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية أن النائب العام التمييزي بالإنابة القاضي عماد قبلان أصدر مذكرة توقيف وجاهية في حق الأسمر بعد الاستماع إلى إفادته.
واستدعت المباحث الجنائية المركزية، السبت، خمسة من أعضاء هيئة مكتب الاتحاد كانوا إلى جانب الأسمر على المنصة، واستمعت إلى إفادات ثلاثة منهم، بانتظار الاستماع إلى العضويين الآخرين، وفق الوكالة.
وأجمع وزراء ونواب من أبرز التيارات والأحزاب، لا سيما المسيحية، على أن مواقف الأسمر لا يجب أن تمر مرور الكرام. وقال وزير الخارجية جبران باسيل في تغريدة على ”تويتر“: ”أتمنى أن يكون توقيف بشارة الأسمر عبرة لكل من يتخطى حدود الأخلاق.. وحرمة المقامات“.
وعلى الرغم من تمتع لبنان إجمالًا بهامش كبير من حرية التعبير بالمقارنة مع دول عربية أخرى، لكن غالبًا ما يتم استجواب وتوقيف أشخاص على خلفية مواقف كلامية أو مكتوبة، وينص القانون اللبناني على عقوبة سجن تصل لثلاث سنوات بتهمة التشهير.
وتعليقًا على توقيف الأسمر، كتبت النائبة بولا يعقوبيان على ”تويتر“: ”بشارة الأسمر نسخة عن أكثرية الطبقة السياسية اللبنانية ورجالاتها (..) الأسمر كان حظه سيئًا وانكشف أمام الناس“.
وشارك حشد ضخم من السياسيين والمواطنين بالإضافة إلى دبلوماسيين ووفود دينية وممثلين عن رؤساء وملوك، الخميس، في جنازة البطريرك صفير (99 عامًا).
وكان الأسمر يستعد لمؤتمر صحافي أكد فيه رفض العمال في القطاعين العام والخاص المس بأجورهم وفرض ضرائب جديدة عليهم في الموازنة التي يستعد مجلس الوزراء لإقرارها. وهدد بإضراب وطني عام احتجاجًا على السياسات الضريبية التي تناقشها الحكومة.