اكدت نائب رئيس الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد، الدكتورة ابتهاج الكمال ،ان الفساد في سياسة الانقلابيين اصبح طريقاً ومنهجاً يهدم ما تبقى من مؤسسات الدولة، ولم يعد للقانون والنظام أي معنى ،وأن الانقلاب أصبح غول متوحش يفترس مؤسسات الدولة، حتي الشركات النفطية الأجنبية لم تسلم من هذا الغول.
وقالت الدكتورة الكمال في بيان بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الفساد الذي يصادف التاسع من ديسمبر من كل عام ـ تلقته وكالة الأنباء اليمنية(سبأ) ـ ان ” هذه المناسبة تأتي واليمن يعيش اوضاعاً استثنائية في غاية الصعوبة والتعقيد من حالة عدم الاستقرار وحروب داخلية أشعلها الانقلاب على سلطات الدولة الشرعية في اليمن، وأصبحت معظم مناطق الجمهورية تعاني ويلات الحرب المدمرة التي راح ضحيتها الالاف من الابرياء”.
واضاف البيان” إننا في هذه المناسبة ومنذ عامين على التوالي ،لا نحتفي بها كما تحتفي بقية بلدان العالم بإنجازاتها في مجالات مكافحة الفساد والحكم الرشيد، إنما نحن نقف على شبه اطلال لمؤسسات كتب عليها الانقلابيون الفناء في محاولة لارجاع ماضيهم السحيق الذي لفظه الشعب اليمني في ثورتي الـ 26 من سبتمبر و الـ 14 من اكتوبر المجيدتين ومن المستحيل العودة الى الوراء”.
واستعرضت الكمال تداعيات الأوضاع على الساحة اليمنية وحالة اللا استقرار نتيجة عمليات الانقلاب والتي ظلت سياسات مكافحة الفساد معلقة، مما سبب تراجعاً كبيراً في مؤشرات مكافحة الفساد.. مشددة على اهمية تحييد الوظيفة العامة، ومؤسسات الدولة وخصوصا القضائية والرقابية ومكافحة الفساد وعدم اقحامها في أتون الصراعات وتداعياتها على الساحة، خاصة أن تلك المؤسسات هي المعنية بتطبيق وإنفاذ القانون.
واكدت ان وظيفة مكافحة الفساد في أي بلد كي تستقيم تحتاج إلى تنسيق وتكامل مع الأطراف المعنية بمكافحة الفساد في سلطات الدولة التشريعية والتنفيذية والقضائية، وبدون تحقيق هذا التكامل والتناغم تظل الجهود منقوصة لا تحقق الأهداف المرسومة، وهذا ما لا يمكن تحقيقه في ظل الغاء العمل المؤسسي الذي تعيشه اليمن اليوم.
وتطرقت الكمال الى ما حدث مؤخرا في مقر شركة توتال بصنعاء من اقتحام وقتل ثلاثة موظفين بدم بارد فقط من اجل نهب محتوياتها وتقاسمها كغنائم من قبل منظومة الفساد الجاثمة على مؤسسات الدولة ومقدرات الشعب.
وقالت “لا يخفى على احد ما يعانيه الشعب اليمني عامة وموظفي الدولة خاصة من الانقلابيين خاصة بعد نهب اموال البنك المركزي وإفراغه من السيولة النقدية، والسيطرة على إيرادات الدولة وتهريب الاموال خارج البنك المركزي بدعوى تمويل حروبهم في جبهاتهم التي اشعلوها في كافة المحافظات ضد أبناء الشعب الذي بات يعاني الأمرين، وحرمت موظفي الدولة من مرتباتهم منذ اربعة اشهر وقبل هذا منعت ايه مصروفات تشغيلية لمؤسسات الدولة”.
واضافت “اننا نعاني من اخطر انتهاك يمارسه الانقلابيون من خلال استباحتهم لمؤسسات الدولة وللمال العام والخاص وللوظيفة العامة وحياديتها ،وحرمان المواطنين من ابسط الخدمات وفوق هذا يمارسون جبايات قسرية على المواطنين والتجار وحتي المؤسسات”.
واشارت الى ما تعانيه هيئة مكافحة الفساد في الجمهورية اليمنية من مشكلات الانقلاب وتبعات من يدعون انهم يحاربون الفساد بينما اصبحوا يتحكمون في كل شؤن الهيئة ويسعون الى الغائها فهم في الحقيقة لا يريدون أي مسمى او شعار لمكافحة الفساد لانه حتما سيحاكمهم لما اقترفوه من نهب وتخريب ورفض للنظام والقانون واستباحة مؤسسات الدولة.
وأوضحت نائب رئيس الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد ان أي تدخل في صلاحياتها تعد جريمة من جرائم الفساد، وان رموز الفساد الذين انقلبوا على الاجماع الوطني للارادة الشعبية، واقتحموا العاصمة بالسلاح ونهبوا وخربوا كل شيء امامهم لا يملكون قدرات ،وان مؤهلاتهم هو الجهل والجهل فقط هو من يحكم قبضته على مؤسسات الدولة اليمنية اليوم.
وأكدت الكمال ان الهيئة كانت قد خطت خطوات لابأس بها في هذا المجال على الاقل من الناحية التشريعية والقانونية وانشاء هيئة مستقلة لمكافحة الفساد واتباعها باستحداث نيابة اموال عامة متخصصة في مكافحة الفساد تتولى القضايا المحالة من الهيئة.
واشارت الى أن هذه المناسبة تتزامن اليوم وللاسف مع قرار ما يسمي بالنائب العام المعين من الانقلابيين بإلغاء النيابة، في تدخل واضح في شؤن القضاء وامور العدالة كون النيابة انشئت بموجب قرار مجلس القضاء الاعلى، وهذا الالغاء للنيابة ما هو الا مقدمة لالغاء الهيئة بعد ان اصبحت تسير من قبل الانقلابين دون ادراك لخطورة هذه الخطوة التي لا يمكن ان تكون مقبولة، في ظل وجود اعضاء للهيئة كل همهم هو ترتيب اوضاعهم الخاصة،دون أي اعتبار لمسؤوليتهم في الحفاظ على الهيئة واستقلاليتها الكاملة بل وتعزيز مكانتها بما يتوافق والتزاماتها الوطنية والدولية.
ونوهت الى ان الهيئة وخلال هذه الفترة أوفت بالتزاماتها الخارجية وخاصة فيما يتعلق باتفاقيات مكافحة الفساد ،وقامت بمراجعة الفصلين الثاني والخامس من الاتفاقية مثلها مثل بقية الدول التي لم تعاني من أي تحول سياسي.
وطالبت نائب رئيس الهيئة الوطنية العليا لمكافحة الفساد المجتمع الدولي ومنظماته دعم الجهود الوطنية للشرعية لإعادة استتباب الاستقرار والحفاظ على ما تبقي من مؤسسات الدولة المغتصبة والتي لا يمكن ان تستقيم الامور دونها.