سبتمبر نت
مثل ما عمدت مليشيا الحوثي الانقلابية، على تجريف الحياة، ومصادرة المجال العام، بكل تجلياته، وعبئت المشهد العام في البلد، بكل ما هو قبيح، افرغت هذه المليشيا، كافة المؤسسات مدنية وعسكرية، من مضمونها الوطني، بل وعمقت وعززت من حالة التشوه والاختلال، التي كان يعتريها، لصالح مشروعها الانقلابي، المصبوغ بصبغة طائفية كهنوتية، كانت اليمن، قد تجاوزتها بعقود من الزمن.
لم يحدث في تاريخ أي بلد مهما كان تعدده وتنوعه الفكري والسياسي، ان عملت جماعة ما، على ملشنة مؤسساته الدفاعية والامنية، مثل ما مارسته مليشيا الحوثي الانقلابية، مدعومة من ايران، في المؤسسة العسكرية والامنية اليمنية.
صحيح ان الجيش اليمني، كان يعتريه الكثير من الاختلالات، وكان ثمة توجه حقيقي لدى الحكومة، التي انتجتها الثورة الشبابية في 2011، ممثلة بفخامة المشير الركن/ عبد ربه منصور هادي رئيس الجمهورية القائد الاعلى للقوات المسلحة، لإصلاح الامر، الا ان مراكز النفوذ، وانقلاب المليشيا، على الشرعية 2014 حال دون ذلك.. والأفظع، ما مارسته المليشيا الحوثية، في هذه المؤسسة، وبحق منتسبيها، من تجريف ممنهج لما تبقى من هوية وطنية، وعقيدة قتالية للجيش اليمني، لصالح مشروعها السلالي، ونهب وتسخير، كل مقدراته لإبادة الشعب اليمني بحروبها العبثية، التي تخوضها ضده في اكثر من محافظة، منذ اربع سنوات.
ان ما احدثته المليشيا الانقلابية، من عبث وتشوهات فظيعة، في هذه المؤسسة كبيرة جدا، لكن ما يفوق التصور، وما لم يمارسه أي نظام انقلابي في العالم، هو ما تقدم عليه جماعة الحوثي، من منح عناصرها الاجرامية ارفع الرتب العسكرية، دون ان يكون لهم أي صلة بالسلك العسكري اصلا، ويفتقرون لأدنى المؤهلات والقدرات.
شاهد الجميع المسرحية الهزيلة، لـ… “الراعي”، بعد ان باع ضميره الوطني – ان كان يوما قد امتلكه في الاصل – كأداة رخيصة، في الشرعنة والتمرير لمشروع المليشيا الحوثية التدميري، واعطائها الغطاء، في ممارسة ما تقوم به من اعمال تدميرية ممنهجة، لمقدرات الشعب وثقافته وارثه الفكري والسياسي، متناسيا انه مسلوب الارادة والصفة الشرعية والقانونية للقيام بذلك.
بدى “الراعي” في الصورة المتداولة، كما لو كان مهرجا، مملوء بالسخف، ومملا، ومستفزا، للجمهور في آن، على خشبة مسرح افتراضي، مشيدة بدماء، وجماجم الضحايا، الذين خلفتهم جرائم اسياده الحوثيين، عبيد الملالي والحوزات.. فمن هذه النقطة تحديدا، امتلك هذا الرجل الجرأة، في ان يمنح “غرا” – يفتقر لكل المقومات والشروط – اعلى رتبة في الجيش، حتى هيئته وكارزميته، قد لا تؤهله لان يكون حارسا، في بوابة المؤسسة، التي يعتقد واهما، انه جدير في ادارتها، على غفلة من الزمن وسوء الصدف، التي جلبته وميليشياته، الاجرامية وبالا على هذا الشعب.
التعدي السافر، على التقاليد العسكرية العريقة، بمنح “المشاط” رتبة مشير، يزيد المشهد وضوحا، عن حجم الكارثة في ما تقدم عليه المليشيا الحوثية، مسنودة ومدعومة من ايران وحلفائها في المنطقة، ويكشف النهج المهين والمستهتر بالشعب اليمني وتاريخه وثقافته وتجربته العريقة، من قاعدة تنطلق منها المليشيا ترتكز على الاصطفاء العنصري الطائفي المقيت، الذي يهدد النسيج الاجتماعي اليمني وهويته الوطنية.