قدم الشاعرعامر السعيدي – الكاتب والناشط اليمني شاهاده حيه علي ما حدث في مديريه كشر بمحافظه حجه وكشف السعيدي الجرائم التي ارتكبتها المليشيات الحوثي ضد ابناء قبائل حجور ورصد ت الشهاده التي تليت في الندوه الصحفيه التي نظمها مركز المعلومات والتاهيل لحقوق الانسان باليمن بالتعاون مع المنظمه العربيه لحقوق الانسان في العاصمه المصريه القاهره النتهاكات التي قامت بها المليشيات كما كشف الاهميه الاستراتجيه لمديريه كشر واصرار مليشيات الحوثي الاستيلاء عليها
وتنشر الغد اليمني نص الشهاده التي جملت عنوان حرب حجور من أول طلقة حتى آخر شهيد:
أولا : معركة الجغرافيا والتاريخ
تقع مديرية كشر على بعد 165 كم2 من مدينة حجة عاصمة المحافظة، وتحدها من الشرق مديريتا قفلة عذر وصوير في عمران، ومن الغرب مديريتا خيران المحرق ومستبا، ومن الجنوب الجميمة وأفلح الشام، ومن الشمال مديريتا وشحة وقارة.
أما مساحتها فتبلغ 344كم، ويصل ارتفاع جبالها عن سطح البحر 2500م، كما أن عدد سكانها يتجاوز 75 ألف نسمة حسب آخر إحصاء سكاني في 2004.
يعود نسب حجور إلى همدان كما يقول بذلك أغلب النسابة العرب القدماء وهو ما ذهب إليه الهمداني في الإكليل أيضا معتبرا حجور الهمدانية بطنا من أكبر همدان.
أما جغرافيا فإن قبائل حجور تقطن في مساحات شاسعة من محافظة حجة، وتتوزع على العديد من المديريات، غير أن جلها لم تعد تشعر بالانتماء لجذورها ولا تستجيب لما يسمى بالداعي القبلي لحجور والذي أصبح محتكرا منذ عقود في أربع مديريات، هي وشحة، وقارة، والجميمة، ثم مديرية كشر التي هي محور حديثنا اليوم وعنوان الصراعات والتحالفات مع مشروع الإمامة على مدى قرون.
ولا بد لأي حديث عن أحداث حجور الأخيرة أن يكون مسبوقا بنبذة تمهيدية تستجلي الأهمية الجغرافية للمنطقة، وتقرأ الصراع في سياقه التاريخي على طول وامتداد مراحل المشروع الإمامي منذ دخول الرسي إلى صعدة حتى خروج الحوثي منها.
كانت قبائل حجور وككل القبائل اليمنية حاضرة في كل التحولات التاريخية لهذا المشروع السلالي الذي ارتكز على العنف كعقيدة ومنهج لفرض سلطته اللاهوتية التي تستمد قوتها من فكرة الاصطفاء الإلهي والأفضلية العرقية التي تحتكر السلطتين الدينية والسياسية في عائلة ادعت لنفسها حق التسيد على من سواها وذهبت في تأويل النصوص في غير سياقها لتعزيز اعتقادها المناقض لجوهر الدين وزعم أفضلية زائفة تتعارض مع قيم الانسانية وطبيعة البشر.
لقد دخلت مناطق حجور عموما ومديرية كشر خاصة في صراعات كثيرة مع الأئمة وخاضت معارك أكثر في صف هذا المشروع الكهنوتي، ولا تكاد تخلو مرحلة إمامية من تمرد في هذه المناطق ينتهي غالبا بسحقها وتدميرها ونهبها كما هي عادة الإماميين مع اليمنيين دائما.
في الخمسين سنة الماضية تعرضت مناطق حجور للتهميش والتجهيل وغابت عنها الدولة بشكل تمام ولم تكد تجد مشروعا حيويا يدل على وجود دولة إذ لا ماء ولا كهرباء ولا خطوط إسفلتية ولا مشافي ولا أي مشاريع عامة ومع ذلك اكتب أبناء حجور في مديرية كشر بالذات قدرا لا بأس به من التعليم ونتج عن ذلك محاربة جادة لمخلفات الكهنوت الإمامي من شعوذة وأضرحة وتقديس عرقي وغيرها .
ثانيا: دور حجور في محاربة الحوثي
لقد شاركت القبيلة اليمنية ومعها قبائل حجور من أغلب مديرياتها في كل الستة الحروب على الحوثي منذ أعلنت هذه الجماعة تمردها على الدولة في ٢٠١٤ .
وعندما وصل الجيش إلى أدغال الهالك حسين الحوثي نادى على قبائل حجور وقال لهم إن أولاده في وجوههم، وبالفعل أخذ مشائخ حجور أولاد الحوثي إلى حجة قبل نقلهم إلى صنعاء ومن ذلك الحين انفتحت شهية الحوثي على حجور نظرا لصلابة مقاتليها و شراستهم ونبلهم في التعامل مع الخصوم قبل الأصدقاء .
وخلال الحروب الستة راح ما يقارب ألف من أبناء حجور بين شهيد وجريح سواء من المجاميع القبلية أو ممن كانوا ضمن الجيش اليمني آنذاك.
ومنذ قيام الانقلاب في سبتمبر 2014 انقسم أبناء حجور بين مؤيد ومعارض شأن كل اليمنيين باستثناء حجور في مديرية كشر فقد ظلت رافضة لسلطة الانقلاب وخارج قبضته الأمنية حتى 10 مارس 2019 بعد أن خسرت حربها مع جماعة الحوثي لأسباب كثيرة أهمها خذلان شرعية هادي والجيش الوطني بالإضافة إلى فارق القوة بين مواطن يقاتل بسلاحه الشخصي وجماعة تمتلك إمكانيات الدولة وعتادها.
ولقد ظل أبناء حجور في كشر يرفضون أي تواجد لميليشيا الحوثي ويمنعونها من التمركز في جبالهم ومن نهب أموالهم وجبايتها ، وظلوا يجاهرون بمناصرة شرعية الرئيس هادي ورفض مشروع الحوثي بالإضافة أنهم ضخوا بأولادهم إلى جبهات مقاومة الحوثي وسقط منهم ما يقارب 400 شهيد في جبهات القتال في مأرب ونهم والجوف وميدي وحرض وصعدة وغيرها من الجبهات ..
لكن ومع تقدم قوات الجيش الوطني إلى مثلث عاهم أي على بعد أكثر من عشرين كيلومتر من كشر، فقد الحوثي أعصابه وحاول بكل الوسائل والطرق والإغراءات السيطرة على جبال ومداخل كشر لكنه قوبل برفض من أبناء حجور في كشر فراح يشتري الولاءات ويوزع السيارات والأسلحة والمال بالتوازي مع اتهام أبناء حجور في كشر بالحرابة وقطع الطريق والتمرد على التمرد.
وخلاص السبعة أشهر الأخيرة من العام المنصرم كان الحوثي يحشد المقاتلين ويختلق المبررات ويضع النقاط الأمنية في محيط مديرية كشر ويفرض الحصار الذي ظل يكبر ويكبر إلى أن انتهى بالحرب بعد أن فكك وحدة القبائل ونفذ عدة عمليات اغتيال بعبوات ناسفة استهدفت أبرز معارضيه وكان آخرهم الشيخ فيصل النمشة الذي قتل بعبوة موجهة عن بعد صبيحة يوم عيد الأضحى 18 يونيو 2018 .
ثالثا: أسباب الحصار والحرب
أسباب كثيرة دفعت الحوثي لحصار حجور والحرب عليها فيما يلي نلخص بعضها :
1- الطريق الإسفلتي الذي يربط بين “حرض” و”حجور” وصولاً إلى حوث وحرف سفيان في عمران وتفرعاته إلى صعدة وصنعاء .
يواجه الحوثي منذ بداية الانقلاب مشاكل وصعوبات في تأمين هذا الطريق، غير أن التطورات العسكرية الأخيرة التي أدت إلى تقدم الجيش باتجاه مثلث “عاهم”، جعلت الحوثي يستميت من أجل تأمين الطريق كشريان أخير لدعم وإسناد جبهاته في حيران ومثلت “عاهم”، ولقد بدأت الخلافات مع حجور تحت مبرر تأمين الطريق ومنع التقطعات التي كان هو المتضرر منها نتيجة اختطافه لأبناء المنطقة وقيام أهاليهم باختطاف أتباع الحوثي من الطريق ومصادرة عدة أطقم عسكرية خلال الثلاث السنوات الماضية.
2- تعتبر الجغرافيا الجبلية بتضاريسها الوعرة بيئة ملائمة للعصابات الحوثية التي تصمد في الجبال أكثر منها في المناطق المكشوفة التي لا تساعدها على حفر الخنادق والتخفي.
3- تطل جبال حجور على المدن التهامية في اليمن وخصوصا عبس وحرض وعلى جيزان في السعودية، من أجل ذلك يسعى الحوثيون للسيطرة عليها تحسبا لهجوم الجيش الوطني على مستبا التي حولها الحوثي إلى معسكر ومخزن للذخيرة والسلاح، وأملا في أن تصبح منصة لإطلاق الصواريخ من أجل تخفيف الضغط على صعدة وصرف النظر عنها.
4- ينظر الحوثي إلى تلك المناطق كخطر يهدد مشروعه المذهبي بسبب تركيبتها الديمغرافية والاجتماعية التي تتقاطع مع فكر ومعتقدات جماعة الحوثي بعكس مديريات أخرى في حجة يتمتع الحوثي فيها بثقل مذهبي كبير كالمحابشة مثلا.
5- قبائل حجور بطبيعتها قبائل مقاتلة وذات بأس حتى فيما بينها، ولعل هذا أحد أسباب صبر الحوثي عليها وتأجيل انتقامه منها على أمل استقطابها وشراء الولاءات لتصبح رافداً له بالمقاتلين وموقعاً عسكرياً هاماً تتمركز فيه المدفعية الثقيلة والدبابات و الصورايخ.
6- يقع في المنطقة أكبر منجم ذهب في اليمن وهو منجم الحارقة الذي يمتد في سلسة جبلية بين مديريتي أفلح وكشر .
رابعا: انتهاكات الحرب
مع مطلع العام 2019 بدأت شرارة الحرب بعد إطباق حصار خانق على حجور في كشر ومن كل المنافذ والجهات بقيادة قيادات الصف الأول لجماعة الحوثي ..
وبمجرد أن تمترست الجماعة في محيط كشر وتوزعت حول حجور بدأت عمليا في دخول الحرب التي بذل أبناء حجور ما بوسعهم لتجنبها وقبلوا بكثير من شروط الحوثي على أمل أن يتجنبوا الحرب وأن يتركوا الخط الاسفلتي بيد المتحوثيين من أبناء المديرية على أن يفرج الحوثي عن كل المعتقلين من أبناء حجور لكن الحوثي كعادته يفاوض نهارا ويتقدم بالحرب ليلا وهو ما اضطر أبناء حجور في كشر لإعلان فشل الوساطة والحوار وبدء الحرب بشكل رسمي في 20 يناير وخاضوا معركة غير متكافأة وكان احتمال الخسارة أكبر احتمال لكنهم تمثلوا قول الشاعر يوم قال :
إذا لم تكن إلا الأسنة مركبا
فليس على المضطر إلى ركوبها.
وفيما يلي نجمل أهم انتهاكات حرب الحوثي على حجور ..
1- فرض حصار خانق على مديرية كشر ومنع الدخول أو الخروج منها لأي سبب ومن أي شخص.
2- بداية الزحف على حجور من جهة عمران و باتجاه منطقة العبيسة شرق كشر.
3- بدأت الميليشيا الحوثية بقصف القرى والبيوت بكل أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة وترويع الناس، وانتهت باستخدام الصواريخ البالستية .
4- سيطرة الميليشيا على مصادر الماء التي يعتمد أبناء حجور عليها في توفير مياه الشرب والري وذلك بسيطرتها على وادي مور شرقا وعاهم وحيران غربا وبالتالي تسببت في أزمة ماء حادة .
5- منع الحوثيون دخول المواد الغذائية والمحروقات إلى حجور طوال خمسين يوما هي أيام الحرب .
6- حجب الحوثي كل وسائل التواصل وقطع خدمة الاتصالات والانترنت وعزل المنطقة عن اليمن والعالم واستغل التعتيم لارتكاب أبشع الجرائم .
7- تسبب الحوثي في تهجير ونزوح 5 ألف أسرة يصل أفرادها إلى 30 ألف أغلبهم نساء وأطفال اضطرهم للنزوح داخل المديرية نفسها إذ كان يمنع عنهم الخروج منها ، وخارجها في الأيام الأخيرة من الحرب إذ لم تعد هناك مناطق آمنة في مديرية كشر.
8- منع الحوثي إسعاف جرحى حجور ما أدى إلى موت حالات كثيرة بسبب النزيف والتجرثم الناتج عن غياب الرعاية الصحية ولقد تم توثيق عدد من تلك الجرائم وآخرها موت الجريح وضاح ريبان الذي مات بسبب النزيف وهو يستغيث العالم.
9- قامت الميليشيا باعتقال أبناء حجور في العاصمة صنعاء والمدن الخاضعة لها وبينهم الطلاب والمرضى والعمال. كما اقتحمت عدد من بيوت أبناء المنطقة في العاصمة صنعاء .
10 – غابت كل منظمات الإغاثة وحقوق الانسان وتجاهلت الجرائم التي لحقت بأبناء حجور .
خامسا: ما بعد الحرب
في العاشر من مارس 2019 تمكنت جماعة الحوثي بحسم المعركة لصالحها بعد 50 يوما من الحرب من عشرين يناير إلى عشرة مارس.
بعد أن حسمت جماعة الحوثي الحرب بسبب فارق القوة وخذلان الشرعية، بدأت الجماعة بانتهاكات أخرى نشير إليها فيما يلي :
1- مقتل 82 بينهم 5 أطفال و 3 نساء .
2- جرح ٣٢٤ موطنا تعرض بعضهم لإعاقة كاملة وعاهات مستديمة وبينهم نساء وأطفال.
3- انتهت الحرب بنزوح أكثر من 20 ألف نسمة توزعوا بين مديريات محيط كشر ومدن حجة وصنعاء وعمران ومأرب .
4- قام الحوثيون بتفجير 32 منزلا تفجيرا كاملا باستخدام مادة الديناميت، منها 13 منزلا في قرية بني جبهان شمال كشر وهي قرية صغيرة تعرضت أغلب بيوتها للتدمير، و12 منزلا في قرى آل النمشة وبني ريبان، وبيتا في بني شرية جنوب كشر بالإضافة إلى منازل قيادين في حجور أهمهم الشيخ على فلات الحجوري الذي تواترت أنباء مقتله والشيخ أبو مسلم الزعكري والشيخ محمد حمود العمري والأستاذ محمد الهادي وغيرهم.
5- تعرض أكثر من 700 منزل للتدمير الجزئي بنسب متفاوته جراء القصف الدفعي والصاروخي على القرى في حجور .
3- المساجد، قام الحوثيون بتفجير مسجدا جنوب كشر.
6- المدارس، تعرض عشرات المدارس للتفجير التام في بني شرية جنوب كشر وفي بني ريبان وبني حليس وبني النمشة وبني جبهان شرق وشمال كشر، بالإضافة إلى أضرار كبيرة لحقت بعدد من المدارس في أماكن متفرقة جراء القصف الحوثي.
7- توقفت 100 مدرسة عن العمل بسبب الحرب وهو ما أدى إلى حرمان أكثر من 20 الف طالب من التعليم .
8- نهب بيوت ومزارع معارضيهم وإحراق عربات نقل الماء و مصادرة السيارات الخاصة وأسلحة المواطنين الشخصية.
9- فرض الإقامة الجبرية على السكان وإيقاف النازحين في النقاط الأمنية والتجنيد الإجباري .
10- اعتقال قادة مقاومة حجور وفي مقدمتهم وأهمهم الشيخ أبو مسلم الزعكري والشيخ عبده محمد السعيدي .
11- اقتياد قادة حزبيين إلى معتقلات مجهولة وتعرضهم لحالات إخفاء قسري وفي مقدمتهم زعيم الحزب الناصري في حجة الشيخ زيد عرجاش ورئيس حزب المؤتمر في كشر الشيخ محمد حمود العمري وعدد كبير من قيادات حزب الإصلاح .
12 – يقدر عدد المعتقلين حسب مسؤولين في السلطة المحلية التابعة لشرعية هادي في حجة بحوالي 800 معتقل ومخفي قسريا من مواطنين وشخصيات عامة قبلية وحزبية.
وأخيرا
لا تزال هناك كثير من قصص الانتهاكات وشهادات الضحايا التي سنعمل على توثيقها بشكل دقيق بعد استقرار النازحين ونقل الضحايا إلى أماكن آمنة بحيث يتسنى لهم الإدلاء بالمعلومات بدون تخوف أو قلق.
الجدير بالذكر أن الجميع أسدل الستار على هذا الفصل من الحرب في حجور دون مراعاة للمأساة الإنسانية خصوصا شرعية عبدربه منصور هادي وتحالفاتها التي تسببت في هزيمة حجور بخذلانها وتواطؤ جيشها المرابط على بعد عشرين كيلو من مسرح الجريمة وميدان المعركة .
عامر السعيدي
كاتب وناشط يمني
القاهرة 25 مارس 2019