إلى حدّ ما كفكف الفضاء المفتوح من إظهار السلاليين لعقيدتهم الاجتماعية المبنية على الأفضلية ومنهجية استخدام اليمنيين، ولكن ذلك لا يعني تغييرهم لمنهج أسلافهم المتبع في التعامل مع اليمنيات، كجنس أدنى من جنس اليمني الذي يرون أنه أدنى منهم ايضاً.
ولم يكن الإمامي عبدالله بن حمزة الذي اقتحم صنعاء قبل مئات السنين وسبى من نسائها أكثر من ستمائة امرأة تم توزيعهن على رجاله -كهدايا- بمناسبة الانتصار على اليمنيين في أرضهم… لم يكن ذلك الفعل بدعا من العقيدة العنصرية التي يتمسك الحوثي بآخر حلقة في سلسلتها ليؤكد من خلال أفعاله بحق “بنتيّ مقبنة في محافظة تعز ” والتي قتل اخاهما بعد أن اختطفهما بأنه ثابت على نهج أجداده الإماميين متمسك بعقائدهم، فبنات اليمن الماجدات لسن أكثر من مخلوقات –في نظرهم– خلقن لإضفاء السعادة على “الأطهار” الغزاة.أو أنهن أدوات تستخدمها السالة للضغط على اليمنيين بغية إرضاخهم للكهنوت.
إن قيام الحوثي بجريمته بحق “ماجدات مقبنة” لا يعدّ شذوذا عن نهجهم الشّاذ ففعالهم تستقي وحيها من منهجهم الفكري الداعي لتكرار الأفعال منذ بداية غزو هاديهم عودا على تاريخ جزارهم، وامتدادا إلى شرف دينهم وحميدة، وانتهاء ببدر دينهم وآله “الأطهار”.
إن إبداء الاستغراب من تعامل الحوثي مع ماجدات قحطان يعد مستغَربا.. إذ كيف يستغرب العاقل من عقرب إذا لسعت أو من ذئب إذا غدر.
والحق أن قراءة الأفعال الحوثية بعيدا عن سياقها المرجعي، أو بمعزل عن استقراء موروثهم الفكري وتاريخهم الإجرامي يضفي براءة غير مستَحقة لهم… كون التفسيرات المنفصلة لأفعالهم عن منهجهم ستجد لها تأويلات متعددة.. فيقيمها البعض بأنها أخطاء وظيفية، أو هفوات عسكرية، أو زلات مشرفين… وليست كذلك.. إنما هي منهج دأب عليه “هاديهم” منذ الف ومائتين سنة، وتواصى به دجالوهم، وجسده أساطينهم، ودوّن تاريخه مؤرخوهم.
إن الشقّة بين اليمنيين والغزاة بعيدة، والهوة واسعة، ولهذا فإن التعامل مع الحية على أنها نحلة خطأ يقود إلى أخطاء، وجُرم يمهّد لجرائم.
إن لفظ الانقاب قد يغدر بنا حين نتعامل معهم على أساسه “فقط”.. كونه سيذهب بنا بعيداً عن الطريق الأمثل للتعامل مع المستظلين برايته، ذلك أن التعامل مع الانقلابات في العرف السائد يجري على أرضية السياسة أو المصلحة أو الاقتصاد أو حتى الشراكة، وكل تلك الأرضيات للانقلابات في العالم لا تتسق مع فحوى الانقلاب الحوثي الذي يستهدف الكليات الخمس لكل اليمنيين، ولا يؤمن بحلّ لا يضمن له الانتهاك المستمر لتلك الكليات، وبهذا فإن توصيفهم بالانقلابيين يعد مدحا في حقهم –وإن كان الانقلاب جرماً– لكنه لا ينبغي أن يذهب مصطلحه باليمنيين بعيدا عن التعامل الأسلم مع
جذر المشكلة وليس مع مظاهرها، فما الانقلاب إلا مظهر لعقيدة الاستعباد والاستخدام والسلب والسبي لكل يمني وبحق كل يمنية… فانقلابهم ليس كأي انقلاب، ومنهجهم ليس كأي منهج، وما حادثة “مقبنة” عنا ببعيد.