عبد الله اسماعيل :
من المؤسف جدا ونحن في اليمن نسعى لاستعادة الدولة المدنية الحديثة وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني والتطلع الى يمن جديد مواكب للعصر وندفع ثمنا لذلك كل تلك التضحيات ،ان يطالب البعض بنسف اهم منطلقات الحداثة والديمقراطية والعمل السياسي ،والعودة الى الشمولية والحزب الواحد الاوحد.
ان الدعوة الى تجميد الاحزاب تعني تجميدا للعملية السياسية والتداول السلمي البرامجي للسطلة ، وهو مطلب نادت به جماعة الحوثي في بداية سيطرتها على العاصمة صنعاء ،وعلى لسان من كان يعتقده البعض رائدا للحداثة عضو اللجنة الثورية الصحفي محمد المقالح ، وكان الهدف ومازال واضحا تحويل الجميع الى لاعبين خارج قواعد العمل السياسي والمدني وليتساوو مع جماعة يستحيل ان تتحول الى مربع السياسة.
غاية مفهوم الديمقراطية والمدنية ،هو التنافس بين برامج سياسية تحملها احزاب تسعى للسلطة والتغيير، بقواعد الانتخابات والاختيار الشعبي، ولا يمكن ان يتحقق ذلك بالعودة للانصهار الشمولي وتفخيخ المستقبل.
اما غاية الدعوة الى الشمولية المقنعة ،فهو اقصاء وشمول، ومتجاوز للعصر والمنطق ،ويعيد المشكلة الى الممارسة الديمقراطية والحزبية ،بل يشير الى ان هناك من يرى في التعددية مشكلة وليست حلا ، وبدلا من ترشيد العمل واصلاحه ننسف تجربة محترمة ،ونؤسس لممارسة شمولية اقصائية.
لا مبرر ابدا لوأد التجربة السياسية ونسف التعددية وتفخيخ المستقبل باي حجة كانت ، ولا اريد هنا اقول أن دعوة تجميد الاحزاب مشبوهة فاني احسن الظن بمن طرحها حتى الان ،لكنها خطر واثم سياسي وتفخيخ ، واستغلال للوضع الحالي لتذويب الكيانات ، ما سيؤدي الى كوارث مستقبلية ،وستجعل الجميع ميليشيا خارج اطار الفعل السياسي ، وقرين لميليشيا الحوثي والمخلوع دون فروق بنيوية حقيقية.
ان التنوع في معالجة القضايا وخدمة الوطن في اطار ممارسة سياسية هو الاجدى والانفع ، وهذا لا يناقض الدعوة الى تحالف شامل وطني بين كيانات سياسية معتبرة ، يحافظ على المسار السياسي والاحزاب ويطور من أدائها ، اما التجميد فهو كارثة تنسف العمل السياسي والدولة المدنية ومخرجات الحوار ومشروع الدستور وتؤسس لديكتاتورية بلا جدال.
المفزع اكثر ان تكون هذه الدعوة صادرة من قيادات هامة ومحسوبة على حزب استفاد كثيرا من التجربة الديمقراطية ونشأة الاحزاب ، وهي الممارسة التي اعطته الفرصة ليتحول من العمل السري المتواري الى آفاق العمل الحزبي الشعبي ، ويتخوف كثير من المراقبين ان لا تقتصر هذه الدعوة على رؤية شخصية لمطلقها ، وان تكون توجها عاما لحزبه ، ما يضع تساؤلات كبيرة وهامة وضرورية عن التوقيت والاهداف.
لنتحالف ككيانات ومشاريع ولنجذر العمل السياسي ، وبغير ذلك فهي عودة للشمولية بمسميات كارثية ، فتجميد الاحزاب كارثة سيواجهها كل من يحلم بالدولة المدنية ، والحل هو مزيد من العمل السياسي والحزبي وترشيده للتهيئة لعمل مدني يرسم معالم مستقبل منشود
وفي الاخيرارفضوا اي دعوات لعودة الشمولية تحت اي مسمى وباي مبرر، واستمروا في النضال من اجل دولة النظام والقانون والحقوق السياسية والمواطنة المتساوية ، وتحالفوا في اطار التنوع السياسي وتعدد البرامج فذلك مستقبل اليمن الذي نريد ..