يجتمع الرؤساء الروسي والإيراني والتركي، اليوم الخميس، في جنوب روسيا لمحاولة إعادة إطلاق عملية تسوية النزاع السوري، في وقتٍ بات تنظيم داعش المتشدد محاصرًا، ومع تحضير واشنطن لانسحابها العسكري من سوريا.
وتجد سوريا التي تعيش في حربٍ منذ ثماني سنوات، أسفرت عن أكثر من 350 ألف قتيلًا، نفسها في قلب حركة دبلوماسية مكثّفة الأسبوع الجاري، مع لقاء التحالف الدولي لمكافحة التنظيم المتشدد في ميونيخ، والقمة حول الشرق الأوسط في وارسو بحضور وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
ورسميًا، سيركز فلاديمير بوتين وحسن روحاني حليفا دمشق، ورجب طيب أردوغان الذي يدعم معارضين للنظام في سوريا، في قمتهم في سوتشي، على المبادرات الهادفة إلى الدفع باتجاه التقدّم في الحوار السوري الداخلي.
وفرضت روسيا التي تستضيف القمة، نفسها لاعبًا أساسيًا في النزاع منذ تدخلها العسكري في سوريا عام 2015 لدعم الرئيس السوري بشار الأسد، الذي بات يسيطر على ثلثي الأراضي في البلاد تقريبًا.
وطغى مسار أستانا الذي أطلقته روسيا وإيران وتركيا على المحادثات التي رعتها الأمم المتحدة، بدون أن يجري التوصل حتى الآن إلى تسوية نهائية للنزاع السوري.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إن القمة بين الرؤساء الثلاثة ستكرس لتشكيل لجنة مكلفة بوضع دستور سوري جديد من أجل تحقيق الانتقال السياسي.
واعترفت الأمم المتحدة في أواخر كانون الأول/ديسمبر الماضي، بأنها أخفقت في تشكيل تلك اللجنة، مشيرةً إلى مشاكل مرتبطة بتغييرات اقترحتها دمشق على قائمة الأسماء.
في المقابل، أكد لافروف الأربعاء ”نحن جاهزون للبحث عن حلّ لهذا الوضع (…) سنتابع العمل“.
وتأتي رابع قمة بين روسيا وإيران وتركيا، فيما أطلقت القوات الكردية والعربية المشكّلة لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) السبت الماضي بدعم التحالف الذي تقوده واشنطن، عمليتها ”النهائية“ ضدّ آخر جيب متشدد في محافظة دير الزور شرق سوريا.
”وكر للإرهابيين“ في إدلب
وبعد نمو سريع لقوتهم وإعلانهم ”الخلافة“ في أراضٍ شاسعة بسوريا والعراق، هزم المتشددون الذين سيطروا في وقتٍ من الأوقات على مدنٍ كبيرة، لكنهم باتوا الآن محاصرين ضمن مساحة تبلغ عدة كيلومترات مربعة.
ويفتح الانتصار على التنظيم الطريق أمام الانسحاب المفاجئ الذي أعلنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في كانون الأول/ديسمبر الماضي، لحوالي ألفي عسكري أمريكي منتشرين في سوريا لدعم قوات سوريا الديمقراطية في مكافحة الإرهاب.
لكن حتى الآن لم تحدد واشنطن موعدًا للانسحاب.
وعقدت آخر قمة بين الرؤساء الثلاثة في أيلول/سبتمبر الماضي، وحينها، ظهرت الخلافات بوضوح بين الدول الثلاث حول مصير محافظة إدلب في شمال غرب سوريا.
وتعين على فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان أن يلتقيا من جديد لوقف عملية عسكرية في إدلب أرادتها الحكومة السورية، واتفقا حينها على تشكيل ”منطقة“ روسية تركية ”منزوعة السلاح“ في تلك المحافظة الشاسعة التي تتعايش فيها فصائل معارضة.
ومن المقرر أن يناقش مصير محافظة إدلب اليوم الخميس أيضًا بين بوتين وأردوغان، اللذين سيلتقيان بشكل منفصل، قبل بدء القمة مع روحاني.
وبموجب الاتفاق الروسي- التركي، على كل المقاتلين المتشددين، خصوصًا عناصر تنظيم هيئة تحرير الشام الذي يهيمن عليه فرع القاعدة السابق، الانسحاب من تلك المنطقة، لكن عناصر تحرير الشام عززوا قبضتهم منذ ذلك الحين.
وقال لافروف إنهم ”يسيطرون حاليًا على أكثر من 90 % من الأراضي في المنطقة“، مشددًا أمس الأربعاء على أنه ”لا يوجد أي اتفاق ينص على السيطرة الأبدية لهذا الوكر للإرهابيين على الأراضي السورية“.
وأضاف ”سنفعل ما أمكننا لمساعدة النظام السوري والجيش السوري على تحرير أرضهم“.